تتدهور العلاقات بين واشنطن ودول أمريكا اللاتينية بشكل ملحوظ منذ تولي دونالد ترامب رئاسة البيت الأبيض يوم 20 من الشهر الجاري، وذلك على خلفية المواجهة في ملف طريقة ترحيل المهاجرين غير النظاميين وما يرافقها من تصريحات عنيفة، رغم أن أرقام الترحيل عادية، بل ودون تلك المسجلة في عهد الرئيس السابق جو بايدن.
وجعل ترامب من محاربة الهجرة غير النظامية ركيزة أساسية لحملته الانتخابية التي قادته إلى البيت الأبيض، ويسعى إلى إحداث الصدمة في هذا الشأن من خلال رفع نسبة المرحلين إلى بلادهم ولاسيما نحو دول أمريكا اللاتينية بسبب سهولة الترحيل نظرا للقرب الجغرافي، ونظرا لارتفاع نسبة المهاجرين اللاتينيين الذين يرى فيهم الحزب الجمهوري خطرا على الهوية الأنجلوسكسونية الأمريكية.
ويرافق عمليات الترحيل استعراض للقوة، يعتبره سياسيو أمريكا اللاتينية وفي مقدمتهم الرئيس الكولومبي غوستافو بيترو الذي دخل في جدال مع ترامب بشأن طريقة الترحيل.
ورغم أن الإعلام الدولي ذهب نحو تراجع الرئيس الكولومبي عن موقفه خوفا من فرض ترامب الرسوم الجمركية بنسبة 25% على صادرات البلد للولايات المتحدة، إلا أن الصحافة الكولومبية تقدم رواية أخرى وهي أن كولومبيا هي التي تولت ترحيل مواطنيها من مدينة سان دييغو في طائرات عسكرية وبدون أصفاد وليس على متن طائرات أمريكية وبالأصفاد.
في الوقت ذاته، أدركت واشنطن أن قطع المساعدات العسكرية عن كولومبيا التي تخصص لمحاربة كارتيلات مخدرات الكوكايين سينعكس سلبا على الأمن القومي الأمريكي لأن المخدرات ستصل بسهولة، ولهذا فضّلت واشنطن حل المشكلة عبر وزارتي خارجية البلدين.
ومن أبرز مظاهر استعراض القوة التي لجأت إليها الإدارة الأمريكية الجديدة هي القيام بحملات الاعتقال الجماعية في مدن رئيسية مثل شيكاغو ونيويورك ولوس أنجلوس، ثم تبني هذه الإدارة خطابا يجعل من المهاجرين مجرمين، وأخيرا التهديد باعتقال المهاجرين الذين يصعب ترحيلهم في القاعدة السيئة الذكر غوانتانامو. ويكفي أن جعل غوانتانامو للمهاجرين يعني ربط الهجرة بالإرهاب بحكم أن هذه القاعدة كانت مركز اعتقال لما جاء بعد التفجيرات الإرهابية في 11 سبتمبر/ أيلول.
وبدأ هذا يتسبب في توتر علاقات الولايات المتحدة مع غالبية العواصم في أمريكا اللاتينية، وإضافة إلى كولومبيا، فقد احتجت البرازيل على واشنطن بسبب سوء معاملة مهاجريها، وأصدرت بيانا شديد اللهجة، لم تردّ عليه واشنطن.
ومن ضمن ردود الفعل القوية التي لم تلفت الانتباه، ما صدر عن رئيسة الهندوراس شيومارا كاسترو التي هددت بطرد الجيش الأمريكي من قاعدة جوية كبيرة في هندوراس حيث يعمل منذ عقود إذا نفذت إدارة ترامب عمليات ترحيل واسعة النطاق. وكتبت جريدة نيويورك تايمز منذ يومين أن الهندوراس قد تتجه الى الصين ردا على سياسة ترامب.
من جانبها، طالبت رئيسة المكسيك كلاوديا شينباوم بضرورة “الحفاظ على برودة الأعصاب وفتح قنوات الحوار مع واشنطن”. وكانت أكثر براغماتية عندما كشفت منذ يومين في ندوة صحافية أن “نسبة ترحيل المهاجرين من الولايات المتحدة إلى المكسيك في الأيام الأولى لرئاسة ترامب لا يختلف عن نسبة المرحلين إبان بايدن، حيث “كانت المكسيك تستقبل يوميا 500 مهاجر مرحل”.
وعمليا، كان الرئيس ترامب قد قام خلال ولايته الأولى بترحيل نسبة أقل من سلفه باراك أوباما الذي حطم رقما قياسيا في الترحيل، وأقل من الذي خلفه جو بايدن، ويبدو أنه خلال الولاية الحالية بعد عودته، يريد تحقيق رقم قياسي في الترحيل. غير أن هذا صعب للغاية، ذلك أن نسبة كبيرة من المهاجرين غير النظاميين تفضل الآن الاختفاء عن أعين شرطة محاربة الهجرة غير النظامية.
تعليقات الزوار
لا تعليقات