قال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إنه يتعين على الأردن ومصر استقبال المزيد من الفلسطينيين من غزة، بعد أن تسببت حرب إسرائيل في وضع إنساني صعب بالإضافة إلى استشهاد عشرات الآلاف.
وعندما سُئل عما إذا كان هذا اقتراحا مؤقتا أو طويل الأجل، قال ترامب: “يمكن أن يكون هذا أو ذاك”.
كانت واشنطن قالت العام الماضي إنها تعارض النزوح القسري للفلسطينيين. وعلى مدى أشهر أثارت منظمات حقوقية ووكالات إنسانية مخاوف بشأن الوضع في غزة بعد أن تسببت الحرب في نزوح سكان القطاع بأكملهم تقريبا وأدت إلى أزمة غذائية.
وتعرضت واشنطن لانتقادات أيضا بسبب دعمها لإسرائيل، لكنها واصلت تقديم الدعم لحليفتها، قائلة إنها تساعد إسرائيل في الدفاع عن نفسها ضد جماعات مدعومة من إيران مثل حماس في غزة وحزب الله في لبنان والحوثيين في اليمن.
وقال ترامب عن اتصاله أمس مع العاهل الأردني الملك عبد الله: “قلت له إنني أود منك أن تستقبل المزيد لأنني أنظر إلى قطاع غزة بأكمله الآن وهو في حالة من الفوضى، إنها فوضى حقيقية. أود منه أن يستقبل أشخاصا”.
وأضاف: “أود أن تستقبل مصر أشخاصا أيضا”، مضيفا أنه سيتحدث إلى الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي اليوم.
وقال الرئيس الأمريكي: “نتحدث عن مليون ونصف المليون شخص، ونقوم بتطهير المنطقة (التي عصفت بها الحرب) برمتها”.
وكان عدد سكان قطاع غزة قبل الحرب نحو 2.3 مليون نسمة.
وقال ترامب: “إنه مكان مدمر حرفيا، تقريبا كل شيء مدمر، والناس يموتون هناك، لذلك أفضل المشاركة مع بعض الدول العربية، وبناء سكن في موقع مختلف حيث يمكنهم العيش في سلام من أجل التغيير”.
تنديدات فلسطينية
نددت الفصائل الفلسطينية بتصريحات الرئيس الأمريكي، وأكدت أن الشعب الفلسطيني سيواصل الصمود في أرضه، وسيفشل هذه الخطة، ودعت مصر والأردن إلى رفض تمرير هذا المشروع.
ورفضت حركة حماس هذه التصريحات، وقال الناطق باسم الحركة حازم قاسم “إن تصريحات ترامب خطرة ومتناسقة مع مواقف اليمين الإسرائيلي المتطرف”، وشدد في ذات الوقت على أن مقترح ترامب “لن يمر ولن يقبل به أي فلسطيني”.
من جهتها أدانت حركة الجهاد الإسلامي التصريحات بأشد العبارات، وأكدت في تصريح صحافي، أن هذه التصريحات “المدانة والمستهجنة تتساوق مع أسوأ ما في أجندة اليمين الصهيوني المتطرف”، لافتة إلى أنها تمثل استمرارا لسياسة التنكر لوجود الشعب الفلسطيني وإرادته وحقوقه.
وقالت إنها “تندرج في إطار التشجيع على مواصلة ارتكاب جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية لإجبار شعبنا على الرحيل عن أرضه”، ودعت كل الدول إلى رفض خطة ترامب، وبالأخص الحكومتين المصرية والأردنية، وقالت “نؤكد أن شعبنا، بصموده ومقاومته، سيفشل هذا المخطط كما أفشل مخططات سابقة كثيرة”.
وفي السياق، نددت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين بما وصفتها بـ “التصريحات الخطيرة” لترمب، بشأن مقترح تهجير أعداد كبيرة من سكان قطاع غزة إلى دولٍ مجاورة، وقالت “إن هذا الطرح يكشف مجدداً الوجه الحقيقي للإدارة الأمريكية التي لم تكن يوماً سوى شريك أساسي في الجرائم المرتكبة ضد شعبنا، وداعم رئيسي لمخططات تصفية القضية الفلسطينية”.
ووصفت لجان المقاومة تصريحات ترامب بأنها “عدوانية فاشية تتماهى مع مخططات المجرمين في حكومة المتطرفين وتنفيذ أساطيرهم وخرافاتهم التلمودية”، ودعت كلا من مصر والأردن إلى رفض المخطط و”التصدي لمخططات التهجير والاقتلاع التي تستهدف شعبنا وقضيتنا”، وقالت “إن الفشل الصهيوأمريكي في تهجير شعبنا عبر آلاف الأطنان من القنابل والصواريخ، لن يفلح أبدا بفرض أي قرارات إجرامية عليه”، وأكدت أن الشعب الفلسطيني في غزة وفي كل بقعة في فلسطين “ثابت ومتجذر ومتمسك بأرضه، رغم الدمار الذي خلفته الصواريخ الصهيوأمريكية وعشرات الآلاف من الأطفال والنساء والشباب الشهداء”.
ترحيب إسرائيلي
في السياق، رحّب وزير الأمن القومي الإسرائيلي المستقيل، إيتمار بن غفير، باقتراح ترامب، داعياً حكومة نتنياهو إلى تبني هذا المقترح وتنفيذه.
وكتب بن غفير على منصة “إكس”: “أهنئ الرئيس ترامب على مبادرته بنقل السكان من غزة للأردن ومصر”، مضيفاً أن “تشجيع الهجرة الطوعية” كان أحد مطالبه الرئيسية من نتنياهو.
وأضاف: “عندما يطرح رئيس أكبر قوة بالعالم الهجرة الطوعية للفلسطينيين، فمن الحكمة أن تشجعها وتنفذها حكومتنا“، في إشارة إلى تصريحات ترامب الأخيرة حول نقل سكان غزة إلى دول مجاورة وبناء مساكن لهم.
بدوره، رأى وزير المالية الإسرائيلي اليميني المتطرف بتسلئيل سموتريتش الأحد، أن اقتراح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب نقل سكان قطاع غزة إلى الأردن ومصر “فكرة رائعة”.
وقال سموتريتش في بيان صادر عن مكتبه: “إن فكرة مساعدتهم في إيجاد أماكن أخرى لبدء حياة جديدة وجيدة هي فكرة رائعة. بعد سنوات من تمجيد الإرهاب، سيكون بإمكانهم بناء حياة جديدة وجيدة في أماكن أخرى”.
إطالة أمد الصراع
وأكد النائب العربي في الكنيست المحامي يوسف العطاونة (تحالف الجبهة/ التغيير) أن تصريحات ترامب لتهجير أهل غزة غير مقبولة وتمس بجهود التهدئة وبمبدأ حل الدولتين، وتضرب بعرض الحائط قرارات الشرعية الدولية القاضية بحق العودة للاجئين.
كما قال إن ترامب مخطئ بحساباته، فشعبٌ تعرّضَ لأبشع أنواع الإبادة على مدار 470 يومًا وظل متمسكًا بأرضه هو شعبٌ عصيٌ على التهجير قسريًا كان أم طوعيًا.
وأكد أيضاً أنه قد آن الأوان لإدارة ترامب، ولكل العالم، أن يفهموا أن المشكلة تكمن في الاحتلال، وليست في الشعب الفلسطيني، وما يجب أن يدعو ترامب وغيره لرحيله إلى غير رجعة هو الاحتلال.
وتابع العطاونة: “كما أن تصريحات ترامب ودعوته لترحيل أهل غزة، التي يسكنها الكثير من اللاجئين، مساسٌ خطير بحق العودة وبقرارات الشرعية الدولية القاضية بتنفيذه.
وعن مباركة بن غفير لتصريحات ترامب قال العطاونة إن هذا ليس بغريب على عنصريّ فاشيّ لا يُخفي نواياه تجاه الشعب الفلسطيني، وليس بغريب على وزير فاشل سابقٍ ساهم في تأخير صفقة التبادل وإطالة أمد الحرب.
وخلص العطاونة للقول إن الحل هو إنهاء الاحتلال وإقامة دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة، وأما التهجير وغيره فهو دعوة صريحة لدعم الاحتلال، وإطالة أمد الصراع.
مستقبل الصفقة
وحسب موقع “أكسيوس”، فقد طلبت إسرائيل من إدارة ترامب مطالبة قطر ومصر بالضغط على “حماس” من أجل إطلاق سراح المحتجزة أربيل يهود.
وقال مسؤولون إسرائيليون إن الطلب نُقل إلى المبعوث الأمريكي ستيف ويتكوف.
ومن المنتظر أن يسافر نتنياهو للقاء ترامب في واشنطن ربما لإقناعه بالانقلاب على الاتفاق، واستئناف الحرب، علاوة على محاولة تحسين صورته وهيبته من خلال الظهور في البيت الأبيض كأول زعيم أجنبي يلتقي ترامب بعد انتخابه ثانية.
في سياق متصل، حذّرَ إيهود باراك من انهيار اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، إذ قال، في مقابلة إذاعية، إن الضغط العسكري أدى إلى المزيد من القتلى بين المختطفين، وإن أطرافاً قوية في إسرائيل تحاول عرقلة المرحلة الثانية من الصفقة.
تعليقات الزوار
لا تعليقات