تواصلت الانتهاكات الإسرائيلية أمس للاتفاق الذي وقع مع لبنان لوقف الأعمال الحربية، فقد توغلت آليات تابعة للجيش الإسرائيلي، أمس الخميس، عبر وادي الحجير إلى بلدة القنطرة جنوبي لبنان، في خرق جديد لوقف إطلاق النار مع «حزب الله» وليتجاوز عدد خروقات الجيش الإسرائيلي الـ300 منذ بدء سريان الاتفاق قبل 30 يوماً. وخطفت قوة من الجيش الإسرائيلي أثناء توغلها في وادي الحجير، مواطناً من بلدة تبنين الجنوبية، خلال توجهه إلى مركز عمله في مركز الكتيبة الاندونيسية التابعة لـ «اليونيفيل» في بلدة عدشيت القصير في جنوب لبنان.
وقالت وكالة الأنباء الرسمية اللبنانية إن «آليات جيش العدو تقدمت عبر وادي الحجير جنوب لبنان، وتقوم بعمليات تمشيط واسعة بالأسلحة الرشاشة الثقيلة خلال تقدمها».
وأشارت إلى أن الجيش اللبناني أغلق الطرق المؤدية إلى وداي الحجير بسبب توغل آليات الجيش الإسرائيلي.
وأضافت الوكالة أن آليات إسرائيلية تقدمت بشكل مفاجئ باتجاه بلدة القنطرة في قضاء مرجعيون جنوبي البلاد ما أدى إلى نزوح الأهالي منها إلى بلدة الغندورية في قضاء بنت جبيل (جنوب).
اليونيفيل «قلقة»
وأعربت قوة الأمم المتحدة الموقتة في لبنان (يونيفيل) أمس الخميس عن قلقها إزاء «الضرر المستمر» الذي تسببه القوات الإسرائيلية في جنوب البلاد، في وقت ندد الجيش اللبناني بعمليات توغل جديدة في بلدات عدة، على الرغم من سريان وقف لإطلاق النار.
وأوردت قوة يونيفيل في بيان «هناك قلق إزاء استمرار التدمير الذي يقوم به الجيش الإسرائيلي في المناطق السكنية والأراضي الزراعية وشبكات الطرق في جنوب لبنان، وهذا يشكل انتهاكا للقرار 1701».
وحضّت يونيفيل الخميس مجدداً «الجيش الإسرائيلي على الانسحاب في الوقت المحدد ونشر القوات المسلحة اللبنانية في جنوب لبنان والتنفيذ الكامل للقرار 1701 كمسار شامل نحو السلام».
وأرسى القرار 1701 وقفا للأعمال الحربية بين إسرائيل و«حزب الله» بعد حرب مدمّرة خاضاها في صيف 2006. وينصّ القرار كذلك على انسحاب إسرائيل الكامل من لبنان، وتعزيز انتشار قوة الامم المتحدة الموقتة في لبنان (يونيفيل) وحصر الوجود العسكري في المنطقة الحدودية بالجيش اللبناني والقوة الدولية. وأكد البيان أن «أي أعمال تهدد وقف الأعمال العدائية الهشّ يجب أن تتوقف».
وقالت إنها «تعمل بشكل وثيق مع القوات المسلحة اللبنانية بينما تقوم بتسريع جهود التجنيد وإعادة نشر القوات إلى الجنوب».
وأشارت اليونيفيل إلى أن بعثتها «مستعدة للقيام بدورها في دعم البلدين في الوفاء بالتزاماتهما وفي مراقبة التقدم، ويشمل ذلك ضمان خلو المنطقة الواقعة جنوب نهر الليطاني من أي أفراد مسلحين أو أصول أو أسلحة غير تلك التابعة لحكومة لبنان واليونيفيل، فضلاً عن احترام الخط الأزرق (الفاصل بين لبنان وإسرائيل)».
وذكرت أن «هناك قلقاً إزاء استمرار التدمير الذي يقوم به الجيش الإسرائيلي في المناطق السكنية والأراضي الزراعية وشبكات الطرق في جنوب لبنان، وهذا يشكل انتهاكاً للقرار 1701». وأكدت في بيانها «مواصلة حَفظة السلام المهام المنوطة بهم، بما في ذلك رصد جميع الانتهاكات للقرار 1701، وإبلاغ مجلس الأمن عنها».
ويدعو قرار مجلس الأمن رقم 1701 الصادر في 11 أغسطس/ آب 2006 إلى وقف كامل للعمليات القتالية بين «حزب الله» وإسرائيل، وإنشاء منطقة خالية من السلاح والمسلحين بين الخط الأزرق (الفاصل بين لبنان وإسرائيل) ونهر الليطاني جنوب لبنان، باستثناء تلك التابعة للجيش اللبناني وقوة الأمم المتحدة المؤقتة (اليونيفيل).
وأكد الجيش اللبناني، الخميس، أن «العدو الإسرائيلي يواصل تماديه في خرق اتفاق وقف إطلاق النار، والاعتداء على سيادة لبنان ومواطنيه وتدمير القرى والبلدات الجنوبية».
الجيش: العدو خرق الاتفاق
وقالت قيادة الجيش اللبناني، في بيان صحافي: «في هذا الإطار، توغلت قوات تابعة للعدو الإسرائيلي في عدة نقاط في مناطق القنطرة وعدشيت القصير ووادي الحجير ـ الجنوب، وقد عزز الجيش اللبناني انتشاره في هذه المناطق». وأعلنت أنها تتابع «الوضع بالتنسيق مع قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان ـ اليونيفيل واللجنة الخماسية للإشراف على اتفاق وقف إطلاق النار».
ووفق الوكالة الوطنية للاعلام: «سلمت القوات الإسرائيلية قوة الأمم المتحدة العاملة في جنوب (اليونيفيل) والصليب الأحمر اللبناني، مواطناً بعدما أطلقت النار على رأسه وخطفته في منطقة وادي الحجير، في جنوب لبنان صباحاً، ونقلته سيارة إسعاف تابعة للجيش اللبناني». وحلق الطيران الاستطلاعي والمسير الإسرائيلي في أجواء القطاعين الأوسط والغربي في جنوب لبنان، لا سيما فوق بلدة الناقورة، وحتى أجواء مدينة بنت حبيل وصولا لمنطقة طلوسة والقنطرة ووادي الحجير والسلوقي.
«توغل شديد الخطورة»
وقال عضو كتلة الوفاء للمقاومة النيابية التابعة لـ«حزب الله» اللبناني النائب علي فياض، أمس الخميس، إن التوغل الإسرائيلي إلى وادي الحجير في جنوب لبنان يشكل تطوراً شديد الخطورة، يوجب على الدولة اللبنانية إعادة تقويم الموقف بصورة فورية.
وأضاف النائب، تعليقا على توغل الجيش الإسرائيلي في جنوب لبنان، «إن توغل قوات العدو الإسرائيلي في الأراضي اللبنانية وصولاً إلى وادي الحجير، يشكل تطورا شديد الخطورة وتهديداً جدياً لإعلان الإجراءات التنفيذية للقرار 1701 وتقويضاً للصدقية الواهنة للجنة المشرفة على تنفيذه».
وتابع «إن هذا التطور الذي يظهر تعاطياً إسرائيلياً خارج أي التزام أو إجراءات، وكأن لا وجود لأي تفاهم أو التزامات، يوجب على الدولة اللبنانية حكومة وجيشا وجهات معنية، إعادة تقويم الموقف بصورة فورية، ومراجعة الأداء الحالي الذي أظهر فشلاً ذريعاً في الحد من الإمعان الإسرائيلي في استمرار الأعمال العدائية على المستويات كافة بما فيها التوغل في الأراضي اللبنانية وقتل واعتقال المدنيين اللبنانيين».
302 خرق للاتفاق
وبدعوى التصدي لـ«تهديدات من (حزب الله)» ارتكبت إسرائيل 302 خرق لوقف إطلاق النار في لبنان حتى نهاية الأربعاء، ما أدى إجمالا إلى سقوط 32 شهيداً و38 جريحاً، وفق إحصاء لوالة الأناضول استناداً إلى بيانات وزارة الصحة اللبنانية. ومن أبرز بنود اتفاق وقف إطلاق النار انسحاب إسرائيل تدريجيا إلى جنوب الخط الأزرق الفاصل مع لبنان خلال 60 يوماً، وانتشار قوات الجيش والأمن اللبنانية على طول الحدود ونقاط العبور والمنطقة الجنوبية.
وأسفر العدوان الإسرائيلي على لبنان عن 4 آلاف و63 شهيداً و16 ألفاً و663 جريحاً، بينهم عدد كبير من الأطفال والنساء، إضافة إلى نزوح نحو مليون و400 ألف شخص، وتم تسجيل معظم الضحايا والنازحين بعد تصعيد العدوان في 23 سبتمبر الماضي.
وبموجب الاتفاق، سيكون الجيش اللبناني الجهة الوحيدة المسموح لها بحمل السلاح في جنوب البلاد، مع تفكيك البنى التحتية والمواقع العسكرية، ومصادرة الأسلحة غير المصرح بها، وإنشاء لجنة للإشراف والمساعدة في ضمان تنفيذ هذه الالتزامات. ويقدم لبنان وإسرائيل، وفق الاتفاق، تقارير لهذه اللجنة وقوة اليونيفيل بشأن أي خروقات لوقف إطلاق النار.
في هذه الأثناء، توقّع البعض قيام الموفد الأمريكي آموس هوكشتاين بزيارة إلى بيروت مطلع السنة الجديدة نزولاً عند دعوة رئيس مجلس النواب نبيه بري للمشاركة في جلسة انتخاب رئيس الجمهورية في 9 كانون الثاني/يناير المقبل على أن تشكل الزيارة فرصة لمتابعة اتفاق وقف إطلاق النار باعتباره أحد صنّاعه إلى جانب الرئيس بري مع الأمل بمعالجة هذه الخروقات وعدم توسعها.
اعتداءات على القرى الجنوبية
وكان الجيش الإسرائيلي ارتكب أول أمس الأربعاء، 7 خروقات لوقف إطلاق النار مع «حزب الله» ليرتفع إجمالي خروقاته منذ بدء سريان الاتفاق قبل 29 يوماً إلى 302.
وذلك وفق إحصائية أعدتها الأناضول استنادا إلى إعلانات وكالة الأنباء اللبنانية الرسمية حتى الساعة 21:30 ت.غ. وحسب أخبار متفرقة نشرتها الوكالة، تركزت الخروقات الأربعاء، في العاصمة بيروت، وقضاء بعلبك بمحافظة بعلبك الهرمل (شرق) وقضاءي بنت جبيل ومرجعيون بمحافظة النبطية (جنوب) ومناطق أخرى بالجنوب اللبناني. وشملت الخروقات غارة للطيران الحربي، وحرق ونسف منازل، وتحليقاً بطيران مسير وحربي، وإطلاق نيران من أسلحة رشاشة ثقيلة ومتوسطة.
ففي بيروت، سُجل تحليق لطائرة مسيرة إسرائيلية على علو منخفض بأجواء الضاحية الجنوبية، التي تعد معقلا لـ«حزب الله». وفي قضاء بعلبك، أغار الطيران الحربي الإسرائيلي على منزل في سهل بلدة طاريا، دون وقوع إصابات.
وفي قضاء بنت جبيل، أحرق جنود الجيش الإسرائيلي منزلا ببلدة مارون الراس، بالتزامن مع إطلاقهم نيران رشاشة من أسلحة ثقيلة ومتوسطة داخل أحياء البلدة ذاتها. وفي قضاء مرجعيون، نفذ الجيش الإسرائيلي عملية «نسف كبيرة» لمنازل في بلدة كفركلا. وفي أجواء القطاع الشرقي من الجنوب اللبناني، سُجل تحليق للطيران الحربي والمسير الإسرائيلي.
نسف منازل وشهيد في صور
وأقدمت القوات الإسرائيلية على نسف عدد من المنازل في بلدتي يارون و كفركلا في جنوب لبنان.
وشهدت المنطقة الحدودية في جنوب لبنان تفجيرات ضخمة، بين مساء الأربعاء والخميس، حيث نفذت القوات الإسرائيلية عمليات نسف لمنازل في بلدتي يارون وكفركلا الجنوبيتين، حسبما أعلن مراسل قناة «المنار» المحلية التابعة لـ«حزب الله». وكان الطيران الحربي الإسرائيلي قد شن غارة فجر اليوم على منزل في سهل بلدة طاريا في البقاع شرق لبنان، دون وقوع إصابات.
يذكر أنه تم الإعلان عن اتفاق لوقف إطلاق النار بين لبنان وإسرائيل في 26 نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي. وبدأ تنفيذ وقف إطلاق النار فجر اليوم التالي. وتخرق إسرائيل اتفاق وقف إطلاق النار منذ دخوله حيز التنفيذ بشكل يومي. ولم تنسحب القوات الإسرائيلية من الأراضي اللبنانية التي توغلت فيها في جنوب لبنان في الفترة الماضية. والثلاثاء، قدم لبنان شكوى لمجلس الأمن الدولي على خلفية الانتهاكات الإسرائيلية لاتفاق وقف إطلاق النار. وسقط قتيل وجريحان، الأربعاء، في مخيم الرشيدية للاجئين الفلسطينيين في مدينة صور جنوبي لبنان، إثر انفجار صاروخ من مخلفات العدوان الإسرائيلي. وذكرت وكالة الأنباء اللبنانية الرسمية أن «صاروخاً من مخلفات الحرب انفجر في مخيم الرشيدي، ما أدى الى استشهاد شخص من آل قاسم، وإصابة طفليه بجروح». وأضافت الوكالة أن فرق الإسعاف عملت على نقل الضحايا إلى أحد مستشفيات صور.
تعليقات الزوار
لا تعليقات