وصفت صحيفة "لوموند" الفرنسية قرار تشاد بإنهاء تعاونها الدفاعي مع فرنسا بأنه "صفعة على الوجه غير متوقعة بالنسبة لباريس"، لافتة إلى أن البلد يعد آخل معقل فرنسي في أفريقيا، مشيرة إلى أنه "يضم إحدى القواعد العسكرية الفرنسية التي تعاقبت عليها أجيال من الضباط الفرنسيين منذ الاستقلال عام 1960".
وأوضحت أن "القرار أُعلن عنه بينما كانت طائرة وزير الخارجية جان نويل بارو قد أقلعت بالكاد من تشاد بعد زيارة سريعة للبلاد استغرقت 24 ساعة"
وقرر الرئيس التشادي محمد ديبي إنهاء الاتفاق العسكري مع فرنسا، مؤكدا أن الزمن عفا عليه، ما يشير إلى انطلاق العد التنازلي لرحيل القوات الفرنسية من البلد، في أحدث مؤشر على تراجع الحضور الفرنسي في المنطقة بعد أن اضطرت باريس إلى سحب جنودها من مالي والنيجر وبوركينا فاسو، في وقت تسعى فيه روسيا إلى ملء هذا الفراغ.
وذكر ديبي في كلمة ألقاها في وقت متأخر من الأحد أن الاتفاق لم يعد يتماشى مع احتياجات تشاد الأمنية أو الجيوسياسية. وتتصدى تشاد لجماعات متشددة منذ أكثر من عقد، ولم ينجح الدعم المقدم من القوات الفرنسية والأميركية في تحقيق الاستقرار.
وأضاف "يأتي هذا الانسحاب من الاتفاق في إطار إرادتنا لبناء جيش تشادي أكثر استقلالية وأكثر التزاما وأكثر مسؤولية في الدفاع عن الوطن".
وقد يجبر قرار ديبي كل القوات الفرنسية على الرحيل بعد أن ظلت متمركزة هناك لأكثر من ستة عقود منذ استقلال تشاد.
وقال ديبي إن الاتفاق لم يكن له قيمة عسكرية كبيرة للبلاد وسط تحديات مختلفة، منها الهجمات الإرهابية، موضحا أن "تشاد ستظل منفتحة على العمل مع جميع الشركاء ومن بينهم فرنسا".
وأضاف "هذا الاتفاق تم توقيعه في حقبة مختلفة، مع أطراف مختلفة من الجانبين، وفي سياق مختلف تماما. وبمرور الوقت، عفا الزمن عليه".
ويمهّد انتهاء التعاون بين تشاد والجيش الفرنسي الطريق لروسيا لمزيد تعزيز حضورها في البلد، لا سيما في ظل التقارب بين البلدين.
والعام الماضي اضطرت فرنسا إلى سحب قواتها من النيجر بعد شد وجذب مع المجلس العسكري الحاكم، بينما أُطرد دبلوماسيوها من البلد الأفريقي، في غمرة تصاعد موجة العداء تجاه القوة الاستعمارية السابقة.
كما انسحبت القوات الفرنسية من مالي وبوركينا فاسو في العام 2022، فيما استغلت روسيا الوضع لتعزيز نفوذها في البلدين الأفرقيين من بوابة الاتفاقيات العسكرية والاقتصادية.
وبعد رحيل القوات الفرنسية من قواعدها العسكرية الثلاث في النيجر ظلّ حضورها منحصرا في قاعدة واحدة في الجناح الشرقي للساحل بالعاصمة التشادية نجامينا.
وتكثف روسيا منذ سنوات جهودها لتقوية نفوذها في أفريقيا وتقدم نفسها على أنها طوق النجاة للتحرر مما تصفه بـ"الهيمنة الغربية" على المنطقة، مدفوعة برغبتها في تخفيف العزلة الدولية المفروضة عليها منذ عزوها أوكرانيا في فبراير/شباط 2022.
تعليقات الزوار
لا تعليقات