نشر موقع “ذي إنترسيبت” مقال رأي لسونجيف بيري قال في إنه في حين تحترق بيروت تحت قنابل إسرائيل، بات من الواضح لأي شخص يراقب أن أمريكا احتضنت منذ فترة طويلة النسخة الأسوأ من إسرائيل. فقد كافأت عقودا من السياسة الخارجية الأمريكية وعجلت بمسار تنازلي لسياسات وأعمال الإبادة الجماعية في كل من المجتمع والحكومة الإسرائيلية.
ويقول إنه الآن، وبدعم كامل من الرئيس جو بايدن ونائبة الرئيس كامالا هاريس، تقود إسرائيل موجة تلو الأخرى من العنف المتصاعد في مساعيها المستمرة للقضاء على أي معارضة للتوسع المستمر للدولة اليهودية في الأراضي التي يعيش فيها بالفعل ملايين الفلسطينيين واللبنانيين وغيرهم من الناس.
وأكد أن إسرائيل التي نراها اليوم هي الأسوأ على الإطلاق من بين كل النتائج المحتملة: فهي دولة شوفينية عنصرية تتبنى الإبادة الجماعية وتنظر إلى العرب المسيحيين والمسلمين على أنهم أجساد يجب سحقها وتدميرها.
ويرى أن هذا الواقع القبيح هو النتيجة المباشرة لعقود من الدعم العسكري الضخم والدعم السياسي من جانب الولايات المتحدة. وبدون هذا الدعم، كان لزاما على إسرائيل أن تتوصل إلى تسوية مع جيرانها منذ سنوات.
وشدد على أن الدعم الأمريكي لإسرائيل عمل على عزل النخب السياسية الإسرائيلية تماما عن أي عواقب لأفعالها وحصنها من العقاب. ونتيجة لهذا، أصبح المجتمع الإسرائيلي الآن حالة دراسية مرعبة في سياسة الإبادة الجماعية.
واليوم، يطلق المسؤولون الإسرائيليون الصهاينة على الأطفال الفلسطينيين صفة “إرهابيين”، في حين يصوب القناصة الإسرائيليون في غزة بنادقهم ويطلقون الرصاص على قلوب ورؤوس الأطفال الفلسطينيين. وفي الوقت نفسه، يحلم المستوطنون اليهود علانية بالاستعمار الصهيوني للأراضي الفلسطينية واللبنانية. وكمكافأة لقيادة سياسة الإبادة الجماعية هذه، حقق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو شعبية جديدة بين الناخبين.
وفي كل خطوة على الطريق، كافأ بايدن وهاريس هذه التطورات السياسية في إسرائيل، بمزيد من الأسلحة والدعاية المؤيدة لها. وجاء أحدث تصريح لدعم إسرائيل خلال مقابلة هاريس في برنامج الأخبار الأمريكي “60 دقيقة”، عندما كررت مرة أخرى نقاط حديثها الفارغة حول “حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها”.
ويعتقد الكاتب أن موجات العنف المدمر هذه تعود إلى الجهود الأمريكية الأخيرة لتشكيل واقع جيوسياسي جديد للشرق الأوسط يفتقر إلى أي دعم ديمقراطي حقيقي من المجتمعات المتضررة.
وشدد على أنه في إطار اتفاقيات أبراهام، سعت كل من إدارة ترامب وبايدن إلى بناء تحالفات عامة بين إسرائيل وممالك النفط المجاورة في الشرق الأوسط. وجاءت هذه الجهود المستمرة على حساب الفلسطينيين، إذ تمكنت إسرائيل من إقامة علاقات دبلوماسية كاملة مع الديكتاتوريين المجاورين لها، مما مكنها من الإفلات ومواصلة تدمير المجتمع الفلسطيني دون أي دف دفع ثمن دبلوماسي إقليمي.
وكتب أنه بالطبع، فالمجتمع الوحيد الذي كان له أي رأي في هذا الأمر هو مجتمع الناخبين الإسرائيليين الذين وضعوا نتنياهو في منصبه. مع الإشارة إلى أن كل الحكومات الأخرى في المنطقة التي شاركت في اتفاقيات إبراهيم، بما فيها المغرب والبحرين والإمارات، غير ديمقراطية في الأساس.
ويقول بيري إنه “في سياق هذا التهميش للفلسطينيين الناجم عن اتفاقيات إبراهيم، شنت “حماس” بقيادة يحيى السنوار هجمات 7 تشرين الأول/ أكتوبر العنيفة على جنود ومدنيين إسرائيليين. ولأن الولايات المتحدة دفعت بأجندة اتفاقيات إبراهيم التي من شأنها ترسيخ الفصل العنصري، لعبت حماس الورقة الحقيقية الوحيدة التي تحملها: مهاجمة الجنود والمدنيين الإسرائيليين”.
ويضيف: ثم بدأت إسرائيل قصفا جماعيا لغزة، تصاعد بسرعة إلى حملة واسعة النطاق من التطهير العرقي والإبادة الجماعية، بهدف معلن يتمثل في تدمير حماس والشعب الفلسطيني.
ورد حزب الله والحوثيون في اليمن في نفس الوقت بشن هجماتهم الخاصة على إسرائيل والمصالح الإسرائيلية. وأدت تصعيدات إسرائيل الإضافية، مثل اغتيال الزعيم السياسي لحماس إسماعيل هنية في إيران وزعيم حزب الله حسن نصر الله في لبنان، إلى جولتين مدروستين من الهجمات الصاروخية الإيرانية على إسرائيل.
ويعتقد بيري أن الدافع النهائي لكل هذا العنف هو السياسة الخارجية الأمريكية. ويضيف “أنه صحيح أن هناك العديد من الجهات الفاعلة في الشرق الأوسط ذات الأجندات الخاصة، فإيران وحزب الله وحماس جميعهم أيديهم ملطخة بالدماء، بما في ذلك ما ارتكبته إيران وحزب الله بشكل منفصل في سوريا. لكن العنف الذي نراه اليوم في جميع أنحاء الشرق الأوسط مدفوع بشكل أساسي بالتدخلات الأمريكية في المنطقة”.
ويواصل أن هذه التدخلات تتراوح بين المبادرات الدبلوماسية مثل اتفاقيات إبراهيم إلى الشيك المفتوح من الدعم العسكري الأمريكي لإسرائيل. وكلها تعمل على حماية إسرائيل من الضغوط والتكاليف التي قد تواجهها عادة لقمعها للفلسطينيين.
ويشدد على أن الحقيقة البسيطة هي أن السياسة الخارجية الأمريكية تظل دموية ومروعة كما كانت دائما. في العقود السابقة، تضمنت الخسائر “المقبولة” مقتل ما بين مليون ومليوني مدني في فيتنام، ومليون آخر في إندونيسيا، ومذابح الديكتاتوريين المدعومين من الولايات المتحدة في جميع أنحاء أمريكا اللاتينية، ومئات الآلاف الذين قُتلوا خلال الغزو الأمريكي للعراق وأفغانستان. ومن هنا، فالتدخلات العسكرية والدبلوماسية الأمريكية اليوم في الشرق الأوسط ليست مختلفة.
ويخلص للقول إنه: لكي نضع حدا للأفعال المروعة التي ترتكبها إسرائيل في الشرق الأوسط، فلابد وأن تتغير السياسات الأمريكية. وهذه ليست بالمهمة السهلة، نظرا للقوة والنفوذ التي تتمتع بهما الشبكات والجهات المانحة وجماعات الضغط المؤيدة لإسرائيل، والمؤيدة للحرب، داخل الولايات المتحدة. ولكن هذه هي المهمة التي بين أيدينا، ولابد وأن تكون محور اهتمام كل إنسان يحمل ضميرا حيا، سواء داخل حدود الولايات المتحدة أو خارجها. وكما كانت الحال في مناطق أخرى من العالم، فإن السياسة الخارجية الأمريكية تشكل العقبة الأساسية أمام تحقيق العدالة والديمقراطية والسلام في الشرق الأوسط.
تعليقات الزوار
لا تعليقات