يترقب الشرق الأوسط تداعيات القصف الصاروخي الذي طال مرتفعات الجولان المحتل، قتل خلاله 12 شخصا وحملت اسرائيل مسؤوليته إلى حزب الله، وسط مخاوف من اتساع نطاق الحرب، مع توالي تهديدات المسؤولين الاسرائيليين النارية بدعم أميركي، فيما حذّرت إيران من أن أي "مغامرات" عسكرية اسرائيلية جديدة في لبنان قد تؤدي الى "تداعيات غير متوقعة".
وقال وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن الأحد إنه لا يريد رؤية تصعيد في الصراع بعد اتهام إسرائيل جماعة حزب الله اللبنانية بقتل 12 طفلا وفتى في هجوم صاروخي على هضبة الجولان المحتلة، مضيفا إن واشنطن تجري محادثات مع إسرائيل حول هجوم الجولان.
لكن وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت توعد "بضرب العدو بقوة" بعد أن أدى سقوط صاروخ حمّل مسؤوليته إلى حزب الله اللبناني.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية ناصر كنعاني إن "أي خطوة تنمّ عن جهل من النظام الصهيوني قد تؤدي الى توسيع عدم الاستقرار وعدم الأمن والحرب في المنطقة"، مشدداً على أن إسرائيل ستتحمل مسؤولية "التداعيات غير المتوقعة وردود الفعل على تصرف أحمق كهذا".
واتهم كنعاني إسرائيل، بالسعي الى تحميل حزب الله مسؤولية القصف "لصرف أنظار الرأي العام والعالم عن جرائمها الهائلة" في قطاع غزة، في إطار الحرب المتواصلة بينها وبين حركة حماس الحليفة لطهران.
ورأى أن إسرائيل لا تتمتع "بأدنى سلطة أخلاقية للتعليق" على سقوط قتلى في مجدل شمس الواقعة ضمن هضبة الجولان المحتلة، والتي أعلنت إسرائيل لاحقاً ضمّها الى أراضيها في خطوة لم تعترف بها سوى الولايات المتحدة.
وقال الجيش الإسرائيلي السبت إن 12 شخصاً تراوح أعمارهم بين 10 و20 عاماً، قتلوا جراء سقوط صاروخ على ملعب لكرة القدم في بلدة مجدل شمس في الجولان السوري الذي تحتله إسرائيل منذ العام 1967 وأعلنت ضمه لأراضيها.
ومجدل شمس بلدة ذات غالبية من الدروز الذين رفض كثيرون منهم الحصول على الجنسية الإسرائيلية.
وأفاد الجيش إن حزب الله أطلق نحو 40 صاروخا عبر الحدود، أصاب أحدها بلدة مجدل شمس الدرزية. لكن حزب الله قال في بيان إنه لا علاقة له بالوفيات في مجدل شمس.
وذكر المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي دانيال هجاري في مؤتمر صحفي في موقع الهجوم، قائلا إن هناك أدلة عسكرية واستخباراتية كافية تشير إلى أن الصاروخ أطلقه حزب الله. وأوضح أن الصاروخ كان من طراز "فلق1-" الإيراني الصنع، مشيرا إلى أن هذا النوع يستخدم فقط من قبل الميليشيا المدعومة من إيران.
وشارك الآلاف الأحد في مراسم تشييع قتلى الضربة في مجدل شمس، حيث بدت عليهم علامات الحزن والتأثر. وتجمعت نسوة تدثرن بالعباءة السوداء ووشاح الرأس الأبيض التقليدي لدى الدروز، حول نعوش مغطاة بالأبيض.
ودفعت ضربة مجدل شمس رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو إلى العودة مبكرا من الولايات المتحدة لعقد اجتماع لمجلسه الوزاري الأمني المصغر.
وقال نتانياهو في بيان أصدره مكتبه "إسرائيل لن تدع هذا الهجوم الوحشي يمر دون رد، وحزب الله سيدفع ثمنا باهظا لم يسبق أن دفعه من قبل". فيما ذكرت وزارة الخارجية الإسرائيلية إن حزب الله "تجاوز كل الخطوط الحمر".
وأفاد المتحدث باسم الوزارة أورين مارمورشتاين إن "الصاروخ، الذي قتل أبناءنا وبناتنا كان صاروخا إيرانيا وحزب الله هو المنظمة الإرهابية الوحيدة، التي لديها تلك الصواريخ في ترسانتها".
وأضاف "ستمارس إسرائيل حقها وواجبها في العمل دفاعا عن الذات وسترد على المذبحة... يتعين على العالم الآن أن يحمل إيران ووكلاءها الإرهابيين، حزب الله وحماس والحوثيين المسؤولية الكاملة".
وتابع "السبيل الوحيد الذي يمكن من خلاله للعالم أن يمنع حربا شاملة، من شأنها أن تدمر أيضا لبنان هو إجبار حزب الله على تنفيذ قرار مجلس الأمن الدولي رقم 1701. وأشار إلى أن هذا القرار يدعو حزب الله إلى الانسحاب إلى ما وراء نهر الليطاني، على بعد حوالي 30 كيلومترا من الحدود بين إسرائيل ولبنان. وحذر المتحدث "الآن هي اللحظة الأخيرة للقيام بذلك دبلوماسيا".
وحذرت بعثتا الأمم المتحدة وقوات اليونيفيل في لبنان من "صراع أوسع بين إسرائيل وحزب الله قد يغرق المنطقة في كارثة" بعد حادثة مجدل شمس، غير ن اسرائيل تتوعد برد قاس.
وفي أول رد فعل أميركي، قال متحدث باسم مجلس الأمن القومي "ندين هذا الهجوم المروع، الذي تردد أنه قتل عددا من المراهقين والأطفال، الذين كانوا يلعبون كرة قدم مساء السبت، في قرية مجدل شمس"، حسب شبكة "سي.بي.إس.نيوز" الأحد.
وأضاف "تواصل إسرائيل مواجهة تهديدات خطيرة لأمنها كما شهد العالم اليوم، وستواصل الولايات المتحدة دعم الجهود الرامية إلى إنهاء تلك الهجمات المروعة، على طول الخط الأزرق، وهو ما يجب أن يكون على رأس الأولويات".
وتابع "دعمنا لأمن إسرائيل قاطع لا يتزعزع ضد جميع الجماعات الإرهابية المدعومة من إيران، بما في ذلك حزب الله اللبناني".
وذكر مصدران أمنيان أن حزب الله في حالة تأهب قصوى وأخلى بعض المواقع الرئيسية في شرق وجنوب لبنان تحسبا لأي تصعيد إسرائيلي
من جهته، قال وزير الخارجية اللبناني عبد الله بوحبيب إن الحكومة اللبنانية طلبت من الولايات المتحدة حث إسرائيل على ضبط النفس.
وقال بوحبيب إن الولايات المتحدة طلبت من الحكومة اللبنانية نقل رسالة إلى حزب الله تطالبه بالتحلي بضبط النفس أيضا. وخاض حزب الله والجيش الإسرائيلي خلال الأشهر الأخيرة قتالا هو الأعنف منذ حرب لبنان الثانية في عام .2006
وقد يؤدي تصعيد القتال واندلاع حرب شاملة بعواقب لا يمكن التنبؤ بها للمنطقة، حيث من المحتمل أن توسع الميليشيات الموالية لإيران في العراق وسوريا واليمن هجماتها على إسرائيل وحليفها الأهم، الولايات المتحدة.
وأعلن الجيش الإسرائيلي أنه ضرب خلال ليل السبت الأحد أهدافا لحزب الله "في عمق الأراضي اللبنانية وفي جنوب لبنان"، مشيرا الى أنه استهدف "مخازن أسلحة وبنى إرهابية".
وأطلقت طائرة إسرائيلية مسيّرة صاروخين على بلدة طاريا في شرق لبنان، ما أدى إلى تدمير مستودع ومنزل من دون وقوع إصابات، وفق ما أفاد مصدر أمني لبناني.
وقال متحدث الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي، عبر منصة إكس الأحد "شنت طائرات حربية خلال ساعات الليلة الماضية غارات على سلسلة أهداف لحزب الله في أنحاء لبنان".
وأوضح أن "من بين الأهداف (التي) تم استهدافها في عمق وجنوب لبنان، مخازن أسلحة وبنى 'إرهابية' في مناطق شبريحة وبرج الشمالي والبقاع وكفركلا ورب ثلاثين والخيام وطيرحرفا". ونشر فيديو قصيرا يظهر مشاهد جوية لمهاجمة عدة أهداف جنوب لبنان.
وتوالت التهديدات على لسان المسؤولين الاسرائيليين، وذكر رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، هرتسي هاليفي أن الجيش يزيد استعداده "للمرحلة التالية" من القتال" في الشمال، في أعقاب الهجوم على بلدة مجدل شمس.
وأضاف هاليفي، في بيان بالفيديو من الموقع "نعرف تحديدا من أين تم إطلاق الصاروخ. إنه صاروخ من حزب الله. ومن يطلق مثل هذا الصاروخ على منطقة حضرية، يريد قتل مدنيين ويريد قتل أطفال"، حسب صحيفة "تايمز أوف إسرائيل.
وتابع "لقد فحصنا بقايا الصاروخ هنا على جدار ملعب كرة القدم. نعرف أنه صاروخ فلق مزود برأس حربي يزن 53 كيلوجراما". وتابع "نحن نعطي القوة للمجتمع الدرزي، شريكنا الكامل الشجاع، مع باقي مواطني إسرائيل".
وأضاف "إننا نزيد بشكل كبير من استعدادنا للمرحلة التالية من القتال في الشمال، حيث أننا نقاتل في آن واحد في غزة. نحن نعرف كيف نهاجم حتى من مسافة بعيدة جدا من دولة إسرائيل. ستكون هناك المزيد من التحديات، إننا نزيد من استعدادنا".
تعليقات الزوار
لا تعليقات