أخبار عاجلة

قائد الجيش الفرنسي السابق يدعو أوروبا لإعادة استعمار إفريقيا لحماية مصالحها

أثار قائد أركان القوات المسلحة الفرنسية السابق، الجنرال فرانسوا لوكوانتر، جدلا وتساؤلات بأنه “دعا (عمليا) أوروبا إلى وجوب أن تعيد إرسال جيوشها إلى القارة الإفريقية للدفاع عن مصالحها”.

وقد أكد الجنرال الفرنسي المتقاعد (62 عاما) في مقابلة بثت الأسبوع الماضي على قناة يوتيوب التابعة لصحيفة “لوفيغارو” اليمينية الفرنسية أنه “سيكون على أوروبا الالتزام بالعودة إلى إفريقيا للمساعدة في استعادة الدولة وعودة الإدارات والتنمية”.

وأضاف “إن مصيرنا المشترك كأوروبيين هو البحر الأبيض المتوسط ​​وإفريقيا حيث مصيرنا على المحك. ولذلك فقد حاولنا، نحن الفرنسيين، على نحو مستمر أن نجذب الأوروبيين إلى هذا الوعي بالحاجة إلى العمل بشكل جماعي في إفريقيا ومنطقة البحر الأبيض المتوسط”.

وأضاف رئيس أركان الجيش الفرنسي السابق “أنا آسف للغاية لرؤية فشل التزاماتنا في منطقة الساحل”، وعبر عن صعوبة في تقبل واستيعاب حقيقة انسحاب قوات بلاده من منطقة الساحل المضطربة، وما لحقه من انتكاسات لباريس وطرد للقوات الفرنسية في ثلاث دول من المنطقة هي مالي وبوركينا فاسو، وأخيرا النيجر، وتغلغل وتمدد روسيا هناك مع استعانة الحكام العسكريين الجدد (الذين جاؤوا بعد انقلابات عسكرية متتالية) في البلدان الثلاثة بموسكو وقوات “فاغنر” بعد طرد القوات الفرنسية. وهو استمرار لمسلسل التوسع الروسي في معاقل فرنسا في مستعمراتها السابقة في القارة السمراء، مثلما هو الشأن مع إفريقيا الوسطى.

وبحسب لوكوانتر ففي وقت الاضطرابات الملحوظة في الشرق الأوسط وإفريقيا، يجب على أوروبا أن تجد بسرعة إجابات حول إمكانية وجود “خيارات سياسية” جديدة يمكن أن تتخذها الولايات المتحدة الأمريكية بهدف الحفاظ على مصالحها الجيوسياسية الخاصة، فيما واجهت واشنطن مصيرا مماثلا لباريس في النيجر. وقبل أيام فقط قالت صحيفة “نيويورك تايمز” إن الجيش الأمريكي سيسحب قواته المقدرة بألف عسكري من النيجر، وسط المصير غير الواضح للقاعدة العسكرية الأمريكية في البلد الإفريقي والتي بلغت تكلفتها أكثر من مائة مليون دولار. وذكرت الصحيفة أن واشنطن حذرت الحكام العسكريين الجدد في نيامي من علاقاتهم مع روسيا، وحتى إيران وعقد صفقة يورانيوم مع الأخيرة. وفي هذا السياق أثيرت مخاوف غربية كذلك عن المساعي الإيرانية للتوسع في إفريقيا، كما ظهر في عدة مؤشرات.

وكانت النيجر، قبل الانقلاب على الرئيس محمد بازوم (المدعوم من قبل باريس وواشنطن) في يوليو/ تموز 2023 شريكا أمنيا رئيسيا لفرنسا والولايات المتحدة.

لكن السلطات العسكرية الجديدة بالنيجر حذت حذو المجلسين العسكريين في مالي وبوركينا فاسو المجاورتين في إنهاء الاتفاقات العسكرية مع الحلفاء الغربيين، وتعزيز العلاقات مع روسيا.

وبعد طرد الجيش الفرنسي نهاية العام الماضي، أعلن النظام الجديد بالنيجر في مارس/ آذار الماضي تخليه “بأثر فوري” عن اتفاق تعاون عسكري مع الولايات المتحدة يعود تاريخه لعام 2012، معتبراً أنه “غير قانوني”.

وفي مواجهة هذه المتغيرات والتحديات قال لوكوانتر، الذي كان على رأس أول مهمة تدريب أوروبية للجيش المالي في الفترة من يناير إلى يوليو 2013، إن القارة العجوز يجب أن تكون “قادرة على تحمل مسؤولية مصيرها بالخطط العسكرية، والدفاع عنها وتعزيز مصالحها وقيمها”.

بالنسبة لهذا الضابط الذي قاد القوات الفرنسية في الغابون ثم في رواندا عام 1994، يتعين على أوروبا أن تتحرك في أفريقيا بسبب “تدمير أجهزة الحكومة والدولة”، و”الحرب الأهلية في العديد من البلدان” والصعوبات “المتعلقة بتغير المناخ”.

وذهب قائد الجيش الفرنسي السابق إلى القول إن إفريقيا “ستشهد انفجارًا ديموغرافيًا لم تشهده أي قارة من قبل”، وسيكون لذلك “عواقب على أوروبا” في السنوات العشر والعشرين المقبلة.

وصرح: “أعتقد أن هذه المصلحة المشتركة يجب أن تجعل أوروبا في يوم من الأيام تقرر التصرف ككيان سياسي يدافع عن مصالحه بنفسه، بما في ذلك عن طريق التزام جيوشها للقيام بذلك”، معتبرا أن انسحاب القوات الفرنسية من عملية “برخان” وقوات “تاكوبا” الأوروبية من منطقة الساحل كان “فشلا ذريعا”.

وأكد لوكوانتر “كان من الصعب على كل الأطراف التي التزمت بالتدخل قبول الانسحاب من منطقة الساحل. وأنا أول من يجد صعوبة في قبول هذا. لقد كان فشلا فرنسيا، أوروبيا وإفريقياً لأننا لم نفهم أن العملية كان يجب أن تكون عملية شاملة”.

ودعا إلى “الالتزام بالعودة لمساعدة هذه البلدان الأفريقية، واستعادة الدولة وعودة الإدارات والتنمية”.

وبحسب الجنرال الذي تقاعد في 21 يوليو/ تموز 2021: “ليست الصين وروسيا و(مجموعتها شبه العسكرية الخاصة فاغنر) من سيقدم حلولاً دائمة للصعوبات الكبيرة جدًا التي تواجهها هذه الدول الأفريقية وسكانها”.

وبدا لاقتا أن تصريحات قائد الجيش الفرنسي السابق وإن لم تثر تفاعلا كبيرا في فرنسا، فإنها أثارت جدلا في بعض الأوساط الإعلامية المحسوبة على اليسار، مثلما هو الحال مع قناة “لوميديا”، التي نظمت حصة حول التصريحات بعنوان تساءلت فيه: “هل هي دعوة لإعادة استعمار منطقة الساحل؟ عندما يثير رئيس أركان ماكرون السابق غضب إفريقيا”.

وتساءل مقدم الحصة وهو رئيس تحرير القناة الفرنسي ـ الكاميروني تيوفيل كوامو: هل هي إعادة استعمار منطقة الساحل؟ عندما يثير رئيس أركان ماكرون السابق ضجة سيئة في إفريقيا. واعتبر كوامو أن تصريحات لوكوانتر كان لها تأثير القنبلة، وأنها تصريحات كارثية عن إفريقيا متشائمة، وقبل كل شيء، تعطي انطباعًا بتوقع حدوث الأسوأ لإضفاء الشرعية على التدخل العسكري في القارة.

وقد أثارت تصريحات قائد الجيش الفرنسي السابق نقاشا ومخاوف وتأويلات في وسائل إعلام إفريقية، خاصة الفرانكفونية منها، وكذلك انتقادات واتهامات على مواقع التواصل لـ”فرنسا الاستعمارية”، وحتى تصورات وسيناريوهات مخيفة

 

اضف تعليق

شارك

تعليقات الزوار

غزاوي

مجرد تساؤل.

مجرد تساؤل. هل إفريقيا في حاجة إلى توسع شرقي أو غربي !!!؟؟؟ جاء في المقال على لسان الجنرال الفرنسي ما نصه: "وهو استمرار لمسلسل التوسع الروسي في معاقل فرنسا في مستعمراتها السابقة في القارة السمراء، مثلما هو الشأن مع إفريقيا الوسطى." انتهى الاقتباس أبدا، فقط أن التوسع الغربي في افريقيا خدم الغرب وأفقر إفريقيا، في علاقة رابح-خاسر، عكس توسع الشرقي الذي خدم الجانبين بدون التدخل في شؤون الأفارقة، فكانت العلاقة رابح-رابح. فضلا أن الجنرال الفرنسي قرر أن التوسع لا يُسمح به إلا لفرنسا وأمريكا والكيان و بلاك ووتر، وجريمة في حق روسيا والصين وفاغنر.