في الوقت الذي أعلنت فيه «المقاومة الإسلامية» في العراق (تضم الفصائل الشيعية المسلحة) أمس الأربعاء، استهداف مطار «بن غوريون» في العمّق الإسرائيلي بطائرة مسيرة، ردّاً على مجازر الاحتلال بحق الشعب الفلسطيني، عقد الأمين العام لـ»كتائب حزب الله» العراقية، أبو حسين الحميداوي سلسلة لقاءات في العاصمة الإيرانية طهران، أكد خلالها أن تعليق العمليات العسكرية ليس نهاية المطاف، داعياً «أهل العراق» لأن يكون أداؤهم في معركة إسناد غزة، فعالاً ومميزاً.
فصائل «المقاومة» ذكرت في بيان صحافي نشرته منصّات تابعة لها، إنه «استهدف مجاهدو المقاومة الإسلامية في العراق فجر اليوم الأربعاء (أمس) بواسطة الطيران المسيّر، مطار بن غوريون في عمق الكيان الغاصب».
وأكدت «الاستمرار في دكّ معاقل الأعداء، استكمالاً للمرحلة الثانية لعمليات مقاومة الاحتلال، ونصرة أهلنا في غزة، ورداً على المجازر الصهيونية بحق المدنيين الفلسطينيين العزّل».
والاثنين الماضي، أعلنت «الفصائل» استهداف قاعدة جوية لـ»طيران الاحتلال الصهيوني المسير في الجولان المحتل» مشيرة إلى مضاعفة عملياتها في شهر رمضان.
يأتي ذلك في وقت التقى فيه الأمين العام «للمقاومة الإسلامية – كتائب حزب الله» أبو حسين الحميداوي، مع قيادات لـ»محور المقاومة» من داخل العراق وخارجه، في طهران، حسب بيان للكتائب.
وأكد الحميداوي أن «جهود المقاومة الإسلامية منصبّة في الدفاع عن الشعوب المستضعفة وحماية مكتسبات الأمة، وهي بذلك تراعي التوقيتات، وتتفاعل مع التحديات الأساسية، وتدير قراراتها بحكمة وتدبر، فهي أعلم بشعابها، ولا تسمح للمُسيَّسين والضعفاء أن يتدخلوا في حيثياتها».
وأفاد أن «تعليق العمليات العسكرية ليس نهاية الأمر، والمقاومة تستطيع الاعتماد على قدراتها الذاتية لإدارة معركة طويلة الأمد» مشدداً على وجوب أن «يكون أداء أهل العراق في معركة إسناد غزة فعالاً ومميزاً».
ورأى أن «انتصار الحركات التحررية يتماشى مع مصلحة القوى المناهضة للإمبريالية، لا سيما في غرب آسيا وشمال أفريقيا».
يأتي ذلك تزامناً مع مرور 50 يوماً على تعليق «الكتائب» عملياتها ضد القوات الأمريكية، وأيضاً بعد مضيّ 40 يوماً على حادثة اغتيال القيادي فيها أبو باقر الساعدي، الذي سقط بغارة جوية أمريكية استهدفت عجلته في منطقة المشتل شرقي العاصمة بغداد في شباط/ فبراير الماضي.
وفي كلمة ألقاها المتحدث باسم «الكتائب» محمد محيي بمناسبة أربعينية الساعدي، ذكر أن «في هذا اليوم من شهر رمضان المبارك، إذ نلتقي على الإيمان وطاعة الله وقبول الأعمال، محفوفة ببركات شهدائنا الأحبة، نحتفي بذكرى أربعينية (الشهيد القائد الكبير أبو باقر الساعدي). أربعون يوما مضت على استشهاده، ولم نجد في رفاقه وإخوته وعائلته الكريمة إلا المزيد من العزم والإرادة على مواصلة دربه، ومقاومة محور الشر في معركته الأزلية ضد محور الخير التي لن تنتهي بوقت أو مرحلة ما، إلا بظهور منقذ البشرية (سلام الله عليه)».
واعتبر أن «أمريكا كانت وما تزال رمزا للطغيان والإجرام العالمي. تعمد إلى تجوّيع الشعوب لتتمكن من ترّكيعها، فقد أشرفت بالأمس القريب على الإبادة الجماعية بحق العراقيين حينما قدمت دعمها الكبير للنظام البعثي الصدامي، وتُشرف اليوم على الإبادة الجماعية بحق الفلسطينيين بأياد صهيونية، وترتكب أخرى بحق شعوب ودول، لتستحوذ على أرضهم وتسرق خيراتهم، وتخلق الفتن، فتقتل الأطفال والنساء، وتغتال الرجال الأحرار، لتتمكن من تنفيذ مخططاتها الخبيثة، كي تقول للعالم: لا يمكن أن تواجهوا بطشي، أو تقاتلوا جُندِيا، أو تهزموا جيشي».
وأشار إلى أن «في بدء عمليات المقاومة الإسلامية ضد الاحتلال الأمريكي عام 2003 كان السؤال السائد في الأوساط الشعبية حينذاك بل حتى في الأطراف المقاومة، هل يمكن أن نقاوم الاحتلال الأمريكي ونهزم جيشه الذي لا يقهر؟! فكان الجواب من المقاومين بالعام نفس بعبواتهم التي مزقت آليات الاحتلال المدرعة، وقذائفهم التي دمرت قواعد المحتل المحصنة، كانت خسائر العدو الأمريكي تتوالى كل يوم وعام، حتى خضع مرغما تحت ضربات المقاومة الإسلامية فوّقع على ما تسمى بـ (الاتفاقية الأمنية) فانهزم الجيش الذي لا يقهر، وخرج مدحورا ذليلا من العراق، وتحرر البلد على يد المقاومة الإسلامية نهاية عام 2011».
وواصل: «كان من المقرر حسب الحسابات الأمريكية بقاء قواتهم المحتلة لمدة (مئة عام) إلا أنها خرجت مُجبرةً بفعل ضربات المقاومة الإسلامية وأساليبها القتالية التي فاجأت العدو، وكسرت هيبته، وهزمت جنوده وجيشه، في غضون (ثمان سنوات) من بدء الاحتلال عام 2003».
ولفت إلى إنه «بعد أن عجز الاحتلال الأمريكي عن مواجهة حرب المدن التي شنتها فصائل المقاومة ضد قواته، حرّك صنيعته (تنظيم القاعدة) ودعمه بالسلاح والمعلومات، ليزداد إجراما وإرهابا للمدنيين وقتلهم؛ وبعد خروجه مدحورا مهزوما من العراق قام بالتخطيط لصفحة داعش السوداء وعطّل اتفاقات تزويد القوات العراقية بالأسلحة والذخائر، لتمكين العصابات التكفيرية من اجتياح المدن العراقية وارتكاب المزيد من التخريب وجرائم الإبادة بحق الأبرياء، وليجد العدو الأمريكي بذلك مسوغا لإدخال قواته إلى العراق، واحتلاله مرة أخرى وبطريقة مختلفة، فهب رجال المقاومة الإسلامية للدفاع عن البلاد والعباد – بتكليف من القائد العام للقوات المسلحة ورئيس الحكومة العراقية منتصف عام 2014- بعد انهيار أغلب قطعات قواتنا الأمنية، وانبرى المجاهدون يتصدون لقوى الظلام الوهابي المدعوم أمريكيا، كي يحموا بغداد عاصمة العراق ومطارها من السقوط في يد داعش، فحرروا المدن والمناطق الواحدة تلو الأخرى، لا سيما بعد صدور فتوى المرجعية في النجف الأشرف، والتحاق معظم متطوعي الحشد الشعبي بالفصائل ذات التاريخ الجهادي والعسكري، لتُشِرف على تدريبهم وتجهيزهم وإعدادهم لمسك الأرض، أو للمشاركة بمعارك تطهيرها من دنس داعش».
ووفق محيي «ابتداءً من عام 2014 وفي غضون ثلاث سنوات من قتال المقاومة الإسلامية والحشد الشعبي والقوات الأمنية العراقية -بعد إعادة تنظيم وتفعيل معظم قطعاتها- وبالتنسيق العالي بين هذه القوى الثلاث، تمكنت من تحرير الأرض المغتصبة من داعش الإجرامي عام 2017، وكانت المقاومة الإسلامية مسنودة بقوات من الحشد والقوات الأمنية هي رأس الرمح الذي بطش بقلب تنظيم داعش وأجبره على الهزيمة من أرض الوطن، إلا أن القوات الأمريكية التي تدعي أن الحكومة العراقية دعتها للمشاركة بالحرب ضد داعش، وعلى الرغم من انتصار العراقيين، وهزيمة العدو الداعشي، ما تزال تصر على إبقاء قواتها مستبيحة أرض العراق وسمائه، وتأبى إلا مواصلة تنفيذ خططها التآمرية الخبيثة لترسيخ احتلالها للعراق بأسلوب جديد، ولكي تنتقم لما جرى لقواتها عندما مرغ أنفها في وحل الهزيمة والاندحار في مرحلة الاحتلال الأولى».
ومضى يقول: «ها نحن ندخل على اليوم الخمسين منذ تعليق المقاومة الإسلامية عملياتها العسكرية ضد قواعد الاحتلال الأمريكي في العراق وسوريا، ولم نشهد منهم غير المراوغة والكذب واستمرار انتهاك سيادة العراق أرضا، وسماء ومصادرة قراره السياسي والهيمنة على مقدراته، ونحن على يقين أن العدو المحتل لم يدخل عصاباته الوهابية الإجرامية بدعم من السعودية والإمارات إلى مدن العراق إلا ليعيد احتلاله، ليضمن أمن الصهاينة، بتشديد الحصار على محور المقاومة، وتنفيذ سياساته الخبيثة عن قرب، وهو لا يخرج من البلاد إلا بلغة السلاح والتاريخ يشهد على ذلك».
المتحدث باسم «كتائب حزب الله» بيّن إنه «عندما نعود إلى تاريخ المقاومة واستشهاد وسامها (الحاج القائد أبو باقر الساعدي) نستحضر بطولات مجاهديها الذين خاضوا منازلة الكرامة بشرف ضد قوات الاحتلال، عندما كانت في كامل جهوزيتها، سواء في قواعدها المحصنة أو في آلياتها المدرعة فاستطاعوا أن يهزموا أعظم قوة في العالم شر هزيمة نهاية عام 2011، ولحقتها هزيمة صنيعتهم داعش، ولم يكن ذلك ليكون إلا ببذل المُهج، وفقد الأحبة، وبذل الدماء لتطهير أرض العراق من دنس التكفيريين وحفظ مقدساته».
وأضاف: «أما عدونا الغادر فلم نعرف منه غير الغدر والإرهاب والمجازر، وقتل النساء والأطفال، واغتيال القادة في مراحل احتلاله للعراق، وزادها اليوم بهدم البيوت، والحصار والتجويع في غزة الصمود ويمن الإباء. هذه هي أدوات المعركة القذرة عند المحتل الأمريكي» داعياً إلى «المبادرة إلى كتابة هذا التاريخ بأمانة من قبل الكتاب المنصفين، المهنيين، لتقرأ الأجيال كيف قاوم رجال المقاومة الإسلامية، وكيف استبسلوا لحماية بغداد، وبمن ضحوا لأجل العراق ومقدساته وأهله، لأننا نخشى أن يأتي يوم يُسمى فيه العملاء والسراق والفاسدون في بلدنا رجال السيادة والحرية والاستقلال».
تعليقات الزوار
لا تعليقات