أثار رئيس حكومة الوحدة الوطنية الليبية المؤقتة عبد الحميد الدبيبة، غضب الليبيين حيث اتهمهم بالتواكل والكسل وعدم الإنتاجية والتعويل على الدولة في كافة ضروريات الحياة، مستفزا الشارع الليبي بعد قرار رفع الدعم عن المحروقات الذي تراجع عنه وأحاله إلى الاستفاء.
وقال الدبيبة في تصريح مصوّر تم تداوله على مواقع التواصل الاجتماعي، إن "الليبيين يأكلون مجانا، ويريدون زيادة في الرواتب وبنزين وكهرباء وماء بالمجان"، مضيفا أن "إنتاجية الموظف لا تزيد على ساعة عمل يوميا"، ومحمّلا مسؤولية فشل وعجز الدولة إلى المواطنين.
وتابع الهجوم قائلا أن فواتير ونفقات البنزين والماء والكهرباء ما بين استهلاك ونقل تتكلف سنويا ملايين الدينارات وتتحملها الدولة وحدها، مضيفا "نحن مجتمع اتكالي لا يعمل ولا ينتج".
وعقب هذه التصريحات، اجتاحت موجة غضب مواقع التواصل الاجتماعي وتعرّض الدبيبة لعدّة انتقادات، حيث استنكر المرشح الرئاسي سليمان البيوضي هجوم الدبيبة على المواطن الليبي في تصريحاته. وقال في تدوينة عبر صفحته على فيسبوك، إنّ "ظهور الدبيبة في حالة عصبية خارجا فيها عن طوره ليهين كل ليبية وليبي متمننا عليهم بأنهم ياكلون مجانا يؤكد أن الرجل دخل في هوس التريندات، وأنه لم يعد يتحمل النقد أو الاعتراض عليه"، معتبرا أن "هذه الحالة النفسية ستدفعه لإحراق كل شيء مقابل الاستمرار".
وأضاف البيوضي أنه بدل أن يدافع رئيس الحكومة على الفقراء والمكلومين، أصبح يستقوي عليهم بموارد الدولة وثرواتها، مشيرا إلى أنه يجب أن يعيش الواقع حيث الأوضاع الاجتماعية تقترب من الانفجار.
وتداولت وسائل إعلام تصريحات محمد بعيو رئيس المؤسسة الليبية للإعلام التي انتقد فيها تصريحات الدبيبة:
واعتبر نشطاء أن هجوم الدبيبة على الليبيين هو ردة فعل على رفضهم قراره رفع الدعم عن المحروقات، بينما استعرض آخرون نفقات الحكومة لعام 2023 وتقارير ديوان المحاسبة عن فسادها.
وجاء في تعليق:
وخلال كلمة الدبيبة، قال أن حكومته ستطرح قضية رفع الدعم عن الوقود على استفتاء عام، لاستطلاع رأي الليبيين تجاه هذه المسألة، وأضاف أنه على استعداد لاستقبال آراء الجميع بخصوص هذا الأمر "وباب النقاش مفتوح بخصوص الطريقة التي يجب بها منع إهدار الموارد وقطع الطريق على المهربين.
وتابع إن الحكومة ستعطي للمواطن ثمن البنزين، سواء كان مبلغا ماليا أو كوبونا، حتى لا يستفيد المهربون من مدخرات الليبيين.، لكنه استطرد قائلا أنه "لا يعقل أن نصرف 60 مليار دينار ليبي، أي قرابة 15 مليار دولار على الدعم، وتذهب إلى خارج الحدود ووراء البحار.
ولم تخلو التعليقات على كلمة الدبيبة من السخرية:
وكان رئيس الحكومة في طرابلس كلف لجنة للتواصل مع المواطنين لاستطلاع آرائهم بشأن رفع الدعم عن الوقود، وكيفية إيصال هذا الدعم للمواطنين. بينما الحكومة الليبية المكلفة من مجلس النواب في شرق ليبيا، اعتبرت أنها غير معنية برفع الدعم عن الوقود في الوقت الحالي، في ظل أزمات اقتصادية يعيشها المواطنون.
وتراجع الدبيبة الأسبوع الماضي عن قرار رفع الدعم عن المحروقات، بعد تعرّضه لانتقادات وتحت ضغط الغضب الشعبي، وقال إنه لا يزال قيد الدراسة ومشروط بموافقة المواطنين. وقال إن إقرار رفع الدعم مشروط بقبول الناس به وبذهاب مردوده المالي إلى جيوب المواطنين، مشيرا إلى أن النقاشات بشأن رفع الدعم لا تزال مستمرة حتى الوصول إلى صيغة تضمن حق المواطن بعيدا عن مصالح المهربين.
ومن جانبها، أعلنت لجنة دراسة بدائل المحروقات أن مجلس الوزراء لم يتخذ أي قرار بشأن رفع الدعم عن المحروقات، وأن الموضوع مازال قيد الدراسة، مشيرة إلى أنه سيتم إشراك جميع الليبيين في اتخاذه.
وجاء التراجع عن القرار، بعد موجة غضب واسعة وصلت إلى حدّ الخروج إلى الشارع والقيام بوقفات احتجاجية للتنديد بهذه الخطوة وانعكاساتها على الأوضاع الاقتصادية والمعيشية للمواطنين والمطالبة بإسقاط الحكومة، عقب تصريح أكدّ فيه الدبيبة، أنّ "قرار الدعم تم اتخاذه ولا رجعة فيه"، وبرّر ذلك بأن الاستمرار في هذا الوضع يرهق الموازنة العامة خاصة بعد أن وصلت قيمة الدعم إلى 50 بالمئة.
ومنذ سقوط نظام الرئيس الأسبق معمر القذافي، في 2011، تشهد ليبيا نزاعات وانقسامات وتدير شؤونها حكومتان متنافستان، الأولى في طرابلس، برئاسة الدبيبة تعترف بها الأمم المتحدة، والثانية في الشرق وتحظى بدعم الجنرال البارز، خليفة حفتر.وتعطل إنتاج النفط الليبي مرارا خلال أكثر من 10 سنوات من الفوضى أعقبت الانتفاضة على القذافي.
تعليقات الزوار
لا تعليقات