شهدت مصر، على مدار الأيام الماضية، حملات تدوين تطالب بطرد اللاجئين من مصر.
وتصدرت وسوم تطالب بطرد اللاجئين ومقاطعتهم قائمة الأعلى تداولاً في مصر، بينها “مقاطعة محلات السوريين”، و”ضد توطين اللاجئين في مصر”، و”كفاية لاجئين في مصر”.
وتزايدت وتيرة الحملة عقب دعوة الحكومة المصرية أكثر من 9 ملايين مهاجر ولاجئ إلى تسجيل مكان إقامتهم، ضمن إجراءات بدأتها في تدقيق أعداد اللاجئين لديها وتكلفة ما تتحمله الدولة من خدمات لرعايتهم، تعد الأولى من نوعها منذ سنوات.
وكشف تحليل مشترك أجرته منصّتا “متصدقش”، و”مجتمع التحقق العربي”، المتخصصتان في تصحيح الأخبار والمعلومات المنشورة على شبكة الإنترنت أن حسابات مؤيدة للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي هي من يقف وراء هذه الحملة.
وبحسب التحليل، فإن الحملة شارك فيها 45 ألف حساب على موقع “إكس”، بمعدل تدوين يومي وصل لـ 2500 تدوينة.
وتناول التحليل عدداً من الحسابات التي أسست للحملة وطالبت بترحيل اللاجئين، وأكد أنهم من مؤيدي السيسي، وبعضهم أعضاء في صحفة على الفيسبوك تحمل اسم “التحالف المصري لإعلام السوشيال ميديا”، تحفل بتدوينات تهاجم المعارضين. وسبق لها أن دشنت وسماً ضد إطلاق سراح علاء عبد الفتاح، بالتزامن مع عقد قمة المناخ التي استضافتها مدينة شرم الشيخ في جنوب سيناء، العام الماضي، وهي القمة التي شهدت فاعليات كبيرة تطالب بإطلاق سراح الناشط المصري، وأحد أبرز وجوه ثورة الخامس والعشرين من يناير/ كانون الثاني 2011، علاء عبد الفتاح.
كما لفت التحليل إلى مشاركة صفحات على الفيسبوك تدعو لـ “القومية المصرية في مواجهة الانتماء العربي” في الحملة.
وكثيراً ما لمح السيسي إلى استضافة مصر لملايين اللاجئين، في إطار حديثه عن الأزمة الاقتصادية التي تشهدها مصر، وأدت إلى انخفاض قيمة العملة المحلية، وارتفاع الدين الخارجي إلى مستوى غير مسبوق، وموجات متتالية من ارتفاع أسعار السلع خاصة الغذائية.
كما برر مسؤولون عدداً من الأزمات تتعلق بالأسعار بأعداد اللاجئين، وكان آخرها تصريحات لرئيس شركة الدلتا للسكر في مصر، أحمد أبو اليزيد، يقول فيها إن “استضافة مصر لعدد من اللاجئين، بعد أزمة السودان الأخيرة، أدى لزيادة الضغط على السكر وارتفاع أسعاره”.
وكان أبو اليزيد قد صرح، بعد قرار الحكومة بوقف تصدير السكر لمدة 3 أشهر، إثر ارتفاع أسعاره واختفائه من السوق، قائلاً: “السكر يدخل في الكثير من الصناعات المختلفة، وأزمة السودان أثّرت سلباً على إنتاج السكر بكميات تغطي حاجة السوق محلياً”.
وكان بيان لمجلس الوزراء المصري قال إن “الحكومة بدأت بتدقيق أعداد اللاجئين وتكلفة ما تتحمله الدولة من خدمات لرعايتهم”، دون تحديد إطار زمني لإعلان النتائج.
وأهابت وزارة الداخلية المصرية بكل المتواجدين على أرض مصر بالبدء في اتخاذ إجراءات إثبات الإقامة الخاصة بهم، وذلك اعتباراً من أول يناير/ كانون الثاني الجاري.
ويعد هذا الإجراء الأول من نوعه الذي تتخذه الحكومة المصرية منذ سنوات، لا سيّما مع تصاعد توافد اللاجئين إلى مصر، واندلاع أزمات سياسية ومواجهات مسلحة في بلدان عربية، بينها سوريا واليمن، ومؤخراً السودان.
وبيّن رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي أن هذه الخطوة تستهدف متابعة ما تتحمله الدولة المصرية من مساهمات نظير رعاية ضيوفها اللاجئين من مختلف الجنسيات، الذين تصل أعدادهم، طبقاً لبعض التقديرات الدولية، إلى أكثر من 9 ملايين ضيف.
وأكد مدبولي على “أهمية تدقيق تلك الأعداد، وحصر ما تتحمله الدولة مقابل ما يتم تقديمه من خدمات في مختلف القطاعات لضيوف مصر، الذين يحصلون عليها على أفضل وجه مثلهم مثل المصريين”.
وقال المستشار محمد الحمصاني، المتحدث باسم مجلس الوزراء المصري، إن “حصر أعداد المهاجرين واللاجئين في مصر، هدفه تسهيل عملية التعاون مع الجهات المانحة والشركاء الدوليين”.
وأضاف، في تصريحات متلفزة، إن هناك نحو 9 ملايين مهاجر ولاجئ يعيشون في مصر من نحو 133 دولة، يمثلون 8.7 في المئة من حجم سكان البلاد، وأن نسبة الذكور تبلغ 50.4 في المئة، بينما تبلغ نسبة الإناث 49.6 في المئة، بمتوسط عمري يصل إلى 35 سنة.
وبيّن أن 56 في المئة منهم يقيمون في 5 محافظات، هي القاهرة، والجيزة، والإسكندرية، والدقهلية، ودمياط. وأن 60 في المئة من المهاجرين يعيشون في مصر منذ حوالي 10 سنوات، و6 في المئة يعيشون باندماج داخل المجتمع المصري منذ نحو 15 عامًا أو أكثر، و37 في المئة منهم يعملون في وظائف ثابتة وشركات مستقرة.
واكد أن قرار حصر تلك الأعداد من خلال وزارة الداخلية بهدف تقنين الأوضاع وإصدار بطاقات هوية للضيوف يمكن استخدامها مع كل الجهات في الدولة، متوقعاً أن يكون حصر الأعداد بشكل مبدئي خلال أسبوعين مقبلين.
ولفت إلى أن أعداداً قليلة حصلت على تصاريح العمل بصورة رسمية، وإلى أنه يجري إجراء رصد لتمركزات وأعداد اللاجئين في مختلف المحافظات، وفرص العمل التي يعملون بها، وما يتمتعون به من خدمات.
وتابع: “بداية من الشهر الجاري، سيقوم كل مقيم من الأجانب بإصدار بطاقة هوية خاصة بهم لدى وزارة الداخلية. ضيوف مصر يحصلون على الخدمات الوطنية في قطاعي التعليم والصحة، بالمساواة مع المصريين، برغم من التحديات التي يواجهها هذان القطاعان والتكاليف الاقتصادية الباهظة”.
الدكتور عصام شيحة، عضو المجلس القومي لحقوق الإنسان، ورئيس المنظمة المصرية لحقوق الإنسان، قال إن الدولة المصرية من الدول العريقة في التعامل مع اللاجئين، وإنها استقبلت عبر تاريخها عدداً كبيراً من لاجئي العالم، حيث استقبلت أسرة القيصر من روسيا، واستقبلت لاجئين من أغلب قادة التحرر في إفريقيا.
وقال، في تصريحات متلفزة، إن مصر استقبلت، لأول مرة، أكبر رقم في تاريخها من اللاجئين والمهاجرين والمتسربين، مشددًا على أن مصر تعامل اللاجئين مثل المواطنين المصريين.
وذكر أن “عدد من تقدم بأوراقه إلى مفوضية شئون اللاجئين في مصر حوالي 472 ألفاً، من إجمالي 9 مليون لاجئ تتحمّلهم الموازنة المصرية، وللأسف مصر لا تتلقى دعماً مناسباً لهذا العدد”.
وفي يونيو/ حزيران الماضي، أقرّت الحكومة المصرية مشروع قانون لجوء الأجانب، والذي يهدف لإجراء حصر رسمي لأول مرة لأعداد اللاجئين في مصر لتوثيق أوضاعهم خلال عام من إقرار اللائحة التنفيذية للقانون. ويرى نواب، أهمية هذا القانون في إعداد قاعدة بيانات معلوماتية دقيقة عن أعداد اللاجئين في مصر وجنسياتهم وسبب اللجوء، بما يسهم في تقديم الدعم والمساندة للمستحقين، وفي الوقت نفسه سداد مستحقات الدولة عن الخدمات والموارد التي تقدم لهم.
وفي أغسطس/آب 2022 من العام الماضي، قدّرت المنظمة الدولية للهجرة، أعداد المهاجرين الدوليين الذين يعيشون في مصر بـ9 ملايين شخص من 133 دولة، يتصدّرهم السودانيون، والسوريون، ثم اليمنيون والليبيون.
تعليقات الزوار
لا تعليقات