قال الكاتب الإسرائيلي عاموس هاريل في تحليل مطول نشرته صحيفة هآرتس العبرية، إن المكاسب العسكرية في غزة التي تعلن عنها الحكومة لن تؤدي إلى تغييرات إستراتيجية، مشيرا إلى أن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو لا يفعل سوى العمل على انقاذ نفسه ومستقبله السياسي.
وتابع أن إسرائيل من الممكن أن تواجه حرب استنزاف إضافة إلى محاولات نتنياهو لتقويض الديمقراطية، مضيفا أن المأزق الاستراتيجي ليس فقط مع حركة حماس وحزب الله وإنما هو أيضا مع الرأي العام الإسرائيلي.
وقال "من الواضح حتى الآن أن نتنياهو لا ينوي التخلي عن السلطة بمحض إرادته، مما يعني أن إسرائيل قد تواجه حربا طويلة بوجود رئيس وزراء لا يحظى بالشعبية ويتمسك بالسلطة ويواصل جهوده لسن تشريعات مناهضة للديمقراطية".
وأشار إلى أن إسرائيل تجد نفسها بالفعل في مواجهة مأزق استراتيجي منذ اندلاع الحرب عقب هجوم حماس في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، موضحا أن تكلفة الحرب بلغت حتى الآن 18 مليار دولار.
كما أدى ذلك إلى عودة صراعات إسرائيل مع الفلسطينيين وحزب الله اللبناني، إلى الساحة الإقليمية.
وبحسب عاموس فإن الجيش الإسرائيلي يحاول الاعتماد على انجاز تراكمي وتدريجي لكنه بطيء من خلال تفجير المزيد من أنفاق حماس والبنى التحتية للحركة الإسلامية الفلسطينية في محاولة للقضاء على قدراتها العسكرية.
لكنه أوضح أنه ضمن هذه المعادلة فإن للرأي العام الإسرائيلي ثقل وأهمية حيث يتأثر شق من الإسرائيليين سلبا بتزايد الخسائر الإسرائيلية ويشعر كذلك بأن الانجازات أقل مما يفترض أن تكون.
وأشار كذلك إلى أن ما عملت عليه إسرائيل خلال السنوات الماضية في الجانب الأمني بما جعل غالبية الإسرائيليين يمارسون حياتهم بشكل عادي بشعور محدود بالمخاطر، لم يعد موجودا مع تصاعد المخاطر الأمنية.
وهزت عملية طوفان الأقصى التي نفذتها حماس فجر السابع من أكتوبر/تشرين الأول إسرائيل وأصابت الجيش الإسرائيلي الذي يتفاخر بأنه أقوى جيوش الشرق الأوسط، في مقتل وقوضت كذلك مقولة الأمن التي تتباهى بها الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة.
وقال عاموس هاريل "في هذه المرحلة، ليس من الواضح بعد ما إذا كان من الممكن الخروج من الفخ وكيف. من الممكن أن ينشأ وضع شبه دائم يتم فيه شن حرب استنزاف طويلة الأمد على طول حدودين على الأقل. ولا يزال الخطر قائما في أن تلتهب الجبهة اللبنانية، الأكثر تهديدا ونشهد حربا قد تتسع بمواجهة إيران والجماعات التي تديرها، وأبرزها حزب الله".
وحذر من أن الهجوم الذي نفذته حماس يشكل مصدر الهام لمنظمات أخرى في المنطقة تتمنى أن تدخل في تحالفات وتكتل لهزيمة إسرائيل.
'حلقة النار' ورؤية قاسم سليماني
وكان هاريل يشير على ما يبدو إلى هجمات الحوثيين على السفن في البحر الأحمر ومحاولتهم استهداف إسرائيل بالمسيرات والصواريخ وإلى الهجمات التي تنفذها الميليشيات الموالية لإيران في العراق وسوريا ولبنان.
ولفت المحلل الإسرائيلي إلى أن الرؤية التي عبر عنها قائد فيلق القدس الإيراني الجنرال قاسم سليماني الذي قامت واشنطن بتصفيته فجر الثالث من يناير/كانون الثاني 2020 والتي تحدث فيها عن "حلقة النار" التي ستطوق إسرائيل، "بدأت تتحقق عبر الجماعات الموالية لإيران حتى لو كان الخطر الكامن الذي تشكله لا يزال محدودا".
وقال "على الرغم من أن طهران وحزب الله لم يغرقا في الحرب، كما كان يأمل قادة حماس في قطاع غزة في أعقاب الهجوم المفاجئ على إسرائيل، إلا أنهم يشاركون في الجهود ويقيدون أعدادا كبيرة من الجنود الإسرائيليين في الشمال".
وكانت إيران قد نفت أي دور لها في هجوم حماس لكنها باركته وقالت إنها لا ترغب في توسع نطاق الحرب، بينما لم يتدخل حزب الله بشكل مباشر في الحرب واكتفى برد محدود على هجمات إسرائيل على مواقع في جنوب لبنان رغم أنه تكبد خسائر كبيرة مع مقتل أكثر من 100 من عناصره.
وبحسب عاموس هاريل، فإن إسرائيل أنفقت أموالا طائلة لاقتناء معدات عسكرية جديدة وعلى تعزيز الخدمات اللوجستية. واضافة إلى ذلك نكلفها هذه الحرب نفاقات إضافية ضخمة بما يشمل علاج الجرحى من الجيش والتكفل بعائلات القتلى من الجنود والضباط ومساعدة الجبهة الداخلية.
وقال إن تكاليف شراء معدات جديدة مرتفعة جدا، مقدرا أنها بلغت أكثر من 5.5 مليارات دولار في الداخل و5 مليارات دولار في الخارج، بينما لا يقف الأمر عند هذا الحد في ظل صعوبات مالية واقتصادية متراكمة.
المحلل الإسرائيلي أشار كذلك إلى أن إسرائيل تواجه صعوبات أخرى على مستوى الحصول على تمويلات أميركية وعلى أسلحة وذخائر وأنها لا تزال تنتظر حزمة مساعدات أميركية بينما تواجه إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن صعوبة في تمريرها بسبب الخلافات بين الديمقراطيين والجمهوريين في الكونغرس حول قضية داخلية تتعلق بتمويلات لتعزيز الحدود بين الولايات المتحدة والمكسيك.
وتحدث المحلل الإسرائيلي عن زعيم حماس يحيى السنوار، مشيرا إلى أنه منذ اطلاق سراحه قبل 12 عاما في إطار صفقة تبادل أسرى فلسطينيين بالجندي جلعاد شاليط، لم يقض تلك السنوات في "إنشاء إنشاء فرق أوركسترا شبابية في جباليا ومراكز التنس في خان يونس".
وقال إنه "تم تخصيص كل شيكل متاح للحشد العسكري والاستعداد للحرب ضد إسرائيل. كما أن المليارات التي ضختها قطر إلى غزة استُخدمت في الغالب لهذا الغرض أو على الأقل أتاحت الموارد لحماس لإنشاء قوتها العسكرية"، مضيفا أن "المخابرات الإسرائيلية لم تلحظ الخطر الكبير الذي يشكله السنوار".
تعليقات الزوار
لا تعليقات