ما الذي يحصل في محور فيلادفيا الفاصل بين مصر وغزة؟.. سؤال تكرر بعد التوغل الإسرائيلي الأخير في المنطقة وتهديد الاحتلال لمصر وطلبه سحب قواتها من هناك وسط إشارات استفهام عن موقف الجيش المصري من العملية العسكرية الإسرائيلية التي تحدثت عنها تقارير عبرية.
وأبلغ الاحتلال الإسرائيلي الجنود المصريين بإخلاء الحدود ووجه إهانة لسلطات السيسي بأنه “غير مسؤول عن سلامة أي جندي مصري خلال محاولته احتلال الحدود معها، وأن العملية ستحصل سواء قبلت مصر أو رفضت”.
وبين معبر كرم أبو سالم إلى رفح ومحور فيلادلفيا أدخل جيش الاحتلال العديد من القوات إلى المنطقة، وأجرى مناورة قصيرة، حيث أطلقت المقاومة النار على القوات الإسرائيلية وفق موقع “واللا” العبري.
لكن الهيئة العامة للمعابر والحدود بغزة نفت في بيان رسمي أن يكون هناك أي عملية عسكرية للاحتلال في محور الحدود الفلسطينية المصرية وبالتحديد في ممر فيلادلفيا أو صلاح الدين.
وكشف رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو خلال حديثه عن “خطته لمستقبل غزة” بعد الحرب في 10 ديسمبر/كانون الأول 2023 عن نيته “السيطرة على محور فيلادلفيا الفاصل بين غزة والحدود المصرية”.
وبعد 5 أيام كرر نتنياهو ذلك في تصريحات أخرى تلك التصريحات رغم تحذيرات مصر من تنفيذ أي عمليات أو أنشطة عسكرية في هذه المنطقة العازلة.
وتدور تساؤلات عن سبب سعي الاحتلال الإسرائيلي للسيطرة على هذه المنطقة الحدودية بين أراضٍ مصرية وفلسطينية٬ ومتى تم إنشاؤها؟
كل ما تريد معرفته عن محور فيلادلفيا
المحور المذكور هو عبارة عن شريط حدودي ضيق داخل أراضي غزة، يمتد بطول 14 كم على طول الحدود بين القطاع الفلسطيني والأراضي المصرية من معبر كرم أبو سالم وحتى البحر المتوسط.
وعام 1979 تم الاتفاق بين مصر والاحتلال الإسرائيلي في معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية على اعتبار هذا المحور منطقة عازلة.
وكان المحور يخضع لسيطرة وحراسة “الاحتلال الإسرائيلي” قبل أن تنسحب إسرائيل من قطاع غزة في عام 2005.
ووقع الاحتلال الإسرائيلي مع مصر بروتوكول “فيلادلفيا” الذي سمح للقاهرة بنشر مئات الجنود لتأمين هذه المنطقة.
والقوات المصرية الموجودة بموجب المعاهدة على الحدود الفاصلة مع قطاع غزة تتألف من نحو 750 جندياً “متخصصين في مكافحة الإرهاب والتسلل عبر الحدود والتهريب”.
والهدف من تلك القوة الشرطية خفيفة التسليح “مكافحة الإرهاب والتسلل عبر الحدود” و”منع تهريب المواد غير المشروعة” (وضمن ذلك الأسلحة والذخائر للمقاومة في غزة).
محور صلاح الدين ما بعد حماس
وبعد سيطرة المقاومة الفلسطينية على الحكم في غزة عام 2007 بات المحور خاضعاً لها من الجانب الفلسطيني وهو وضع يسعى رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي لتغييره.
ويسعى نتنياهو بعد حرب غزة 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، للسيطرة على جميع المعابر البرية الخاصة بقطاع غزة.
وكان الفلسطينيون يستفيدون من محور فيلادفيا عبر حفر أنفاق لإدخال الطعام والشراب والسلع الغذائية خلال سنوات الحصار الجائر، وكذلك تهريب السلاح بمساعدة من بعض المصريين على الطرف الآخر.
وظلت الأنفاق لسنوات، من أهم طرق دخول السلع إلى القطاع وفي كانون الأول/يناير 2008، ومع اشتداد الحصار على سكان قطاع غزة من قبل الاحتلال قام عدد من المسلحين الفلسطينيين بتدمير أجزاء من الجدار الحدودي مع الشريط الحدودي بالقرب من مدينة رفح.
وعلى أثر هذا تدفق الآلاف من سكان قطاع غزة إلى الأراضي المصرية؛ للبحث عن الطعام والمؤن.
ومنذ ذلك الحين تفكر قوات الاحتلال الإسرائيلي باحتلال منطقة محور فيلادلفيا؛ “من أجل السيطرة على كافة حدود القطاع ومنع حماس من إعادة التسلح”.
السيسي وتنفيذ أجندة الاحتلال
وبعد انقلاب الجيش المصري على الرئيس المدني المنتخب محمد مرسي في عام 2013، قرر رئيس الانقلاب عبد الفتاح السيسي إزالة المنطقة السكنية لاتباع أجندة الاحتلال وممارسة مزيد من التضييق على أبناء قطاع غزة.
ونفذ الجيش المصري آنذاك حملة كبيرة لحفر قناة عرضية من ساحل البحر شمالاً حتى معبر رفح جنوباً؛ للتأكد من قطع الإمداد عن الأنفاق وتدميرها كلياً قبل بناء جار فولاذي لإحكام القبضة الأمنية الاستبدادية أكثر على تلك المنطقة.
ولتأكيد ذلك قامت سلطات السيسي بتهجير سكان منطقة رفح المصرية بالكامل وإفراغها من أي سكان مع رفض أي مطالبات بإعادتهم إلى أحيائهم السابقة.
وعن ما حصل أخيراً في محور فيلادفيا لم يكن الموقف المصري سوى خطاباً كلامياً يعبر عن الرفض (شكلياً) لتحركات جيش الاحتلال من خلال لقاء وفد إسرائيلي والتأكيد له برفض نشر قوات مشتركة مع إسرائيل.
ووقف نظام عبدالفتاح السيسي متفرجاً كالعادة على القصف الإسرائيلي المتكرر لمحور فيلادلفيا. وذكرت السلطات المصرية أن إسرائيل قامت بهذه الخطوة دون الرجوع إليها والتنسيق معها في تصريحات لا تقدم أي منع حقيقي للاحتلال باستمرار انتهاك السيادة المصرية.
تعليقات الزوار
لا تعليقات