تتواصل عملية الاقتراع في أول أيام انتخابات رئاسية مصرية يخوضها أربعة مرشحين، أبرزهم الرئيس الحالي عبد الفتاح السيسي، في ظل إقبال كثيف من الناخبين، رغم إعلان أحزاب من المعارضة مقاطعتها احتجاجا على ما تقول "عدم توافر شروط نزاهتها".
وتوجه المصريون إلى صناديق الاقتراع الأحد، للإدلاء بأصواتهم في الانتخابات الرئاسية التي من المتوقع أن يفوز فيها الرئيس السيسي بولاية ثالثة في الوقت الذي تواجه فيه البلاد أزمة اقتصادية وحربا على حدودها مع غزة.
وبدء الاقتراع في محافظات البلاد الـ27، داخل 11 ألفا و631 لجنة اقتراع، في 9 آلاف و376 مقرا انتخابيا رئيسيا، وسط إشراف قضائي وتأمين أمني كبير.
وحثت السلطات والمعلقون في وسائل الإعلام المحلية، المصريين على الإدلاء بأصواتهم، على الرغم من أن بعض الناس قالوا إن التصويت لن يحدث فارقا يذكر.
ويحق التصويت لنحو 67 مليون ناخب، ويستمر الاقتراع على مدى ثلاثة أيام من التاسعة صباحا بالتوقيت المحلي وحتى التاسعة مساء، وفي مؤتمر صحفي، قال مدير الجهاز التنفيذي للهيئة الوطنية للانتخابات أحمد بنداري، إن "غرفة عمليات الانتخابات رصدت كثافة إقبال المواطنين على لجان الاقتراع منذ الساعة الأولى للتصويت".
وأفاد بنداري، أن "كافة مراكز الاقتراع واللجان الفرعية للانتخابات انتظمت في العمل باستقبال الناخبين"، بحسب الوكالة.
وأدلى المرشحون الأربعة بأصواتهم وهم الرئيس السيسي، وفريد زهران رئيس الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي الذي يمثل تيار يسار الوسط، وعبد السند يمامة رئيس حزب الوفد الليبرالي، وحازم عمر رئيس حزب الشعب الجمهوري.
وقال المرشح حازم عمر، عقب التصويت "رسالتي للمصريين لكل من يؤيدني وكل من يعارضني هي، المشاركة بقوة في الانتخابات وآمل أن يولي الله مَن يصلح".
وتُنظّم الانتخابات "تحت إشراف قضائي كامل يتولاه 15 ألف قاض، فضلا عن مشاركة 14 منظمة دولية في أعمال متابعة الانتخابات، بإجمالي 220 متابعا إلى جانب 62 منظمة مجتمع مدني محلية بإجمالي 22 ألفا و340 متابعا"، وفق الوكالة.
وحددت هيئة الانتخابات الأحد والاثنين والثلاثاء للتصويت داخل البلاد، وذلك بعد انتهاء التصويت في الخارج في أيام 1 و2 و3 ديسمبر/ كانون الأول الجاري، في 137 مقرا تابعا للبعثات الدبلوماسية للبلاد في 121 دولة.
وتُعلن النتائج النهائية لانتخابات الخارج مع إعلان نتائج تصويت الداخل في 18 ديسمبر الجاري.
ويتولى الرئيس السيسي السلطة منذ 2014، إذ حكم في ولاية أولى بين 2014 و2018، ثم في الثانية بين 2018 و2024، عندما زادت مدة الولاية الرئاسية بتعديل دستوري من 4 إلى 6 سنوات.
ووفقا للمادة 140 المعدلة عام 2019 من الدستور، "لا يجوز أن يتولى الرئيس المنتخب الرئاسة لأكثر من مدتين رئاسيتين متتاليتين"، ما يسمح للسيسي بتولي المنصب في حال فوزه حتى عام 2030.
وقال أشرف صبحي وزير الشباب والرياضة، إن الانتخابات الرئاسية 2024 استحقاق مهم، مشددًا على أهمية وجود رؤية واضحة وقرار حاسم من المواطنين في تحديد شكل المستقبل، من خلال الإدلاء بصوتهم.
وأضاف خلال مداخلة هاتفية لقناة "إم.بي.سي مصر2"، "أهنئ الشباب والشعب المصري على الوصول إلى هذا الشكل من الديمقراطية والاستحقاق الدستوري".
وأوضح أن "مصر مرت بتحديات كبيرة منذ عام 2011، الذي شهد تغيرات كبيرة وسريعة مرت بها المنطقة كلها"، قائلًا إن "الأحداث الجارية أسرع من خيالنا".
ولفت إلى أن "مصر تمر بفترة بناء وتحدٍ ومواجهة تغيرات مستقبلية كثيرة"، موضحًا أن "الوزارة تعمل بشكل منظم على التوعية بالتحديات المستقبلية والمرتبطة بحروب الجيل الرابع والخامس".
ويأتي الإقبال على الانتخابات مخالفا لتوقعات العديد من التقارير الإخبارية ودعوات المعارضة التي ذكرت أنها لا تثير حماسة المصريين بعد أن ألقت الحرب بين إسرائيل حماس، في قطاع غزة المجاور، ظلالها على الحملة الانتخابية التي أجريت في تشرين الثاني/نوفمبر.
وحاولت البرامج التلفزيونية المسائية في القنوات المحلية المقربة من أجهزة المخابرات المصرية، الربط بين الانتخابات والحرب في غزة.
وقال مقدم البرامج على قناة صدى البلد أحمد موسى "هناك مليونان (في غزة) يريدون الدخول عندنا... لا يمكن أن نكتفي بالمشاهدة... يجب أن نخرج (للمشاركة في الانتخابات) ونقول لا للتهجير".
وحاول وجهان من المعارضة خوض غمار الانتخابات دون جدوى. ويقبع أحدهما وهو الناشر الليبرالي هشام قاسم في السجن حاليا. أما الآخر وهو النائب السابق المعارض أحمد الطنطاوي، فبدأت محاكمته بتهمة "تداول أوراق تخص الانتخابات بدون إذن السلطات".
وقال الناشط السياسي الصحافي خالد داوود إن الانتخابات تأتي "في ظل جو خانق وقمع للحريات والسيطرة التامة (من قبل السلطات) على الإعلام الرسمي والخاص وإصرار الأجهزة الأمنية على منع المعارضة من العمل في الشارع".
وأضاف "لسنا واهمين أن الانتخابات تجري في ظروف مثالية أو تلبّي الضمانات التي طالبنا بها لكي تتمتع بالمصداقية والنزاهة". غير أنه أكد أنه سيشارك ويعطي صوته لفريد زهران "لتصل رسالة واضحة وصريحة للنظام الحالي، أننا نطمح إلى التغيير ونتمسك به، وبعد عشر سنوات من إدارته للبلاد أصبحنا في وضع شديد الصعوبة وتدهورت الأوضاع المعيشية للمصريين ونواجه خطر الإفلاس بسبب سياسات النظام الحالي".
وفي هذا السياق تتجه الأنظار إلى نسبة المشاركة التي بلغت 41.5 بالمئة في 2018، أقل بست نقاط عن الانتخابات السابقة. ويرى مصريون مؤيدون للرئيس المصري، أن السيسي هو مهندس عودة الهدوء إلى البلاد بعد الفوضى التي أعقبت ثورة العام 2011 وإسقاط حسني مبارك.
ومنذ بداية 2014، وعد السيسي بإعادة الاستقرار بما في ذلك اقتصاديا. وأطلق في العام 2016، برنامجا طموحا للاصلاحات المالية والاقتصادية شمل تحرير سعر صرف العملة المحلية وخفض دعم السلع الأساسية الذي تمنحه الدولة لبعض الفئات المحدودة الدخل.
وأدى ذلك إلى ارتفاع الأسعار وتصاعد الغصب الشعبي. وتضاعف الدين الخارجي لمصر ثلاث مرات خلال السنوات الأخيرة، ولم تدرّ المشروعات الكبرى التي تنفذها الدولة ويسند تنفيذها غالبا إلى الجيش، العوائد المتوقعة منها. ويشير الباحث يزيد صايغ إلى أن "السيسي لا يمكنه فرض أي تغيير على الجيش وإلا أصبح مهددا بفقدان منصبه".
تعليقات الزوار
لا تعليقات