طلب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين من أندريه تروشيف الذي كان مساعدا سابقا لقائد مجموعة فاغنر المسلحة يفغيني بريغوجين تدريب متطوعين للقتال في أوكرانيا، في خطوة تعني تأكيد سيطرة الكرملين على مجموعة المرتزقة التي تنشط في المناطق الساخنة من العالم لمصلحة روسيا.
وكان تروشيف قد انضم للعمل في إطار وزارة الدفاع عقب التمرد المسلح الفاشل الذي قامت به فاغنر في يونيو/حزيران بقيادة رئيسها يفغيني بريغوجين الذي قُتل في حادث تحطم طائرة في أغسطس/آب، ويشير اختياره إلى أن وزارة الدفاع ستشرف مباشرة على هذه المجموعة وعملياتها الحساسة في أنحاء العالم.
وجاء في بيان صادر عن الكرملين الجمعة إن بوتين قال متوجهاً إلى أندريه تروشيف "خلال الاجتماع الأخير طرحنا فكرة انخراطك في تدريب وحدات متطوعين قادرة على شن مهمات قتالية مختلفة في منطقة العملية العسكرية الخاصة" في أوكرانيا.
ويُظهر طلب فلاديمير بوتين، الذي تم بحضور نائب وزير الدفاع يونس بك إيفكوروف، الاتجاه المتنامي لدمج قدامى محاربي فاغنر في الجيش الروسي.
وأدى تمرد فاغنر يومي 23 و24 يونيو حزيران الماضي إلى إلقاء ظلال من الشك حول مصير شبكتها الواسعة التي تمارس أنشطة متنوعة من العمليات العسكرية والتجارية في أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا. لكن مقتل قائد فاغنر يفغيني بريغوجين في نهاية آب/أغسطس بحادث تحطم طائرته خلال رحلة بين موسكو وسانت بطرسبرغ مع الكثير من عناصر حرسه الشخصي، شكل نهاية مجموعة فاغنر في شكلها المعروف حتى تلك الفترة.
وقامت موسكو منذ ذلك الوقت بترتيبات جديدة بين وزارة الدفاع الروسية وقوات الشركة العسكرية الخاصة المنتشرة في جميع أنحاء العالم وفي الشرق الأوسط، حتى لا تتأثر عمليات الانتشار الروسية بالتمرد أولا ثم مقتل بريغوجين، وقد أمر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مقاتلي المجموعة بالتوقيع على قسم الولاء للدولة الروسية.
ودفعت الأزمة السيطرة العملياتية العسكرية باتجاه وزارة الدفاع، وظهر هذا جليا من خلال الزيارات التي قام بها نائب وزير الدفاع الروسي يونس بك يفكوروف، لأماكن عديدة تتمركز فيها جماعة فاغنر وخصوصا أفريقيا.
ويرى فلاديمير بوتين، أنّ تروشيف، الملقب بـ"سيدوي" (الأشيب بالروسية)، والذي كان مقرّباً جدًا من بريغوجين في مجموعة فاغنر، يتمتّع بالخبرة اللازمة لتنفيذ مثل هذه المهمة، بعد ثلاثة أشهر على التمرّد الفاشل الذي قاده بريغوجين.
وتروشيف كولونيل متقاعد، من قدامى المحاربين وحصل على أوسمة رفيعة لمشاركته في حروب روسيا في أفغانستان والشيشان. وغالباً ما يوصف بكونه أحد مؤسسي فاغنر ويخضع لعقوبات أوروبية "لمشاركته بشكل مباشر في عمليات المجموعة العسكرية في سوريا"، وفقا لوثيقة للاتحاد الأوروبي صادرة في نهاية العام 2021.
وقال الرئيس الروسي للكولونيل السابق "أنت تعرف المسائل التي يجب حلها مسبقًا حتى تتم الأعمال القتالية بأفضل طريقة وبأكبر قدر ممكن من النجاح". كذلك، أشاد بكون تروشيف "يحافظ على علاقات (جيدة) مع رفاق السلاح".
وانتشرت فاغنر في أوكرانيا بعد وقت قصير من بدء الغزو الروسي الشامل في فبراير 2022، وقد جندت آلاف السجناء للقتال في صفوفها على الخطوط الأمامية. وبحلول ديسمبر، ومع اضطلاعها بدور رئيسي في معركة باخموت، قالت المخابرات الأميركية إن لدي المجموعة العسكرية 40 ألف سجين مجند يقاتلون في أوكرانيا.
وتصاعد التوتر بعد أن نسب قادة المجموعة الفضل لأنفسهم فيما تحقق من نجاح روسي في باخموت وانتقدوا الجيش الروسي النظامي وقيادة وزارة الدفاع الروسية مرددين مزاعم حول الفساد وعدم الكفاءة في خوض الحرب.
وفي نهاية حزيران/يونيو، وفي أعقاب تمرد فاغنر الوجيز، ترك الكرملين ثلاثة خيارات لمقاتلي المجموعة المسلحة، الانضمام إلى صفوف الجيش الروسي، أو العودة إلى الحياة المدنية، أو الذهاب إلى المنفى في بيلاروس، حليفة موسكو في حربها على أوكرانيا.
وتشكل شركة فاغنر العمود الفقري للشركات الروسية العسكرية الخاصة، وبسبب انخراطها الكبير في العمليات الحساسة داخل أوكرانيا وغيرها من المناطق الساخنة في العالم، حازت على النصيب الأكبر من الاهتمام الإعلامي الدولي، بينما يستمر صعود الشركات الخاصة الأخرى الناشطة في مجال القتال.
وقال مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل الشهر الماضي، إنه يتوقع أن تستمر عمليات مجموعة فاغنر العسكرية الروسية الخاصة في أفريقيا رغم مقتل بريغوجين.
وصرح بوريل للصحافيين بعد اجتماع لوزراء دفاع الاتحاد الأوروبي في توليدو بإسبانيا قائلاً، "أنا على يقين من أنهم سيجدون بسرعة بديلاً لزعيم فاغنر الراحل. سيواصلون نشاطهم في أفريقيا لأنهم (يمثلون) الجناح المسلح لروسيا".
وأضاف أن موسكو "لا يمكنها إرسال قوات نظامية إلى المنطقة لأن ذلك سيكون أمراً فاضحاً للغاية". وتابع "سيستمرون (فاغنر) في خدمة بوتين وفيما يفعلونه، وهو أمر بالتأكيد لا يساهم في إحلال السلام بمنطقة الساحل أو في الدفاع عن الحقوق والحريات بالمنطقة".
ويتمركز عناصر فاغنر في عشر دول أفريقية منها، السودان، جمهورية أفريقيا الوسطى، ليبيا، زيمبابوي، أنغولا، مدغشقر، غينيا، غينيا بيساو، موزمبيق، وربما في جمهورية الكونغو الديمقراطية.
وتقول التقارير أن خلاف مجموعات فاغنر مع الحكومة الروسية لم يكن وليد الحرب الأوكرانية، وأن كانت الحرب هناك هي من تسببت بزيادة الشرخ وتفجير الخلاف للعلن على شكل تمرد عسكري، لكن هذا الخلاف بدء في سورية منذ عام 2017 وزاد خلال السنوات الماضية، مع الظهور المستمر لبريغوجين، الذي تكرر ظهوره قبل أشهر من مقتله منتقدا تارة ومهدداً تارةً أخرى للقادة العسكريين الروس، بسبب ما قال إنه نقص في الذخيرة والمعدات المقدمة لقواته على جبهات أوكرانية وخاصة باخموت، ما تسبب بمقتل العشرات من قواته على مدار الفترة الماضية.
تعليقات الزوار
لا تعليقات