أعاد الجيش السوداني وفده المفاوض من جدة لـ"التشاور"، في تطور يأتي مع استمرار المعارك ويشير في الوقت ذاته إلى احتمال الانسحاب مرة أخرى من المحادثات التي ترعاها الرياض وواشنطن، بينما لغّم كذلك مسار الهدنة والتسوية المأمولة بالاشتراطات، ما يجعل التوصل قريبا لحل ينهي النزاع بعيدا.
وقال في بيان نشره على صفحته بموقع فيسبوك اليوم الخميس "حرصا من قواتكم المسلحة على رفع المعاناة عن كاهل مواطنينا وإيمانا منها بالانفتاح على كافة المبادرات الساعية إلى إيجاد حلول تقود لإنهاء الأزمة الراهنة بالبلاد، قامت قواتكم المسلحة بتاريخ 5 مايو/أيار 2023 بإرسال وفد إلى مدينة جدة استجابة لمبادرة مشتركة طرحتها كل من الولايات المتحدة والسعودية".
وأفاد بأن "الوفد تباحث حول مسودة لوقف العدائيات تم التوافق فيها على كثير من النقاط"، مستدركا "إلا أن الخلاف حول بعض النقاط الجوهرية ومن بينها إخلاء المتمردين لمنازل المواطنين بكافة مناطق العاصمة وإخلاء مرافق الخدمات والمستشفيات والطرق أدى إلى عدم التوصل لاتفاق وقف العدائيات ونتيجة لذلك عاد وفدنا".
وأكد "استعداده لمواصلة المباحثات متى ما تم استئنافها بعد تذليل المعوقات"، مشددا على رغبته في "التوصل إلى إتفاق فاعل وعادل يوقف العدائيات ويمهد لمناقشة قضايا ما بعد الحرب".
وتابع "انخرط الوفد في مباحثات غير مباشرة بتسهيل من المسهلين نتج عنها إعلان جدة لحماية المدنيين في السودان الموقع بتاريخ 11 مايو/أيار 2023 والذي نص على إخلاء المتمردين لمنازل المواطنين ومرافق الخدمات العامة والمستشفيات وغيرها من الإلتزامات التي شكل عدم تنفيذها من قبلهم حجر عثرة أمام التفاهمات اللاحقة".
وأضاف "كما عمل وفدنا أثناء تواجده في مدينة جدة على الاستجابة للاحتياجات الإنسانية المتزايدة لمواطنينا، مما دفعنا للقبول باتفاق هدنة لمدة سبعة أيام بتاريخ 20 مايو/أيار 2023 وتم تمديدها لمدة خمسة أيام أخرى".
وزاد "تم تعليق المباحثات من قبل المسهلين في الأول من يونيو/حزيران الماضي نتيجة لعدم تحقيق أي تقدم يذكر وذلك لعدم إيفاء المتمردين بمتطلبات الاتفاق وخلال تلك الفترة استمر وفدنا الذي ظل في مدينة جدة طوال هذه المدة في تسهيل إنسياب المساعدات الإنسانية بالتنسيق مع المسهلين والفاعليين في الشأن الإنساني".
واتهمت قوات الدعم السريع في بيان اليوم الخميس وفد الجيش في مفاوضات جدة بإعاقة اتفاق وقف العدائيات وإعلان مبادئ عامة لمفاوضات الحل الشامل.
وقالت إن "الذي أعاق التوقيع على اتفاق وقف العدائيات وإعلان المبادئ العامة لمفاوضات الحل الشامل هو تعنّت وفد الانقلابيين وإصراره غير المبرر على فك الحصار عن قياداته في القيادة العامة وإدخال الإمدادات الغذائية والوقود والدواء لهم".
وقالت إن وفد الجيش "كان منقسما ومتنافرا حيث يمثل كل عضو فيه جهة بعينها وينطلق كل فرد فيه من موقف مختلف عن الآخر".
وأكدت أن وفدها ما زال في جدة "احتراما وتقديرا لرغبة الشعب السوداني برفضه المطلق لدعوات توسيع دائرة الحرب".
وأضافت "بقاء وفدنا وتمسكه بمنبر جدة تعبير صادق عن التزامنا بتعهداتنا أمام السعودية والولايات المتحدة الأمريكية اللتين لم تعلنا حتى الآن تعليق المحادثات أو إلغاءها"، نافية تمركز قواتها في المستشفيات والمرافق العامة، بخلاف ما يقوله الجيش.
وفي سياق متصل تواصلت المعارك في العاصمة السودانية اليوم الخميس إذ تبادل كل من الجيش وقوات الدعم السريع الهجمات على المواقع التابعة لكل جانب، بحسب شهادات السكان.
وأفاد سكان من ضاحية غرب الخرطوم الكبرى أم درمان بأنهم شهدوا "قصفا بالمدفعية الثقيلة والصاروخية من شمال مدينة أم درمان باتجاه الخرطوم".
كما أشار آخرون إلى هجوم من قبل قوات الدعم السريع على قاعدة وادي سيدنا الجوية شمال أم درمان "باستخدام مسيرات".
وأكدت قوات الدعم السريع في بيان أن "قواتها الخاصة نفذت فجر اليوم الخميس مهمة عسكرية جديدة داخل قاعدة وادي سيدنا العسكرية بكرري أم درمان".
وتابعت أن هذا الهجوم أسفر عن "تدمير 3 طائرات حربية ومخازن للأسلحة والمعدات الحربية والمؤن ومقتل وجرح العشرات من قوات الانقلابيين".
وأفاد بيان من أهالي بلدة في ولاية غرب دارفور بتعرضهم لهجوم مستمر منذ ثلاثة أيام، فيما يعاني الإقليم المضطرب غرب البلاد من ويلات الحرب، ما دفع المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان لفتح تحقيق بشأن أحداث العنف.
وفي مدينة نيالا عاصمة ولاية جنوب دارفور، أفاد سكان بوقوع اشتباكات عنيفة بين طرفي الصراع، حيث يسيطر الجيش على الجزء الجنوبي من المدينة، فيما تسيطر قوات الدعم على الشمال.
بدورها أعلنت رئاسة قوات الشرطة في بيان مقتل مساعد المدير العام للإمداد الفريق عمر محمد ابراهيم حمودة "إبان أحداث قيادة قوات الاحتياطي المركزي بالخرطوم".
وكانت قوات الدعم السريع أعلنت الأسبوع الأخير من الشهر الماضي السيطرة التامة على مقر قيادة الشرطة السودانية في العاصمة.
وأفاد بيان الشرطة بأنه "تأكد استشهاد الفريق شرطة عمر محمد إبراهيم حمودة وبمعيته عدد من الضباط وضباط الصف والجنود بعد أن لقنوا العدو درسا في معاني الوطنية والثبات".
وفي مؤتمر صحافي افتراضي للمكتب الاقليمي لدول شرق المتوسط بمنظمة الصحة العالمية، حذّر ممثل المنظمة الأممية في تشاد من أن آلاف الأطفال في مخيمات النازحين السودانيين يواجهون "سوء تغذية خطير"، مشيرا إلى وفاة 65 طفلا دون سن الخامسة.
بدوره أشار ممثل المنظمة في السودان نعمة عابد إلى توقف جميع أنشطة التحصين ضد الأوبئة مثل الكوليرا والحصبة والتي من المتوقع انتشارها خلال موسم هطول الأمطار.
وكان بيان مشترك الثلاثاء لمدير منظمة الصحة العالمية لمنطقة شرق المتوسط أحمد المنظري ومديرة منظمة الصحة العالمية لمنطقة إفريقيا ماتشيديسو مويتي أفاد بأن "أكثر من 67 في المئة من مستشفيات البلاد باتت خارج الخدمة".
و يستمر العاملون في المجال الإنساني في المطالبة سُدى بالوصول إلى مناطق القتال ويقولون إنّ السلطات تمنع وصول المساعدات إلى الجمارك ولا تُصدر تأشيرات دخول لعمّال الإغاثة.
واندلعت الحرب بين الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو "حميدتي" في 15 أبريل/نيسان وتركزت في العاصمة وضواحيها وإقليم دارفور غرب البلاد.
وقد أسفرت عن مقتل 3900 شخص على الأقل حتى الآن، بحسب منظمة أكليد غير الحكومية، علما بأن مصادر طبية تؤكد أن الحصيلة الفعلية هي أعلى بكثير.
وكان السودان، الذي يقدّر عدد سكانه بنحو 48 مليون نسمة، يعدّ من أكثر دول العالم فقرا حتى قبل اندلاع النزاع الحالي الذي دفع نحو 3.5 ملايين شخص للنزوح غادر أكثر من 700 ألف منهم الى خارج البلاد وخصوصا إلى دول الجوار.
تعليقات الزوار
لا تعليقات