نشرت صحيفة “وول ستريت جورنال” تقريرا أعده سومر سعيد وبينويه فوكون قالا فيه إن بوادر خلافات ظهرت بين السعودية وروسيا بشأن تخفيض إنتاج النفط.
وقالا إن روسيا تقوم بضخ كميات كبيرة من النفط الخام وتبيعه بأسعار رخيصة بشكل أثر على جهود الرياض لزيادة أسعار الطاقة. وعبرت السعودية القيادي الفعلي لمنظمة الدول المنتجة والمصدرة للنفط (أوبك) عن قلقها من عدم التزام روسيا بوعدها خفض الإنتاج ردا على العقوبات الغربية. ونقلت الصحيفة عن أشخاص قولهم إن المسؤولين السعوديين اشتكوا للمسؤولين الروس وطالبوهم باحترام خفض الإنتاج.
وقالت المصادر إن الخلاف كان واضحا للغاية بين أكبر منتجين للنفط في العالم، قبيل اجتماع حاسم بين أعضاء أوبك ومجموعة من منتجي النفط بقيادة روسيا، والمعروفة باسم أوبك زائد، بفيينا في الرابع من حزيران/ يونيو، ومن المقرر أن يتخذ الكارتل قرارا بشأن خطة إنتاج للنصف الثاني من العام، وسط مخاوف متزايدة من التباطؤ الاقتصادي العالمي الذي يعوق الطلب على الطاقة.
وأضافت الصحيفة أن وزير الطاقة السعودي أصدر في بداية الأسبوع تحذيرا لمضاربي النفط مشيرا إلى أن مزيدا من خفض الإنتاج بات مطروحا على الطاولة وسط التوقعات من المواقف قصيرة الأمد وفشل روسيا بالوفاء بالخفض الطوعي الذي وعدت به، في وقت قال فيه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إن أسعار النفط وصلت إلى مستويات “مبررة اقتصاديا”، مشيرا إلى أن الحاجة قد لا تستدعي تغيرات جديدة في سياسة إنتاج النفط.
ويأتي لقاء أوبك زائد بعدما قالت السعودية وروسيا وبقية أعضاء الكارتل إنهم سيخفضون الإنتاج في محاولة متوقعة لدعم أسعار النفط. وبدأت السعودية بخفض إنتاج النفط هذا الشهر، فيما قالت روسيا إنها قد تمدد القيود من طرف واحد والتي سرى مفعولها في آذار/مارس إلى نهاية العام. وتكشف البيانات الأخيرة المتوفرة عن أن روسيا تواصل ضخ كميات كبيرة من النفط إلى السوق بطريقة أدت لزيادة الدخل لاقتصادها المحاصر، لكنها دفعت بكميات فائضة إلى السوق العالمي حسبما يقول التجار والمسؤولون في الصناعة.
وتراجعت أسعار النفط بنحو 10٪ عما كانت عليه في أوائل نيسان/ أبريل، على الرغم من تدخل قيادة السعودية، وانخفضت بشدة عن المستويات المرتفعة التي سجلتها في أعقاب الغزو الروسي لأوكرانيا أوائل العام الماضي. وسجل سعر خام برينت يوم الجمعة ارتفاعا بنسبة 0.9% ووصل إلى 76.95%.
وبحسب الصحيفة، فمن غير الواضح ما إن كانت السعودية ستتخذ إجراء فوريا من شأنه أن يؤثر على تحالف الطاقة مع روسيا.
وخلافات بين الرياض وموسكو ليست جديدة لكارتل أوبك زائد، ففي آذار/مارس 2020 انهارت أسعار النفط بعد فشل السعودية في الاتفاق على خطة طارئة لمعالجة حالة التخمة في الإمدادات. ودخل البلدان في حرب أسعار حاولت فيها السعودية الحصول على حصة من السوق على حساب روسيا. وتتحالف السعودية وروسيا في الجهود العامة لدعم أسعار الطاقة، وهو ما أدى لتوبيخ من البيت الأبيض الذي اعتبر القرار بأنه يعبر عن ضيق واقترح أن أوبك زائد تسهم بمساعدة آلة الحرب الروسية في أوكرانيا. وبعيدا عن التعاون النفطي فلم يؤد التعاون للكثير من النتائج في مجال الأمن والتجارة.
ففي الأسبوع الماضي دعت السعودية الرئيس الأوكراني فولدومير زيلينسكي للمشاركة في القمة العربية كضيف، كما وساعدت في التفاوض على تبادل سجناء بين روسيا وأوكرانيا وأعلنت عن مساعدة بقيمة 400 مليون دولار لكييف. ولم تعلق وزارتا الطاقة في البلدين على طلب للتعليق.
وفي بيان لنائب رئيس الوزراء الروسي، ألكسندر نوفاك بداية هذا الشهر، أكد أن روسيا ملتزمة بالخفض الطوعي لإنتاج النفط وبمقدار 500.000 برميل من آذار/مارس وحتى نهاية العام. وقالت موسكو إنها ستخفض إنتاجها النفطي بنحو خمسة بالمئة بعد أن فرضت مجموعة السبع سقفا لأسعار النفط والمنتجات النفطية الروسية.
وجاء في بيان نوفاك: “أخذا بالاعتبار التكهنات في الصحافة التي لا تقوم على أساس والمتعلقة بمستويات إنتاج النفط، تؤكد روسيا مجددا التزامها الكامل وتنفيذ مستويات خفض إنتاج النفط الطوعي”.
وتواصلت وزارة الطاقة الروسية في الأسابيع القليلة الماضية مع النشريات المختصة بالطاقة وأخبرتها أنها ستؤجل إغلاق بعض آبار النفط نظرا للظروف الجوية غير الاستثنائية في أنحاء من البلاد. وقالت الوزارة إن البلد استطاع إنتاج 400.000 برميل في اليوم بداية أيار/مايو وقريبا من المستوى الذي تعهدت بالحفاظ عليه.
وفي الأسبوع الماضي ضغطت على مصادر ثانوية لتغيير تقديراتها بشأن إنتاج النفط ولكن الوكالات هذه رفضت الطلب، حسبما قال أشخاص. ولا توجد هناك مطالب من روسيا لكي تقدم بيانات لأوبك زائد حول مستويات الخفض في الإنتاج، إلا أن التباين أضاف إلى التوترات في داخل أوبك زائد حول خفض معدلات الإنتاج.
وتقول الصحيفة إن العقوبات الغربية على النفط الروسي عملت على تسريع التحول في تدفق الطاقة العالمية، حيث استفادت الصين والهند بشكل متزايد من النفط الروسي بأسعار مخفضة، فيما وجه الموردون في الشرق الأوسط نفطهم الخام إلى أوروبا.
وفي آذار/ مارس، تفوقت روسيا على السعودية باعتبارها أكبر مورد للنفط للصين، بينما تجاوزت واردات الهند من النفط الروسي الشهر الماضي الإمدادات من السعودية والعراق مجتمعة وللمرة الأولى على الإطلاق، وذلك بناء على بيانات من شركة فورتيكسا، وهي شركة لسلع البيانات.
ويقول المسؤولون السعوديون وغيرهم من الأشخاص المطلعين على سياسة النفط السعودية، إن الرياض تتعرض لضغوط للحفاظ على أسعار النفط المرتفعة، حيث تتطلب ميزانيتها ما يقدر بنحو 81 دولارا للبرميل – أي حوالي 5 دولارات أكثر من المستويات الحالية. كما وتحتاج المملكة إلى دفع تكاليف مشاريع التنمية الضخمة في الداخل، وبعضها كبير جدا، ومن بينها منتجع على البحر الأحمر بحجم بلجيكا، مع فنادق على طراز جزر المالديف تحوم فوق الماء، ومدينة مستقبلية عالية التقنية في الصحراء تبلغ تكلفتها نصف بليون دولار، وهي أكبر 33 مرة من مدينة نيويورك.
تعليقات الزوار
لا تعليقات