دعا الرئيس الأميركي جو بايدن اليوم الخميس إلى وقف فوري للقتال في السودان، ملوحا بفرض عقوبات على المسؤولين عن "إراقة الدماء"، في أوضح موقف يأتي بينما يستمر الجيش بقيادة عبدالفتاح البرهان في شن غارات جوية وقصف مدفعي رغم هدنة من سبعة أيام توسطت فيها دولة جنوب السودان وأكدت قبول الجيش وقوات الدعم السريع بها.
ولم يذكر بايدن قائد الجيش السوداني بالاسم لكنه شدد على أن المعارك الدائرة منذ أسابيع في السودان "يجب أن تنتهي"، معلنا أنه وقع مرسوما يعزز صلاحيات الحكومية الأميركية لفرض عقوبات على "الأفراد الذين يهددون السلام والأمن والاستقرار في السودان ويقوضون الانتقال الديمقراطي ويستخدمون العنف ضد المدنيين ويرتكبون انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان".
وكان يشير بذلك في حديثه عن تقويض الانتقال الديمقراطي إلى الانقلاب الذي نفذه البرهان على الشركاء المدنيين في أكتوبر/تشرين الأول من العام 2021 والذي فجر أزمات إضافية بعد أن علقت الدول المانحة مساعدات للسودان من بينها واشنطن التي جمدت مساعدات مالية بقيمة 700 مليون دولار. كما أعاد الانقلاب إرباك الوضع وخلط أوراق التسوية التي كان يتطلع إليها العالم من خلال الاتفاق الإطاري.
وعلى اثر تفجر الوضع في الخرطوم في 15 ابريل/نيسان أصبح إنعاش الاتفاق الإطاري أو العودة إليه في ظل تمسك الجيش بالتصعيد، أمرا مستبعدا.
وجدد بايدن في البيان دعوته "لوقف دائم لإطلاق النار" بين الجيش وقوات الدعم السريع، معتبرا أن "العنف الدائر في السودان مأساة وخيانة للمطالب الواضحة للشعب السوداني بحكومة مدنية وانتقال إلى الديمقراطية"، مضيفا "يجب أن ينتهي".
وحذرت المخابرات الأميركية اليوم الخميس في تقييمها للوضع، من أن الصراع في السودان سيطول أمده على الأرجح مع احتدام القتال في غمرة محاولة الجيش السوداني طرد قوات الدعم السريع من مواقعها بالقرب من مواقعه في وسط الخرطوم.
وقالت مديرة الاستخبارات الأميركية أفريل هينز خلال جلسة استماع أمام لجنة القوات المسلحة بمجلس الشيوخ بواشنطن إن "الجانبين يعتقدان أنهما قادران على الانتصار عسكريا وليس لديهما أي أسباب للجلوس إلى طاولة المفاوضات".
وحذرت مثل مسؤولين دوليين آخرين من أن القتال قد يسبب "تدفق أعداد كبيرة من اللاجئين وحاجات ضخمة لتقديم مساعدة في المنطقة".
وأودى انزلاق السودان فجأة في هاوية الحرب بحياة المئات وتسبب في كارثة إنسانية وفي نزوح جماعي للاجئين إلى الدول المجاورة وقد يستجلب تدخل قوى خارجية مما يزيد زعزعة الاستقرار في منطقة مضطربة أصلا.
ودوت أصوات القصف والاشتباكات في الخرطوم وأم درمان وبحري المجاورتين في انتهاك لأحدث هدنة مدتها سبعة أيام. ويحاول الجيش السوداني إبعاد قوات الدعم السريع عن المناطق المحيطة بالقصر الرئاسي ومقر قيادة الجيش.
وقال الصادق أحمد (49 عاما) وهو مهندس من الخرطوم "منذ مساء أمس وهذا الصباح هناك ضربات جوية وأصوات اشتباكات"، مضيفا أنهم في حالة فزع دائم لأن المعارك تدور حول مراكز الأحياء السكنية. وتابع "لا نعرف متى ينتهي هذا الكابوس والخوف".
وضغطت الأمم المتحدة على طرفي الصراع أمس الأربعاء لتأمين ممر آمن لتوصيل المساعدات الإنسانية بعد تعرض ست شاحنات محملة بالإمدادات الإنسانية للنهب وتقويض ضربات جوية في الخرطوم الهدنة من جديد.
وقال مارتن غريفيث وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية ومنسق الإغاثة في حالات الطوارئ إنه يأمل في عقد اجتماع مباشر مع طرفي الصراع في غضون يومين أو ثلاثة أيام للحصول على ضمانات منهما لتتمكن قوافل المساعدات من توصيل الإمدادات الإنسانية.
وتحذر الأمم المتحدة من أن القتال بين الجيش وقوات الدعم السريع الذي اندلع في 15 أبريل/نيسان يهدد بحدوث كارثة إنسانية قد تمتد إلى دول أخرى.
وتقول المنظمة الأممية إن نحو 100 ألف فروا من السودان إلى بلدان مجاورة بدون مؤونة تذكر من الطعام أو المياه. وقالت منظمة هيومن رايتس ووتش اليوم الخميس إن حصيلة الضحايا المدنيين ارتفعت بسبب استخدام الدبابات والمدفعية والصواريخ والغارات الجوية في مناطق مأهولة بالسكان متهمة الجانبين بالاستهتار بحياة المدنيين.
لكن قوات الدعم السريع أكدت مرارا التزامها بالهدنة واتهمت قوات الجيش بخرقها وهو ما أكدته الأمم المتحدة وجهات دولية تحدثت عن استخدام قوات البرهان للمدفعية الثقيلة ولسلاح الجو في ضرب مواقع لقوات الدعم.
وألحق الصراع ضررا شديدا بقلب اقتصاد السودان في العاصمة الخرطوم وعطل طرق التجارة الداخلية وهدد الواردات وأثار أزمة سيولة.
وتعرض عدد كبير من المصانع والبنوك والمتاجر وأسواق العاصمة للنهب أو التخريب، وإمدادات الكهرباء والمياه معطلة، فيما شكا السكان من ارتفاع حاد في الأسعار ونقص في السلع الأساسية.
ووجهت قوات الدعم السريع في بيان نشرته على حساباتها بمنصات التواصل الاجتماعي نداء للمواطنين لإبلاغها بعمليات النهب والتخريب، محذرة في الوقت ذاته من أن من وصفتهم بالانقلابيين وفلول النظام المعزول وزعوا على عناصرهم وعناصر الأمن الشعبي وكتائب الظل أزياء عسكرية لتلك التي يرتديها مقاتلو قوات الدعم بغرض ممارسة أعمال السرقة والنهب وإلصاق التهمة بها.
واتهمت قوات الدعم السريع الجيش بانتهاك وقف إطلاق النار ومهاجمة القوات منذ الفجر. وقالت إن الجيش هاجم أحياء سكنية لقوات الدعم السريع بالمدفعية والطائرات في "مسلك جبان".
وقال الجيش بقيادة البرهان إنه قتل أفرادا من قوات الدعم السريع ودمر "عددا من العربات القتالية لمن وصفهم بالمتمردين بعد اشتباكات بينهما في المنطقة العسكرية في بحري.
وفي محاولة أيضا لاستقطاب التعاطف الدولي، طالبت وزارة الخارجية في السلطة التي يديرها قائد الجيش، المجتمع الدولي بتصنيف قوات الدعم السريع كـ"تنظيم ارهابي".
ويأتي ذلك بعد أن كشفت قوات الدعم استعانة قوات البرهان بمتطرفين وبإخراج مئات السجناء بينهم محكومون في قضايا إرهاب والتحاقهم بجبهات المواجهة.
ويعتقد أن الدعوة لتصنيف قوات الدعم على أنها "تنظيما ارهابيا" تأتي لصرف الأنظار عن حقيقة مشاركة متطرفين في القتال إلى جانب قوات الجيش.
تعليقات الزوار
لا تعليقات