أخبار عاجلة

اشتباكات عنيفة مستمرة بين الجيش السوداني و”الدعم السريع” في الخرطوم

شهدت العاصمة السودانية الخرطوم، ومدينة مروي شمال البلاد، ومناطق أخرى في شمال دارفور، السبت، اندلاع اشتباكات بين قوات الجيش والدعم السريع، وسط انتشار عسكري واسع، وحالة ذعر بين المواطنين. فيما علق مطار الخرطوم الدولي الرحلات المحلية والدولية.

وتحدثت نقابة أطباء السودان عن مقتل 25 شخصا على الأقل وإصابة 183 في أنحاء البلاد بعد الاشتباكات ، وقالت النقابة إنه لا يمكنها تأكيد أن جميعهم مدنيون.

و اندلعت المعارك ، صباح السبت، بين قوات الجيش بقيادة الفريق أول عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة حليفه السابق الذي بات ألد أعدائه محمد حمدان دقلو المعروف بـ”حميدتي”.

وسارعت  قوات الدعم السريع إلى إعلان سيطرتها على القصر الرئاسي ومطار الخرطوم وقاعدة مروي الجوية، لكن الجيش السوداني نفى ذلك، وقال إنه يتصدى لهجوم الدعم السريع الذي وصفه بـ”الغادر”، متهما إياها بتنفيذ أجندة جهات أخرى.

وأكد الجيش السوداني أنه يتصدى في الوقت الراهن لمحاولات سيطرة الدعم السريع على المواقع الاستراتيجية في البلاد بما فيها القصر الجمهوري والقيادة العامة للقوات المسلحة ومقر إقامة رئيس مجلس السيادة، القائد العام للجيش عبد الفتاح البرهان، مؤكدا أنه سيخيب مساعي الدعم السريع “الآثمة” وأنها “ستنكسر أمام عزم وإرادة الجيش”.

وأشار في بيان إلى أن ما يحدث استمرار لحلقات التآمر والعدوان على البلاد من قبل قوات الدعم السريع التي وصفها بـ”المتمردة” على الدولة وعلى السيادة الوطنية.

 

وقال إن الجيش يخوض منذ صباح اليوم معركة “الحق والكرامة الوطنية” ويبذل دماءه الغالية رخيصة في سبيل الكرامة الوطنية مؤكدا أنه سينتصر.

وأضاف: “قواتنا في هذه اللحظات تتصدى للدعم السريع الذي يدفع بقواته من قواعده المنتشرة في جميع أنحاء العاصمة في محاولات للسيطرة على المواقع الاستراتيجية بما فيها القصر الجمهوري والقيادة العامة ومقر رئيس مجلس السيادة”، مؤكدا أنه سيخيب جميع مساعيهم.

واتهم الجيش السوداني الدعم السريع بنشر الأخبار الكاذبة من خارج البلاد، وتدعي السيطرة على مقر القيادة العامة للجيش ومباني القصر الرئاسي، ضمن مواقع استراتيجية أخرى.

وأكد أن الواقع في الميدان عكس ذلك، وأن بعضا من جنود الدعم السريع الآن وضباطها الذين وصفهم بـ”غير المؤهلين عسكريا” يهربون ويتركون أسلحتهم في الشوارع ويحتمون بمنازل المواطنين، وسط غياب تام لقيادتهم العليا ومدرائهم.

حميدتي: لن نوقف القتال إلا بالسيطرة على كل قواعد الجيش

وصف قائد قوات الدعم السريع شبه العسكرية في السودان الفريق أول محمد حمدان دقلو، المعروف باسم حميدتي، قائد الجيش الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان بأنه مجرم واتهم الجيش بتنفيذ انقلاب.

جاء ذلك في مداخلة هاتفية مع شبكة الجزيرة القطرية اليوم السبت.

وقال حميدتي إن قواته أجبرت على الدخول في مواجهة بعد اندلاع اشتباكات مع الجيش في أنحاء البلاد بعد أيام شهدت توترا بين القوتين.

وتابع: “لن نتوقف إلا بعد السيطرة على كل قواعد الجيش”.

في المقابل، قال المتحدث باسم القوات المسلحة السودانية العميد ركن نبيل عبد الله في مداخلة مع قناة الجزيرة مباشر إن الجيش سيرد على أي محاولات “غير مسؤولة”.

وأضاف عبد الله في المداخلة أن بعض السياسيين يحاولون تسييس الجيش مشيرا إلى أن قوات الدعم السريع موجودة بكثافة عند مقر التلفزيون الرسمي.

وأدان الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في السودان ورئيس بعثة الأمم المتحدة المتكاملة للمساعدة الانتقالية في السودان، فولكر بيرتس، بشدة اندلاع القتال في السودان.

وحسب بيان للبعثة الأممية تواصل الممثل الخاص مع كلا الطرفين داعيا إلى وقف فوري للقتال من أجل ضمان سلامة الشعب السوداني وتجنيب البلاد مزيدا من العنف.

من جانبها دعت القوى المدنية الموقعة على الاتفاق الإطاري، الجيش والدعم السريع إلى الوقف الفوري للعدائيات، مناشدة المجتمع الدولي والإقليمي للتحرك بشكل عاجل لوقف المواجهات.

وقال مصدر مطلع في مطار الخرطوم لـ”القدس العربي” إن قوات الدعم السريع انتشرت بشكل كثيف داخل المطار الرئيسي للبلاد وقامت بمحاصرة برج الملاحة وطلبت من الموظفين التوقف عن القيام بمهامهم.

وقالت قوات الدعم السريع لاحقا إنها سيطرت على مطار الخرطوم ومطار وقاعدة مروي العسكرية شمال البلاد، وإنها كبدت الجيش خسائر فادحة، مؤكدة أن ما تقوم به من تحركات في إطار الدفاع عن النفس بعد هجوم الجيش على قواتها في العاصمة الخرطوم ومناطق أخرى. بينما أشار الجيش إلى أن المواجهات ما تزال مستمرة.

 

ووصفت في بيان تحركات الجيش بالهجوم الغادر، مشيرة إلى قوات الدعم السريع المتمركزة في مقرها بأرض المعسكرات بسوبا، جنوب العاصمة الخرطوم، ومروي ومدن أخرى جار حصرها.

وأضافت في بيان: “تفيد قيادة قوات الدعم السريع الشعب السوداني والرأي العام الإقليمي والدولي بأن القوات المسلحة هاجمت في وقت متزامن مواقع ومقرات قوات الدعم السريع في الخرطوم ومروي ومدن أخرى، فيما قامت قوات الدعم السريع بالدفاع عن نفسها والرد على القوات المعادية وكبدتها خسائر كبيرة وتمكنت من السيطرة على مطار وقاعدة مروي. وطرد المعتدين على مقر القوات بأرض المعسكرات سوبا والسيطرة على مطار الخرطوم”.

ودعت المواطنين بالوقوف إلى جانبها، كما طالبت من وصفتهم  بـ”أفراد ومنسوبي القوات المسلحة الشرفاء” بالوقوف إلى جانب الحق، مؤكدة أنها لا تستهدفهم لكنها ترفض استخدامهم من قبل قيادة القوات المسلحة التي اتهمتها بـ”التشبث بكراسي السلطة” وتعريض استقرار البلاد  من أجل ذلك إلى الخطر”، وفق البيان.

وحسب شهود عيان تحدثوا لـ”القدس العربي” أغلقت قوات عسكرية متنوعة، صباح اليوم السبت، محيط القيادة العامة للجيش وشارع المطار وعددا من الشوارع الرئيسية وسط الخرطوم.

 

وقالت المواطنة سلمى أحمد لـ”القدس العربي” إنها خرجت مع زملائها من مكاتبهم وسط الخرطوم، صباح اليوم، وسط حالة من الخوف والذعر بعد تصاعد أصوات إطلاق النار، وحاولوا التوجه لمناطق أكثر أمنا، إلا أنهم فوجئوا بإغلاق معظم شوارع وسط الخرطوم، مضيفة: “تارة نجد الطريق مغلقا بقوات الجيش وأخرى الدعم السريع”.

وبينت أنهم لجأوا للشوارع الداخلية للخروج من المنطقة.

 

وقالت قوات الدعم السريع إن الجيش يضرب حصارا على قواتها في منطقة سوبا جنوب الخرطوم، وتنهال عليها بهجوم كاسح بكافة أنواع الأسلحة الثقيلة والخفيفة واصفة اللحظة بالتاريخية الحرجة.

وأشارت في بيان إلى أنها تفاجأت صباح السبت بقوة كبيرة من الجيش تدخل إلى مقر تواجد القوات في أرض المعسكرات سوبا بالخرطوم وتضرب حصارًا على القوات المتواجدة هناك ثم تنهال عليها بهجوم كاسح بكافة أنواع الأسلحة الثقيلة والخفيفة.

ووصفت ما حدث بالاعتداء الغاشم مشيرة إلى أنها أجرت اتصالات مع كل من الآلية الدولية الرباعية ومجموعة الوساطة المحلية وأطلعتهم على الأمر.

وأضافت: “نهيب بالشعب السوداني وبالرأي العام الدولي والإقليمي إلى إدانة هذا المسلك الجبان كما تدعو الشعب السوداني إلى التماسك في هذه اللحظة التاريخية الحرجة”.

من ناحيته، قال الجيش السوداني إن قواته تتصدى لـ”الدعم السريع”، متهما إياها بمهاجمة قواته في عدة مناطق في البلاد.

وقال في بيان، اليوم السبت: “في مواصلة لمسيرتها في الغدر والخيانة حاولت قوات الدعم السريع مهاجمة قواتنا في المدينة الرياضية بالعاصمة الخرطوم ومواقع أخرى وإن القوات المسلحة تتصدى لها”.

وفي مدينة مروي، التي تبعد نحو 350 كيلومترا شمال العاصمة السودانية الخرطوم، بدأت التوترات تتصاعد على نحو غير مسبوق، بين الجيش وقوات الدعم السريع.

وتشهد المدينة منذ صبيحة اليوم أصوات إطلاق نار كثيفة وتصاعدا لألسنة الدخان من داخل القاعدة الجوية العسكرية التابعة للجيش، وانتشارا واسعا لقواته في أنحاء المنطقة، في ظل حالة من الهلع بين المواطنين.

وفجر الأربعاء الماضي، فوجئ مواطنو المنطقة ذات الطبيعة الصحراوية الهادئة، بعشرات السيارات العسكرية والجنود التابعين لقوات الدعم السريع يدخلون إلى المنطقة عبر الجسور وطريق شريان الشمال، الأمر الذي دعا لجان المقاومة لإطلاق تحذيرات للمواطنين بأخذ الحيطة والحذر، منددة بتحويل المنطقة إلى مسرح للصراع العسكري.

بالمقابل، انتشر الجيش، الذي يملك قاعدة جوية عسكرية في المنطقة، وطالب الدعم السريع بالمغادرة، وسط تعزيزات عسكرية ما زالت تصل للجانبين حتى السبت.

سبق ذلك تحشيد عسكري واسع في العاصمة السودانية الخرطوم وإقليم دارفور غرب السودان، حيث حرك الدعم السريع مدرعات من الإقليم وصلت إلى العاصمة بالتزامن مع وصول آليات عسكرية أخرى إلى مدينة مروي شمال البلاد.

وشهدت البلاد خلال اليومين الماضيين تحركات واسعة لجهود الوساطة، لاحتواء الأزمة بين الجيش والدعم السريع، فيما حذر قادة الأحزاب والحركات المسلحة من أن انطلاق الطلقة الأولى يعني الحرب. واتهمت “الحرية والتغيير” النظام السابق بجر البلاد للحرب وتأجيج الفتنة بين المكونات العسكرية.

وأفاد شهود عيون بسماع أصوات رصاص قوي في القيادة العامة للقوات المسلحة السودانية وعلى تخوم القصر الرئاسي وسط الخرطوم.

وأشارت شبكة “السودان الآن” عبر صفحتها بموقع “فيسبوك” اليوم، إلى تصاعد أعمدة الدخان من داخل قاعدة مروي الجوية وسط اشتباكات بين الجيش وقوات الدعم السريع في القاعدة والعاصمة الخرطوم.

ونقلت شبكة “رصد” السودان عن شهود دعوتهم جميع المواطنين بولاية الخرطوم أخذ الحيطة والحذر وعدم الخروج إلا للضرورة القصوى.

 

ووجهت نقابة الأطبــاء السودانيين نداء عاجلا للكوادر الصحية للتوجه إلى المستشفيات، داعية المواطنين لأخذ الحيطة والحذر وتأمين أنفسهم بعيداً عن الشرفات والطرقات الرئيسية.

وقالت نقابة الأطباء في بيان، اليوم السبت إنها ظلت تتابع عن كثب تصاعد وتيرة الصراع بين قادة الجيش والدعم السريع وتحركات عناصر النظام السابق دون إيلاء أدنى اهتمام لحياة المواطنين متهمة إياهم بوضع مطامعهم السلطوية فوق كل اعتبار، وأن اليوم قد حدث ما كانت تحذر منه.

وطالبت الجميع بضبط النفس والاحتكام لصوت العقل.

وحملت قادة الجيش والدعم السريع مسؤولية أي أضرار تلحق بأرواح السودانيين.

 

 

وعلى نحو متسارع تلاحقت الأحداث في السودان خلال الأيام القليلة الماضية لتتكشف تفاصيل أزمة كبيرة داخل المكون العسكري يحذر مراقبون من أنها قد تفتح الباب أمام حرب أهلية لا تبقي ولا تذر في البلد الذي يعاني أساسا من دوامة لا تنتهي من الصراعات منذ سنوات.

ويرى مراقبون أن خطورة الأزمة هذه المرة تكمن في أنها ليست كسابقاتها بين العسكريين والمدنيين، وإنما بين جناحي السلطة النافذة، وهما القوات المسلحة السودانية بقيادة عبد الفتاح البرهان رئيس مجلس السيادة الانتقالي، وما تعرف بقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو، المعروف باسم حميدتي، نائب رئيس مجلس السيادة، اللذين كانا يمثلان كيانا واحدا أمام القوى المدنية في المرحلة التي أعقبت الإطاحة بنظام الرئيس عمر البشير.

واعتبر المركز الأفريقي للأبحاث ودراسة السياسات أنه منذ تأجيل التوقيع على الاتفاق النهائي لتسوية الأزمة السياسية في البلاد مطلع الشهر الجاري، وبعد ذلك التأجيل مجددا في 6 نيسان/أبريل بسبب الخلاف حول بند الإصلاحات الأمنية والعسكرية وبروز الخلاف حول دمج قوات الدعم السريع في القوات المسلحة، بدا أن الأوضاع في السودان تتجه نحو مزيد من التعقيد.

 

وبلغ التوتر ذروته مع وصول تعزيزات عسكرية للدعم السريع فجر الأربعاء إلى مدينة مروي في ولاية نهر النيل شمالي السودان والشروع في بناء مقرات ومبان جديدة حول مطار المدينة الاستراتيجية، وهو ما زاد شكوك الجيش بأن قوات الدعم السريع تتحرك منفردة وتخطط لعمل ما ودون التنسيق مع الجيش في خطوة تشكك في أهداف هذه التحركات، ليدفع الجيش السوداني هو الآخر بتعزيزات إلى مروي فجر الخميس في ظل شحن سياسي وشعبي من مختلف الاتجاهات، بحسب المركز الأفريقي للأبحاث.

وعزا المركز كل هذه الخلافات إلى “الشقاق السياسي والخلافات العميقة للقوى السياسية السودانية حول إدارة الفترة الانتقالية واستحقاقاتها”، إضافة إلى الهوة الشاسعة بين الأطراف المختلفة التي “تتخندق” مع الجيش أو الدعم السريع، فضلا عن “طموح دقلو في تشكيل مستقبل السودان ولعب دور رئيسي فيه مع اتجاه معاكس للجيش يسعى لتحجيم دور الدعم السريع وإدماجه في الجيش وبالتالي التقليل من أي دور سياسي بارز مستقبلا”.

اضف تعليق

شارك

تعليقات الزوار

لا تعليقات