علقت موسكو اليوم الثلاثاء المشاركة في معاهدة نيو ستارت للسلاح النووي وسط توتر آخذ في التصاعد مع الغرب وبصفة خاصة مع الولايات المتحدة جو بايدن الذي قام بزيارة كييف في غمرة المواجهات المسلحة بين روسيا وأوكرانيا، بينما أبدى الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) ينس ستولتنبرغ قلقه من احتمال إمداد الصين حليفتها روسيا بالأسلحة، مشاطرا بذلك المخاوف الأميركية.
وأعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الثلاثاء تعليق مشاركة موسكو في آخر معاهدة لمراقبة الأسلحة بين أكبر دولتين نوويتين في العالم: روسيا والولايات المتحدة، مهددا بإجراء تجارب نووية جديدة إذا قامت واشنطن بذلك أولا.
وتعدّ هذه الاتفاقية التي وُقعت في العام 2010 آخر اتفاقية ثنائية من نوعها تُلزم القوتين. وكانت روسيا قد أعلنت في بداية أغسطس/اب تعليق عمليات التفتيش الأميركية المخطّط لها في مواقعها العسكرية في إطار الاتفاق، مؤكدة أنّ هذه الخطوة جاءت ردا على العراقيل الأميركية أمام عمليات التفتيش الروسية في الولايات المتحدة.
وقال بوتين في خطابه إلى الأمّة "يريدون إلحاق هزيمة إستراتيجية بنا ومهاجمة مواقعنا النووية ولهذا السبب بات واجبا علي أن أُعلن أن روسيا ستعلّق مشاركتها في معاهدة نيو ستار".
كما اتهم الدول الغربية بمساعدة أوكرانيا في تحديث طائرات بدون طيار لإرسالها إلى أهداف إستراتيجية، في إشارة إلى التفجيرات الأخيرة التي طالت قاعدة إنغلز التي تضمّ قاذفات إستراتيجية وتقع على مسافة 500 كيلومتر من أقرب حدود أوكرانية.
ودعا بوتين السلطات الروسية إلى "الاستعداد لتجارب بالأسلحة النووية" إذا قامت واشنطن بخطوة مماثلة أولا. وقال "لا ينبغي أن يتوهّم أحد أنه من الممكن انتهاك التكافؤ الاستراتيجي العالمي".
ووصف بـ"مسرح العبث" مطالبة حلف شمال الأطلسي لروسيا بتطبيق معاهدة نيو ستارت والسماح "بوصول عمليات التفتيش إلى المواقع النووية العسكرية الروسية"، مضيفا "عبر ممثلي الناتو، يوجّهون إلينا إنذارات نهائية: أنتم، روسيا، افعلوا كلّ ما اتفقنا عليه ولا سيما نيو ستارت ونحن سنفعل ما نراه مناسبا لنا".
واقترح الرئيس الروسي أن ينضم حلف شمال الأطلسي إلى معاهدة نيو ستارت لجعلها منصفة، "لأن الولايات المتحدة ليست القوة النووية الوحيدة داخل الناتو"، مشيرا إلى أنّ "فرنسا وبريطانيا تملكان أيضا ترسانات نووية وهما تعملان على تحسينها وتحديثها وهي موجّهة ضدّنا".
وبحسب بوتين، فإن حلفاء كييف الغربيين وفي مقدّمهم الولايات المتحدة، يتحملون "مسؤولية" تصعيد الحرب في أوكرانيا التي بدأت قبل عام.
وكان الكرملين قد اتهم الولايات المتحدة في الأول من فبراير/شباط بـ"تدمير الإطار القانوني" لمعاهدة نيو ستارت غداة اتهامات واشنطن لموسكو بـ"عدم الامتثال" لالتزاماتها.
ووقع الرئيس الأميركي الأسبق باراك أوباما المعاهدة في العام 2010 وهي تحدّ ترسانتي البلدين بسقف لا يتجاوز 1550 رأسا نوويا بتقليص تبلغ نسبته ثلاثين في المئة مقارنة بالسقف السابق الذي حُدّد في العام 2002.
وفي سياق التوترات استدعت وزارة الخارجية الروسية الثلاثاء السفيرة الأميركية في موسكو لين ترايسي لتسليمها طلبا للولايات المتحدة بسحب "جنود وعتاد" حلف شمال الأطلسي في أوكرانيا، في إشارة إلى المساعدة العسكرية التي تتلقاها كييف من الدول الغربية.
وقالت وزارة الخارجية الروسية في بيان "لوحظ بشكل خاص أنه من أجل تهدئة الوضع، يتعين على واشنطن اتخاذ خطوات نحو سحب قواتها وعتادها التابع لحلف شمال الأطلسي ووقف نشاطاتها المعادية لروسيا".
وجاء ذلك بعد لحظات من إلقاء بوتين خطابا للأمة اتّهم فيه الغرب باستخدام الصراع في أوكرانيا "للقضاء" على روسيا.
كما أشارت الخارجية الروسية في بيانها إلى أن شحنات الأسلحة الأميركية إلى أوكرانيا "تثبت بوضوح زيف وكذب تأكيدات الجانب الأميركي بأن الولايات المتحدة ليست طرفا في النزاع".
كما دعت موسكو واشنطن إلى "تقديم توضيحات بشأن انفجارات خطيَ الغاز نورد ستريم 1 و2 وعدم التدخل في التحقيق الموضوعي لتحديد المسؤولين" عنها.
وقال الأمين العام لحلف الناتو اليوم الثلاثاء خلال مؤتمر صحافي في بروكسل "يتزايد قلقنا من احتمال أن تكون الصين تخطط لتقديم دعم فتاك للحرب الروسية"، فيما قال مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل إن نظيره الصيني وانغ يي أكد له أن بكين لا تزود روسيا بأسلحة ولا تنوي القيام بذلك.
وأوضح "علينا أن نبقى يقظين، لكن بقدر ما أعرف ليس هناك دليل على أن الصين فعلت ما تؤكد أنها لم تفعله".
ونفى ستولتنبرغ الاتهامات التي وجهها بوتين إلى الغرب قائلا إن التهديد الغربي يصعّد الحرب في أوكرانيا، موضحا "نحن لا نرى بوادر على أن الرئيس بوتين يستعد للسلام. بل على العكس، كما أعلن بشكل واضح اليوم (الثلاثاء)، هو يستعد لمزيد من الحرب"، مضيفا "إن بوتين هو من بدأ حرب الغزو الإمبريالية هذه. إن بوتين هو من يستمر في تصعيد الحرب".
تعليقات الزوار
لا تعليقات