أعلن مجلس الوزراء الجزائري الأحد عن زيادة تدريجية في الأجور ستصل إلى 47 بالمائة في 2024 مع رفع معاشات المتقاعدين ومنحة البطالة التي يحصل عليها العاطلون العمل منذ مارس/اذار 2022، بينما ينظر لهذه الإجراءات على أنها محاولة لشراء السلم الاجتماعي وهي سياسة دأبت عليها السلطة منذ عهد الرئيس السابق عبدالعزيز بوتفليقة لتبريد الجبهة الاجتماعية.
وتأتي هذه الإجراءات بينما تشهد الجزائر حالة احتقان شعبي لم تهدأ منذ تفجر احتجاجات في 2019 أجبرت الرئيس السابق الراحل بوتفليقة على التنحي ثم تواصلت منادية برحيل السلطة التي تشكلت عقب استقالته معتبرة أنها امتداد للنظام السابق.
ونجحت الجزائر في إضعاف الحراك الشعبي من خلال حملة قمع واعتقالات مكثفة ومحاكمة الناشطين وساعدها تفشي فيروس كورونا في العامين الماضيين لكبح توسع الاحتجاجات، لكن السلطة تتوجس من اشتعال الجبهة الاجتماعية مجددا وتحاول احتواء أي توترات من خلال شراء السلم الاجتماعي.
وما كانت الجزائر لتبنى مثل هذه الإجراءات في ظل أزمة مالية ناجمة عن تداعيات اغلاقات كورونا وانخفاض أسعار النفط في السنوات الماضية، لكن حرب روسيا في أوكرانيا أشعلت أسعار الطاقة في العالم وخلقت أزمة إمدادات عالمية، ما ساعد الجزائر على استعادة التقاط أنفساها ماليا مع ارتفاع أسعار النفط والغاز وزيادة صادراتها بعد تقلص الصادرات الروسية خاصة لأوروبا.
وفي عهد الرئيس الجزائري الراحل عززت النظام سطوته من خلال مخصصات مالية للشباب ومنظومة دعم كبيرة للمواد الأساسية. وأسس صندوقا لفوائض إيرادات النفط جزء منه مخصص لتعزيز المكاسب الاجتماعية.
وجاء في بيان مجلس الوزراء اليوم الأحد أن الرئيس عبدالمجيد تبون وجه بأن تتم "زيادة الرواتب، على مدى السنتين 2023 ـ 2024 ليتراوح مستواها سنويا ما بين 4500 دينار إلى 8500 دينار (بين 31 و58 يورو)" وهو ما يجعل الزيادات "خلال السنوات الثلاث 2022، 2023، 2024، تصل إلى نسبة 47 بالمائة".
وتم كذلك رفع معاشات المتقاعدين لتتماشى مع الحد الأدنى المضمون للأجور وهو 20 ألف دينار (137 يورو). وبحسب البيان الذي أضاف أن منحة البطالة المقدرة حاليا بـ13 ألف دينار (نحو 90 يورو) سترتفع إلى 15 ألف دينار (102 يورو) مع "تكفل الدولة بأعباء التغطية الصحية" لهم.
ويبلغ معدّل البطالة في الجزائر نحو 15 بالمئة. وأعلن تبون في فبراير/شباط عن إنشاء "منحة البطالة" للعاطلين عن العمل في الجزائر وبدأ صرفها في الشهر التالي.
وتتأثر الجزائر، رابع أكبر قوّة اقتصاديّة في القارّة الإفريقيّة، بتقلّبات أسعار النفط بسبب اعتمادها على العائدات النفطيّة التي تمثّل أكثر من 90 بالمئة من إيراداتها الخارجيّة.
والأحد أيضا وقع الرئيس تبون قانون الماليّة لعام 2023 الذي اعتمد سعرا مرجعيا للنفط بـ60 دولارا للبرميل.
وتتوقع الميزانية بلوغ الصادرات 46.3 مليار دولار و36.9 مليار دولار من الواردات واحتياطيات من العملات الأجنبية قدرها 59.7 مليار دولار.
وقالت وكالة الأنباء الجزائرية اليوم الأحد إن ميزانية عام 2023 اعتمدت سعر السوق لبرميل النفط الخام عند 70 دولارا والسعر المرجعي عند 60 دولارا خلال الفترة 2023- 2025.
وذكرت الوكالة أن معدل التضخم المتوقع للعام المقبل هو 5.1 بالمئة، في حين يتوقع أن يسجل النمو الاقتصادي 4.1 بالمئة.
وأضافت الوكالة أن تبون وجه وزير الطاقة والمناجم بالشروع في العمل على زيادة إنتاج الغاز للمحافظة على معدل الاستهلاك المحلي وتعزيز التصدير لتنفيذ التزامات الجزائر مع شركائها الأجانب.
تعليقات الزوار
لا تعليقات