بعد إخفاق منتخب "أسود الأطلس" في تجاوز "ديكة" فرنسا" و الوصول إلى المباراة النهائية، و لكن ثمة يقين عند جميع العرب أن منتخب المغرب رفع هامات العرب و الأفارقة عاليا، و لعلهم الآن على بعد لقاء واحد من الحصول على الميدالية البرونزية... يقفون على منصة التتويج مع فريقي الأرجنتين و فرنسا فوق قمة الكرة العالمية، ينظرون إلى سفح جبل الكرة ليشاهدوا أوروبا في السفح تتطلع إليهم...، كم هي عظيمة نشوة التفوق العربي فوق الأراضي العربية...، و كما قال الإعلام المصري، شمس الكرة العربية أشرقت من المغرب...، فيما أطلق إعلام الإمارات على المنتخب المغربي لقب "منتخب لم الشمل".
كمية المشاعر التي فاضت في شوارع الدول العربية و دول العالم المسحوق في القارات المنكوبة "آسيا المتعبة و إفريقيا المنسية و المهملة و أمريكا اللاتينية الفقيرة و المحتقرة"، تؤكد أن ثلاثة أرباع الكرة الأرضية أصبح ناقما على دول العالم الأمامي، و على نظامه التمييزي، و أظن أن دعوات أزيد من ستة ملايير إنسان فوق هذا الكوكب من المساجد و الكنائس و الأديرة...، كانت كافية لتفتح للمنتخب المغربي هذا الطريق ليصل إلى هذا التتويج العالمي.
الإنجازات التي حققها المنتخب المغربي جعلت القلوب العربية تعود إلى فطرتها، و فتكت بأسباب التفرقة و الضغائن، ذلك أن نخبة القوات الخاصة في الجيش الجزائري نشرت على منصات التواصل الاجتماعي مقطعا لاحتفالات الجنود الجزائريين و هم يدعمون و يفرحون و يرقصون لنصر الأسود في المونديال القطري على البرتغال، و قال أحد أولئك الجنود "أن عناصر القوات الخاصة الجزائرية تبارك فوز المنتخب المغربي و أنهم يدعمونهم ... خاوة خاوة"، و رغم أن هذا الموقف من نخبة عناصر الجيش الجزائري كان يفترض أن يصبح مدعاة فخر لكل الجزائريين بعد انتصار العروبة على الخلافات و لو بشكل مؤقت...، إلا أن الصحفي الجزائري "عبود" و بعض النشطاء أكدوا بأن الجنود الذين ظهروا في المقطع، تم اعتقالهم و تحويلهم إلى المحاكمة العسكرية بتهم جد ثقيلة، بينها دعم أعداء الوطن و هي التهم التي تصل أحكامها القضائية إلى 10 سنوات سجنا.
و نحن على هذا المنبر الحر نتمنى أن تكون تلك الأخبار مجرد إشاعات و أن يخرج علينا الجنود بتسجيل ينفي الاعتقال و ما تداوله النشطاء في الجزائر و خارجها...، لكن موقف الجنود الرائع يحتم علينا التنويه به، و وضعه تحت مجهر الكشف و التمحيص لفهم أبعاده الكبرى، خصوصا و أن كلام الجنود الشباب يعكس وعيا عربيا متقدما و فطرة سليمة للجيل الثالث و الرابع، و يؤكد فشل استثمار النظام العسكري الجزائري في الكره و العداء الشعبي الراسخ للمغرب ، لأن عناصر كتيبة النخبة الجزائرية هم أنفسهم الذين أدوا اللوحات العسكرية في أخر استعراض عسكري خلال الذكرى الـ60 لتأسيس الجزائر التي كانت مملوءة بالرسائل للرباط، و هم أنفسهم الذين يجلسون كل أسبوع أمام قائد الجيش الجزائري "سعيد شنقريحة" كي يجدد كرههم لـ "العدو الكلاسيكي".
و هم نفس الجنود الذين تخرجوا من مدارس الجزائر التي لا تتوقف عن حشو عقول التلاميذ بأن الوحدة المغاربية مجرد وهم، يحاول به المغرب العبور منها للسيطرة على الجزائر و خيراتها و ثقافتها و مقدراتها...، و هم أنفسهم الذين يفتحون التلفاز الوطني الجزائر كل مساء ليشاهدوا برامج النظام عن خيوط المؤامرة المغربية و تفكيك شبكات المخدرات القادمة من حدود الجار الغربي...
مقطع الجنود و هم يدعمون المنتخب المغربي، قد يتسبب في إحباط كبير للنظام الجزائري عن بكرته، لأنه كشف قوة ظاهرة الحمية و العروبة المتجددة في قلوب الشعب الجزائري، و قد يمتد تأثيره ليتسبب في انقلاب على ثقافة العداء الشامل داخل النظام العسكري الجزائري، و المستوحى من الحرب الباردة، بل أيضا حتى داخل المخيمات، حيث لم تتوقف المناكفات و الصدامات بين الصحراويين منذ انتصار منتخب المغرب على إسبانيا، و سماع أصوات صراخ الصحراويين في المخيمات و على مقربة من البيت الأًصفر بعد كل تصدي ناجح لحارس المنتخب المغربي...، رغم أن "هنتاتة" البيت الأصفر و زبانية "إبراهيم غالي"، جيشوا هواتفهم و تطبيقاتهم للتذكير بأن المنتخب الذي يسانده الصحراويون، يمثل دولة الاحتلال...، لكن خابت مساعيهم و فشلوا في عزل الشعب الصحراوي عن عروبته، و خرجت جموع الصحراويين داخل المخيمات تتبادل التبريكات بكل اعتزار وفخرعبر تطبيقات التراسل و تعتبره نصرا عربيا قبل كل شيء.
ظهور هذه الطفرات داخل المخيمات و داخل الجيش الجزائري يؤكد أن ما يحدث من عداء بين أنظمة المغرب العربي ترفضه الشعوب و تعتبره مغامرات فردية...، و ما شاهده العالم في مقطع عناصر نخبة القوات الخاصة الجزائرية يزيد من تأكيد رفض الجيش الجزائري لأي خيار عسكري مع الجار الغربي، و أن النظام الجزائري قد يجد صعوبة في إقناع السواد الأعظم من الجيش الجزائري بحمل السلاح و تصويب فوهته إلى صدور الجيران، و أن الصفقات التي تسعى الجزائر لعقدها ماهي إلا استثمار في عتاد سيأكله الصدأ وعمولات بالملايين من الدولارات في جيوب كبار الجنرالات، و ثمة بعض النشطاء الذين قالوا بأن ضغوط أمريكا على الجزائر لمنعها من عقد صفقات مع روسيا و تجاهل الصين لمطالب الجزائر العسكرية، فيه انتصار للشعب الجزائري الذي ينادي صباح مساء باستثمار أموال البحبوحة الغازية الثانية لتطوير البنية التحتية، و رفع أداء المؤسسات إلى مستوى مقبول، و أخذ العبرة من دولة قطر و جيرانها الأثرياء.
و نقل نشطاء جزائريون أنباء تسبب أموال صفقات السلاح في أزمة صامتة بين بكين و الجزائر ظهرت تفاصيلها خلال القمة العربية الصينية بالرياض، و أضافوا بأن القمة التي كان مقررا أن يشارك فيها الرئيس الجزائري "تبون" مرفوقا بقائد الجيش الجزائري "سعيد شنقريحة" و برمجت خلالها قمة هامشية لكبير الجيش الجزائري مع شركات تصنيع عسكرية صينية، لأجل توقيع اتفاقيات نقل جزء من تكنولوجيا الصناعات العسكرية الصينية إلى الجيش الجزائري...، غير أن الصين فضلت الشراكة مع الرياض و توطين الصناعات العسكرية بها على الشراكة مع الجزائر، مما أغضب القيادة الجزائرية التي خفضت مستوى المشاركة في القمة إلى رئيس الحكومة.
التفاصيل التي سرّبها النشطاء، تقول أن ثمة خلاف جزائري صيني بدأ منذ قررت الصين إخضاع برنامجها لطريق الحرير إلى تحسينات، و رأى الخبراء في الجزائر أن التغييرات التي ستحدثها الصين على مسار تجارتها، ستؤثر على مشروع ميناء المياه العميقة في "شرشال"، و الذي تحاول الجزائر أن تنافس به سطوة ميناء طنجة المتوسطي، و أن الصين تريد الميناء المغربي أن يضل الركن الإفريقي القوي في مشروعها الفرعوني لطريق الحرير، خصوصا و أن هناك مطالب جزائرية بإزالة اللافتة التي نصبتها السلطات الجزائرية بين علمي الصين و الجزائر على ورش تهيئة ميناء "شرشال"، و التي كتب عليها عبارة "رباط الصداقة يجمعنا دائما… معا نُحقق طريق الحرير"، و أن الرأي العام الجزائري يعتبر أن مشروع الميناء المتوسطي لـ "شرشال" سينجح دون الحاجة إلى للمسة الصينية، كما نجح ميناء طنجة المتوسطي شمال المغرب...
بن بطوش للجزائر تايمز
تعليقات الزوار
لا تعليقات