أخبار عاجلة

الحرس الثوري الإيراني يقمع الشعب بوحشية خلف الأبواب المغلقة والوفيات بالجملة

على خلفية مقتل الشابة الإيرانية مهسا أميني، شدّدت السلطات الإيرانية من رقابتها على الإنترنت، وحجبت باقي مواقع التواصل الاجتماعي الغربية، التي لا تزال متاحة، مثل Instagram أو WhatsApp، وبحسب إحدى المنظمات غير الحكومية، قُتل 31 شخصًا منذ وفاة الشابة ذات الـ 22 عامًا.

وبحسب تقرير لصحيفة “لوموند” الفرنسية، فإن إيران تقوم بقطع شبكة الهاتف المحمول والإنترنت معظم اليوم تقريبًا. وبغض النظر عن المناطق الإيرانية، التي لا توجد فيها احتجاجات، فإن بعض المناطق الأخرى يهدّدٌ شبابها المحتجون من قبل السلطات الإيرانية، ما يؤكّد أن الاشتباكات بين السكان وقوات الأمن أكثر حدة في مناطق معيّنة.

وفي أعقاب موت الفتاة الإيرانية، سبّبت دعوة أطلقها ناشط إيراني، يوم الخميس الموافق 22 سبتمبر، على مواقع التواصل الاجتماعي، قلقًا كيرًا في البلاد، ما دفع طهران إلى حجب شبكات الهاتف والإنترنت على حد سواء. ولكن، لم يوقف هذا غضب الإيرانيين، وسرعان ما استُؤنفت التظاهرات والاشتباكات في المساء، على خلفية إطلاق النيران من قبل القوات الأمنية ومداهمات أحياء فيها احتجاجات، حتى في المباني السكنية.
يُذكر أنه في صباح يوم الجمعة المنقضي، أضرم متظاهرون في طهران ومدن إيرانية أخرى النارَ في مراكز ومركبات للشرطة، غضبًا على مقتل الشابة الإيرانية مهسا أميني، التي اعتقلتها هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وتوفيت في أثناء احتجازها، بسبب طريقة ارتدائها للحجاب الذي لم يرق للهيئة. ولا يبدو أن هذا يمكن أن يمر بسلام، لأن بعد أسبوع من وفاتها، شدّدت السلطات من رقابتها على الإنترنت، وحجبت مواقع التواصل الاحتماعية، التي من شأنها أن تؤجج غضب الإيرانيين، وتزيد من احتجاجهم وتجمّعهم على مجابهة النظام.

ووفقًا لشركة Netblock، المتخصصة في رصد شبكة الإنترنت، فإن البلاد تخضع الآن لأشد القيود منذ الحملة الدموية على الاحتجاجات، في نوفمبر 2019، والتي خلّفت مئات القتلى. كما لاحظت Netblock، تنفيذ عمليات حظر جديدة، لا سيما استهداف منصات Instagram وWhatsApp، التي تَعطّل الوصول إليها الآن بشدة في البلاد.
كما أثّرت هذه المعوقات الكبيرة على شبكات مشغلي الهاتف المحمول الرئيسيين، ولوحظت انقطاعات محلية في الوصول إلى الإنترنت، لا سيما في سنندج، عاصمة إقليم كردستان الإيران، وفي طهران خلال المظاهرات.
قبل بَدء الاحتجاجات، كانت إيران بالفعل واحدة من أكثر الدول التي فرضت قيودًا على الوصول إلى الإنترنت. لم يكن الوصول إلى Facebook وTwitter وYouTube متاحًا لعدة سنوات، على الرغم من أن بعض مسؤولي النظام بما في ذلك آية الله خامنئي، يمتلكون حسابات على Twitter، ناهيك عن أنه يتم أيضًا حظر رسائل Telegram، كانت الشبكة الاجتماعية الرئيسية المستخدمة في البلاد، حتى هذا الأسبوع؛ هي موقع الــInstagram.

وبحسب ما ترجمته “وطن”، بعد عدة سنوات من حجب مواقع التواصل، اعتاد الإيرانيون على اللجوء إلى أدوات التحايل على الرقابة، مثل: الشبكات الخاصة الافتراضية، التي تسمح لهم بالوصول إلى التطبيقات والمواقع المحجوبة من قبل مزودي الخدمة على الإنترنت، وبثت عدة حسابات على إنستغرام صورًا لمظاهرات وعنف من جانب الشرطة صورها شهود في الأيام الأخيرة.
ومع استمرار الاحتجاجات على مدى خمسة أيام، بدأت أسماء ووجوه ضحايا القمع بالظهور على مواقع التواصل الاجتماعي. فقد دُفن الإيراني مينو مجيدي، ذو الـ63 عاماً، صباح الخميس في كرمانشاه، حيث قُتل في مظاهرة يوم الأربعاء. وبحسب منظمة حقوق الإنسان الإيرانية غير الحكومية، ومقرّها أوسلو، قُتل ما لا يقل عن 31 متظاهراً في الاحتجاجات الأخيرة. في المقابل، أعلنت السلطات الإيرانية عن مقتل 17 ضحية، منهم المتظاهرون وأعوان الشرطة.

هذا وقد تمّ اعتقال ما لا يقل عن ستة نشطاء في سنندج. وفي طهران، أُلقي القبض على الصحفية الإيرانية نيلوفر حميدي، التي كشفت عن وفاة مهسا أميني، من منزلها صباح يوم الخميس، وهي صحفية تعمل في صحيفة الشرق الإيرانية، وكانت وراء الكشف عن العديد من حالات انتهاك الحقوق الإنسانية، من قبل شرطة الأخلاق.

“اعتقال العديد من الطلاب”
كما تلقّت صُحفية إيرانية أخرى، لعبت دورًا مهمًا في التغطية الإعلامية لقضية مهسا أميني، وهي إلاهي محمدي، زيارة من عملاء المخابرات في منزلها يوم الخميس. في فترة ما بعد الظهر، حيث تمّ تفتيش شقته ومصادرة هاتفه المحمول وجهاز الكمبيوتر الخاص به ووثائق هويته. إلاهي محمدي الحائزة على العديد من الجوائز الصحفية، سافرت إلى مسقط رأس مهسا أميني في ساغز في كردستان، حيث أجرت مقابلة مع والد الشابة، من حهته، لم يتوقف هذا الأخير عن اتهام الشرطة الإيرانية بإساءة معاملة ابنته، وأنها سبب في وفاتها.

وبحسب محامي العديد من السجناء السياسيين، محمد علي كامفيروزي، فإن “موجة جديدة من القمع تتساقط على جامعات البلاد، حيث إن المؤسسات الأكاديمية كانت في طليعة التحدي والاحتجاجت في الأيام الأخيرة”. وكتب محمد علي كامفيروزي على تويتر: “تم اعتقال أو استدعاء العديد من الطلاب”.
من ناحية أخرى، من الصعب في الوقت الحالي، معرفة مصير الأشخاص الذين تم اعتقالهم، لكن تم إطلاق سراح البعض بالفعل، كما أوضحت امرأة إيرانية من أصل كردي تعيش في طهران، تم الاتصال بها عبر WhatsApp، خلال واحدة من الأوقات النادرة جدًا التي كانت فيها الشبكة متاحة، حيث أوضحت: “من بين معارفي، تم اعتقال أربعة في المظاهرات: هم من سنندج ومريفان، في كردستان، فضلا عن ذلك، تم القبض على ابنة عمي في بوكان، في أذربيجان الغربية”.

ولفتت: “لقد تم الإفراج عنهم جميعًا بعد يوم أو يومين، بسبب ضيق الأماكن في مراكز الاحتجاز. لكن تم استدعائهم واستجوابهم جميعًا منذ ذلك الحين. ناهيك عن أن جسد ووجه ابنة عمي مغطيان بالكدمات، لكنها ترفض رفضًا قاطعًا الحديث عما حدث لها”.
غضب بعض المشاهير
تسببت وفاة مهسا أميني وموجة الاحتجاج التي أعقبت ذلك، في ضجة كبيرة، إلى درجة أن بعض المشاهير الذين عادة ما يكونون صامتين، وحتى راضين عن النظام، عبّروا عن سخطهم. نشر علي كريمي نجم كرة القدم والقائد السابق للمنتخب الوطني، المنتقد الدائم لأعمال العنف التي يرتكبها النظام صوراً لضحايا القمع على صفحته على إنستجرام، بينهم مهسا أميني.

علاوة على ذلك، نشرت بعض الشركات الناشئة الناجحة، مثل Tetsi و Snapp، النظير الإيراني لتطبيق أوبر، رسائل تعزية بعد وفاة الشابة. ولم يتأخر رد الدولة، حيث اضطرت هذه الشركات إلى سحب ما كتبته سريعًا بعد تلقيها مكالمات تهديد من الجهات القضائية.
وكإنذار بتزايد القمع، شدد الحرس الثوري، الجناح الإيديولوجي العسكري للجمهورية الإسلامية نبرته وقالوا في بيان صدر يوم الخميس: “لقد طلبنا من الجهات القضائية تحديد من ينشر أخبارًا وشائعات كاذبة حول وسائل التواصل الاجتماعي، التي تعرّض الشوارع الإيرانية للخطر وتقوض السلم العام وسلامة المجتمع، أن تتعامل معهم بحسم”.

من خلال إصدار هذا التحذير، يبعث جهاز النخبة في جهاز الأمن الإيراني برسالة مفادها أنه مستعد لقمع الاحتجاجات بشدة لحماية النظام. وحثت صحيفة “كيهان” اليومية المتشددة، التي تم تعيين رئيس تحريرها من قبل المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي، قوات الأمن على عدم الرحمة وترك المجرمين دون عقاب”.

اضف تعليق

شارك

تعليقات الزوار

لا تعليقات