قضى ستة أشهر متنقلا بين سجون غرداية والأغواط والبويرة. هي المرة الثالثة التي يزور فيها السجن، بعد العقوبة الأولى التي إستفاد فيها من تخفبض العقوبة، حيث أدانته المحكمة بسبع سنوات عن تهمة التخابر مع جهات أجنبية، بسب حوار صحفي. ليعود إلى السجن سنة 2020 بسبب نشاطه في الحراك الشعبي، قبل أن يستفيد من الافراج.
ويروي مرزوق تواتي في هذا الحوار الظروف القاسية التي مر بها خلال هذه الزيارة الثالثة للسجون الجزائرية
كيف كانت ظروف سجنك للمرة الثالثة في حياتك؟
الحبس يبقى حبس كما يقول المثل، حتى أبجديات النظام تعرف الحبس على أنه سالب للحرية. كل حركاتك محدودة وعلاقاتك مع عائلتك محدودة وحقك في المعلومة محدود. لديك الحق في قناة اليتيمة فقط، بينما الجرائد لا تدخل وإذا دخلت فتمر أولا على مخبر التفتيش.
وماذا عن الكتب، هل كانت تدخل لك أم ممنوعة كذلك؟
هناك سجون صغيرة لا توجد فيها الامكانات التي توفر للمحبوس مطالعة الكتب أو أي خدمات أخرى. وهناك سجون مركزية، هي سجون كبيرة تتوفر على المكتبات وخدمات أخرى مختلفة. لكن الكتب المتوفرة عادة هي الكتب الدينية، لأن إدارات السجون تنطلق من ذهنية أن السجين بحاجة للتوبة كي لا يعود إلى الجريمة عند مغادرته السجن.
أما إذا أحضر لك أفراد عائلتك كتبا من خارج السجن، فتمر هذه الأخيرة على التفتيش وعادة الكتب السياسة غير مسموح بدخولها، ويسمحون فقط بدخول القصص الاجتماعية والكتب التي لا تحمل أي محتوى سياسي بشكل عام.
مثلا، ما هو الكتاب الذي منعوه عنك؟
منعوا عني مثلا كتاب لنعوم شومسكي، عن الارهاب، مع أن هذا الأخير ينتقد الولايات المتحدة ويتهمها بالإرهاب.
نعوم شومسكي كان من بين المثقفين العالميين الذين ساندوا الصحفي خالد درارني عندما كان في السجن وطالب بإطلاق سراحه. ربما هذا لموقف هو الذي جعل إدارة السجون عندنا تصنف كتبه في قائمة الكتب الممنوعة على المساجين.
ما عدا جانب الحريات، هل تعرضت لسوء المعاملة؟
في غرداية مثلا، قالت الادارة « أنت هنا أمانة ». فلا توجد تجاوزات، عليك فقط أن تحترم الناس فيستحرمونك.
أما سجن الأغواط، فهو عالم آخر، هو سجن معروف بتجاوزاته ومثلما يقال بالعامية « سجن محروق » والذين ينقلون إلى سجن الأغواط هم المساجين ذوي السمعة السيئة، وينقلون هناك من أجل معاملتهم معاملة سيئة. التجاوزات بدأت بمجرد وصولي هناك. كنا خمسة محبوسين تم نقلنا سويا من غرداية إلى الأغواط، حيث دخلنا مصطفين ومر كل واحد منا على إستجواب حول أسباب دخوله السجن.
أتذكر أن الأربعة الذين كانوا معي كلهم محبوسين من أجل جرائم الحق العام، وعندما سألوني وقلت لهم أنني دخلت السجن بسبب منشوراتي، كان رد فعلهم في البداية بالضحك والتهكم. من بين ما قيل لي « ههه تكتب منشور وتحسب روحك صحفي ههه ». ولما بدأت لغة التهديد قلت لهم « إن كان لديكم أي حساب معي قابلوني أمام المحكمة ».
ثم سألوني « أنت من جماعة فخار أليس كذلك »؟ إعتبروني من السكان الميزابيين وفهمت من رد فعلهم أنهم يحملون خلفية عن الميزابيين. وفي الأخير قيل لي صراحة « هنا تخطأ خطأ صغيرا ستدفع الثمن غاليا ».
لماذا نقلوك إلى الأغواط؟
سجن غرداية هو مؤسسة مؤقتة، بعد إدانتك يتم آليا نقلك إلى مؤسسة عقابية أخرى. في البداية كانوا يريدون نقلي إلى منيعة، لكنني إحتجت على وطلبت تقريبي من مقر سكناي، بجاية. فنقلوني إلى الأغواط، مع أن غرداية والأغواط تبعدان بنفس للمسافة تقريبا عن بجاية.
وبعدها نقلوك إلى البويرة؟
قضيت حوالي شهر في الأغواط. وصلت في أول مارس، سألتهم هل أنا فيعبور فقط وسأواصل التنقل حتى أتقرب من بجاية أم أنني مستقر هناك، فكان جوابهم أنني مستقر. حينها قررت الدخول في إضراب عن الطعام وقمت بكل الاجراءات من أجل ذلك، لكنهم تجاهلوني، أو كما يقال بالعامية « ضربوا النح ».
كانوا يعتقدون أنني سأجوع وسأعود للأكل، لكني أضربت عن الطعام لمدة 11 يوما. ولم أجد أثناء هذا الاضراب الرعاية اللازمة، بل عاملوني وكأني غير مضرب وكنت أضطر للخروج إلى لساحة في ظل حرارة شديدة. وهذا ما أتعبني كثيرا. حتى الدواء إضطرت عائلتي لتشتريه من خارج السجن، حتى تخفف عني آلام الكلى والبطن. ولما ساءت حالتي كثيرا نقلوني على جناح السرعة إلى المستشفى ومكثت هناك خمسة أيام في الانعاش.
الأطباء أخبروني أن كليتي كادت أن تتوقف عن الاشتغال، زيادة إلى إنتفاخ القولون الذي أثر على أن الرئتين ومن ثمة زاد لضغط على قلبي الذي كاد أن يتوقف كذلك عن الاشتغال… بإختصار كنت على حافة الموت
ومن المسشتفى حولوك إلى البويرة مباشرة؟
لا عدت إلى سجن الأغواط وكان قرار تخفيض عقوبتي قد وصل يوم الثاني أفريل، لكنهم لم يخبروني بذلك إلا بعد أسبوعين. أعتقد أنني إستفدت من قرار إستثنائي بتخفيض عقوبتي بعد الأخبار التي إنتشرت عن حالتي الصحية وتدخلات المنظمات غير الحكومية.
و كيف تعاملوا معك في البويرة؟
معاملة عادية وإلتقيت هناك بباقي المعتقلين الذين وجدتهم في حالة جيدة
تعليقات الزوار
لا تعليقات