واحد من أكبر المحاور في منتدى الطاقة الألماني-الإفريقي لعام 2022، الذي أنعقد في هامبورغ الألمانية من الأول وحتى الثاني من الشهر الحالي، هو ما يخصّ احتياطيات إفريقيا الضخمة من النفط والغاز، فقد تحدثت تقارير عام 2017 عن وجود 148.6 تريليون متر مكعب من احتياطيات الغاز في إفريقيا، أي أكثر من 7 بالمئة من الاحتياطيات العالمية.
تصدرت نيجيريا عام 2019 صادرات النفط الخام في إفريقيا، حيث باعت أكثر من مليوني برميل بشكل يومي من النفط، وفي العام نفسه، بلغ إجمالي إنتاج النفط والغاز في إفريقيا 327.3 مليون طن متري، وتقترب حاليا مساهمة إفريقيا في صادرات النفط العالمية من 9 بالمئة.
طموح كبير
وتنظر ألمانيا اليوم إلى الغاز الإفريقي كبديل عن الغاز الروسي، في أعقاب الغزو الروسي لأوكرانيا، إذ أصدر الاتحاد الأوروبي عقوبات كبيرة على روسيا، وتخطط ألمانيا للتخلص من النفط والغاز الروسيين، لذلك كان اجتماع هامبورغ فرصة كبيرة للفاعلين في قطاعي الطاقة، الألماني والإفريقي، لأجل خلق شراكات مربحة للجانبين.
ولأجل الوصول إلى هذا الهدف، تحرص العديد من الشركات الألمانية على تمويل مبادرات في القارة السمراء لأجل إنتاج الطاقة الهيدروجينية، ثم تصديرها إلى أوروبا. كما يجذب الغاز الإفريقي الشركات الألمانية لأن الغاز الطبيعي ينتج انبعاثات كربونية أقل من الوقود الأحفوري.
الشهر الماضي، أعلنت المفوضية الأوروبية عن خطط لاستيراد 10 ملايين طن سنوياً من الهيدروجين المتجدد لتحل محل الوقود الأحفوري في العديد من الصناعات والمركبات، وترغب الدول الإفريقية بأن تكون مساهمة في هذا التحول.
تقول أماني أبو زيد، مفوضة الاتحاد الأفريقي للطاقة والبنية التحتية، إنه لكي تتغلب أوروبا على تحدياتها الأمنية الحالية، فإنها بحاجة إلى التعامل أولاً مع أزمة الطاقة، ما يعني بناء شراكات قوية مع إفريقيا. وتابعت أن أمن أوروبا الآن لا يقتصر فقط على الأسلحة، بل كذلك بالوقود والطاقة والطعام، مضيفة لا أحد في أوروبا آمن حتى نكون جميعا آمنين.
تحديات واسعة
لكن رغم هذه النظرة الطموحة لإفريقيا، والتعويل عليها لتوفير الهيدروجين المتجدد لأوروبا، فنصف السكان يفتقرون إلى الوصول إلى الطاقة النظيفة، ونتيجة لذلك تعتمد الكثير من الأسر على حرق الكتلة الحيوية (النفايات أو المواد من أصل طبيعي) لأجل الحصول على الطاقة.
ومثال ذلك أن جل الأثيوبيين يعتمدون على وقود الكتلة الحيوية، ما يؤثر بشكل مباشر على إنتاج الأراضي، وفق ما يؤكده مسؤول إثيوبي لـDW، لكنه يؤكد أن بلاده تسعى إلى التحول نحو الطاقة المتجددة، وذلك من خلال الانتقال من الطاقة الكهرومائية حصراً إلى مصدر طاقة متنوع كالطاقة الشمسية والطاقة الريحية والطاقة الحرارية الجوفية ومصادر أخرى. وما يسهل الأمر لإثيوبيا أنها تحظى بخزانات المياه الجوفية والسطحية الضخمة، الأمر الذي يتيح التفاوض لإنتاج طاقة الهيدروجين.
تتحدث غرفة الطاقة الإفريقية، وهي منظمة غير ربحية تدعم الشراكة الألمانية-الإفريقية، عن أن القارة الإفريقية تحتاج إلى حلول مبتكرة لأجل إنهاء الفقر الطاقي بحلول عام 2030. كما ذكرت اللجنة الاقتصادية لإفريقيا، في بيان صحفي صدر قبل زيارة المستشارة الألماني أولاف شولتز لإفريقيا نهاية الشهر الماضي، أن انقطاع الكهرباء أصبح حدثاً يومياً على الرغم من احتواء القارة على إمكانات كبيرة للغاز الطبيعي والهيدروجين.
ومن المتوقع أن تزداد الأمور سوءا ما لم يتم اتخاذ تدابير استباقية لزيادة قدرة التوليد. وجاء في البيان كذلك أن حوالي 900 مليون شخص يفتقرون إلى حلول الطهي النظيف بسبب ضعف الاستثمار ومشاكل الانتقال الطاقي.
وفي جنوب إفريقيا، ورغم أن حكومة الرئيس سيريل رامافوزا طورت سياسة لتشجيع استخدام الهيدروجين، إلا أن الشركات الصغيرة التي ترغب في دعم انتقالها إلى الطاقة المتجددة تفتقر إلى رأس المال اللازم، وفق ما تؤكده مستثمرة جنوب إفريقية، اسمها زانبيل مافوسو.
ويظهر التناقض صارخا، ففي حين أن معظم الدول الأفريقية تنتج القليل من الكربون، فهي تعدّ الأكثر تضرراً من عواقب تغير المناخ، وفي الآن ذاته، تعدّ الشريك الرئيسي في التخلص من الكربون من الاقتصاد العالمي.
فهل تنجح القارة الإفريقية في ربح الرهان؟ الأمر لا يخصها لوحدها، فأوروبا مدعوة كذلك لبناء شراكة أكثر قوة تدعم الدول الإفريقية وتجعلها على خط المساواة في الانتقال نحو الطاقة الخضراء.
تعليقات الزوار
لا تعليقات