يستعد الصحفي المغربي علي أنوزلا، المعتقل سابقا على خلفية نشر صحيفته الالكترونية “لكم” رابطا خارجيا لشريط مسجل يحوي خطابا “ارهابيا”، لاطلاق موقع جديد يحمل نفس الاسم. ومن المرتقب ان تنطلق النسخة الثانية من الصحيفة “لكم 2″ في العاشر من آب/ أغسطس القادم، بحسب ماورد في المقابلة الصحفية التي أجرتها معه قناة فرانس 24 في موقعها الرسمي. وأوضح الصحفي، الذي تحول موضوع اعتقاله تحت طائلة تهمة تدخل في نطاق قانون الارهاب، ومحاكمته بالقانون العام بدل قانون الصحافة، الى قضية رأي عام محلي ودولي، ان “موقع +لكم.كوم+ ما زال محجوبا في المغرب بقرار من السلطات المغربية”، مشيرا الى انه وجه مراسلات منذ أزيد من سنة الى كل من رئيس الحكومة والنيابة العامة. وعلى حد قوله: “لم أتوصل لأي رد حتى الآن”، ويتابع أنوزلا، مؤكدا انه يعتبر “أن موقع +لكم.كوم+ ما زال ممنوعا في المغرب”. وأفاد علي انوزلا ان “الموقع الجديد، الذي أعتزم إطلاقه هو موقع +لكم2.كوم+، وهو استمرار لنفس الخط التحريري للنسخة الأولى للموقع الممنوعة في المغرب”، لافتا الى انه “لا يوجد قانون ينظم الصحافة الإلكترونية في البلاد”، موضحا ان “إصدار مواقع إلكترونية لا يخضع لأي ترخيص أو تصريح مسبق من السلطات”، مضيفا ان كل ما يوجد “هي مذكرة مشتركة صادرة عن وزيري العدل والاتصال إلى النيابة العامة لفرض تراخيص مسبقة على إصدار أي موقع الكتروني”، مبرزا ان “المذكرة لا تكتسب قوة القانون وبالتالي فإن استعمالها مازال مزاجيا في التعامل مع المواقع الإلكترونية حسب خطوطها التحريرية”. وفي حديثه حول الشروط المهنية في مجال الصحافة المغربية، أوضح المتحدث ان من “يعرف الواقع المغربي يدرك أن السلطات عملت طيلة سنوات على القضاء على النموذج الاقتصادي لإنجاح مؤسسات إعلامية مستقلة من خلال التحكم في موارد الإعلانات وتوجيهها لخنق المقاولات المستقلة”، معتبرا ان “ميلاد أي تجربة مستقلة في الإعلام المغربي هو مغامرة محفوفة بالكثير من المخاطر”، مفيدا من خلال تجربته الخاصة في موقع “لكم2.كوم”، ان “طريق الصحافة المستقلة، هو اختيار، ومن يختار عليه أن يتحمل مسؤولية اختياره”. وعن امكانية تأثير “المحنة” التي عاشها الموقع السابق على الخط التحريري لـ “لكم2″، استبعد رئيس تحرير “لكم” المحجوب امكانية “أن يؤثر على خطنا التحريري المستقل”. مفصحا انه “ما يمكنه أن يحول دون العمل بنفس الخط التحريري هو السجن أو سياسة التضييق أو الخنق الاقتصادي”، وهو ما قد يؤدي، بحسب تعبير أنوزلا “لا قدر الله، إلى قتل المشروع″. مؤكدا على انه “ما عدا ذلك، أتمنى أن يكون للمحنة التي عشتها شخصيا تأثير إيجابي على الحياة الجديدة للموقع الذي كسب احترام وتقدير قراءه في السابق، وتعاطفهم وتضامنهم معه أثناء محنته”. وحسب أنوزلا فـ”الصحافة الإلكترونية حملت معها الكثير من الإيجابيات والكثير من السلبيات”. مختزلا اهم ايجابياتها في “توسيعها لهامش حرية التعبير”. مشيرا بالقول انه “مع الأسف هناك من استغل هذا الهامش للإساءة لرسالة الصحافة النبيلة ولأخلاقيات المهنة، لدرجة أن سلبيات هذه الصحافة غلبت وغطت على إيجابياتها خاصة مع تراجع هامش الحرية المسؤولة داخل الكثير من المواقع التي تدعي ممارسة مهنة الصحافة”. لافتا الانتباه الى ان “ما تفتقده الصحافة الإلكترونية اليوم هو المهنية، وهي بذلك لم تساهم في تطوير المهنة وإنما في الإساءة إليها والإضرار برسالتها النبيلة”، مبديا أسفه على هذا الوضع بالقول: “خاصة وأنه يحدث بتواطؤ وأحيانا بدعم من السلطة التي تريد تمييع الحقل الإعلامي” . وحول الوضعية الصعبة التي يعيشها الجسم الصحافي المغربي في الوقت الراهن جراء التضييق الذي تواجه به حرية تعبير الصحفي وما يواجهه الصحافيون من اعتداءات، رضوان الحفياني كمثال، اضراب علي المرابط عن الطعام، القضاء بغرامة مالية على موقع “كود” فضلا عن حالات أخرى، وباعتباره عضوا في جمعية “لجنة حماية حرية الصحافة والتعبير في المغرب” المعروفة اختصارا بـ”الحرية الآن”، والتي “مازالت ممنوعة في المغرب”، على حد تعبير رئيس التحرير السابق، قال “كنا السباقين إلى دق جرس الإنذار المبكر حول التراجعات الكبيرة التي يشهدها مجال حرية الرأي والتعبير في المغرب منذ عام 2013، وقد أصدرنا في هذا الصدد تقريرا بعنوان +حرية مقيدة+ نرصد فيه الانتهاكات والتضييقات التي يعاني منها مجال الحريات بصفة عامة في المغرب، وعلى الخصوص حرية الصحافة”. مشددا على ان “ما يحدث اليوم في المغرب يكاد يشبه انتقاما من السلطات من كل الأصوات الحرة والمستقلة التي رفعت صوتها منتقدة أثناء الحراك الشعبي الذي عرفه المغرب بتأثير من الربيع العربي قبل أربع سنوات”. وحول تعليقه عن واقعة قرار رئيس “النقابة الوطنية للصحافة المغربية” عبد الله البقالي، ارجاعه بطاقته الصحفية الى وزارة الاتصال (الجهة المسؤولة عن استصدار البطاقة الرسمية للصحفي) أجاب المتحدث بالقول ان “المبدأ هو أن الصحافي المستقل لا يحتاج إلى سلطة أخرى لتعترف له بهويته الصحافية، وخاصة إذا كانت هذه السلطة تنفيذية كما هو الحال في المغرب”، مسترسلا انه “كان على رئيس هذه النقابة التي تدعي أنها تمثل الصحافيين أن يدافع عن مبدأ استقلال الصحافيين ويطالب وزارة الاتصال برفع يدها عن ملف منح البطاقات المهنية للصحافيين”، موضحا انها “ليست مهمة وزارة الاتصال، وهذا يتناقض مع مبدأ استقلالية الصحافة”، مضيفا “انا شخصيا أرفض منذ سنوات طلب بطاقة الصحافة من جهة حكومية يفترض في كصحافي مستقل أن أكون مستقلا عنها”. واعتبر الصحافي “أن هناك قضايا أهم من مناقشة نوايا رئيس هذه النقابة التي لم تبادر إلى التضامن مع محنة الزميل علي المرابط وسكتت عن محنة صحافيين آخرين لا يشاطرونها الرأي”، وفق تعبيره. وأوضح الصحفي علي انوزلا في معرض جوابه عن مسؤولية الصحفيين فيما يتعلق بهذا الوضع ان “الصحافيون المهنيون، وخاصة المستقلون منهم يتحملون مسؤولية التردي التي تعاني منه مهنتهم”، مستدركا انهم “ليسوا وحدهم المسؤولين عن هذا التردي”، لافتا الى ان تمة “السلطة أولا المسؤولة عن حالات التضييق وأذرعها التي تتدخل لتشجيع تمييع المهنة من خلال مواقع مشبوه في تمويلها تلعب دورا سلبيا في تمييع المهنة”. ووعد رئيس التحرير المرتقب لموقع “لكم2″ في نهاية حواره الذي أجراه معه الصحفي بقناة فرانس 24 لصالح موقعها الرسمي، بوعلام غبشي،جمهور الموقع “بالكثير من المهنية وبسقف عال من الحرية وبمصداقية أكبر في تحري الأخبار”. وجدير بالذكر ان السلطات المغربية كانت قد أوقفت صباح الثلاثاء 17 أيلول/ سبتمبر من العام 2013، كما ورد في بلاغ للمدعي العام، مدير موقع “لكم” علي أنوزلا في العاصم الرباط، على خلفية نشر الموقع لرابط يحيل على رابط آخر لشريط توثيقي منشور على يوتيوب، كانت قد نشرته اول مرة صحيفة الباييس الاسبانية على موقعها، وهو منسوب لتنظيم “القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي” المحضور اعتبره ذات البيان”دعوة صريحة وتحريضًا مباشرًا على ارتكاب أفعال إرهابية بالبلاد”. وكان قد جاء في بلاغ الادعاء العام انه على خلفية الشريط التسجيلي المنشور في الموقع “أمرت النيابة العامة الشرطة القضائية بإيقاف المسؤول عن الموقع الالكتروني المذكور، قصد البحث معه حول الموضوع″. ونشر موقع لكم المستقل بنسختيه العربية والفرنسية، في شهر أيلول/ سبتمبر 2013 رابط فيديو منسوب لفرع تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، ويحمل عنوان “المغرب: مملكة الفساد والاستبداد”. ودعا الفيديو الذي تقارب مدته 40 دقيقة الى “الجهاد” كما “انتقد النظام الملكي وشخص الملك بشدة”، قبل ان تسارع إدارة موقع يوتيوب الى حذف الشريط لعدم احترامه القواعد الخاصة المتعلقة “بالتحريض على العنف”. وأوضحت خلالها ادارة موقع لكم ان “نشر فيديوهات القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي ممارسة عادية لدى وسائل الإعلام الأجنبية ومن بينها وسائل الإعلام الفرنسية”. وأصدر أنوزلا، في وقت سابق، بيانا من السجن يؤكد فيه للرأي العام أنه قرر توقيف الموقع إلى حين مغادرته السجن. وبرر أنوزلا هذا القرار، من خلال ذات البيان، أنه جاء “استشعارا منه كمدير مسؤول ورئيس تحرير بانتفاء المسوؤلية الأدبية والقانونية في علاقة بما ينشر به بموازاة تواجدي رهن الاعتقال”. وخلف اعتقال علي أنوزلا تداعيات قوية داخل وخارج المغرب، تفاعل معها الرأي العام المغربي والدولي، وأثارت تنديد العديد من المتتبعين، وقد أجمعت هيئات وجمعيات حقوقية مغربية واجنبية على إدانة اعتقال السلطات الأمنية ناشر موقع “لكم”، بعد نشره لرابط الشريط المذكور معتبرة أن “اعتقال هذا الصحفي يعد حلقة جديدة من حلقات التضييق على الإعلام في البلاد”. وقد افرجت السلطات المغربية، ظهر يوم الجمعة 25 تشرين الاول/ أكتوبر من نفس السنة، عن علي أنوزلا بعد حملة دولية واسعة طالب من خلالها المتضامنون مع قضية اعتقاله، الحكومة المغربية الاسراع في اطلاق سراح الصحفي المغربي المعتقل. وكان قد صرح المحامي حسن السملالي، أحد أعضاء فريق الدفاع عن أنوزلا، عقب اطلاق سراحه بأن “قاضي التحقيق أصدر قرارا صباح اليوم بإطلاق سراح موكله” من سجن سلا (شمال الرباط) الذي أمضى فيه ما يقارب الشهر رهن الاحتجاز الاحتياطي. نبيل بكاني
علي أنوزلا يخرج عن صمته ويعلن عن موعد اطلاق صحيفة “لكم 2″

تعليقات الزوار
لا تعليقات