أخبار عاجلة

أكثر من 10 آلاف مواطن ليبي يطالبون بتوحيد مؤسسات الدولة وإنهاء الانقسام السياسي

في استمرار لجهود البعثة الأممية للدعم في ليبيا ومحاولتها وضع خارطة طريق جديدة تقود البلاد نحو الانتخابات، وتقنع أطراف النزاع، فقد أعلنت عبر بيان نشرته في موقعها الإلكتروني، أن أكثر من 10 آلاف مواطن ليبي شاركوا في استطلاع إلكتروني للرأي حول مستقبل العملية السياسية، في محاولة لإشراك الرأي العام في وضع الخارطة الجديدة وإنهاء المراحل الانتقالية.
وركز الاستطلاع الذي أطلقته البعثة الأممية على تقييم المقترحات الأربعة المقدمة من اللجنة الاستشارية بشأن صيغة المرحلة المقبلة، إلى جانب جمع آراء الليبيين حول أولوياتهم وشروطهم لنجاح الانتقال السياسي، بالتزامن مع مشاورات ميدانية تجري في مختلف مناطق ليبيا.
ووفقاً للبعثة، فقد أظهرت النتائج الأولية للاستطلاع أن أغلب المشاركين يضعون توحيد مؤسسات الدولة وإنهاء الانقسام السياسي في صدارة الأولويات، تليها ملفات إصلاح القطاع الأمني، واستعادة سيادة القانون، وضمان المحاسبة عن انتهاكات حقوق الإنسان.
كما عبّر كثير من المشاركين عن مخاوفهم من حالة الانفلات الأمني وتدهور الخدمات، خصوصًا في المناطق الخارجة عن سيطرة واضحة لأي جهة رسمية.
وضمن المداخلات المكتوبة، برزت مطالبات واسعة بتشكيل حكومة انتقالية جديدة تقود البلاد نحو انتخابات محددة بجدول زمني صارم، مع الدعوة لإزاحة الأجسام السياسية القائمة بسبب فشلها في تحقيق تطلعات الليبيين. واعتبرت هذه المقترحات خطوة ضرورية لإعادة الثقة في الدولة والمؤسسات.
وبخصوص التصويت على الخيارات الأربعة، تباينت الآراء بين مؤيد لإجراء انتخابات رئاسية وتشريعية متزامنة، وآخرين يفضلون صيغة تبدأ بانتخابات تشريعية يليها اعتماد دستور دائم، بينما أبدى بعض المشاركين تأييدهم لبدء المسار من خلال إقرار الدستور قبل أي انتخابات.
كما طرح البعض خيارًا رابعًا يدعو إلى إطلاق حوار سياسي جديد يُنتج ترتيبات انتقالية تُبنى على توافقات سياسية أوسع، وتراعي الظروف الأمنية الحالية.
وشددت الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة في ليبيا، هانا تيتيه، على أهمية المشاركة الشعبية، مؤكدة أن البعثة تستمع لآراء جميع الليبيين من مختلف المناطق والفئات، بما في ذلك النساء والمكونات الثقافية والأشخاص ذوي الإعاقة.
ودعت إلى مشاركة أوسع من الجنوب والشرق لتوسيع قاعدة التمثيل وضمان شمولية المخرجات.
وأعلنت أيضًا أنها ستجري استطلاعين إضافيين عبر الهاتف من خلال شركة متخصصة لضمان وصول الاستطلاع إلى شرائح أوسع من المجتمع الليبي، خصوصًا ممن لا تتوفر لهم وسائل المشاركة الإلكتروني.
وتتوقع البعثة أن تُستخدم نتائج هذه الاستطلاعات كجزء أساسي من المدخلات التي ستُبنى عليها خارطة طريق جديدة تقود إلى انتخابات، يفترض أن تنهي واحدة من أطول مراحل الجمود السياسي والانقسام في تاريخ البلاد الحديث.
وبينما لا تزال نتائج الاستطلاع أولية، فإنها ترسم ملامح واضحة لما يريده الليبيون: سلطة موحدة، انتخابات شفافة، وخروج حاسم من دوامة الانقسام. وفي المقابل، تبقى الكرة في ملعب القوى السياسية، التي يُنتظر منها أن تتجاوب مع هذه المطالب وتحوّلها إلى خطوات عملية على الأرض.
وفي سياق تحركات البعثة الأممية، فقد استقبلت الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة، هانا تيتيه، ونائبتها للشؤون السياسية، ستيفاني خوري، أمس 15 عضواً من حراك المنطقة الغربية.
وضم الوفد عمداء بلديات عين زارة، الجميل-المنشية، سوق الجمعة، صرمان، الزاوية المركز، وزوارة، للاستماع إلى آرائهم حول عمل اللجنة الاستشارية وأفضل السبل لكسر الجمود السياسي.
وخلال النقاش، قدمت المجموعة مقترحات تهدف إلى بلورة خارطة طريق توافقية، مؤكدين على الحاجة الملحة لتوحيد المؤسسات العسكرية والأمنية تحت قيادة حكومة ليبية موحدة تفرض سيطرتها الفعلية على كامل التراب الليبي.
كما عبّر المشاركون عن قلقهم من انتشار السلاح والتصعيد العسكري، مشددين على المخاطر التي تهدد حياة المدنيين.
ومن جهته، نقل أحد القادة المجتمعيين، ممثلاً عن 143 مختاراً في 11 بلدية من بلديات المنطقة الغربية، رغبة المجتمع الأكيدة في تحقيق السلام، داعياً جميع الأطراف المعنية إلى اللجوء للحوار لحل النزاع.
وأكدت تيتيه التزام بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا بمواصلة دعم جهود التهدئة لمنع اندلاع العنف، والعمل على تطوير خارطة طريق توافقية نحو إجراء الانتخابات وتوحيد المؤسسات.
يشار إلى أن البعثة الأممية نشرت في أيار/مايو الماضي، الملخص التنفيذي لتقرير اللجنة الاستشارية الذي اقترح أربعة خيارات لتفعيل العملية السياسية، وأتت على النحو التالي: إجراء انتخابات رئاسية وتشريعية متزامنة، وإجراء انتخابات تشريعية أولاً يليها اعتماد دستور دائم، واعتماد دستور دائم قبل الانتخابات، وإنشاء لجنة حوار سياسي بناءً على الاتفاق السياسي الليبي لوضع اللمسات الأخيرة على القوانين الانتخابية والسلطة التنفيذية والدستور الدائم».
وفي لقاء صحافي سابق توقعت المبعوثة الأممية إلى ليبيا هانا تيتيه، أن يستغرق الحصول على توافق من الأطراف الليبية الرئيسية بشأن العملية السياسية بعض الوقت، لكنها قالت: «إذا حصلنا على قبول مختلف الأطراف على خارطة طريق قبل أغسطس، فسنكون على أتم الاستعداد لطلب تقديم موعد اجتماع مجلس الأمن، لإعلانها وإطلاقها».
وأضافت تيتيه، في حوار مع بوابة الوسط المحلية أن تطوير العملية السياسية ينطوي على مشاورات مكثفة حول مقترحات اللجنة الاستشارية، وغيرها من الأطراف الليبية، لضمان سماع جميع الأصوات، وتحقيق التوازن بين المصالح المتنافسة في مشهد سياسي متشظٍّ
وتابعت: «أي خارطة طريق يجب أن تحظى بدعم جميع الأطراف المعنية، لتجنب أن تكون مجرد وثيقة أخرى تضاف إلى الأرشيف، ولمنع الوصول إلى معادلة صفرية. يجب أن تكون مسارًا للمضي قدمًا يمكن لليبيين قبوله والثقة به وتنفيذه».
شددت تيتيه على أن الخارطة المحتملة «يجب أن تكون قابلة للتطبيق من الناحية الفنية، وأن تضمن، عند الضرورة، إجراء الإصلاحات المؤسسية اللازمة لتعزيز فرص إجراء انتخابات ذات مصداقية تُقبل نتائجها، ولا تؤدي إلى مزيد من العنف والاضطراب».
وأكدت أن البعثة الأممية «تدرك تمامًا أن الانتخابات في أجزاء أخرى من العالم التي لم يجر تنظيمها وإدارتها بشكل جيد كانت محركاً للاضطرابات الاجتماعية والصراع، فالانتخابات ليست غاية بل وسيلة في حد ذاتها»، مشيرة إلى أن البعثة انخرطت في التواصل مع الجهات السياسية الفاعلة والمجتمع المدني والشباب والنساء والمجتمعات المهمشة لجمع مدخلات حول العملية السياسية.
وتابعت أن اجتماع برلين، الذي عُقد أخيراً في 20 حزيران/يونيو، أعطى رسالة واضحة من الحاضرين بأن المجتمع الدولي يدعم حلاً ليبيًا-ليبيًا بتيسير من الأمم المتحدة، ويريد المساعدة لضمان تحقيق هذه النتيجة، لافتة إلى أن الاجتماع أشار إلى استعداد أعضاء مجموعة المتابعة الدولية لدعم فرض عقوبات على المعرقلين، على النحو المبين سابقًا في قرارات مجلس الأمن ذات الصلة.
وشددت على أن البعثة تعي أيضًا طبيعة الوضع الأمني المتقلب في العاصمة والمناطق الغربية، ولا تريد أن تتحول هذه العملية إلى شرارة لمزيد من العنف.

اضف تليق

Leave this empty:

شارك

تعليقات الزوار

لا تعليقات