أخبار عاجلة

الظروف الصعبة المهاجرين في تونس تدفعهم لـ”العودة الطوعية”

أثارت موجات عودة المهاجرين غير النظاميين “الطوعية” في تونس إلى بلادهم الأصلية تساؤلات حول دوافع هذه العودة إن كانت مرتبطة بإخفاق مواصلتهم الهجرة إلى أوروبا أم نتيجة الظروف الإنسانية الصعبة التي واجهوها داخل البلاد وسط أوضاع هشة وفقدان للدعم.

ويزيد من تعقيدات “العودة الطوعية”، وفق حقوقي، عدة إشكاليات أبرزها فقدان مهاجرين لأوراقهم الثبوتية ما يعيق عملية عودتهم إلى ديارهم.

وخلال الفترة الماضية، تواترت البيانات في تونس عن رحلات عودة مهاجرين غير نظاميين “طوعا” إلى بلادهم، وسط خطة لبرمجة رحلة “طوعية” كل أسبوع، وفق ما أفاد به عماد مماشة المتحدث باسم الإدارة العامة للأمن الوطني في تصريحات نقلها راديو “موزاييك” الخاص.

وفي 4 أبريل/ نيسان الماضي، بدأت السلطات التونسية عملية إخلاء مخيمات تضم آلاف المهاجرين غير النظاميين بمحافظة صفاقس جنوبي البلاد.

وقال متحدث الإدارة العامة للحرس الوطني التابع لوزارة الداخلية حسام الدين الجبابلي آنذاك إن عملية الإخلاء بمنطقتي العامرة وجبنيانة في صفاقس انطلقت قبل أسبوع في حينه بإزالة أكبر مخيم، والذي يضم حوالي 4 آلاف شخص من دول إفريقيا جنوب الصحراء.”

فيما أكدت المنظمة الدولية للهجرة بتونس، في بيان نشرته في أبريل الماضي أنها “تعمل بشكل وثيق مع الحكومة التونسية لإيجاد حلول للاستجابة لاحتياجات المهاجرين خلال مراحل عملية برنامج العودة الطوعية وإعادة الإدماج”.

وأوضحت أنها “عززت قدرتها على تقديم الدعم في مجال العودة الطوعية وإعادة الإدماج لجميع المهاجرين الراغبين في الاستفادة من هذا الدعم.”

بدوره، أرجع النائب بمجلس نواب الشعب (الغرفة الأولى للبرلمان التونسي) طارق مهدي العودة الطوعية للمهاجرين غير النظاميين إلى عمليات “تفكيك مخيمات اللاجئين بالعامرة وجبنيانة من ولاية صفاقس التي تمت شهر أبريل الماضي”.

وقال: “إن العمليات الأمنية التي نفذت مؤخرا ربحنا منها 3 أشياء، أولها إخلاء مخيمات اللاجئين من عدة مناطق في العامرة، وثانها استرجاع أراضي المواطنين، وأما ثالثها فقد جعلت اليأس يدب في قلوب المهاجرين غير النظاميين الذين عرفوا أن الحدود البحرية أصبحت محمية وهناك استحالة للعبور إلى إيطاليا”.

هؤلاء المهاجرون غير النظاميين قدم معظمهم إلى تونس من دول أفريقية أخرى هربا من الأزمات السياسية والاقتصادية في بلادهم، بهدف العبور إلى أوروبا عبر البحر، حيث تعتبر تونس محطة عبور نحو السواحل الإيطالية؛ أولى نقاط الوصول للقارة الأوروبية.

“العودة الطوعية”

قال البرلماني التونسي مهدي إن أفواجا من “المهاجرين يطلبون العودة الطوعية إلى بلادهم”، خاصة أولئك المتواجدون في “مخيمات صفاقس”.

وأضاف حول العدد الحقيقي لطالبي العودة الطوعية: “المتقدمون بضع مئات وعددهم يتزايد يوما بعد يوم، والذين طلبوا العودة الطوعية تم إيواؤهم في نزل (مراكز إيواء) بالعاصمة إلى حين ترحيلهم”.

وأشار خلال حديثه إلى وجود إشكاليات للمهاجرين غير النظاميين الذين لا يملكون وثائقا.

وتابع عن ذلك: “الإشكال يقع دائما في الأوراق المفقودة للمهاجرين والجهة التي ستقبلهم، فهناك العديد من المهاجرين ليست لهم أوراق ثبوتية، والتثبت في الهويات يتطلب وقتا وتدخلا دوليا”.

وطالب بضرورة وجود جسر جوي من أجل تيسير إعادة “عشرات الآلاف من المهاجرين غير النظاميين إلى بلادهم”.

ويرى مهدي أهمية عقد “قمة بين رؤساء الدول الثلاثة الجزائر وتونس وليبيا وبرلماناتها، لدراسة هذه الإشكاليات وإيجاد المخارج القانونية للعملية (العودة الطوعية)”.

وعن دعم العودة الطوعية، قال مهدي إن المبالغ “التي نسمع عنها من الاتحاد الأوروبي لا تغطي حتى الكلفة الأمنية للعملية (تفكيك مخيمات المهاجرين يغر النظاميين)”.

“نتيجة للظروف”

المتحدث باسم المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، رمضان بن عمر أبدى تحفظه على مصطلح “العودة الطوعية”.

وقال للأناضول: “في البداية لنا إشكالية بمصطلح طوعية، إذا لا يمكن الحديث عن عودة طوعية في ظل الظروف التي يعيشها المهاجرون غير النظاميين في تونس”.

وأضاف: “دفعهم إلى غابات الزيتون وحرمانهم من أي نوع من المساعدات حتى تلك التي تأتيهم من عائلاتهم، وتعميق الهشاشة يأتي لإجبارهم على قبول ما يسمى العودة الطوعية”.

واستبعد وفق رأيه أن تكون العودة الطوعية “حلا لأزمة الهجرة غير النظامية لتونس”.

وقال عن ذلك: “الحديث عن حل لأزمة الهجرة هي جزء من الخطاب السياسي الذي يحاول أن يقفز على الواقع والحلول الأكثر إنسانية ويذهب الى حلول أخرى صعبة جدا”.

وأشار إلى أن “الاتحاد الأوروبي وإيطاليا يحاولون تسويق أنفسهم كأنهم منقذون لتونس في حين أن الأزمة هذه مستوردة من مناطق الوصول في جنوب أوروبا”.

ويعتقد بن عمر أن أزمة الهجرة غير النظامية “ستتواصل طالما استمرت العوامل” التي دفعت الأشخاص على التنقل والهجرة.

وفي هذا الصدد، لفت بن عمر إلى حالة عدم الاستقرار السياسي في القارة الأفريقية ولعوامل التغيرات المناخية التي تدفع نحو الهجرة الداخلية والخارجية.

إشكاليات العودة

وعن بروتوكول العودة الطوعية، قال بن عمر إنه يتطلب “التعرف على هويات المهاجرين غير النظاميين من أجل موافقة دول المنشأ على العودة فضلا عن إجراءات أخرى تتطلب من 30 يوما لما يزيد عن 6 شهور”.

ولفت إلى أن المنظمات المختلفة لا يمكنها توفير “جسر جوي بصفة أحادية لأشخاص لا تعرف هوياتهم، فلا يمكن إعادة شخص إلا باعتراف الدولة بأنه مواطن ينتمي إليها”.

وفي بعض الدول التي فيها حروب ونزاعات كالسودان، “فلا يمكن الحديث عن عودة طوعية لها”، وفق قوله.

وعن دور المنظمات الدولية، قال بن عمر إن “منظمة الهجرة الدولية تطرح دورا تسميه عودة طوعية”، في حين أن هذه الخطوة تجعل من المهاجرين والسكان المحليين “ضحية”، وفق قوله.

وفي يناير/ كانون الثاني 2025، قال رئيس لجنة الهجرة غير النظامية بتونس خالد جراد، في تصريحات إن التقديرات تشير إلى وجود‎ نحو 20 ألف مهاجر غير نظامي بمنطقتي العامرة وجبنيانة في صفاقس، فيما لا تتوفر إحصائيات رسمية دقيقة عن أعدادهم ببقية مناطق البلاد.

ومنذ سبتمبر/ أيلول 2023 يمكث مهاجرون أفارقة غير نظاميين من دول جنوب الصحراء في مساحات كبيرة من ضيعات زراعية بمنطقة العامرة.

وفي 26 مارس/ آذار الماضي، دعا الرئيس التونسي قيس سعيد المنظمات الدولية إلى دعم جهود بلاده في إعادة المهاجرين غير النظاميين طوعا إلى بلدانهم، وتكثيف التعاون في تفكيك شبكات الاتجار بالبشر.

وفي 23 يناير الماضي أعلنت وزارة الخارجية التونسية إعادة 7 آلاف و250 مهاجرا غير نظامي إلى بلدانهم طوعيا خلال عام 2024، بالتعاون مع المنظمات الدولية، وعلى رأسها المنظمة الدولية للهجرة.

كما سبق أن أعلنت المفوضية الأوروبية في سبتمبر/ أيلول 2023، تخصيص 127 مليون يورو مساعدات لتونس، ضمن مذكرة تفاهم تتعلق بملفات بينها الحد من تدفق المهاجرين إلى أوروبا.

اضف تليق

Leave this empty:

شارك

تعليقات الزوار

لا تعليقات