غالبا ما تحوّل حركة “حماس” مراسم تسليم الأسرى الإسرائيليين لديها إلى منصة لنقل رسائل غير مباشرة إلى إسرائيل، لكن اليوم حملت تلك المراسم ليس فقط رسائل بل مفاجآت لتل أبيب نسفت مصداقية جيشها.
وكان أبرز هذه المفاجآت ظهور كتيبة خان يونس التابعة لحركة حماس مجددا في قطاع غزة، رغم ادعاء جيش الاحتلال الإسرائيلي أنه هزمها كليا، حسبما قال عضو الكنيست السابق من حزب “الصهيونية الدينية” تسفي سوكوت.
وبالنظر إلى عدد من التفاصيل الأخرى، يتضح أن من بين مفاجآت مراسم الخميس لتل أبيب، استمرار وجود العشرات من المسلحين من كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، على قيد الحياة وبكامل عتادهم بما فيها أسلحة غنموها من الجنود الإسرائيليين خلال الحرب.
وظهر عناصر “القسام” حاملين أسلحة رشاشة من أنواع مختلفة، وراجمات صواريخ مضادة للدروع.
وتحولت هذه المفاجأة لاسيما المتعلقة بأعداد المسلحين من حركة “حماس” وأسلحتهم إلى عناوين في وسائل الإعلام الإسرائيلية، كما أثارت تساؤلات العديد من السياسيين.
وتساءل عضو الكنيست السابق من حزب “الصهيونية الدينية” تسفي سوكوت، عن مصداقية بيانات الجيش الإسرائيلي عن تدمير كتيبة خان يونس.
ونشر عبر منصة “إكس” صورة لمسلحين من الكتيبة أثناء مراسم تسليم جثامين الأسرى الإسرائيليين، وأرفقها بتعليق: “أوضح لنا كبار الضباط في لجنة الشؤون الخارجية والأمن مرارا وتكرارا أن كتيبة خان يونس هُزمت بشكل كامل وأصبحت خارج الخدمة”.
وأضاف: “كتيبة خان يونس صباح اليوم” (في إشارة إلى الصورة التي نشرها عبر حسابه)
وفي وقت سابق الخميس، سلمت الفصائل الفلسطينية، جثامين 4 أسرى إسرائيليين إلى الصليب الأحمر في خان يونس جنوب غزة، تعود إلى أم وطفليها فضلا عن الأسير عوديد ليفشتس، وذلك ضمن الدفعة السابعة من المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار الساري منذ 19 يناير/ كانون الثاني الماضي.
وأظهرت عملية التسليم احترام الفصائل الفلسطينية لحرمة الموتى، عبر تسليم جثامين الأسرى الأربعة كل منهم في تابوت منفصل مع بياناته.
وحمّلت حماس، في بيان الخميس، وبشكل صريح جيش الاحتلال الإسرائيلي مسؤولية مقتل الأسرى الأربعة إثر قصفه أماكن احتجازهم، بينما “عاملتهم المقاومة في قطاع غزة بإنسانية وحاولت إنقاذهم”.
وأسرت الفصائل الفلسطينية ياردن بيباس وعائلته، خلال عملية “طوفان الأقصى” في 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، ونقل مع زوجته شيري وطفليها كفير وأرئيل إلى غزة.
ومطلع فبراير/ شباط الجاري، أطلقت “كتائب القسام” سراح ياردن بيباس، ضمن الدفعة الرابعة من عملية تبادل الأسرى.
وبجانب المفاجآت التي حملتها مراسم الخميس لتل أبيب، أرسلت حماس رسائل باللغات العربية والانكليزية والعبرية للعالم كما اعتادت في كافة عمليات التسليم السابقة.
وكانت الرسالة الرئيسية الخميس في خان يونس، حيث عقدت مراسم تسليم جثامين الإسرائيليين الأسرى، أن من قتل الأسرى الإسرائيليين الأربعة هو “مجرم الحرب بنيامين نتنياهو بصواريخ الطائرات الحربية”.
وكتُب على لافتة في موقع التسليم: “قتلهم مجرم الحرب نتنياهو وجيشه النازي بصواريخ الطائرات الحربية الصهيونية”، في إشارة إلى مصير الأسرى الإسرائيليين الذين أُسروا أحياء.
ووضعت هذه العبارة مع صورة ضخمة لنتنياهو على هيئة “دراكولا”، مع صورة أخرى للأسرى الإسرائيليين الأربعة وقد امتص نتنياهو دماءهم.
مفاجأة لم تعلق عليها حماس
وفي سياق سلسلة المفاجآت التي تلقتها تل أبيب الخميس، تحدثت هيئة البث الإسرائيلية عن مشاركة الأسير الفلسطيني المحرر محمد أبو وردة في تسليم جثامين الأسرى الإسرائيليين.
وقالت: “محمد أبو وردة الذي تم الإفراج عنه ضمن الصفقة (التبادل) وكان من المفترض ترحيله إلى الخارج، ظهر صباح اليوم في مراسم نقل جثث القتلى في خان يونس”.
وأشارت إلى أنه “تم إطلاق سراح محمد أبو وردة المحكوم عليه بعشرات المؤبدات لمشاركته في هجمات نفذتها حماس في التسعينيات، وكان من المفترض ترحيله إلى الخارج يشارك في حدث تسليم الرهائن الذين قتلوا”.
ولم تعلق حماس على ادعاء هيئة البث العبرية، التي قالت أيضا إن “أبو وردة علق في غزة، مع 19 آخرين من الأسرى الفلسطينيين” الذين اشترطت إسرائيل إبعادهم إلى خارج الأراضي الفلسطينية بعد إطلاق سراحهم.
ومن جهتها، أشارت إذاعة جيش الاحتلال الإسرائيلي إلى أنه تم إبعاد أبو وردة إلى قطاع غزة، دون الحديث عن إبعاده خارج القطاع.
وأضافت: “يشارك في الحفل الذي تنظمه حركة حماس في خان يونس قتلة يقضون أحكاما بالسجن المؤبد، ممن أطلق سراحهم ضمن الصفقة الحالية وتم ترحيلهم إلى غزة، وبينهم محمد أبو وردة، المسؤول عن قتل 45 إسرائيليا”، وفق تعبيرها.
كما قالت القناة “السابعة” العبرية إن أبو وردة “لم يتمكن مع عدد من الأسرى المحررين المبعدين من الوصول إلى مصر فبقوا عالقين في غزة”، دون مزيد من التوضيح.
ولم تعلق “حماس” أيضا على ما أوردته إذاعة جيش الاحتلال الإسرائيلي أو القناة السابعة.
ويعد محمد أبو وردة الأسير الفلسطيني المحرر من سجون إسرائيل من بين أعلى الأسرى عقوبة، إذ صدرت بحقه أحكام بالسجن 48 مؤبدا.
وبعد نحو 23 سنة في سجونها، أفرجت تل أبيب عن “أبو وردة” (49 عاما) في الدفعة الثالثة من تبادل الأسرى، في فبراير الجاري.
وبوساطة مصر وقطر ودعم الولايات المتحدة بدأ في 19 يناير الماضي سريان الاتفاق، ويتضمن 3 مراحل تستمر كل منها 42 يوما، لكن إسرائيل تماطل حتى اليوم في بدء مفاوضات المرحلة الثانية.
وبدعم أمريكي ارتكبت إسرائيل بين 7 أكتوبر 2023 و19 يناير 2025، إبادة جماعية بغزة، خلّفت أكثر من 160 ألف شهيد وجريح من الفلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 14 ألف مفقود.
تعليقات الزوار
لا تعليقات