يبدأ المغرب في استخدام الخط البحري لنقل البضائع والركاب بين مدينتي أكادير ودكار في شهر فبراير/شباط المقبل، في خطوة تعكس طموح المملكة لتعزيز موقعها كحلقة وصل بين قارات العالم.
وأطلق هذه المبادرة مستثمرون بريطانيون يقفون وراء شركة "أطلس مارين"، بهدف تسهيل وزيادة تدفق التجارة بين الرباط ودول غرب إفريقيا عبر تقليل تكاليف النقل وتحسين كفاءة نقل البضائع والشاحنات إلى دول ساحلية في المنطقة مثل النيجر ومالي وبوركينا فاسو.
ويتيح الخط المرتقب نقل منتجات الزراعة والصناعة الغذائية والصيد البحري إلى دكار في ساعات قليلة، بينما كانت الشاحنات تستغرق يوما ونصفا برا عبر موريتانيا، فضلا عن رسوم مالية تفرضها مقابل عبورها.
ومن المتوقع أن تشهد الشركة البريطانية "توسعا مستقبليا في خدماتها البحرية، حيث تخطط لمد رحلاتها لتشمل مدنا أخرى مثل قادس الإسبانية وبورتسموث في جنوب إنكلترا"، وفق بيان سابق للشركة.
وسلطت هذه الخطوة الضوء على ضعف الربط البحري بين الدول الإفريقية حتى اليوم، رغم أهميته الكبيرة لزيادة التجارة البينية ودخول المنافسة الدولية.
وفي ديسمبر/كانون الأول الماضي، أعلن المغرب عن مشروع إنشاء الخط البحري للربط بين أكادير ودكار، بما يساهم في تسهيل تدفق التجارة بين المملكة ودول غرب إفريقيا.
ووفق بيان لجهة سوس ماسة (حكومية) وسط المملكة، تم توقيع مذكرة تفاهم بين رئيس مجلس الجهة كريم أشنكلي ومدير شركة "أطلس مارين" غريغوري دارلين تتعلق باستحداث الخط البحري التجاري أكاديرـ دكار.
وقال البيان إن هذه المذكرة تعد مثالا للتعاون الاقتصادي والتجاري بين المغرب ودول غرب إفريقيا، لافتا إلى أنه سيعزز التبادل التجاري بين البلد المغاربي ودول جنوب الصحراء، عبر تقليص تكاليف النقل البري وزيادة كفاءة نقل البضائع والشاحنات، كما أنه يشكل أحد أوجه "تعاون جنوب ـ جنوب".
وقال الخبير الاقتصادي المغربي محمد نظيف إن "هذا الخط سيساهم في خفض تكاليف النقل بين البلدين من جهة، ورفع كمية المنتجات المنقولة من جهة ثانية"، مضيفا أن "هذه الخطوة مهمة من الناحية الاستراتيجية، خاصة أنها ستمكن المغرب من الاستفادة من منفذ بحري جديد، وستساهم في ربط المملكة بدول أخرى، ورفع وتيرة التبادل التجاري".
ويرى نظيف أن "هذا الخط البحري سيحقق التكامل مع مشروع الأطلسي، واعتزام المغرب تعزيز صناعة السفن".
ويأتي هذا المشروع في سياق "مبادرة الأطلسي" التي أطلقتها المملكة وتتيح لدول الساحل الإفريقي الاستفادة من المحيط الأطلسي.
وفي ديسمبر/كانون الأول من العام 2023، اتفقت دول الساحل في مدينة مراكش المغربية على إنشاء فريق عمل وطني في كل دولة لإعداد واقتراح سبل تفعيل مبادرة العاهل المغربي الملك محمد السادس لاستفادة بلدان الساحل من المحيط الأطلسي.
وأعلن وزير النقل المغربي محمد عبدالجليل، في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، اعتزام الرباط إطلاق استراتيجية لصناعة السفن التجارية الكبرى وعدم الاقتصار على سفن الصيد.
وقال عبدالجليل في مؤتمر صحفي بالعاصمة المغربية "نقترب من الانتهاء من استراتيجية تسعى بحلول عام 2030 إلى خلق صناعة بحرية وطنية حقيقية قادرة على جعل البلاد دولة بحرية رائجة، وأن تتوفر على 100 سفينة".
ويسلط الخط البحري المرتقب الضوء على ضعف الربط البحري بين الدول الإفريقية، ما يضيع عليها فرصا كثيرة لزيادة التجارة ودخول المنافسة الدولية، إذ يعتبر النقل البحري أبرز وسيلة للتبادل التجاري عالميا.
وأفاد الاتحاد الإفريقي في تقرير سابق بضعف الربط بين دول القارة ومحدودية السفن المملوكة لها، رغم أن 90 في المئة من التجارة الإفريقية تمر عبر البحر.
وشدد نظيف على "ضرورة رفع وتيرة النقل البحري بين الدول الإفريقية، ليضاف إلى الربط البري والجوي"، مؤكدا أن "تسهيل وسائل النقل مفيد للمغرب ودول القارة الأخرى، وسيكون له منافع اقتصادية كبيرة إذا تم الاستثمار فيه".
وختم بأن "ربط المملكة عبر هذا الخط البحري بدول غرب إفريقيا ثم أوروبا، ستكون له انعكاسات إيجابية على المستوى الاقتصادي والتجاري، نظرا إلى أهمية النقل في التجارة الإقليمية والدولية".
تعليقات الزوار
لا تعليقات