أخبار عاجلة

موريتانيا والسنغال تعلنان عن افتتاح أول بئر مشترك للغاز

زفت الحكومتان الموريتانية والسنغالية لشعبيهما يوم الخميس، بشارة كبرى مع مستهل عام 2025، تتعلق بالافتتاح الرسمي لأول بئر ضمن مشروع السلحفاة الكبرى آحميم الذي تطوره شركتا “بي.بي” البريطانية وكوسموس أنيرجي الأمريكية.
وأكد بيان مشترك لوزارتي الطاقة الموريتانية والسنغالية “أن مشروع الغاز سيعمل بطاقة إنتاجية تناهز 2.5 مليون طن من الغاز الطبيعي المسال سنوياً”.
وأشار البيان “إلى أن هذا التطور الفني يشكل محطة فارقة في المشروع، كما يشكل لبنة إضافية في تعزيز الشراكة القائمة بين موريتانيا والسنغال، وهو ما ينتظر أن يدفعهما للقيام بدور رئيسي ومتزايد في صناعة الطاقة إقليمياً”.
وأكد البيان “أن المشروع الواقع على الحدود البحرية بين موريتانيا والسنغال، يمثل أحد أكبر الاستكشافات الغازية فائقة العمق في البحر”، وأنه “يهدف إلى “استغلال الموارد الطبيعية الغازية بطريقة مستدامة بما يعود بالنفع على سكان واقتصادات البلدين”.
وأكد وزير الطاقة والنفط الموريتاني، محمد ولد خالد، أن “الشراكة النموذجية مع السنغال مكنت من تعزيز قدرات البلدين في تحقيق الأهداف المشتركة الطموحة والمستدامة”، معلناً “في تصريحات له يوم الخميس، عن “مستقبل واعد ينتظر المنطقة برمتها”.
وأضاف “أن نجاح إطلاق عملية استخراج الغاز يأتي تتويجاً لمسار متكامل من العمليات الفنية، ويمهد الطريق واسعاً نحو بدء تسويق الغاز قريباً، حيث مكنت الشراكة النموذجية مع الشقيقة السنغال والخبرة الفنية المشهودة لشركات الاستخراج من تعزيز قدراتنا في تحقيق الأهداف المشتركة والطموحة والمستدامة، وستكون للمشروع انعكاسات هامة وإيجابية على الاقتصاد الوطني”.
وقال وزير الطاقة والبترول والمعادن السنغالي، بيرام ديوب، في تصريح آخر: “إن فتح أنابيب الغاز هو بمثابة مرحلة تاريخية، تترجم الرؤية المشتركة بين السنغال وموريتانيا من خلال مشروع الغاز الذي هو نموذج للتعاون المثمر”.
ويعتبر هذا المشروع فرصة ذهبية لكل من موريتانيا والسنغال لدخول نادي الدول المنتجة للطاقة، فمن خلال الإيرادات المتوقعة بالمليارات، يمكن للمشروع أن يكون نقطة تحول اقتصادي، عبر تعزيز البنية التحتية، وخلق فرص عمل، وتمويل مشاريع تنموية.
وأكد الرئيس السنغالي الجديد، باسيرو ديومي فاي، في خطابه بمناسبة العام الجديد، على ضمان “استغلال شفاف ومثالي لهذه الموارد لصالح الاقتصاد الوطني والأجيال القادمة”.
علاوة على ذلك، يُبرز المشروع التعاون الإقليمي النموذجي بين موريتانيا والسنغال، مما يعزز الاستقرار ويشجع على تكامل اقتصادي في منطقة غرب إفريقيا التي تحتاج بشدة إلى مصادر دخل مستدامة. ومع ذلك، فإن استغلال الموارد الطبيعية، خاصة في الدول النامية، غالباً ما يحمل معه تحديات كبيرة، من أبرزها ما تسمى “لعنة الموارد”، حيث يمكن أن تؤدي الثروة المكتسبة من الغاز إلى صراعات داخلية، وإلى عدم استقرار سياسي، أو اعتماد مفرط على قطاع الطاقة. وبالنسبة لموريتانيا والسنغال، يبقى التساؤل حول مدى قدرة البلدين على تجنب هذه المخاطر، لأن أي غياب للحوكمة الجيدة والشفافية في إدارة عائدات المشروع قد يؤدي إلى تفاقم التفاوتات الاجتماعية، أو حتى إشعال نزاعات داخلية بين الجماعات السكانية أو المناطق المختلفة.
وهناك أيضاً مخاوف بيئية، حيث إن استخراج الغاز والنفط يترافق مع مخاطر تلويث البيئة البحرية وتأثيرات سلبية على النظام البيئي المحلي.
وتتطلب كل هذه التحديات التزاماً صارماً بمعايير الاستدامة لتجنب تكرار الأخطاء التي شهدتها دول أخرى منتجة للطاقة.
وتتألف منشآت حقل الغاز من أربعة مكونات كبرى؛ هي أنظمة الآبار وخطوط الأنابيب تحت سطح البحر، ومنصة إنتاج وتخزين وتفريغ الغاز، ومحطة تسييل الغاز، ومنشآت المرافق الفنية كالسكن والجسور الفولاذية وحائط كسر الأمواج الذي تم إنشاؤه لحماية المنصات العائمة من تقلبات البحر.
ويعتبر تطوير حقل الغاز الواقع على الحدود البحرية بين موريتانيا والسنغال، أول مشروع تطوير من شأنه أن يجعل الحوض الساحلي مصدراً عالمياً للغاز، مما يوفر إيرادات لكل من موريتانيا والسنغال، فضلاً عن توفير مصدر للطاقة المحلية منخفضة التكلفة.
ويعتبر مشروع أحميم للغاز أكبر مشروع لاستخلاص الغاز في المنطقة، حيث يمتد على مساحة 33000 كلم مربع، باحتياط غازي يبلغ 1400 مليار متر مكعب، وفي إمكانية استغلال تتراوح بين 30 و50 سنة.
ويمثل مشروع “السلحفاة الكبرى” فرصة ذهبية لكل من موريتانيا والسنغال لتحقيق نقلة نوعية في اقتصادهما، لكنه يحمل في طياته مخاطر كبيرة تتطلب إدارة حكيمة واستراتيجيات شاملة لتجنب الآثار السلبية.
وقد يجعل نجاح الشراكة في هذا المشروع من موريتانيا والسنغال نموذجاً يُحتذى به في استغلال الموارد الطبيعية بشكل مستدام ومسؤول، بينما قد يكرس الفشل السيناريوهات السلبية المرتبطة بلعنة الموارد. وبهذه المعطيات، ستتبوأ موريتانيا عما قريب، مكانتها كبلد هام منتج للغاز على النطاق العالمي، وكأحد أهم بلدان إفريقيا المصدرة للغاز، جاذبة بذلك المستثمرين من كافة أنحاد العالم.
غير أن موريتانيا تعاني مع ذلك، حسب المختصين، من نقاط ضعف وهشاشة؛ فحسب دراسة أعدتها المنظمة الدولية للتعاون والتنمية، فإن موريتانيا تعتبر بلداً هشاً من الناحية الاقتصادية، وبلداً يواجه مخاطر هامة على مستوى الارتباط الشديد بالموارد، وارتفاع البطالة، وضعف الحساب الجاري.
وتساءلت الدراسة المذكورة عما إذا كانت الاستراتيجية التي وضعتها الحكومة الموريتانية والقائمة على تصدير الطاقات المستخرجة، ستنقذ موريتانيا من حالة الهشاشة التي تعاني منها، وستمكنها، بالفعل، من الدخول في آفاق تنموية جديدة.

اضف تعليق

شارك

تعليقات الزوار

لا تعليقات