توّج الفيلم السعودي "مندوب الليل" للمخرج علي الكلثمي بجائزة "الوهر الذهبي" لأفضل فيلم روائي طويل بمهرجان وهران الدولي للفيلم العربي في دورته الثانية عشرة التي اختتمت الخميس في الجزائر.

وفيلم "مندوب الليل" من بين الأعمال السينمائية الطويلة التي تقدم قصة مختلفة من حيث الشكل والمضمون عن السينما السعودية السائدة، حيث كسر الصورة النمطية للمجتمع السعودي وسلط الضوء على حياة المهمّشين ومعاناتهم.

ويفتتح الفيلم بلوحة كتب عليها معاني كلمة "مندوب" في اللغة العربية، فكان المعنى الأول أنه الشخص المسؤول عن التوصيل والثاني من يندبه محبوه بسبب وفاته والثالث المصاب بجرح أو علة واضحة. وتتكرر ظهور هذه اللوحة في نهاية العمل كما لو أن المخرج أراد أن يقول إن "المناديب" كُثر والألم واحد.

وفي أول تجربة له في الأفلام الطويلة يوجّه المخرج السعودي علي الكلثمي عدسته الى الطبقة محدودة الدخل مع شخصية "فهد" الشاب الثلاثيني الأعزب المضطرب الذي يعمل في مركز لخدمة العملاء بإحدى شركات الاتصالات، يجد نفسه بعد طرده من العمل متورّطا في قضية فيكره وضعيته الاجتماعية ومسؤولياته خاصة وأنه مطالب بتوفير المال لعلاج والده المسن المريض، بالاضافة إلى مساعدة أخته المطلقة لبعث مشروعها الخاص. ويستمرالبطل بعد ذلك في سعيه إلى كسب لقمة العيش من خلال عمله مندوب توصيل في تطبيق "مندوبك" وتبدأ من هنا حياته الليلية، فيتنقل من مكان إلى آخر لإيصال الأطعمة لزبائن ينظرون إليه وكأنه أداة وجزء من التطبيق على هواتفهم المحمولة.

وعندما يتفاقم مرض والده ويحتاج إلى مبلغ كبير يختار "فهد" طريق الانحراف والبحث عن فرص الثراء السريع فيشارك في سرقة مصنع غير قانوني للمشروبات الكحولية، ما نتج عنه العديد من العواقب التي تعكس موقعه في المجتمع، فهو لم ينجح في أن يكون مجرما ولم يستطع إرضاء حبيبته بأن يكون موظفا في شركة متعددة الجنسيات ولا أن يغير نظرة شقيقته له التي ترى أنه فاشل.

ويجمع الليل بين كل طبقات أهالي مدينة الرياض التي احتضنت كل مشاهد الفيلم، فأبرز المخرج تناقض بين هذه الطبقات المختلفة فنجد أبناء الأغنياء يقيمون الحفلات ويقضي أبناء الطبقة الوسطى سهراتهم في المطاعم الأنيقة بينما يخدم الفقراء الجميع. ولا يكاد النهار يطلع على المدينة حتى في مشاهد خلال اليوم وقت عمل "فهد" في خدمة العملاء، حيث يجوب الشوارع المزدحمة بسيارته وحيدا تائها.

وشارك علي الكلثمي تأليف "نائب الليل" مع محمد القرعاوي، ولعب البطولة كل من محمد الدوخي في شخصية "فهد" ومحمد الطويان ومحمد القرعاوي وسارة طيبة وهاجر الشمري، وهو من إنتاج شركة "تلفاز 11. وحظي العمل بدعم من صندوق البحر الأحمر وهو إحدى مبادرات مهرجان البحر السينمائي. كما

وعرض الفيلم في أول عرض عالمي خلال الدورة 48 لمهرجان تورنتو السينمائي الدولي، وتم تصنيف العرض برنامج الاكتشاف "Discovery program" الذي انطلق منه العديد من المخرجين العالميين من بينهم المخرج كريستوفر نولان. كما كانت له مشاركات أخرى في مهرجانات دولية وعربية، وتحصّل الممثل محمد الدوخي على جائزة أفضل ممثل في مهرجان روتردام للفيلم العربي وحاز على التنويه الخاص في مهرجان مالمو للسينما العربية 2024.

وتحصل الفيلم اليمني "المرهقون" للمخرج عمرو جمال بجائزة "الوهر الفضي" فيما ذهبت جائزة "الوهر البرونزي" للفيلم العراقي "ميسي بغداد" من إخراج سهيم عمر خليفة.

وفي باقي المسابقات، فاز الفيلم التونسي "ليني آفريكو" للمخرج مروان لبيب بجائزة أفضل فيلم روائي قصير، فيما اقتنص الفيلم السوري "مطاردة الضوء المبهر" للمخرج ياسر قصاب جائزة أفضل فيلم وثائقي طويل، ونال الفيلم الجزائري "طحطوح" من إخراج محمد والي جائزة أفضل فيلم وثائقي قصير.

وحصلت الفلسطينية منى حوا على جائزة أفضل ممثلة عن دورها في فيلم "إن شاء الله ولد" فيما حصل الجزائري سمير الحكيم على جائزة أفضل ممثل عن دوره في فيلم "أرض الانتقام".

ومنحت لجنة تحكيم النقاد جائزتها للفيلم الجزائري "أرض الانتقام" للمخرج أنيس جعاد كما نوهت اللجنة بالفيلم الروائي الطويل "اختيار مريم" للمخرج المصري محمود يحيى. وكرم المهرجان في حفل الختام الممثلة الجزائرية فضيلة حشماوي والممثل المصري فتحي عبدالوهاب.