قالت وزيرة الطاقة الإسبانية تيريسا ريبيرا، اليوم الخميس إن من السابق لأوانه أن تقيم الحكومة احتمالية الاستحواذ على حصة في شركة الطاقة الإسبانية “ناتورجي”، في ضوء عرض استحواذ محتمل من شركة أبوظبي الوطنية للطاقة (طاقة).
وأكدت (طاقة) أمس الأربعاء أنها تجري محادثات مع أكبر ثلاثة مساهمين في ناتورجي بهدف التوصل لاتفاق استحواذ كامل محتمل على أكبر شركة للغاز الطبيعي في إسبانيا.
وعلى هذا النحو، سيكون للحكومة رأي في أي عملية استحواذ.
وبحسب “رويترز” قالت ريبيرا “سيتعين علينا أن نرى ما إذا كان من المنطقي أم لا أن تمتلك الدولة حصة في هذه الشركة… لكنني أعتقد أنه من السابق لأوانه النظر في ذلك. في الوقت الحالي، ما يتعين علينا القيام به هو التروي”.
وفي ديسمبر/ كانون الأول الماضي، قررت الحكومة شراء حصة تصل إلى 10 بالمئة في تليفونيكا لموازنة استحواذ شركة الاتصالات السعودية (إس.تي.سي) على حصة في شركة الاتصالات العملاقة. وحصلت بالفعل على حصة خمسة بالمئة.
وقالت ريبيرا إن الحكومة تنتظر مزيدا من المعلومات بشأن المحادثات بين المساهمين الرئيسيين في الشركة و(طاقة)، مضيفة أن من المهم التأكد من أن ناتورجي “لا تواجه أي مشكلة في إدارتها”.
ولدى “ناتورجي” عقود رئيسية مع الجزائر، حيث تعتبر الشركة الأسبانية من الزبائن الرئيسيين لشركة “سوناطراك” الحكومية الجزائرية. وسرعان ما أثار هذا المسعى الإماراتي تساؤلات في الجزائر، حول أبعاده، ومراميه وتداعياته خاصة في ظل الاتهامات الجزائرية الموجهة لأبوظبي.
وكان الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون وجّه ، في نهاية الشهر الماضي، رسالة تحذير للإمارات، دون أن يذكرها بالاسم، مشيرا إلى أن بلاده لا تزال تعتبرهم أشقاء، لكنها ترفض تصرفاتهم في دول الجوار. وتعدّ المرة الأولى التي يتحدث فيها الرئيس الجزائري بشكل شبه مباشر عن الإمارات التي كانت خلال الأشهر الأخيرة مثار انتقادات واسعة في الوسط السياسي والإعلامي.
وجاء كلام الرئيس الجزائري بمناسبة لقائه الدوري مع الصحافة الجزائرية، بعد أن طُرح عليه سؤال حول اجتماع المجلس الأعلى للأمن الذي تم فيه توجيه رسالة إلى “بلد عربي شقيق” بالكف عن “التصرفات العدائية”. وكان هذا الاجتماع وفق إجماع السياسيين والمحللين، يتحدث عن دور الإمارات العربية المتحدة، خاصة بعد تسجيل مواقف شخصيات محسوبة على السلطة قبل ذلك، هاجمت بشدة الإمارات وحديث وسائل إعلام عمومية عن الدور التآمري التخريبي للإمارات.
وقد أشار موقع “كل شيء عن الجزائر” الناطق بالفرنسية إلى هذه الانتقادات الموجهة من الرئيس تبون للإمارات في تقرير له أبرز فيه “سعي شركة “طاقة” الإماراتية لوضع يدها على “ناتورجي”، التي تعتبر إحدى كبرى شركات الغاز في حضو البحر المتوسط، ومن الزبائن الرئيسيين لشركة “سوناطراك” الحكومية الجزائرية”.
ولدى الشركة الإسبانية أيضا عقد طويل الأجل لاستيراد نحو ثلاثة مليارات متر مكعب من الغاز الطبيعي المسال الروسي سنويا.
ماذا وراء مسعى أبوظبي؟
قالت شركة أبوظبي الوطنية للطاقة (طاقة)، أمس الأربعاء، إنها تجري محادثات مع أكبر ثلاثة مساهمين في شركة الطاقة الإسبانية “ناتورجي” بهدف التوصل لاتفاق استحواذ كامل محتمل على مجموعة الطاقة الإسبانية.
وذكر دييجو لوبيز من شركة جلوبال إس.دبليو.إف المتخصصة في تتبع أنشطة الصناديق أنه بالنظر إلى بلوغ القيمة السوقية للشركة 22 مليار دولار، أول أمس الثلاثاء، فإن عملية الاستحواذ على ناتورجي ستكون الأكبر من قبل صندوق ثروة سيادي، إذا تمت.
ومن خلال “ناتورجي”، تريد “طاقة” الإماراتية، وهي شركة للكهرباء والمياه تأسست عام 2005، الاستحواذ على أكبر شركة غاز إسبانية، والتي لديها عقود رئيسية مع الجزائر وكذلك عقد طويل الأجل لاستيراد نحو ثلاثة مليارات متر مكعب من الغاز الطبيعي المسال الروسي سنويا.
ويملك صندوقا الاستثمار المباشر جي.آي.بي وسي.في.سي حصلة تبلغ نحو 20 بالمئة لكل منهما بقيمة سوقية مجتمعة تبلغ نحو تسعة مليارات يورو. وقالت طاقة إنها تجري محادثات مع الصندوقين بشأن استحواذ محتمل على حصتيهما.
وقال مصدران مطلعان تحدثا لرويترز شريطة عدم الكشف عن هويتهما إن الصندوقين يميلان إلى بيع الحصص المملوكة لهما. ورفض الصندوقان التعليق.
وأضافت طاقة أنها تجري أيضا محادثات مع كريتريا، المساهم الأكبر في ناتورجي بحصة 26.7 بالمئة، بخصوص اتفاق شراكة محتمل.
وذكرت أيضا أنه ليس هناك ما يضمن التوصل إلى اتفاق، ووفقا لأي شروط إذا حدث ذلك، مضيفة أنها لم تتواصل مع ناتورجي مباشرة.
وصعد سهم ناتورجي نحو ستة بالمئة أمس.
يتطلب القانون الإسباني تقديم عرض شراء إلزامي عندما يرغب المشتري في الاستحواذ على أكثر من 30 بالمئة من أي شركة مساهمة عامة.
ويستلزم موافقة الحكومة الإسبانية لإتمام الصفقة.
وتوطدت العلاقات بين مدريد وأبوظبي قبل عامين عندما اتفقت الحكومتان على إقامة شراكة استراتيجية. في المقابل تعرف علاقات الجزائر بالبلدين توترا.
وقال وزير الاقتصاد الإسباني كارلوس كويربو خلال حديثه مع الصحافيين في واشنطن ، أمس الأربعاء، إن الحكومة ستقيّم العملية المحتملة حينما تتم، وأحجم عن التنبؤ بالنتيجة.
وذكر أن القواعد الإسبانية لاستحواذ شركات أجنبية على كيانات محلية تسمح بتحقيق “توازن مثالي بين حماية شركاتنا ومصالحنا الاستراتيجية واستقطاب الاستثمار الأجنبي المباشر”.
وأحجمت ناتورجي وجي.آي.بي وسي.في.سي عن التعليق، وكذلك فعل الصندوق الأسترالي آي.إف.إم الذي يمتلك حصة 15 في المئة في ناتورجي. ورفضت كريتريا التعليق بعد بيان أصدرته، أول أمس الثلاثاء، قالت فيه إنها تجري مناقشات مع مجموعة مستثمرين.
وساهمت أنشطة الغاز بنحو 57 في المئة من الأرباح الأساسية للشركة العام الماضي. وتوسع “ناتورجي” أيضا أعمالها في قطاع الطاقة المتجددة، إذ وصلت إلى نحو 6.5 غيغاوات من القدرة الإجمالية في نهاية العام الماضي.
تقع إسبانيا عند مفترق طرق بين الولايات المتحدة وأوروبا وشمال أفريقيا، وبفضل امتلاكها لأكبر أسطول من محطات الاستيراد في الاتحاد الأوروبي، أصبحت مركزا إقليميا مهما للغاز الطبيعي المسال.
وتعمل “طاقة” في نحو عشر دول أخرى إلى جانب الإمارات.
وتمتلك إحدى وحدات صندوق الثروة السيادية في أبوظبي (إيه.دي.كيو) ما يزيد قليلا عن 90 في المئة من الشركة. وشكل الغاز أكثر من نصف مزيج إنتاج “طاقة” في العام الماضي.
تعليقات الزوار
لا تعليقات