أخبار عاجلة

شركة «ميتا» وأخواتها أصبحت شريكة في العدوان على غزة؟!

يشكو مشتركو شركة «ميتا» وأخواتها «فيسبوك» وغيرها من ظلم كبير وغير مسبوق، من تحيز غير مفهوم واقصاء خطير لمنشوراتهم ولتدقيق بسبب رقابتها الصارمة على المحتوى المؤيد للفلسطينيين، بينما تطلق الحبل على غاربه لكل من يشيد ويدعم إسرائيل؟!
وقد وثّق تقرير لمنظمة «هيومن رايتس ووتش» حالات إزالة وقمع للمحتوى المتعلّق بفلسطين على منصات الشركة، بما في ذلك المنشورات التي تعبّر عن الدعم السلمي للفلسطينيين.
وكشف التقرير ستة أنماط رئيسية للرقابة غير المبررة على المنشورات المناصرة لفلسطين، فيما واجهت ميتا انتقادات من جهات مختلفة، بما في ذلك الجهات التنظيمية الأسترالية أخيراً، والسيناتورة الأمريكية إليزابيث وارن، وجماعات مناصرة لفلسطين.
وكتبت مفوضة السلامة الإلكترونية الأسترالية، جولي إنمان غرانت، رسالة إلى ميتا (الشركة الأم لفيسبوك وإنستغرام وثريدز وواتساب) تنقل فيها مخاوف عضو مجلس الشيوخ عن حزب الخُضر، مهرين فاروقي، بشأن تقرير صحيفة الـ «غارديان» – بنسختها الأسترالية – حول إدراج إنستغرام كلمة «إرهابي» في السير الذاتية لبعض الأشخاص على المنصة بدلاً من فلسطيني.
ولمن يكتبون «فلسطيني» على صفحاتهم الشخصية ويضعون رمز العلم الفلسطيني وكلمة «الحمد لله»، تصبح العبارة لدى ترجمتها إلى الإنكليزية: «الحمد لله، الإرهابيون الفلسطينيون يقاتلون من أجل حريتهم»!
وسألت غرانت أيضاً عن حظر الأصوات الفلسطينية على منصات ميتا، مضيفة أنّ «غياب الأصوات المنوّعة من ساحة الإنترنت من المحتمل أن يُسهم، في تطبيع خطاب الكراهية على المنصات.
وردت ميتا حينها، عبر مديرة السياسة الإقليمية لديها في أستراليا، ميا غارليك، قائلة إنّ نية الشركة لم تكن قمع مجتمع أو وجهة نظر معينة. وأضافت إنه كانت هناك مشكلة «لمدة وجيزة» مع «الترجمات العربية غير المناسبة»، ولكن تمت ملاحظة المشكلة وحلها «في غضون ساعات».
مع مرور الوقت وتوالي الانتهاكات في حق المحتوى المناصر لفلسطين، تصاعد السخط ضد «ميتا» في الوقت الذي أثارت فيه الرقابة الممنهجة على منصاتها، بما في ذلك فيسبوك وإنستغرام، قلقاً وانتقاداً واسعين.
وتصف «هيومن رايتس ووتش» ما يحصل بأنّه رقابة نظامية وعالمية تؤثر على المستخدمين من أكثر من 60 دولة.
وبعد مراجعتها 1050 حالة حول «محتوى سلمي لدعم فلسطين حُجب أو قُمع بشكل غير مبرر»، حدّدت المنظمة في تقرير لها ستة أنماط رئيسية لممارسة هذا، هي: إزالة المنشورات، وتعطيل الحسابات، وتقييد قدرة المستخدمين على التفاعل مع المحتوى، وتطبيق معايير مزدوجة، والفشل في تقديم إشعار أو تفسير مناسب لعمليات الإزالة أو تعليق الحساب.
محاولة ميتا التهرّب من الدماء لم تنفع، وكانت لها تبعات. فقد كشفت صحيفة «فايننشال تايمز» البريطانية في 9 الشهر الماضي أنّ ميتا أخضعت إحدى الموظفات للتحقيق بعدما أعلنت عن وجود «رقابة» على الآراء المؤيدة للفلسطينيين، وقُبض على عالمة البيانات في ميتا بحجة انتهاك قواعد عملاق وسائل التواصل الاجتماعي، التي تحظر المناقشات السياسية في مكان العمل. وتعمل الموظفة في الشركة منذ عام 2021، حسب ملفها الشخصي على موقع»لينكيدإن».
وقال موقع «بزنيس إنسايدر»، تقول العاملة إن مجموعة من موظفي ميتا كتبوا الرسالة، ثم شاركوها مع مجموعة داخلية. وقالت في فيديو: «داخلياً، كنا نحاول إثارة هذه المخاوف والإنذارات، لكن هناك قاعدة تنص على أنه لا يمكنك التحدث عن مواضيع مزعجة، لذلك يُحذف أي شيء ننشره في ما يتعلق بفلسطين»، مضيفة أنّه لا يُسمح حتى لزملائها بالنشر عن أفراد عائلاتهم الذين قتلهم الاحتلال في غزة.
وطالبت الموظفة أيضاً ميتا «بإجراء شفّاف للرقابة الداخلية والخارجية»، على منصاتها في الرسالة، بعدما واجهت الشركة انتقادات من بعض السياسيين وجماعات حقوق الإنسان حول أنّ أنظمة الإشراف على المحتوى الخاصة بها كانت تقمع الأصوات المؤيدة لفلسطين.
ووفقاً لمقطع الفيديو الخاص بها، تلقّت الموظفة لاحقاً رسالة من زميل غير محدد يقول فيها إن الرسالة تنتهك قواعد الشركة. وقالت إن الرسالة والفيديو المنشور تمت إزالتهما وحذفهما بعد بضع ساعات.
ومنذ بدء العدوان الصهيوني على غزّة، لجأ مناصرو فلسطين إلى «إكس» و»تيك توك» و»تليغرام». وعلى الرغم من المضايقات التي تعرّضوا لها على هذه المنصات، إلا أنّها بقيت تسمح أقلّه بنشر خبر أو معلومة تصل إلى العالم عمّا يحدث داخل القطاع.
وهجر الآلاف منصات «ميتا»، وربما بات كل شخص مؤيد لفلسطين يشعر بثأر شخصي تجاه مؤسسها مارك زاكربيرغ المشارك في إسكات الصوت الفلسطيني وفي معاقبة سكان حاولوا توثيق جرائم الاحتلال في حقّهم عبر حساباتهم التي جوبهت بالإغلاق أو التعتيم.
ومنذ اندلاع عملية «طوفان الأقصى» كان واضحاً تموضع الإعلام الغربي وإستراتيجيته في مقاربة الحدث: وصف عملية المقاومة بالإرهابية، والتركيز على معاناة الإسرائيليين، وتغييب الصوت الفلسطيني ونزع الصراع عن سياقه التاريخي. أخيراً، تعالت أصوات من داخل قناة «سي آن آن» الأمريكية احتجاجاً على تعاطيها مع الحرب، رغم صفحتها غير الناصعة تماماً في ما يخصّ موقفها من الصهيونية، وتحاول صحيفة «الغارديان» البريطانية في الأشهر الأخيرة الوقوف على «الحياد»، فقد نشرت أخيراً تقريراً فنّدت فيه سبب انحياز قناة «سي آن آن» الأمريكية إلى مصلحة كيان الاحتلال وترويجها لسرديّته، فأكّدت المؤكَّد، هو أنّ الأخبار البعيدة كلّ البعد عن الموضوعية والمعايير المهنية ليست مصادفة، بل «جهد مدروس يُوجَّه من رأس إدارة الشبكة الأمريكية».
وتواجه القناة التي كانت لها شعبية في الشرق الأوسط، انتقادات كبيرة من موظّفيها بسبب السياسات التحريرية التي يقولون إنّها أدّت إلى نشر الدعاية الإسرائيلية وحجب وجهات نظر الفلسطينيّين في تغطية الشبكة للحرب في غزّة. وأعدّ الصحافي كريس ماكغريل – الذي استند إلى ستّة مصادر داخلية من أقسام إخبارية مختلفة في الشبكة الأمريكية، إضافة إلى عدد من المذكّرات الداخلية والرسائل الإلكترونية تقريرا يكشف أن «قرارات الأخبار اليومية تُتّخذ بتوجيهات من مقرّ القناة في أتلانتا، حيث وُضعت معايير ضيّقة بشأن التغطية، تشمل قيوداً صارمة على الاقتباس من «حماس»، وتقديم منظورات فلسطينية أخرى، بينما تُؤخذ تصريحات الحكومة الإسرائيلية كما هي». وتضيف «الغارديان» أنّ كلّ خبر حول «الصراع» يمرّ بمصفاة مكتب الشبكة في القدس قبل البثّ أو النشر.
ويقول الموظّفو لمعدّ التقرير إنّ تحيّز الشبكة أدّى، ولا سيّما في الأسابيع الأولى من الحرب، إلى التركيز بشكل أكبر على «معاناة» المستوطنين والرواية الإسرائيلية للحرب حول مطاردة «حماس» وأنفاقها، في مقابل تغطية على الجانب الآخر بالكاد تأتي على ذكر عدد الشهداء من المدنيّين الفلسطينيّين وحجم الدمار في غزّة.
وتضيف مصادر ماكغريل أنّ اللهجة المعتمدة في التغطية يحدّدها رئيس التحرير الجديد والرئيس التنفيذي للشبكة مارك تومسون، الذي يقول موظّفون في الشبكة إنّهم يتذكرون سجلّه في منصبه السابق بين العامَين 2004 و2012 على رأس شبكة «بي بي س» البريطانية. إذ اتُّهم بالخضوع لضغوط الحكومة الإسرائيلية في مناسبات عدّة، بما في ذلك سحب إحدى أهمّ مراسلات الشبكة، أورلا جويرين، من القدس المحتلة في عام 2005.
وتغطّي جويرين منذ ذلك الحين نزاعات مختلفة في أنحاء العالم، لكنها نادراً ما تطلّ من القدس. كما شغل تومسون منصب الرئيس التنفيذي لصحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية بين عامَي 2012 و2020، ولا حاجة إلى التذكير بانحياز الصحيفة في الغالب إلى إسرائيل وروايتها.
وكشف ماكغريل عن مذكّرة داخلية تحت عنوان «تعليمات من مارك»، يتوجّه فيها تومسون إلى موظّفيه بالقول «بينما ستغطّي القناة» العواقب الإنسانية للهجوم الإسرائيلي والسياق التاريخي للحدث، يجب أن نواصل دائماً تذكير جمهورنا بالسبب المباشر للصراع الحالي، وهو هجوم «حماس» وجرائم القتل واختطاف المدنيين»!
ووفقاً لتقرير الصحافي، أكّدت مجموعة من موظفي «سي أن أن» أخيراً أنّ الشبكة الأمريكية تمارس «تحيّزاً منهجياً ومؤسسياً» إلى مصلحة إسرائيل في تغطيتها للعدوان الصهيوني على غزّة. ويشير هؤلاء إلى أنّ التقارير الإخبارية تميل إلى الكيان الصهيوني فيما تكرّر الدعاية الإسرائيلية من دون تشكيك، وغالباً ما تُسكت وجهات النظر الفلسطينية أو تهمّشها. وانتقد الموظّفون العملية التحريرية، مشيرين إلى أنّها تتطلب مسحاً سريعاً لبيانات الحكومة الإسرائيلية بينما تخضع البيانات الفلسطينية لتدقيق أكثر صرامة. ورغم تشكيك الإدارة في هذه الادعاءات وتشديدها على أنّ محتواها شمل وجهة نظر «حماس»، فيما «سعت إلى الوصول إلى غزة بشكل أكبر وتظل ملتزمة بتغطية جميع جوانب القصة»، إلا أنّ استياء الموظفين من أداء المحطة في تغطية العدوان يثير جدلاً واسعاً لن يهدأ حول السياسات التحريرية وتعاملها مع الضحايا والقضية الفلسطينية عموماً.

اضف تعليق

شارك

تعليقات الزوار

لا تعليقات