يواجه الأردن أزمة أمنية على الحدود مع سوريا بسبب تهريب المخدرات أدت إلى اشتباكات بين الجيش ومهربي مخدرات مسلحين في ساعات الفجر الأولى من الاثنين وقال مسؤولون إن المسلحين على صلة بجماعات مسلحة موالية لإيران بينها حزب الله اللبناني تسعى لتقويض أمن البلاد، وشملت العملية تهريب أسلحة نوعية لأول مرة.
وتتهم السلطات الاردنية "تنظيمات إيرانية خطيرة" باستهداف الأمن القومي الأردني من خلال الحدود السورية الأردنية.
وصرح وزير الاتصال الحكومي والناطق باسم الحكومة الأردنية، مهند مبيضين الاثنين، بأن القوات المسلحة الأردنية أعلنت عن عدة مواجهات على الحدود الشمالية مع سوريا مؤخرا، واصفا إياها بأنها نتيجة "الفوضى الموجودة وانفلات السلطة الذي يؤدي إلى نمو وسيطرة بعض الميليشيات والجماعات التي تقود حربا إقليمية وتصدر المخدرات للأردن وتريد أن تصدرها لدول الخليج ودول عربية".
وجاءت تصريحات مبيضين في مقابلة خاصة لموقع "سي.إن.إن" بالعربية، بالتزامن مع إعلان الجيش الأردني على لسان مصدر عسكري، وقوع اشتباكات منذ الصباح بين "قوات حرس الحدود الأردنية، ومجموعات مسلحة على الحدود الشمالية للمملكة ضمن مسؤولية المنطقة العسكرية الشرقية أسفرت عن إحباط تهريب كميات كبيرة من المخدرات والأسلحة الأوتوماتيكية الصاروخية".
وأفاد المصدر أن الأسلحة الصاروخية التي حاولت المجموعات تهريبها كانت عبارة عن أسلحة من نوع "آر بي جي" وهي المرة الأولى التي تحاول فيها هذه المجموعات تهريب هذا النوع من الأسلحة إلى الأردن. وبحسب الجيش فإن المتسللين فروا عبر الحدود بعد إصابة عدد من أفراد الجيش وأضاف في بيان أن الأسلحة المضبوطة شملت بنادق آلية وصواريخ.
وأضاف مبيضين "الأردن هو الهدف وما وراء الأردن هو الهدف من القائمين على عملية تهريب المخدرات. هي إشكالية كبرى ليست أردنية فقط بقدر ما هي مشكلة إقليمية وجزء من الصراع الذي تقوده هذه المليشيات المدعومة من قوى إقليمية وهي تستهدف للأسف أمن واستقرار الأردن".
ويقول مسؤولون أردنيون وكذلك حلفائهم الغربيين إن جماعة حزب الله اللبنانية المدعومة من إيران والجماعات المسلحة التي تسيطر على جزء كبير من جنوب سوريا تتحمل مسؤولية الارتفاع الكبير في معدل تهريب المخدرات والأسلحة. إذ إن سوريا التي دمرتها الحرب أصبحت الموقع الرئيسي في المنطقة لتجارة المخدرات بمليارات الدولارات ويعتبر الأردن الممر الرئيسي لتهريب الأمفيتامين سوري الصنع المعروف باسم الكبتاغون إلى دول الخليج بالتعاون مع حزب الله. وتؤكد عمان أن 85 بالمئة من المخدرات التي تضبط معدة للتهريب إلى خارج الأردن.
وتشكل دول الخليج وخصوصاً السعودية الوجهة الأساسية لحبوب الكبتاغون التي تعد من المخدرات السهلة التصنيع ويصنفها مكتب الأمم المتحدة لمكافحة المخدرات والجريمة على أنها "أحد أنواع الأمفيتامينات المحفزة"، وهي عادة مزيج من الأمفيتامينات والكافيين ومواد أخرى.
ويقول خبراء تابعون الأمم المتحدة ومسؤولون أميركيون إن تجارة المخدرات غير المشروعة تمّول انتشار الجماعات المسلحة الموالية لإيران والقوات شبه العسكرية التابعة للحكومة التي نشأت نتيجة لأكثر من عقد من الصراع في سوريا.
وكان عدد من المراقبين قد اعتبروا أن سعي الدول العربية لتطبيع علاقاتها مع الرئيس بشار الأسد ناجم عن رغبتها بإبعاد سوريا عن الأثر الإيراني، وكبح تجارة حبوب "الكبتاغون" المخدرة.
وأبدت كارولين روز، من معهد "نيو لاينز" للأبحاث في واشنطن، مفاجأتها بمدى الأهمية التي توليها الدول العربية لمكافحة تجارة الكبتاغون من سوريا، "كنت أتوقع أن تكون إيران على رأس جدول الأعمال إلى جانب إعادة اللاجئين والعملية السياسية - لكنني فوجئت بمدى أهمية الدور الذي يلعبه الكبتاغون في خضم المفاوضات مع النظام السوري". وأضافت "يُنظر إلى (كبح) الكبتاغون إلى حد ما على أنه فوز سهل للعديد من الدول التي تضغط من أجل التطبيع ... يعتقدون أنه مع وجود حوافز كافية يمكنهم إقناع النظام السوري بالتخلي عن تلك التجارة". وقالت "يعتبر الكبتاغون مصدر إيرادات ضخمة، ولن يكون هناك سبب يمنعهم من الاستمرار في إنتاجه".
وفيما كان الجيش الأردني قد أعلن في بداية العام 2022 عن تغيير قواعد الاشتباك على الحدود الشمالية، قال مبيضين إنه منذ إعلان الأردن تغيير قواعد الاشتباك سجلت "خسائر فادحة وقتلى في صفوف المهربين"، منوها إلى "استشهاد أحد منتسبي القوات المسلحة الأردنية على الحدود" الأسبوع الماضي.
وقال الوزير الأردني "هذا كان نتيجة استغلال المهربين للظروف الجوية والمناخية التي يرافقها الضباب في أوقات متأخرة من الليل وحتى الفجر للقيام بعمليات التهريب، وباستخدام تقنيات كبيرة". وبين أن الآونة الأخيرة شهدت محاولات تسلل المهربين "كجماعات" يخوضون اشتباكات مع قوات حرس الحدود ما يؤدي إلى وقوع خسائر.
وأكد أن الأردن "مصر على خوض هذه الحرب ضد المخدرات وما قال إنه "اجتثاث هذه الحرب ومقاومتها لأنها حرب عابرة وتستهدف بنية وقوى المجتمع الأردني"، وأضاف" لا هوادة في مواجهتها".
وأعلن الأردن في الأسابيع الماضية، عن إحباط عدة عمليات تهريب لكميات كبيرة من المخدرات قادمة من الأراضي السورية نفذتها المنطقة العسكرية الشرقية، تخللها محاولات مجموعات من المهربين اجتياز الحدود إلى الأراضي الأردنية، وكان من بينها تنفيذ الأردن عملية نوعية ضد المهربين في 13 ديسمبر/كانون أول الجاري، سبقها بيوم وقوع اشتباك مسلح أسفر عنه مقتل عنصر من مرتبات حرس الحدود على الواجهة الحدودية الشمالية للمملكة.
وأفاد الجيش في بيان إن "الأيام الماضية شهدت ارتفاعا في عدد هذه العمليات وتحولها من محاولات عمليات تسلل وتهريب إلى اشتباكات مسلحة، بهدف اجتياز الحدود وبالقوة من خلال استهداف قوات حرس الحدود". وقال إنه "يتابع تحركات هذه المجموعات وما تهدف إليه من محاولات لزعزعة الأمن الوطني وسيقوم بكل ما يلزم لردعها وملاحقتها أينما كانت".
وقام الجيش الأردني بضرب عدة مواقع داخل سوريا في إطار مكافحة التهريب ويقول إن تهريب المخدرات عبر الحدود الأردنية السورية الممتدة على مسافة حوالى 375 كيلومترا، بمثابة "عملية منظمة" تستعين بطائرات مسيرة وتحظى بحماية مجموعات مسلحة.
وهو ما أكدته تقارير إخبارية دولية، حيث نشرت صحف غربية عدة تقارير عن هذه التجارة التي يديرها النظام السوري، ومنها تحقيق مطوّل لصحيفة "دير شبيغل" الألمانية حمل عنوان "سوريا: تهريب المخدرات بإشراف من نظام بشار الأسد" في يونيو/حزيران الماضي، جاء فيه أن رموز النظام متورطون في تجارة المخدرات التي تصب في الخليج وأوروبا بعوائد وصلت إلى 5.7 مليارات دولار عام 2021 وحده.
كما أشار تحقيق لصحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية، إلى أن تجارة مخدرات غير قانونية تقدر قيمتها بمليارات الدولارات يديرها شركاء أقوياء وأقارب للرئيس بشار الأسد، بُنيت على أنقاض 10 سنوات من الحرب، وقد حوّلت البلد إلى أحدث دولة تعتمد على التجارة غير الشرعية للمخدرات في العالم.
وخلال السنوات الأخيرة، صادرت السلطات في كل من اليونان وإيطاليا والسعودية وأماكن أخرى مئات الملايين من الحبوب المخدرة، مصدر معظمها من ميناء تسيطر عليه الحكومة في سوريا، وبعضها في عمليات شحن قد تتجاوز قيمتها السوقية مليار دولار، ولا تتم هذه العمليات دون شراكة مع حزب الله الذي له باع طويل في انتاج وتجارة المخدرات وتهريبها إلى الخليج العربي.
لكن حزب الله هذه ينفي هذه الاتهامات بينما تقول إيران إن هذه المزاعم جزء من مؤامرات الغرب ضد البلاد.، وفي معرض رد حسن نصرالله، الأمين العام لحزب الله في لبنان، على اتهام جماعته بالتعامل مع تجار مخدرات لتهريب "الكبتاغون" إلى دول عربية، وصف هذه الاتهامات بـ"الكاذبة" ومعتبرًا أنه لولا "دور حزب الله" لما تمكنت الحكومة اللبنانية من مواجهة تجار المخدرات.
وقال نصرالله في "مع كل حادثة تحصل يتم اتهام حزب الله بتجارة الكبتاغون وكل ذلك كذب وخيانة وقلة أخلاق". وأردف "موقفنا الشرعي والجهادي يرفض الاستعانة بمهربي المخدرات لنقل سلاح المقاومة".
وربطت وسائل إعلام، حزب الله بمهرب المخدرات مرعي الرمثان، الذي قُتل بغارة حوية جنوبي سوريا مع زوجته وأطفالهما استهدفت منزلهم في جنوب سوريا، وفق ما أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان.
تعليقات الزوار
لا تعليقات