احتفت جبهة "البوليساريو" الانفصالية، ووسائل إعلام جزائرية، بمقال رأي نُشر على صحيفة "واشنطن تايمز" الأمريكية، والذي يتحدث عن أن مشاريع "الطاقة النظيفة" التي يستثمر فيها المغرب بأقاليم منطقة الصحراء، ما هي إلا "وسيلة" أخرى لشرعنة ما وصفه "احتلال الصحراء الغربية"، معتمدا على لغة تحمل الكثير من "المُبَاشَرة" في توجيه توصيفات مسيئة للمملكة، ولعاهلها الملك محمد السادس.
المَقال، صِيغ بطريقة لا تحمل معطيات أو أرقاما، وإنما الكثير من "أحكام القيمة" بغرض الهجوم على مشاريع الطاقة المتجددة في الصحراء، باعتبار أن العاهل المغربي يهدف من ورائها إلى "استغلال تعطش أوروبا للطاقة" سعيا وراء إقناع دولها بتجاهل ما أسماه "التفاصيل القانونية" والانخراط في هذه الدينامية، على اعتبار أن الأمر يتعلق بـ"منطقة خاضعة للاحتلال".
لكن الأمر لا يتعلق بمقال كُتب طواعية من لدن كاتب رأي رصين في صحيفة موثوقة، أو هو مقال يخص قناعة تابثة لصاحب المقال David Keene، بل العملية برمتها، وفق معطيات حصرية توصلت إليها "الصحيفة" مُعززة بوثائق ومعطيات، تدخل في إطار خدمات مدفوعة الأجر، لمؤسسة "لوبيينغ" أمريكية تحمل اسم keene consulting، مالكها ديفيد كين، والذي ليس سوى كاتب المقال نفسه.
السياق.. مشاريع الطاقة المتجددة في الصحراء
بالعودة إلى ما نشرته جبهة "البوليساريو" الانفصالية عبر "وكالتها" بتاريخ 28 نونبر 2023، "نقلا" عن المقال الأصلي المنشور عبر موقع "واشنطن تايمز" على الانترنت بتاريخ 27 نونبر 2023، نجد أن الجبهة الانفصالية وصفت كين بالسياسي والكاتب الأمريكي، دون أي إشارة إلى العقود التي تربطه بالجزائر عبر سفارتها في واشنطن.
وتركيز الجبهة كان بالكامل تقريبا على مشاريع الطاقة المتجددة، مدعية أن الأمر يتعلق بـ"محاولة المغرب تمرير مناورة لـ"تشريع احتلاله للصحراء الغربية عبر بناء مشاريع ضخمة للطاقة الخضراء في الأراضي الصحراوية المحتلة"، وأضافت أن الأمر "يُسيل لعاب الأوروبيين"، وذلك رغم أن المقال الأصلي المُكون من 12 فقرة، لم يدخل في "صلب الموضوع" إلا في آخر 4 فقرات.
ووفق تدقيق قامت به "الصحيفة" حول كاتب المقال في "الواشنطن تايمز" David Keene، تبين أن مقاله كُتب وفق سياق مُحدد، ويَدخل ضمن حَملة دِعَائية مُضادة تقوم بها الجزائر، خصوصا خارج حدودها، بالتعاقد مع العديد من الكتاب والصحافيين ومراكز البحث لإنتاج محتوى (مقالات رأي. تقارير. إصدارات.. ) ضد مشاريع الطاقة المتجددة المغربية في الصحراء.
ومَقال الكاتب الأمريكي David Keene يأتي ضمن حملة رتبتها الجزائر بعد شهرين على تصنيف الحكومة البريطانية لمشروع الربط الكهربائي Xlinks Morocco-UK Power Project ضمن قائمة المشاريع ذات الأهمية الوطنية، وهو المشروع الذي يشمل مواقع لإنتاج الطاقة الشمسية والريحية بالأقاليم الصحراوية، ما سيضمن تزويد 7 ملايين أسرة بالكهرباء النظيفة انطلاقا من سنة 2030.
مَقال David Keene نُشر أيضا بعد 3 أسابيع فقط من خطاب الملك في الذكرى الـ 48 للمسيرة الخضراء، الذي تحدث عن ضرورة مواصلة العمل على "إقامة اقتصاد بحري يساهم في تنمية منطقة الصحراء المغربية، ويكون في خدمة ساكنتها، اقتصادٌ متكامل قوامه تطوير التنقيب عن الموارد الطبيعية في عرض البحر ومواصلة الاستثمار في مجال الصيد البحري وتحلية مياه البحر لتشجيع الأنشطة الفلاحية والنهوض بالاقتصاد الأزرق ودعم الطاقات المتجددة".
وبعد خطاب الملك محمد السادس بأيام، أعلنت شركة "هيدروجين فرنسا" المعروفة اختصارا بـ HDF Energy توقيع شراكة مع شركة "فالكون كابيتال الداخلة" بقيمة ملياري أورو، كمطور مشارك في مشروع White Dunes (الكثبان البيضاء)، من أجل إنشاء محطة للطاقة الهيدروجينية الخضراء في قلب الصحراء المغربية، وذلك في ظل تحسن العلاقات المغربية الفرنسية، وهو ما جعل الجزائر تتحرك بقوة في سياق عقود "علاقات عامة" كانت مُبرمة مسبقا مع مجموعة من الصحافيين وكتاب الرأي ووسائل الإعلام الدولية لتصريف مواقف مُعادية للمغرب ومشاريعه للطاقة المتجددة في الصحراء.
ملايين جزائرية مقابل الضغط الإعلامي
زخم المغرب في مشاريع الطاقات المتجددة في الصحراء، حرّك الجزائر عبر مؤسسات "اللوبيينغ" التي تتعامل معها لمهاجمة المغرب في كل ما يتعلق بقضية الصحراء، ومن بين هذه المؤسسات التي تلعب دور "الضاغط الإعلامي" والعلاقات العامة لصالح مصالح الجزائر نجد مؤسسة keene consulting التي عملت على "محاولة إقناع الرأي العام الأمريكي والبريطاني وداخل دول الاتحاد الأوروبي، بأن الأمر يتعلق باستثمارات غير مشروعة ومهددة بالتوقف في أي لحظة".
ومن الأمور التي تم الاعتماد عليها لمهاجمة المغرب، كان نشر مقالات وتقارير مُطولة ومُمَولة مُسبقا، توجه النقد للملك محمد السادس ولرؤيته حول مشاريع الطاقات المتجددة في الصحراء، وهو ما تؤكده وثيقة استطاعت "الصحفية" الحصول عليها، جرى توقيعها سنة 2018 بين ديفيد كين، وبين السفير الجزائري الأسبق في الجزائر، مجيد بوقرة، ممثلا للجمهورية الجزائرية، والمودعة لدى وزارة العدل الأمريكية، إذ نجد في النقطة الثانية من البنود المتعلقة بنطاق العمل أن على مؤسسة keene consulting "حشد دعم المنظمات غير الحكومية والدعم الجماهيري والإعلامي لمساندة الجزائر".
وفي وثيقة أخرى، تعود إلى سنة 2019، مدرجة بدورها لدى وزارة العدل الأمريكية، استنادا إلى قانون تسجيل الوكلاء الأجانب، فإنه إلى غاية شهر غشت من السنة نفسها، كان العقد الذي يربط الدولة الجزائرية بمؤسسة keene consulting ينص على أداء خزينة الجزائر 30.000 ألف دولار أمريكي شهريا (أكثر من 4 ملايين دينار جزائري) للمؤسسة الأمريكية المتخصصة في "اللوبيينغ"، وبالفعل تلقت keene consulting ما مجموعه 180.000 ألف دولار (24,28 مليون دينار جزائري) جرى التصريح بها مع الإشارة إلى أن مصدرها الحكومة الجزائرية.
في هذه الوثيقة تم الحديث بوضوح على أن من ضمن المهام التي قامت بها مؤسسة keene consulting ما يتعلق بـ"تنسيق الأنشطة داخل الولايات المتحدة الأمريكية بهدف تقديم صورة حديثة عن الجزائر وحكومتها ودورها في الشؤون الإقليمية والدولية، وإبقاء صناع القرار الأمريكيين على اطلاع دائم بتطورها". ومن وسائل ذلك "حشد الدعم من طرف وسائل الإعلام" إلى جانب المنظمات غير الحكومية والدعم الجماهيري، مع "التركيز المستمر على التعاون الاستراتيجي والأمني بين الجزائر والولايات المتحدة الأمريكية الذي تثبت أهميته لفائدة مصالح الأمن القومي لكلا البلدين".
استمرار الثالوث: الجزائر – كين – واشنطن تايمز
العلاقة بين الثالوث الجزائر – كين – واشنطن تايمز، أمر ليس جديدا، فالأمر يتعلق بمسلسل غير قصير من المقالات مدفوعة الأجر التي تشيد بشكل مبالغ فيه بالسلطات الجزائرية، بما في ذلك الرئيس عبد المجيد تبون، دائما تحت يافطة "مقال رأي" موقع من طرف الشخص نفسه، ثم تخضع تلك المقالات لعملية "إعادة تدوير" من وسائل إعلام جزائرية محسوبة على النظام، لتعطي انطباعا بأن الأمر يتعلق بـ"اعتراف" من لدن الإعلام الدولي، والأمريكي تحديدا.
وهكذا نجد أنه في 13 ماي 2023، نشرت صحيفة "الخبر" الجزائرية مقالا تحت عنوان "واشنطن تايمز الأمريكية تروج للإصلاحات في الجزائر"، تزامنا مع صدور مقال آخر على صحيفة "النهار" بعنوان "واشنطن تايمز: الجزائر ستخرج أقوى من الأزمة بفضل إصلاحات الرئيس تبون"، وفي تفاصيلهما معا نجد أن الأمر يتعلق بـ"مقال تحليلي" لـ David Keene يتحدث عن "الخطوات الشجاعة المتخذة في اتجاه الإصلاح السياسي والاقتصادي من طرف السلطات الجزائرية"، وأورد أن الأمر يتعلق بـ"بأحد أهم حلفائنا الاستراتيجيين في إفريقيا".
وتضمن المقال الكثير من المجاملة لتبون موردا "يتبين أن الرئيس تبون زعيم قوي وقادر، على عكس العديد من الآخرين، يدرك أنه من الخطر تراكم الديون التي يجب أن تسددها الأجيال التي لم تولد بعد، هو وبلده مستقلان بفخر، ويقاومان دائمًا اقتراض الأموال للعيش خارج حدود إمكانياتهما، وفي الأسبوع الماضي، خفض ميزانية الحكومة إلى النصف لتجنب رهن مستقبل الأمة لدول أخرى، وحصل على لجنة دستورية لتبني إجراء من شأنه أن يفرض حداً لفترتين على الرئاسة والبرلمان".
ويتم ترويج "واشنطن تايمز" من طرف الإعلام الجزائري وحليفه التابع لجبهة "البوليساريو"، على أنها صحيفة "ذائعة الصيت وذات تأثير"، بل أحيانا يتم الخلط بينها وبين "واشنطن بوست"، كما فعلت الجبهة الانفصالية عبر منصتها على الانترنت، حين نشرت بشكل مُضلل صورة لشعار هذه الأخيرة مُرفقة بالمقال الذي يتحدث عن الطاقة المتجددة في الصحراء، والحال أن "واشنطن تايمز" صحيفة يمينية تأسست سنة 1982 على يد زعيم كنيسة التوحيد الكوري الجنوبي سون ميونغ مون، وهي معروفة بدعمها الصريح لإسرائيل وترويجها لتفوق "العرق الأبيض"، كما أنها مشهورة بإتاحة المجال لنشر المقالات مدفوعة الأجر، وتُصنف ديفيد كين، على أنه أحد كتاب الرأي لديها.
تعليقات الزوار
Liberté Pas Anarchie
الجزائر إنما تفضح نفسها أمام المنتظم الدولي بهذه الممارسات وتؤكد محدودية فكرها السياسي في تدبير علاقاتها الدولية وملفاتها الكبرى، وخير دليل على ذلك الخسارات المتوالية التي مٌنيت بها في الآونة الأخيرة، بدءا بملف الانضمام إلى ‘البريكس’ وخسارتها ملف تنظيم ‘الكان’ 2025، وفشلها في إقحام البوليساريو في القمة السعودية الإفريقية الأخيرة، وقبلها فشل القمة العربية في الجزائر؛ وأخيرا الصفعة التي تلقتها ‘القوة الضاربة’ من طرف المنتظم الدولي في القرار رقم 2703 الذي أكدت أنها طرف أساسي في النزاع المُصطنع في الأقاليم الجنوبية للمغرب؛ في وقت تتجه المملكة إلى تأكيد مكانتها كقوة إقليمية صاعدة على كافة المستويات، مع نجاحها في حصد ثقة المجتمع الدولي في عديد المناسبات، آخرها تنظيمها لكأس العالم 2030”. لم تجد الجزائر التي تقود الطرح الانفصالي المعادي للرباط سبيلا آخر لإخفاء عجزها السياسي والدبلوماسي سوى بتوظيف إعلامها الموالي وذبابها الإلكتروني الذي تُعشعش عقيدة العداء للمغرب في عقول نخبه
مجرد نقطة فى سطور
إلى بيادق المخابرات والدين يستعيرون الالقاب والاخلاق ،بان جزائر فرنسا لاتستطيع ان توقف طموح المغرب والمغاربة باستعمالكم كل السبل والغرائز السفلى خدمتا لاسيادكم شرقا وغربا انشغلتم بهدم غيركم فلن تجدو الوقت لبناء انفسكم فواقعكم ابلغ تعبير عن مستقبلكم بالامس البعيد والقريب كرغلكم العثمانين وحركروكم الفرنسين فأصبحتم زومبي تخافون التاريخ وتكرهون الحق والحقيقة ،منبودون من البعيد قبل القريب ،ستفتح ملفات لاعهد لكم بها معتقدين ان حرق التبن لاخفاء الشعير،لن يزيد جزائر فرنسا الا ضرا وتفتتا .
مجرد تساؤل.
مجرد تساؤل. أين الغرابة !!!؟؟؟ أين الغرابة أن تلجأ الجزائر لتحسين صورتها وهي سياسة منتهجة، أكاد أجزم من جميع دول العالم، المغرب أولهم، بل ذهب إلى أبعد من ذلك في بات يعرف بفضيحة "بيغاسوس" و "ماروك غايت"، بل أبشع من ذلك، لم يتردد في استغلال أطفاله في الابتزاز السياسي، كل ذلك لتحقيق مصالح عجز أن يحققها بالدبلوماسية. مما جعله يراكم الإدانات من المنظمات والمؤسسات الدولية. عدت للمقال الأصلي في جريدة "واشنطن تايمز"، وكل ما ورد فيه هو عين الحقيقة. فالصحراء الغربية هي فعلا أخر مستمرة في إفريقيا بدليل إدراجها في لجنة الـ 24 للأمم المتحدة، الخاصة بتصفية الاستعمار. والمغرب هو فعلا سارق السردين وفوسفات الصحراويين، بدليل قرارات محكمة العدل الأوربية، وعدد تجديد اتفاقيات الصيد والزراعة مع الإتحاد الأوروبي. وها هو اليوم يريد أن يستغل حاجة أوروبا للطاقة، للاستثمار في الطاقات المتجددة مع شركات مشبوهة، ولن يفلح. وفي النهاية، وجب التذكير بـ 12 مليون دولار (مقارنة بـ 180 ألف دولار) التي منحها محمد السادس فقط للمرشحة هيلاري كلينتون، بشهادة الصحف المغربية ودونالد ترامب نفسه. https://arabic.cnn.com/world/2016/10/22/clinton-morocco-trump-pay-play ترامب يتهم كيلنتون بطلب 12 مليون دولار من المغرب لأجل زيارته https://www.hespress.com/أموال-المغرب-تلاحق-كلينتون-رغم-خسارة-ا-324304.html أموال المغرب تلاحق كلينتون رغم خسارة الانتخابات
و اذا اكرمت اللئيم تمرد
تبعا لهذا المقال الصحفي الممتاز اكيد ان الصحفي الاسباني اغناسيو سامبررو هو الاخر مدفوع الاجر من قبل السلطات الجزائرية حينما يهاجم المملكة المغربية حبذا لو تم كشف ما يؤكد ذلك اما بخصوص الجزائر و عدائها للمغرب بعد كل ما قدمه الشعب المغربي للمقاومة الجزائرية ابان الاحتلال الفرنسي فذاك يدخل ضمن مقولة و اذا اكرمت اللئيم تمرد
جار السوء
هادو ناس المرادية شمايت بامتياز عسكر و صحافة تفو على جيران السوء و الغدر