طلب المحامي الفرنسي الشهير جيل ديفرس، الذي رفع عدة شكاوى ضد إسرائيل في محكمة الجنايات الدولية، من مجموعة العمل التي يشرف عليها تكثيف الجهود لجمع أكبر كم من المعلومات حول 4 محاور من شأنها إدانة الاحتلال الإسرائيلي بارتكاب جرائم حرب خلال العدوان الأخير على غزة.
وذكر تقرير، اطلعت عليه “القدس العربي”، ووقّعه كلٌّ من المحامين جيل ديفرس وخالد الشولي وعبد المجيد مراري، المنخرطين في المبادرة، أن مكتب المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية استقبل مجموعة من الفريق، في 23 تشرين الثاني/نوفمبر، في اجتماع عمل لمدة ساعتين.
وأكد المحامون، في التقرير، أنه تقرر “فتح تحقيق بالفعل في الوضع في غزة، حيث تهتم حالياً مجموعة من ثلاثة قانونيين بشكل خاص بالقضية لدى مكتب المدعي العام”، معتبرين ذلك “خطوة كبيرة إلى الأمام، في ظل صمت مختلف الهيئات الدولية عما يجري، وعلى رأسها مجلس الأمن”.
وأبرز التقرير، بخصوص ما دار في الاجتماع، أن فريق التحقيق في الجنائية الدولية أكد أن عدم القدرة على الوصول إلى الموقع لم يكن عائقًا أمام تقدم التحقيق، وهو مجرد تعقيد مادي. وأشارت الوثيقة إلى أنه تم البحث بطريقة عملية عما يمكن القيام به لمساعدة عمل مكتب المدعي العام، مع مراعاة معرفتنا بالميدان واتصالاتنا.
وشدد تقرير المحامين على أن فريق التحقيق طلب في الوقت الحالي إرسال الملفات الأكثر خطورة والأكثر دلالة، طالباً من المنخرطين في المبادرة عدم إرسال ملفات بحجم كبير يصعب على فريق الجنائية الدولية التحكم فيها والتعامل معها.
وعلى هذا الأساس، طلب التقرير ضرورة التعامل مع 4 محاور هي الأكثر إدانة لإسرائيل في القانون الجنائي الدولي، وهي “الهجمات على نظام الرعاية الصحية؛ نطاق القصف وحجم الدمار الشامل بهدف كسر المجتمع الفلسطيني؛ تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو؛ معلومات عن إبادة عائلات بأكملها بسبب الهجوم على مساكن المدنيين”.
وبحسب المحامين، توجد معلومات كافية حول الهجمات على نظام الرعاية الصحية، كما أن هناك حاجة لإرسال معلومات حول الأسلحة المستخدمة وعددها مع تحديد مصادر المعلومات، خاصة في بيت حانون. وهناك ضرورة للحصول على تصريحات نتنياهو حول القضية الفلسطينية، قبل وبعد 7 أكتوبر، مع تحديد مصادر المعلومات. كما يمكن بخصوص إبادة عائلات كاملة، لأي شخص، إرسال معلومات على البريد الإلكتروني.
واعتبر تقرير المحامين أن الجزائر في هذا الصدد قد اتخذت مبادرة مهمة لعقد اجتماع يجمع المحامين على نطاق واسع، يومي 29 و30 نوفمبر، سيتناول كيفية الحصول على المعلومات وكيفية العمل وكيفية التجمع.
اتحاد دولي للمحامين حول فلسطين
وبعد هذه المرحلة الأولى التي فرضتها الظروف في غزة، ستُفتح، وفق تقرير المحامين، مرحلة تحقيق طويلة المدى، كما أن ثمة تحركاً، حسبه، من أجل قضية القدس. وفي المستقبل، هناك تفكير في إنشاء لجان وطنية بعنوان “محامون من أجل فلسطين”، مع هيكل مركزي للتشاور.
ودعا التقرير في هذا الجانب لضرورة التقيد بإنشاء هيكل مهني صارم، أي من محامين مسجلين في نقابات المحامين، وملتزمين بأخلاقياتهم المهنية، مع استبعاد الأحزاب السياسية، والمجموعات الدينية، وحركة التضامن والمنظمات غير الحكومية. وشدّد على أن ما يجري عمله كان إطاراً مفقوداً سيسمح للمحامين بالتحرك جماعيًا.
وعندما يتم إنشاء عدد كافٍ من اللجان الوطنية، قال التقرير: “سنقوم في اجتماع في بروكسل، بإنشاء الاتحاد الدولي الذي سيجمع هذه اللجان. وسيكون الاتحاد في الأساس هيئة موارد، مع موقع على الإنترنت فعال للغاية. سنقوم بنشر معلومات عامة مفتوحة للجميع”.
تفاصيل شكوى المحامين
وتتضمن الشكوى التي قدمها ديفرس، رفقة 100 محام، وعدد كبير من الجمعيات الدولية، أمام المدعي العام في لاهاي، وفق ما ذكره المحامي الجزائري المنخرط في المبادرة بوجمعة غشير لـ “القدس العربي”، عرضاً شاملاً لمجريات الأحداث، منذ قيام دولة فلسطين المستقلة عن الدولة العثمانية، مروراً بإقامة دولة إسرائيل والنكبة والمجازر التي ارتكبها الكيان الصهيوني في حق الفلسطينيين، وحرب 1967 والاحتلال لأراض إضافية، والتمييز العنصري الممارس، وصولاً إلى 07 تشرين الأول/أكتوبر 2023 وردود الفعل الإسرائيلية، والتي تندرج ضمن جرائم الإبادة الجماعية وجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية، والتي هي من اختصاص المحكمة الجنائية الدولية، طبقاً لمعاهدة روما المنشئة للمحكمة.
وفي رأي غشير، فإنه في نظر القانون الدولي، ينطبق على ما تقوم به إسرائيل كل مواصفات الجرائم المنصوص عليها في القانون الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية من حيث كونها جرائم إبادة جماعية، وجرائم حرب، وجرائم ضد الإنسانية وجرائم عدوان. وحول إمكانية تحرك المحكمة في لاهاي، بالنظر للحماية الغربية التي تحظى بها إسرائيل، قال المحامي الجزائري إنه يجب أولاً التنبيه إلى أن “تحريك الدعوى أمام المحكمة الجنائية الدولية يكون من طرف الدول التي صادقت اتفاقية روما، أو مجلس الأمن، أو المدعي العام، إن رأى إن فتح تحقيق ضروري”.
اجتماع الجزائر
وتستعد الجزائر لاحتضان ندوة دولية تحت موضوع “العدالة للشعب الفلسطيني”، يومي 29 و 30 تشرين الثاني/نوفمبر، تضم نخبة من القانونيين والمحامين الدوليين، وفق ما ذكر بيان مشترك للنقابة الوطنية للقضاة والاتحاد الوطني لمنظمات المحامين في الجزائر.
وبدأت الوفود تصل لمطار الجزائر الدولي من دول عربية وأجنبية، حيث ستبدأ الورشات التحضيرية على مستوى مركز المؤتمرات بدراسة العديد من الإجراءات القانونية لإبلاغ المدعي العام للمحكمة الجنائية والدولية حول الجرائم الإسرائيلية. وتأتي هذه التحركات في سياق دعوة الرئيس عبد المجيد تبون أحرار العالم للتحرك من أجل مقاضاة إسرائيل وعدم إفلات قادتها من العقوبة بعدما ارتكبوه في غزة.
ووصل لغاية الآن القاضي المختص في القضاء الجنائي الدولي والقانون الدولي الإنساني والقاضي بالمحكمة العليا الأردنية محمد سليم التارونة، ومستشار وزير العدل الفلسطيني، وممثلون عن اتحاد المحامين العرب، بينهم مايز المقدم وبسام جمال وناصر ريس، في انتظار وصول المحامي جيل ديفرس.
وكانت نقابة المحامين في الجزائر قد شكلت لهذا الغرض مجموعة عمل تتكون من أسماء معروفة لها باع في العمل الحقوقي، مثل المحامي مصطفى بوشاشي، الذي كان يرأس الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان، إلى جانب نقيب العاصمة سيليني عبد المجيد المحامي مشري بشير، الذي اشتهر بدفاعه عن الإسلاميين، والمحامية زبيدة عسول، وهي رئيسة حزب الاتحاد من أجل الرقي والتغيير، والمحامي خبابة عمار، وغيرهم.
وترى نقابة المحامين في الجزائر أن قادة الكيان الصهيوني تمادوا في ارتكاب الجرائم المنصوص عليها في المادة 05 من نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، والمتمثلة في جرائم الإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية، والتي تشكل انتهاكاً للقانون الدولي وقانون حقوق الإنسان وجميع الشرائع الدولية، وجميع الاتفاقيات والمعاهدات الدولية، وعلى رأسها اتفاقيات جنيف الأربع لسنة 1949، واتفاقية لاهاي المتعلقة بالتسوية السلمية للنزاعات الدولية، واتفاقية حقوق الطفل لسنة 1989، بل وکل بند من بنود ميثاق الأمم المتحدة.
تعليقات الزوار
لا تعليقات