أخبار عاجلة

أخنوش زعيم مافيا المحروقات يضيف مياه المغاربة إلى قائمة شركاته

مرة أخرى، يعود رئيس الحكومة عزيز أخنوش، ليذكر المغاربة بأنه يمثل أوضح نماذج "زواج المال بالسلطة" في المغرب، فالرجل استطاع الظفر بصفقة إنجاز أكبر محطة لتحلية مياه البحر، المخصصة لتزويد جهة الدار البيضاء – سطات بمياه الشرب، بالإضافة إلى سقي مساحات شاسعة من أراضيها الفلاحية، في صفقة كان فيها المنافس والحكم أيضا.

هذا المشروع، وإن كان آخر أشكال "استفادة" أخنوش، من خلال شركاته التابعة لمجموعة "أكوا هولدينغ"، من المشاريع الضخمة بالمملكة، بشكل أقرب ما يكون إلى "الاحتكار"، إلا أنه ليس إلا محطة واحدة ضمن محطات عديدة لـ"تملُك" أخنوش لحاجيات المغاربة، وبالتالي لأقواتهم، وتحكمه التام في العديد من مناحي حياتهم، في الوقت الذي أصبح فيه الغلاء العنوانَ العريض للحكومة التي يقودها.

     

"احتكار" مياه البيضاويين

وحكاية أخنوش مع محطة الدار البيضاء ليست جديدة ولا مفاجئة، فـ"الصحيفة" في نسختها الورقية، كانت قد أماطت النقاب عن هذا الموضوع في تحقيق أنجزته قبل 6 أشهر، كشفت فيه بالتفاصيل والوثائق أن أخنوش منافس على صفقة هو أساسا أحد المتحكمين في مصيرها، باعتباره رئيسا للحكومة، الجهة صاحبة المشروع، بل إنه حضر بهذه الصفة في مرحلة انتقاء التحالفات الثلاث من أصل 6 كانت مرشحة في البداية.

وجرى تقديم الملف من خلال شركة "أكسيونا" الإسبانية، لكن الأمر يتعلق بملف ثلاثي، أموالُ رئيس الحكومة ممثلة فيه بضلعين، من خلال "أفريقيا غاز" التابعة لهولدينغ "أكوا" المملوك لعائلة أخنوش، ثم "غرين أوف أفريكا" الموزعة أسهمها بين "أكوا" و"فينانس كوم" المملوكة لعثمان بن جلون و"سوفينام"، وذلك في إطار تحالف يجمعهما بالشركة الإسبانية، وتبلغ قيمة الصفقة، وفق ورقة المشروع 989 مليون دولار كتكلفة للأشغال فقط.

وعمليا، يضع هذا المشروع الماء الشروب الخاص بـ7 ملايين مواطن مغربي بين يدي أخنوش، إذ يتعلق الأمر بإنتاج 548 ألف متر مكعب من المياه في المرحلة الأولى التي ستبدأ سنة 2026، على أن يصل الإنتاج إلى 822 ألف متر مكعب في المرحلة الثانية سنة 2030، وستكون المحطة التي سيتم إنشاؤها في سيدي رحال، على بعد 40 كيلومتر من العاصمة الاقتصادية، المصدر الأساسي للمياه لمدن الدار البيضاء وسطات وبرشيد والجديدة وأزمور، بالإضافة إلى ضمان تزويد 5000 هكتار من الأراضي الفلاحية بمياه السقي.

الهواء قبل الماء

وقبل الماء، كان أخنوش يحتكر أيضا "الهواء"، ومرة أخرى عبر هولدينغ "أكوا" من خلال شركة "مغرب أوكسيجين"، التي توزع بشكل حصري الأوكسجين الطبي على المستشفيات المغربية، وهي المؤسسة التي تحقق سنويا أرباحا كبيرة مستفيدة من العِلل الصحية للمغاربة، وهو ما تكشف عنه أرقامها لسنة 2022 المعبرة عن منحاها التصاعدي، حيث حققت رقم معاملات بقيمة 291 مليون درهم، بارتفاع بلغ 6,2 في المائة مع ما حققته سنة 2021، مضيفة إلى قائمة استثماراتها 19,5 ملايين درهم، همت بالأساس قارورات الأوكسيجين ومعدات التبريد ووحدات التصنيع وقطع الغيار.

لكن ما يجب الوقوف عنده بكثير من الإمعان، هي أرقام المؤسسة لسنة 2020، العام الذي كان ذروة انتشار جائحة "كوفيد 19" وحكم على العديد من المؤسسات الاقتصادية بالشلل، كما عانت منه جيوب المغاربة نتيجة الإغلاق الذي رافق حالة الطوارئ الصحية، بالموازاة مع تسجيل أكثر من 1,27 مليون حالة مؤكدة و16,297 حالة وفاة إلى حدود اللحظة، وفق أرقام وزارة الصحة والتنمية الاجتماعية، فكل ذلك كان مصدر "نفع" لـ"مغرب أوكسيجين".

وخلال تلك السنة حققت الشركة 248,4 مليون درهم كرقم معاملات، مقابل 240,3 في السنة التي قبلها، أي بارتفاع بلغ 3,34 في المائة، أما استثماراتها فانتقلت قيمتها من 18,5 ملايين درهم سنة 2019 إلى 31,7 ملايين درهم سنة 2020، هذا الواقع دفع المجموعة النيابية لحزب العدالة والتنمية، منتصف سنة 2022، إلى طلب رأي مجلس المنافسة، حول مدى احترام الفاعلين في مجال الأوكسيجين والغازات الطبية لشروط المنافسة،، داعيا إلى الوقوف على طبيعة خضوع "مغرب أوكسيجين" لشروط المنافسة الحرة والشريفة، والتحقق من شبهات تورطها في "الهيمنة والتواطؤ من أجل رفع الأسعار"، إلا أن مجلس النواب رفض إحالة هذا الطلب على مجلس المنافسة.

أفريقيا غاز.. وحش المحروقات

وتبقى سيطرة أخنوش على قطاع المحروقات، وبالتالي على أسعارها، الأكثر تأثيرا في حياة المغاربة، إلى حدود الآن على الأقل، فرئيس الحكومة، وعبر شركته العائلية "أفريقيا"، هو الفاعل الأول في مجال المحروقات بالمغرب، ووفق ما جاء في تقرير مجلس المنافسة بخصوص أسعار البنزين والغازوال الصادر في شتنبر من سنة 2022، فإن الشركة المذكورة كانت وراء 21,2 في المائة من الواردات خلال الفترة ما بين 2018 و2021، وتحتكر، إلى جانب "فيفو إينيرجي" المالكة لمحطات "شل" و"توتال إينرجي المغرب"، ما مجموعه 52,7 في المائة من إجمالي الواردات.

ولا ينظر المغاربة بعين الرضا إلى شركة "أفريقيا"، المتهمة برفع الأسعار بشكل صاروخي منذ دخول قرار تحرير أثمنة المحروقات حيز التنفيذ في 2015، وهو الأمر الذي وجه إليها الأنظار قبل غيرها عندما كشف تقرير اللجنة البرلمانية الاستطلاعية لسنة 2018، المُنبني على زيارة ميدانية لـ2500 محطة وقود بمجموع التراب الوطني ما بين أواخر 2015 وماي 2018، أن الشركات حققت أرباحا إضافية عن الأرباح الطبيعية بلغت قيمتها 17 مليار درهم.

أما ما كشفه مجلس المنافسة بخصوص "أفريقيا"، فهو أيضا يطرح العديد من علامات الاستفهام بخصوص ازدواجية الصفة لدى أخنوش، كرجل أعمال يسعى وراء أكبر قدر من الأرباح، ورئيسِ حكومةٍ يُفترض أن همه الأول المصلحة العامة وراحة المواطن، فتقرير 2022 أشار إلى أن الأرباح الصافية للشركة سنة 2020، أي في خضم جائحة كورونا التي انهارت فيها أسعار النفط دوليا، وصلت إلى 416 مليون درهم، ثم إلى 497 مليون درهم سنة 2021، وهو ما دفع المجلس إلى طرح توصية على الحكومة من أجل إقرار ضريبة استثنائية على الأرباح المفرطة لشركات استيراد وتخزين وتوزيع الغازوال والبنزين، لكن لم يتم الأخذ بها.

تنازع المصالح يطارد أخنوش

وأعادت قضية محطة تحلية المياه بالدار البيضاء، طرح سؤال قانوني وسياسي وأخلاقي، بخصوص تولي أخنوش منصب رئيس حكومة، وهو السؤال الذي ظل يُطرح بشكل أقل حدة منذ 2007، تاريخ انضمامه لأول مرة للتشكيلة الحكومية كوزير للفلاحة والصيد البحري، لكنه الآن أصبح مُلحا، بما أن موقعه الحالي يعني أنه المسؤول عن كل القطاعات، لذلك شهدت جلسة البرلمان ليوم الاثنين الماضي جدلا كبيرا بين نواب حزب العدالة والتنمية المعارض، وحزب التجمع الوطني للأحرار الذي يقود الحكومة، والذي يرأسه أخنوش نفسه، بخصوص "تضارب المصالح".

ويستند المدافعون عن أخنوش، إلى بلاغ عممه يوم 13 شتنبر 2021، عقب تعيينه من طرف الملك محمد السادس رئيسا للحكومة ومكلفا بتشكيلها، جاء فيه أنه قرر "الشروع في مسطرة الانسحاب التام من جميع مناصب التسيير داخل الهولدينغ العائلي"، مضيفا أنه منذ ولايته الأولى كوزير "سبق أن أوقف ممارسة جميع الأنشطة المهنية أو التجارية، ولا سيما المشاركة في أجهزة تسيير أو تدبير أو إدارة المنشآت الخاصة التابعة للهولدينغ العائلي".

غير أن معارضي رئيس الحكومة، يرون أن الرجل غارق في "تنازع المصالح"، وهو الأمر الذي عبر عنه رئيس الفريق النيابي لحزب العدالة والتنمية، عبد الله بوانو، الذي أوضح عبر الموقع الرسمي لحزبه أن "الدستور في فصله 35 يضمن حق الملكية وحرية المبادرة والمقاولة، لكنه يفرض أيضا في الفصل نفسه التنافس الحر، ويعاقب في الفصل 36 على المخالفات المتعلقة بحالات تنازع المصالح، ويعاقب كذلك على الشطط في استغلال مواقع النفوذ والامتياز، ووضعيات الاحتكار والهيمنة، وباقي الممارسات المخالفة لمبادئ المنافسة الحرة والمشروعة في العلاقات الاقتصادية".

ووفق بوانو، فإن الأمر يتعلق بـ"فضيحة سياسية وتطور خطير في مجال المال والأعمال ببلادنا" تتعلق بتنازع صارخ للمصالح"، مشيرا إلى أن شركتين من الشركات الثلاث التي رست عليها الصفقة، مملوكتان لرئيس الحكومة السيد عزيز أخنوش، ورئيس وزير التجهيز الوصي والمتابع لمختلف العمليات المرتبطة بهذه الصفقة، بل إن المجموعة الاقتصادية لرئيس الحكومة مساهمة في الشركة الثالثة ، ليخلص إلى أنه، من الناحية القانونية، فإن رئيس الحكومة يوجد في وضعية مخالفة وتنازع المصالح، استنادا إلى الفصل 36 من الدستور، الذي يمنع صراحة تحت طائلة العقاب تنازع المصالح، واستنادا كذلك للقانون التنظيمي المتعلق بتنظيم وتسيير أشغال الحكومة والوضع القانوني لأعضائها، ولا سيما المادة 33 منه.

اضف تعليق

شارك

تعليقات الزوار

Massin

s.hotmail.com

.Akhanouch is a Moroccan citizen and we prefer a Moroccan company than a French or Spanish companies. The priority is for Moroccan.