صاحب الكوفية الحمراء هو حذيفة سمير الكحلوت، المتحدث الإعلامي الرسمي لكتائب عز الدين القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، وأحد المطلوبين لجيش الاحتلال الإسرائيلي للاغتيال بسبب عمله في الجناح المسلح وقيادة الجهاز الإعلامي والحرب النفسية ضد الكيان الإسرائيلي.
تعود عائلة الكحلوت إلى بلدة نعليا المهجرة منذ عام 1948 بعد النكبة، حيث استقرت في منطقة جباليا شمال شرقي غزة، وقد تعرض منزلها للقصف مرتين في حربي 2008 و2012 على قطاع غزة.
يعود أول ظهور لـ"أبو عبيدة" عام 2006 عندما أعلن أسر كتائب القسام الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط، ومنذ ذلك الوقت استمر في نقل رسائل وبيانات كتائب القسام إلى العالم والتصريحات الرسمية المعتمدة من قبل المجلس العسكري للكتائب.
ويختفي أبو عبيدة عن أعين الجميع وأجهزة الاستخبارات الإسرائيلية وغيرها باعتباره أحد القادة في كتائب القسام، وتشير بعض المصادر إلى أنه شارك في عدد من العمليات وترقى في سلم القيادة الميدانية ثم الإعلامية.
"أبو عبيدة" تحول إلى ظاهرة شعبية على المستوى العربي ونالت تصريحاته اهتماما دوليا وحديث مختلف الفئات العمرية على شبكات التواصل الاجتماعي، وأحيانا تضمنت الأغاني الشعبية كلمات أبو عبيدة أو شملت اسمه بوصف: "الملثم أبو الكوفية".
تنتهي كلمة أبو عبيدة في كل بيان رسمي بعبارة "وإنه لجهاد.. نصر أو استشهاد" وهذه العبارة تعود إلى الشهيد عز الدين القسام، عندما حاصرته قوات الاستعمار البريطاني وطلبت منه الاستسلام في أحراش يعبد شمالي الضفة الغربية.
الوجه الحقيقي لأبو عبيدة غير معروف للكثير لضمان أمنه الشخصي ولا توجد له صورة رائجة، إلى درجة أن الإعلام العبري نشر صورة له لكنها لم تكن الصورة الحقيقية للرجل الذي تتابعه حكومة تل أبيب بتوتر عال لأنه اعتاد ألا يخرج في تصريح أو بيان إلا من أجل تناول قضية هامة وطرح معلومات وقرارات في خطاب تعتمد كل كلمة فيه بدقة عالية.
تجربة 17 عاما من الخروج الإعلامي أكدت أن كلمات أبو عبيدة تحمل مصداقية عالية، كما أنها خطابات غير متشابهة، حيث يحرص على تقديم بلاغاته العسكرية بأسلوب جديد وعبارات لافتة وهو يحظى بمتابعة واسعة جعلت منه شخصية مؤثرة تصل حد الرمزية البالغة.
من أبرز كلمات أبو عبيدة "لا خطوط حمراء" في إشارة إلى الرد على جرائم الاحتلال، عندما حذر أبو عبيدة إسرائيل من مواصلة عدوانها على قطاع غزة، مشددا على أنه لا "خطوط حمراء" عندما يتعلق الأمر بالرد على العدوان، كما تميز بتقديم وعود صادقة سرعان ما تنفذها كتائب القسام.
ومن أهم ما يميز أبو عبيدة لغة الجسد المنسجمة تماما مع بياناته الحربية التي تبدي ثقة واضحة وإصرارا كبيرا، مستخدما إصبع السبابة لتهديد القادة الإسرائيليين. وكثيرا ما خاطب أبو عبيدة القادة الإسرائيليين، خاصة رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو عندما قال له في بيان عسكري: "عليك أن تعد جنودك جيدا، فلا تخطئوا في التقدير".
تقول الكاتبة إحسان الفقيه عندما يتحدث أبو عبيدة فإنه يثلج صدور قوم وتضيق به صدور قوم آخرين، خاصة أنه يضع النقاط على الحروف في إيجاز وحسن بيان، حيث يرتكز خطاب الملثم على الحرب النفسية في أبرع وأذكى صورها، لأنه يبدو "كمدفعية تقذف حممها على الاحتلال".
وتابعت الفقيه في مقال لها أن أبو عبيدة أثار الرعب في نفوس الصهاينة حينما أشار إلى لعنة العقد الثامن، التي تشير إلى انتهاء الممالك اليهودية القديمة في عقدها الثامن، وهو ما يقر به الساسة الإسرائيليون ومنهم نتنياهو وإيهود باراك رئيس الوزراء الأسبق، وهو ما يتخوف منه الشعب اليهودي، من خلال طرح فكرة الدين والنبوءات التي تتزامن تقريبا مع عمر دولة الاحتلال وبلوغها في هذا التوقيت ثمانين عاما، فهي فكرة مرعبة بالنسبة للاحتلال شعبا وحكومة.
واستخدم أبو عبيدة كلمة "لا سمح الله" التي أصبحت حديث الإعلام الجديد في سياق التهكم على الأنظمة العربية، حيث قال: "إننا لا نطالبكم بالتحرك لتدافعوا عن أطفال العروبة والإسلام في غزة من خلال تحريك جيوشكم ودباباتكم، لا سمح الله"، وقد تداولها رواد مواقع التواصل الاجتماعي على نطاق واسع، لتتصدر ترتيب الأكثر تداولا على منصة "إكس" في أكثر من دولة عربية.
يشكل ظهور أبو عبيدة كابوسا للقيادة الإسرائيلية لأنه يفند روايات الاحتلال ويرد عليها، إلى درجة أن استطلاعات رأي أكدت أن الشارع الإسرائيلي يصدق خطاب "الملثم المجهول" أكثر من تصريحات قادته السياسيين والعسكريين.
ومن أخطر الجمل وأقواها ما قاله القسامي الملثم: "قرار قصف تل أبيب والقدس وديمونا وعسقلان وأسدود وبئر السبع وما قبلها وما بعدها أسهل علينا من شربة الماء".
تعليقات الزوار
لا تعليقات