تتواصل نكبات نظام عجزة العسكر الجزائري، سواء على المستوى الداخلي أو الخارجي، وذلك بسبب السياسات الفاشلة التي ينهجها الجنرالات منذ أن سرقوا ثمار “الاستقلال” وسطوا على ثروات البلاد بتنسيق مع المستعمر الفرنسي الذي أوكل لهم مهمة تسيير مقاطعته الإفريقية السابقة والمحافظة على مصالحه بالمنطقة من خلال عرقلة كل جهود للتنمية والوحدة بين الشعوب.
آخر هذه الصفعات التي تلقتاها الكابرانات، جاءت من قطر وايطاليا، ما دفع الرئيس التنفيذي لشركة سوناطراك الجزائرية رشيد حشيشي إلى الخروج بتصريحات لطمأنة الأوربيين، حيث قال إن بلاده ملتزمة بتوريد الغاز إلى إيطاليا، وإن لديها غازا كافيًا يجعلها موردا موثوقا به.
جاء ذلك، بعد يوم من إبرام اتفاقية تتيح لقطر تصدير الغاز الطبيعي المسال إلى إيطاليا على مدى 27 عاما، وقبلها اتفاق مع فرنسا وصف بأنه أكبر وأطول اتفاق لتوريد الغاز لأوروبا، ما يظهر أن الجزائر باتت تخشى على حصتها في السوق الأوروبية من حليفتها قطر.
وقال حشيشي خلال مؤتمر للطاقة في إيطاليا إن إنتاج الجزائر من الغاز الطبيعي بلغ 100 مليار متر مكعب سنويا والاستهلاك 45 مليار متر مكعب، مما يجعل الباقي متاحا للتصدير.
ودعا وزير الطاقة الجزائري محمد عرقاب الشركات الإيطالية والأوروبية إلى زيادة الاستثمار في قطاع الطاقة بالدولة الواقعة في شمال أفريقيا. وأضاف عرقاب في المؤتمر أن الجزائر منخرطة في محادثات لتطوير ممر جنوبي أوروبي للهيدروجين.
وخلال تخلي أوروبا عن الغاز الروسي تحت ضغط العقوبات الأميركية، سعت الجزائر لتقديم نفسها بديلا موثوقا به وتوصلت إلى تفاهمات مع فرنسا وإيطاليا، لكن الأوروبيين يتشككون في أن تكون الجزائر شريكا موثوقا به وقادرا على تأمين الإمدادات بشكل دائم، وذلك بسبب اختلاط الاتفاقيات الاقتصادية بالموقف السياسي لدى السلطات الجزائرية، مثل ما جرى مع إسبانيا والمغرب.
ولا يرى الأوروبيون ما يضمن لهم عدم تكرار هذه المواقف في المستقبل إذا وثقوا بالجزائر وراهنوا على غازها بديلا ثابتا عن الغاز الروسي.
وتزامن القلق الأوروبي بشأن مصداقية الجزائر مع توجه قطري مدعوم أميركيًّا إلى لعب دور البديل عن الغاز الروسي، حيث نجحت الدوحة في عقد اتفاقيات كبرى مع ألمانيا وبريطانيا وفرنسا وإيطاليا، ما قد يقود إلى تهديد حصة الجزائر.
وأعلنت شركة “قطر للطاقة” الاثنين توقيع اتفاق مدته 27 عاما مع “إيني” الإيطالية لتصدير الغاز الطبيعي المسال إلى إيطاليا، هو الثالث من نوعه مع دولة أوروبية هذا الشهر.
وقالت الشركة المملوكة للدولة في بيان “وقعت شركتان تابعتان لكل من قطر للطاقة وشركة إيني الإيطالية اتفاقية بيع وشراء طويلة الأمد لتصدير ما يصل إلى مليون طن سنويا من الغاز الطبيعي المسال من قطر إلى إيطاليا”، وذلك “اعتبارا من عام 2026 ولمدة 27 عاما”
وتعليقا على الاتفاق الجديد، قال وزير الدولة القطري لشؤون الطاقة سعد بن شريدة الكعبي “نخطو اليوم خطوة جديدة تجاه دعم علاقاتنا مع شركة إيني، والتي من شأنها تعزيز تعاوننا المشترك لسنين عديدة قادمة”.
وأضاف “سنواصل العمل معًا لتأكيد التزامنا تجاه الأسواق الأوروبية بشكل عام، والسوق الإيطالية بشكل خاص”.
وفي يونيو 2022 اختارت “قطر للطاقة” الشركةَ الإيطالية لتصبح شريكًا أجنبيّا مساهمًا في تطوير حقل الشمال القطري (أكبر حقل للغاز الطبيعي في العالم ويمتد تحت الخليج إلى المياه الإقليمية الإيرانية) بنسبة 3.1 في المائة.
وفي إطار مشروع توسعة هذا الحقل، يُتوقع أن تزيد قطر إنتاجها من الغاز الطبيعي المسال بنسبة ستين في المائة أو أكثر، ليصل إلى 126 مليون طن سنويا بحلول 2027.
ويُتوقع أيضا أن تبدأ عمليات توصيل الغاز الطبيعي المسال إلى منطقة توسكانا الإيطالية في عام 2026.
وقالت شركة “إيني”، ومقرها في روما، ضمن بيان إن الاتفاق “يعزز” شراكتها مع “قطر للطاقة”، مضيفة أن المساهمة في حقل الشمال الشرقي “تتماشى مع إستراتيجية إيني الانتقالية، التي تهدف إلى زيادة دور الغاز تدريجيّا”.
وأتى الاتفاق مع “إيني” بعد سلسلة من الاتفاقات طويلة الأمد مع شركات أوروبية لتوريد الغاز الطبيعي من قطر.
وخلال الأسبوع الماضي أعلنت قطر اتفاقا يمتد على 27 عاما مع شركة “شل” البريطانية وفي وقت سابق أعلنت اتفاقا مماثلا مع شركة “توتال إنرجي” الفرنسية.
وتقع السوق الرئيسية للغاز القطري تقليديا في آسيا مع دول مثل الصين واليابان وكوريا الجنوبية.
وقطر واحدة من الدول الرائدة في إنتاج الغاز الطبيعي المسال في العالم، إلى جانب الولايات المتحدة وأستراليا وروسيا.
وتقدر شركة “قطر للطاقة” حجم ما يحتويه حقل الشمال بعشرة في المئة من احتياطات الغاز الطبيعي المعروفة في العالم.
تعليقات الزوار
لا تعليقات