تتجه موريتانيا، خلال أشهر قليلة، نحو تحقيق حلم كبير، ألا وهو الدخول إلى مصاف الدول المصدرة للغاز المسال، حيث اكتملت قاعدة التصدير الخاصة بمشروع غاز “احميم تورتي” الغازي، المستغل اشتراكًا بين موريتانيا والسنغال بإشراف شركة “بي بي” البريطانية.
وينتظر الموريتانيون والسنغاليون بصبر فارغ وبارتياح مشوب بالحذر، وصول المنصة العائمة العملاقة المخصصة لإنتاج وتخزين وشحن الغاز التي توجد حاليا في طريقها إلى السواحل الموريتانية قادمة من الصين بعد إنهاء صناعتها وبنائها وتجهيزها واكتمال التجارب الفنية الخاصة بها.
وينتظر أن تقطع هذه المنصة البحرية، 12000 عقدة بحرية عبر سنغافورة، باتجاه سواحل موريتانيا، وذلك بعد أن استغرقت عمليات تجريب أجهزتها وبناء هيكلها وضبط شبكتها الإلكترونية، ثلاث سنوات ونصف.
وتعتبر هذه المنصة العنصر الأساس في مشروع الغاز الموريتاني السنغالي، مضافة للتطوير المدمج في عمق البحر لمناجم الغاز، ولمجموعة الأجهزة العائمة الأخرى الخاصة بعمليات شحن الغاز الطبيعي.
وتشمل المرحلة الأولى من هذا المشروع الغاز، إنتاج 2.3 مليون من الغاز المسال للسنة. ويقول غارون بيرل نائب الرئيس التنفيذي لشركة “بي. بي” في توضيحات عن المنشأة “إننا نعمل على تطوير أحد أهم المشاريع الغازية في العالم، الذي يعتبر مع منصته العائمة مكونا من أهم مكوناته”.
وتعالج المنصة العائمة من موقعها داخل المحيط، الغاز الطبيعي بإزالة المواد المكثفة والماء والشوائب الأخرى، قبل أن ينقل الغاز عبر أنبوب ضخم نحو قاعدة الشحن والتصدير الواقعة على بعد 10 أميال على الساحل.
وتتولى المنصة العائمة معالجة 500 مليون قدم مكعب من الغاز كل يوم، قبل أن يجري تسييل غالبيتها عبر قاعدة الإنتاج، ثم شحنها نحو الأسواق الدولية، بينما يوجه جزء من هذه الكمية إلى موريتانيا والسنغال للاستجابة لحاجاتهما الضرورية المتزايدة في مجال الطاقة؛ أما المواد المكثفة المستخلصة فسيجري نقلها في صهاريج مكوكية نحو الأسواق.
وتمت برمجة تثبيت المنصة العائمة على بعد 120 ميلا من الساحل البحري، وستتسع ل 140 شخصا خلال أوقات العمل الطبيعة كما ستكون مركزا للفريق الفني المشرف على الإنتاج.
ويبلغ ارتفاع المنصة التي تعادل مساحتها ملعبين لكرة القدم، 10 طوابق وهي مركبة من 81 ألف طن من الفولاذ، و37 ألف متر من بكرات الأنابيب، و1.52 مليون متر من الكوابل؛ وقد شهدت هذه المنصة العائمة منذ اكتملت صناعتها وتركيبها، 330 ألف عملية فحص وتفتيش.
وكانت شركة كوسموس أنيرجي الأمريكية العملاقة قد اكتشفت بين عامي 2014 و2015 حقل “تورتي أحميم” في نقطة الحدود البحرية المشتركة بين موريتانيا والسنغال.
ومن المتوقع البدء خلال العام المقبل، بتصدير أولى شحنات الغاز إلى الأسواق العالمية وذلك بتأخير سنة عن الموعد الذي كان محددا لبدء الشحن، بسبب انعكاسات وباء كوفيد 19.
وأكدت كوسموس أنيرجي أن المرحلة الأولى من مشروع الغاز الموريتاني السنغالي تتعلق باستغلال 8000 مليار قدم مكعب من أصل 50 ألف مليار قدم مكعب مؤكد وجودها، إلى جانب مؤشرات محققة للنفط، وهو ما يؤكد أن لهذا المشروع الطاقوي الضخم أسرار ما تزال تحت الكتمان.
ومما يبشر بإمكانية استثمار آمن لمشروع “ترتي آحميم”، اتفاق الحكومتين الموريتانية والسنغالية على استغلاله بصورة مشتركة، وهو الاتفاق النابع من اقتناع حكومتي نواكشوط وداكار بأهمية العمل المشترك الذي جربتاه من خلال المنظمة المشتركة لاستغلال نهر السنغال الفاصل الحدودي الطبيعي بينهما.
لكن أطرافا فاعلة في المجتمع المدني الإفريقي أوصت الحكومتين الموريتانية والسنغالية على دفع شركتي “بي.بي”، وكوسموس، نحو المزيد من الانفتاح ونحو الوفاء بالتزامهما المتعلق بإشراك المقاولات الوطنية في الجانب المحلي من المشروع، وذلك في اتجاهين أولهما ضمان الاستفادة من الأموال الناتجة عن المشروع، والثاني نقل التكنولوجيا ونقل التجارب، ودعم الخبرة الوطنية.
تعليقات الزوار
لا تعليقات