أخبار عاجلة

ذُكورة الجزائريين وذاكرة البصل

في سنة 1973، أيّ قبل خمسين سنة من اليّوم، كُنت جارا للدّكتور المرحوم شفيق بن سالم، نجل الدّكتور المجاهد بن سالم الشّهير!

كان شفيق جاري في مدينة رغاية بالعاصمة، وكان من دفعتي في الخدمة الوطنية في شرشال سنة 1971، وهو الزّوج الأول للسّيدة أنيسة منصالي، التّي أصبحت فيما بعد زوجة الرّئيس الرّاحل هواري بومدين!

الدّكتور شفيق هو من كشف أعراض مرض القلب لدّي، ومنعني بعدها من مُمارسة الرّياضة في الأكاديمية العسكرية بشرشال التّي كانت تدخل في إطار التّدريبات العسكرية!

أنيسة بن سالم حين أصبحت أنيسة بومدين، درست الأدب العربي مع المرحومة زوجتي في كلية الآداب بجامعة الجزائر.

في جلسة من جلساتي مع جاري الدّكتور شفيق بن سالم في بيته، شاهدتُ في غرفة الاستقبال، لوحة زيتية رائعة كان قد اشتراها من الفنان الشاب حكّار الذّي كان جارنا في العمارة، واللّوحة تمثل مظاهرة حاشدة للجزائريين، يقودها شاب يحمل في يده “بصلة” حمراء وخضراء وبيضاء، ويهتفون باستقلال الجزائر! أي أنّ هذا الاستقلال في نظر الشعب، وفي نظر الفنان حكّار في ذلك الوقت، يُساوي بصلة! والبصل في ذلك الوقت أرخص خضرة في الأسواق على الرّغم من أنّه يُبكي السّيدات الجميلات في المطبخ حين يقطعونه! ولكنّه اليّوم أصبح يُبكي الرّجال في الأسواق حين تجاوز سعره 300 دج للكلغرام الواحد!
البصل حسب ناس زمان، هو المسؤول عن ارتفاع الذّكروة والخصوبة لدى الرّجال، عندما يُحسن طبخه، فهل لإقدام السّلطة اليّوم على اختلاق أزمة نُدرة في البصل له علاقة بضرب الرّجال في ذكورتهم وخصوبتهم بمنعهم أكل هذه المادة الضّرورية، وما ينجم عنها من إلحاق أضرار بالنّساء الجزائريات؟! هل فقدان الجزائريين للذّكورة والخصوبة، بسبب فقدان البصل في الأسواق، سيؤدي بالضّرورة إلى الاستقرار السّياسي لنظام الحكم؟!

لستُ أدري لماذا تذكرت لوحة الاستقلال، للرّسام حكّار التّي كانت معلقة في بيت جاري الدكتور شفيق بن سالم قبل خمسين سنة؟! لكن الأكيد أنّني فهمت بعد طول هذه المدّة معنى تلك اللّوحة الفنية، عندما تجاوز سعر البصل في الجزائر 300 دج، وأيقنتُ كذلك أنّ الدكتور كان يفهم جيدا الرّسومات السّياسية أكثر من فهم والده المجاهد الشهير! وإذا أتيحت الفرصة بحول الله سأقف على قبر المرحوم الدّكتور شفيق عندما أزور بوسعادة!

سعيد بوعقبة

اضف تعليق

شارك

تعليقات الزوار

لا تعليقات