تحمل الاستقالة المفاجئة لسليم لباطشة من منصب الأمين العام للاتحاد العام للعمال الجزائريين، مؤشرات سلبية وإيجابية في نفس الوقت على الحياة النقابية في البلاد
ليس من تقاليد المركزية النقابية، الوحيدة التي تتعامل معها السلطة، استقالة قياداتها. فقد عرفت هذه الأخيرة منذ عام 1988، أمينين عامين إثنين فقط، هما المرحوم عبد الحق بن حمودة الذي تعرض لعملية اغتيال داخل مقر الأمانة الوطنية للاتحاد العام. حدث هذا سنة 1997، وخلفه في المنصب بالنيابة عبد المجيد سيدي سعيد، ليسكن هذا الأخير مكتب الطابق الثالث لمبنى دار الشعب الذي تحول تدريجيا إلى ساحة لعرض سلع رجال الأعمال المحيطين بالرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة
وإن لم يسقط سيدي سعيد مباشرة مع انطلاق مسيرات الحراك الشعبي، فقد خلقت هذه الثورة الشعبية وضعا جديدا دفعه للانسحاب خلال المؤتمر الثالث عشر المنعقد في جوان 2019، واختار بعناية خليفته، المتمثل في شخص سليم لباطشة، ابن قطاع الصناعات الغذائية، وبرز اسمه خاصة من خلال محاولة السلطة إزاحة لويزة حنون من حزب العمال. حيث قاد لباطشة، النائب السابق عن الحزب، اجتماعا في مركز الفنانين لزرالدة، أعلن عن تنصيب قيادة موازية لقيادة حزب العمال، حين قررت الانسحاب من البرلمان ومرافقة الحراك الشعبي
بقاء إسم سليم لباطشة لصيقا بسيدي سعيد، شكل عائقا لهذا الاخير ليتحكم في قواعد الاتحاد العام للعمال الجزائريين. ولم يعمر طويلا في المنصب حتى بدأت المعارضة تتحرك ضده، وسجلت وزارة العمل العديد من المراسلات التي تطالب بالترخيص لعقد مؤتمر استثنائي للإطاحة به
وهذا ما يجعل استقالته اليوم لا تثير حزن العمال وقواعد الاتحاد العام. لكن الجميع يتساءل ما هي الأسباب الشخصية التي دفعت سليم لباطشة لهذه الاستقالة المفاجئة، بعدما انتخب نائبا لرئيس الكونفدرالية الدولية للنقابات؟ واضح أن الغليان الذي تعيشه الساحة النقابية هذه الأيام بسبب مشروعي قانوني الممارسة النقابية وحق الاضراب، غير مجددا المعادلة. وظهر سليم لباطشة عاجزا على تسيير الغضب، حيث سايره في البداية ودعا قواعده لعقد ندوات قطاعية ومحلية لإبداء موقفها من المشروعين
وكانت كل البيانات الصادر عن هياكل الاتحاد العام محليا، تدين مشروعي الحكومة وتطالب بسحبهما. وأمام تصاعد موجة الرفض، اختار لباطشة الاختفاء عن الساحة وعدم مواكبة الحدث، وترك النقابات المستقلة وحدها تشن إضرابا وطنيا بمناسبة برمجة جلسة مناقشة المشروع النقابي في المجلس الشعبي الوطني، قبل تأجيلها
فأضحى لباطشة عائقا في وجه مطلب سحب المشروعين القانونيين اللذين تسعى الحكومة لقتل الحياة النقابية بهما. وفي المقابل لا يقدم الضمانات الكافية للسلطة على قدرته على كبح الحركية الجديدة الصاعدة من قواعد الاتحاد العام
المؤتمر القادم منعرج
كل الرهانات إذن معلقة على المؤتمر القادم الذي سيثبت الأمين العام بالنيابة الجديد في منصبه أو يغيره بانتخاب الأمين العام الأكثر ليونة اتجاه السلطة وصاحب الملفات الأكثر سوادا حتى يسهل التحكم فيه
حمو طواهرية القادم من فيدرالية المحروقات، تم اختياره من بين رفقائه في الأمانة الوطنية ويحضى باحترام القواعد النقابية في قطاعه، حسب الأصداء الواردة من داخل الاتحاد العام. وهذا كافي لتعارض السلطة انتخابه على رأس الاتحاد العام إلا إذا…
تعليقات الزوار
لا تعليقات