يثير التعاون العسكري المتزايد بين إيران وروسيا قلقا متزايدا لدى الولايات المتحدة التي عبرت اليوم الجمعة عن مخاوفها من تبادل البلدين شحنات أسلحة قد يستخدم الروس بعضها في حرب أوكرانيا وقد يستخدمها الايرانيون في نشاطات مزعزعة للاستقرار في المنطقة، بينما لا تبدو في الأفق نهاية لتوترات متناثرة بين الطرفينن رغم محاصرة الغرب لطهران وموسكو بالعقوبات.
وفي أحدث جولة اتهامات، قال البيت الأبيض الجمعة إن روسيا تدرس إرسال طائرات مقاتلة إلى إيران في إطار تعاون عسكري موسع شمل شحن طهران كميات متزايدة من الأسلحة إلى موسكو لاستخدامها في غزو أوكرانيا، فيما لا يزال التوتر يرخي بظلاله بين الغرب والجمهورية الإسلامية لتزويدها القوات الروسية بطائرات مسيّرة تستخدمها لاستهداف منشآت الطاقة في أوكرانيا في الحرب التي طوت عامها الأول.
وصرّح المتحدث باسم مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض جون كيربي للصحافيين "نعتقد أن روسيا قد تنخرط في تعاون دفاعي غير مسبوق مع إيران بما في ذلك في مجال الصواريخ والإلكترونيات والدفاع الجوي. نعتقد أن روسيا قد تزود إيران بطائرات مقاتلة".
وأضاف أن إيران المعزولة بشدة بسبب العقوبات الغربية التي تهدف إلى وقف برنامجها النووي المثير للجدل تسعى إلى تعزيز جيشها بمساعدة روسية مقابل إرسال أسلحة تستخدم في الهجوم على أوكرانيا المستمر منذ عام.
وتابع المسؤول الأميركي "إيران تسعى أيضا لشراء معدات عسكرية إضافية من روسيا من بينها مروحيات هجومية ورادارات وطائرات تدريب قتالية. وإجمالا تسعى طهران للحصول على معدات عسكرية بمليارات الدولارات"، مضيفا "كنا نخشى أن يسير الأمر في كلا الاتجاهين ومن المؤكد أن هذه المخاوف تتحقق".
وبحسب جون كيربي فقد أرسلت إيران بالفعل مئات الطائرات المسيّرة وكذلك ذخيرة للمدفعية والدبابات إلى روسيا.
وأعلنت واشنطن اليوم الجمعة بالتعاون مع حلفائها في مجموعة السبع حزمة عقوبات واسعة على روسيا بعد عام على بدء غزو أوكرانيا. وقالت وزارة الخزانة الأميركية في بيان إنّها "إحدى أهم الخطوات على صعيد العقوبات" منذ بدء الحرب في أوكرانيا.
واستهدفت واشنطن شركات وأفرادا روسا في قطاعات المعادن والمناجم والمعدات العسكرية وأشباه الموصلات، إضافة إلى ثلاثين فردا وشركة في دول أوروبية، سويسرا وإيطاليا وألمانيا ومالطا وبلغاريا، متهمين بالمساعدة في الالتفاف على العقوبات عبر تزويد موسكو معدات عسكرية.
واستُهدف رجل الأعمال الإيطالي السويسري وولتر موريتي بشكل خاص بالعقوبات، إذ يُتهم بتزويد أجهزة الاستخبارات الروسية والجيش تكنولوجيات غربية ومعدّات، فضلاً عن ذلك وبينما تخضع كبرى المصارف الروسية لعقوبات أميركية ودولية استهدفت وزارة الخزانة حوالى عشرة مؤسسات مالية إضافية، بينها بنك "كريديت أوف موسكو"، الذي يعدّ واحدا من أكبر عشرة بنوك من حيث قيمة الأصول.
وأوضحت وزارة الخزانة الأميريكة "تُعرف الجهات الفاعلة المستهدَفة بالعقوبات بأنّها تلجأ إلى البنوك الأصغر وأيضا إلى شركات إدارة الثروات لمحاولة التهرّب من العقوبات، بينما تبحث روسيا عن سبُل جديدة من أجل الوصول إلى النظام المالي الدولي".
وتهدف هذه العقوبات الجديدة إلى توجيه ضربة قاسية للاقتصاد الروسي والحدّ من وصول موسكو إلى تكنولوجيات حسّاسة مثل أشباه الموصلات.
وقالت وزارة الخزانة في بيانها "هذه الإجراءات اتُخذت بالتنسيق مع مجموعة السبع" وتشمل قائمة الدول بالإضافة إلى الولايات المتحدة واليابان والمملكة المتحدة وكندا، ثلاث دول في الاتحاد الأوروبي هي ألمانيا وفرنسا وإيطاليا.
في هذه الأثناء، أعاقت وارسو تبنّي حزمة عقوبات أوروبية الجمعة، معتبرة أنّها "ناعمة جدا، ضعيفة جدا"، بينما علّق وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن على الأمر بالقول إنّ "العقوبات الاقتصادية وضوابط التصدير والرسوم الجمركية التي تمّ الإعلان عنها هذا الأسبوع بالتنسيق مع مجموعة السبع تُظهر أنّنا سنواصل العمل مع حلفائنا وشركائنا".
وأضاف أنّ الهدف هو "زيادة الضغط على الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وجعل شنّ حربه الوحشية أكثر صعوبة عليه والاستمرار في إضعاف قدرة الاقتصاد الروسي على تغذية العدوان".
وفرضت وزارة الخارجية الأميركية عقوبات على وزراء ومحافظين ومسؤولين آخرين كما اتخذت إجراءات لتقييد منح التأشيرات ضدّ 1219 من أفراد الجيش الروسي.
وأعلنت وزارة التجارة الأميركية عن تعريفات جمركية إضافية وحظر صادرات وفي السياق زادت رسوم استيراد الألمنيوم الروسي إلى 270 في المئة، بينما كانت روسيا خلال الأشهر الـ12 الماضية خامس مصدر للألمنيوم المستورد في الولايات المتحدة، في انخفاض تدريجي منذ غزو أوكرانيا.
وقالت وزيرة الخزانة الأميركية جانيت يلين في البيان "خلال العام الماضي، اتخذنا إجراءات مع تحالف تاريخي من الشركاء الدوليين للحد من تأثير المنظومة العسكرية الصناعية لروسيا وتقليص العائدات التي تستخدمها لتمويل الحرب".
وأضافت "كان لعقوباتنا تأثير على المديين القريب والبعيد في الوقت نفسه يمكن ملاحظته في شكل بارز في مساعي روسيا لإعادة بناء أسلحتها وفي اقتصادها المعزول. تظهر خطواتنا اليوم مع شركائنا في مجموعة السبع أننا سنبقى إلى جانب أوكرانيا ما دام ذلك ضروريا".
من جهتها، أعلنت لندن "عقوبات جديدة تحظر تصدير جميع المعدّات التي عثرت عليها أوكرانيا، بعدما استخدمتها روسيا في ساحة المعركة".
وتشمل العقوبات البريطانية مسؤولين في شركة روساتوم الروسية العملاقة للطاقة الذرية وكذلك الرئيس التنفيذي لشركة نورد ستريم 2 والمسؤول الأمني السابق لدى فلاديمير بوتين، ماتياس وارنيغ.
واتخذت وزارة الخزانة الأميركية منذ فبراير/شباط 2022 أكثر من 2500 إجراء عقوبات اقتصادية تستهدف روسيا بالتنسيق مع حلفاء وشركاء الولايات المتحدة، كما اتخذت أكثر من 30 دولة إجراءات مماثلة.
وقالت إدارة الرئيس جو بايدن إن الإجراءات التي اتخذتها وزارة التجارة الأميركية تهدف إلى "حرمان الجيش الروسي والقاعدة الصناعية الدفاعية الروسية حتى من السلع الاستهلاكية منخفضة التكنولوجيا التي تسعى روسيا للحصول عليها لدعم جهودها العسكرية".
وتسلط هذه الإجراءات الضوء على الجهود المتزايدة التي تبذلها إدارة بايدن لتحجيم قدرات الجيش الروسي عن طريق استهداف الشركات العالمية التي تساعد موسكو في التهرب من قيود التصدير والوصول إلى التقنيات الرئيسية.
تعليقات الزوار
لا تعليقات