بومدين الدَّموي، رفض تنفيذ حُكم الاعدام ضد “الرائد ملاح”، الذي حاول اغتيال بومدين أمام قصر الحكومة، وعندما ضغط عليه “الشياتون” في تلك الفترة، لإعدام ملاح، قال لهم إن ملاح حاول اغتيالي أنا، وليس أنتم! وعفى عنه، لأنه ثَبَتَ أنه كان أداة في يد سياسيين، أرادوا اغتيال بومدين دون مُحاكمة، والاستلاء على الحكم بالقوة! فأين الفرق بينهم، وبين بومدين الدموي إذن؟! الفرقُ الوحيد بينه وبينهم، أنه لم يأخذ أموال الشعب، وأقصد هنا “كنز الأفلان” بشكل خاص، حيث تم اقتسامُه بعد استخراجه من بنك سويسري، أين كان مودعا، وتم اقتسامه بين الرُفقاء، تماما كما تفعل العصابات، باسم الشرعية الوطنية، والثورية!؟
نعم بومدين سجن المرحوم بورڤعة ثماني (08) سنوات، لأنه أخفى في بيته، الطاهر زبيري، منفد انقلاب العفرون سنة 1967، والذي سقطت فيه مئات أرواح الأبرياء، بينهم العقيد المجاهد السعيد عبيد، وقد سألتُ المرحوم بورڤعة عن الأمر ونحن في رحلة “الألف كلم” بين عمان، وبغداد في السيارة، فقال لي، إن بومدين أطلق سراحَهُ بعد أن كتب له رسالة، قال فيها، إنه أخفى زبيري المجاهد، ولو انتصر زبيري على بومدين في هذا الانقلاب، وهرب بومدين إلى بيتي،لأخفيتُهُ أيضا!
نعم بومدين ترأس المحكمة العسكرية، التي حاكمت لعموري، وزملاؤه، وحَكَمَ عليهم بالاعدام، وتم إعدامُهم! لماذا يتحدث البعض عن رئاسة بومدين للمُحاكمة، ولا يتحدثون عمن أحال لعموري إلى المحاكمة باسم السلطة الثورية السياسية؟! هل كان من صلاحيات رئيس المحكمة رفض حكم الاعدام الذي طالبت به عناصر الحكومة المؤقتة لهؤلاء؟! لماذا يُجرم بومدين في حُكمه، ولا يُجرم من حاكم عبان رمضان، وحكم عليه بالاعدام، أو حتى بالسجن، وقد وافق على هذا الحُكم حتى الزعماء الأربعة في السجن، ورفضه آيت أحمد فقط!
ولماذا يُجرم بومدين في قضية شعباني، باعتباره وزيرا للدفاع، ولا يُجرم الشاذلي الذي حكم عليه بالاعدام؟! لماذا حلال على البعض، وحرام على البعض الآخر؟! هل تعلمون أن بومدين كان شديد الانصياع لوزير الدفاع كريم بلقاسم، وحكاية الطيار الفرنسي المحتجز، حقيقتها أن بومدين أبلغ مسؤوله كريم بلقاسم بالحادثة، وسرب كريم بلقاسم المعلومة للرئيس التونسي بورڤيبة، والذي أبلغ بدوره الجنرال ديغول، وضغط بورڤيبة على الثورة لإطلاق سراح الطيار الفرنسي، وبالفعل تم ذلك!
هل يعلم الشباب أن خلافات الحكومة المؤقتة، في الصراع على السلطة سنة 1959، دامت 90 يومًا، وتصارع قادة الثورة، وتركوا الثورة بلا قيادة، وحكاية الاستعانة بالعقداء العشرة، كانت فكرة من كريم بلقاسم، لأنه أراد الاستقواء بالعسكر على زملائه في الحكومة المؤقتة، فمن عَسْكَّرَ الثورة، هل كان كريم بلقاسم، أم هو بومدين؟! ثم أن حكاية أولوية السياسي على العسكري، التي طرحها عبان رمضان في مؤتمر الصومام، لم يكن بومدين وقتها شيئا مذكورا، حتى في الولاية الخامسة، أين كان مجرد مدربٍ عسكري للمجاهدين، لهذا فإن من الظلم إلصاق قضية أولوية السياسي على العسكري ببومدين! ولا بد أيضا من التذكير بأن العقداء العشرة، لم يناصروا وزير الدفاع كريم بلقاسم على زملائه، ولذلك حاول تصفية بعضهم!
ثمة مسألة أخرى، وهي أن “ضباط فرنسا” تَّم ادماجُهم أول الأمر في مراكز التدريب في الحدود، وكان بوصاية من المرحوم كريم بلقاسم، وعارضه في ذلك علي منجلي، ولكن بومدين نسق مع كريم، لأنه كان عنصرا منضبطا! وعندما اختلفت قيادة الأركان مع كريم بلقاسم، استقال كلٌ من بومدين، وعلي منجلي، وقايد أحمد، وذهبوا إلى سويسرا، لكن الجيش الذي يحترم الأركان، طالب بعودتهم رغم أنف وزير الدفاع! كل هذه المعلومات تدُّل على أن بومدين، لم يكن رأس الشرور، كما يتهمه خصومه! ثم أن ما أثاره السعيد سعدي الرئيس السابق لحزب الأرسيدي من بؤسٍ في كتابه، من أن بومدين هو من أوشى بالعقيد عميروش، والسي الحواس، حتى تتمكن منهما القوات الاستعمارية، هي كذبة أخرى مؤسفة، فالعقيد عميروش، وسي الحواس، استشهدا قبل أن يلتحق بومدين بالأركان، فكيف يُبَلِّغُ عنهما، وهنا أسجل شهادة اقولها لأول مرة، وأبلغني بها العقيد بوصوف، وهي أن استشهاد العقيد عميروش قبل وصوله إلى تونس، كانت رحمة من الله لهذا الرجل الشهم، وحتى لا يُبَّهدَلَ، لأن جِهاده كان صادقًا، فلو كان قد وصل إلى تونس، لكانت القيادة ستُعاقِبُه على قضية “مجزرة لابلويت”، التي حاكتها المخابرات الفرنسية، وأدت إلى قتل المئات من المجاهدين الأبرياء في مختلف الولايات، وخاصة الولاياة التاريخية الثالثة!
هناك أيضا من يعيب على بومدين، تسميته للانقلاب على بن بلة في 19 جوان 1965، بالتصحيح الثوري، وأنا أقول أن بومدين في هذه كان صادقا مع نفسه، لأن بن بلة لم تأت به الحكومة المؤقتة، التي كان عضوا فيها إلى الحُكْمِ، بل جاء به المجاهدون المناضلون في الجيش، وهم من ساندوه، لذلك قال بومدين: “إن القوة التي جاءت ببن بلة، هي التي أزاحته”! ولهذا فهو تصحيح في مسار واحد، وهو مسار مؤتمر طرابلس.
وكان بوصوف وعلي كافي قد قالا، إن فرنسا قدمت خدمة للثورة الجزائرية، عندما اختطفت طائرة الزعماء الخمسة، فلو قُدِّرَ لهؤلاء الوصولَ إلى تونس، لكان مصيرُ الثورة مغايرًا تمامًا لما شَهِدَتْهُ، لأنهم كانوا يُريدون تفويض الرئيس التونسي بورڤيبة، وملك المغرب محمد الخامس، للتفاوض باسمهم على حلٍ سياسي، لا تَحْضُرُهُ قيادات الثورة الجزائرية، وقد سمعت هذا الكلام أيضا من المرحوم حسين آيت أحمد في بيته، في أعالي قصر الشعب سنة 1999، ولم يكن آيت أحمد موافقا على هذا الأمر، الذي اتفق بشأنه كل من بوضياف، وخيضر، وبن بلة، مع ملك المغرب محمد الخامس، والرئيس التونسي بورڤيبة، لهذا فَرِحَ الثُوار، حين اختُطِّفَت الطائرة، وتمَّ اعتقالُ الزعماء الخمسة!
وأختم هنا برأيي المتواضع في الرئيس الراحل هواري بومدين، وأُقدمه ككهلِ سياسي اعلامي، وليس كشابٍ عاصر فترة حكمه! بومدين اقترف كبيرة من الكبائر، حين لم يُزود البلاد بمؤسسات سياسية تخدم مصالح الجزائر، وفضل انشاء مؤسسات تقوي شخصه! لذلك حين زال هو من الحكم، زال معه كل ما شيده أو كاد، لكن في عهده، لم يكن لضُباط فرنسا أي تأثير يُذكر، ولم يكن الجيش سيد الشعب، كما هو الحال اليوم، بل كان الجيش خادما للشعب، وكانت الحياة السياسية مدنية، وليست عسكرية مثلما هي الآن، كان الجيش مدفونا في قلب الصحراء، لبناء طريق الوحدة الافريقية، وكان في الهضاب العليا، يغرس في أشجار “السَّد الأخضر”، وكان الجيش في الأرياف، ومناطق الظل، يُدرسون، ويملؤون الفراغ في المدارس التي لا يَصِلُها التعليم، وكان أطباء الجيش، يعالجون الناس في المداشر والقُرى، ويحاربون الأمراض والعلل! وباختصار كان بومدين منحازا بالجيش إلى الشعب المحروم، وكان يُلَقَبُ بـ”أب الزواولة”، لهذا استحق تلك الجنازة التاريخية التي تبعته، وجعلت محمد بوضياف يَحُلُ حِزبَهُ، وجعلت بن بلة فيما بعد يقول، إنه اختلف مع بومدين في حُب الجزائر، ويَسْتهجِنُ من ينتقده، رغم أنه وضعه في الاقامة الجبرية لمدة 13 سنة كاملة!
لقد قلت لبن بلة ذات يوم: “سيادة الرئيس، أنت الوحيد الذي لك الحق في انتقاد بومدين، وهو ميت، لأنه حرمك من الكلام حيا، أما غيرك فلا يحق لهم التطاول عليه وهو ميت، وسيكون لهم الأحرار بالمرصاد”!؟
سعد بوعقبة
تعليقات الزوار
خزعبلات
تريد أن تبيض صفحات هذا المجرم الغدار ما لم تتحفنا به في هذه الخزعبلات انقلاب بن بلة والعصابة التي تركتها فرنسا على الملك محمد الخامس ،والرئيس بورقيبة في موضوع الأراضي المغتصبة من فرنسا والتي ضمتها الى مستعمرتها وصناعة الجزائر التي نرها الان كما قال القذافي ،وهذه الكلمات كانت سببا في قتله بهده الطريقة الوحشية ،واشك ان يكون الأشقاء ليبيون من كان وراء قتل القدافي فهاذا فعل من أفعال مجرمي المخابرات الجزائرية الدين لا زالوا يشتغلون في الجزائر العميقة مند تدشين الجزائر من طرف فرنسا في الستينات من القرن الماضي ،وخير مثال استدراجهم لي الرئيس بوضياف لتصفية وهو الشاهد الحقيقي على كل شئ ،أنصحك ايها الكاتب إذا كنت تعيش خارج الجزائر عليك ان تبحت عن الحقيقة وتكتب كتابة يصدقها العقل، اما اذا كنت تعيش في مستعمرة فرنسا فأنت الا شيات من الشياتين الجبناء للأسف لأن من يكتب هذه الخزعبلات لن يكون إلا بستاني قصر المرادية
تصحيح
تكريسا للمصداقية الصحفية والإعلامية، المرجو من إدارة الموقع حذف الصورة المرفوقة بالمقال لأنها ببساطة مفبركة، فالصورة الأصلية يظهر فيها المرحوم الحسن الثاني ولي العهد آنذاك هو من يقبل يد والده السلطان محمد الخامس رحمه الله.
مجرم شتت شعوب شمال افريقيا
مقال يميل الى تبييض وجه بومدين و لم يذكر تواجده في المغرب اثناء محاربة فرنسا كما لم يتطرق الى الجريمة الشنعاء و هي طرد المغاربة في يوم عيد الاضحى بدون سبب باستثناء حملهم للجنسية المغربية. و لم يتطرق الى العصابة الحاكمة منذ عهد بومدين كونها تنفذ تعليمات فرنسا و اعتدائها على الشعب و الجيران.
بوخروبة المجرم
باختصار ليلة عيد الاضحى المبارك تشريد واغتصاب وطرد الآلاف المغاربة المسلمين بيد المجرم بوخروبة لم تفعلها حتى اسرائيل للفلسطينيين
بوخروبة
بوخروبة مجرم بكل ما تحمل الكلمة من معنى زرع الفتنة وراح ومازالت منطقة المغرب العربي تعيش التوتر والصراع . خلق شعب ودولة وهمية عاصمتها تندوف صرف هو وغيره من بعده الملايير من أجل البولي زاربو. طرد وشرد مغاربة كانوا يقيمون في الجزاءر سنة 1975 .ناس عزل حكمت عليم الأقدار أن يقيم بالجزاءر لكن بوخروبة المجرم لم يراعي أقيم الاسلام و قيم الإنسانية فطرد الان المغاربة .وفي عز عبد الاضحى المبارك. لكن إن الله يمهل ولا يهمل. لم تمر ثلاث سنوات حتى سلط الله عليه مرض عجز أطباء أوروبا والروس من تشخيصه. فمات ودعوات المظلومين لا زالت تنهال عليه اللهم احشره مع فرعون وهامان