أخبار عاجلة

حقوق الإنسان في مصر تحاصر قمة الأمم المتحدة للمناخ

شهدت الأيام التي سبقت انطلاق قمة الأمم المتحدة للمناخ التي تستضيفها مدينة شرم الشيخ، شمال شرق مصر، تصاعد المطالبات من المنظمات الحقوقية وشخصيات عالمية بمواجهة أزمة حقوق الإنسان في مصر، والإفراج عن السجناء السياسيين خاصة الناشط والمدون علاء عبد الفتاح الذي صعد من إضرابه عن الطعام بالتزامن مع انطلاق القمة.

ووقع 1400 من المنظمات والبرلمانيين والشخصيات العامة من أكثر من 80 دولة حول العالم، على عريضة يطالبون فيها مصر بفتح المجال العام وإطلاق سراح السجناء السياسيين.
وكانت 12 منظمة حقوقية مصرية أطلقت عريضة مطالب مشتركة يتعين على السلطات المصرية تنفيذها.
ودعمت مطالب العريضة 321 منظمة، و1079 شخصًا من أكثر من 80 دولة في أفريقيا وآسيا وأوروبا وأمريكا الشمالية والجنوبية، وعدد من النشطاء والأكاديميين والنقابات.

السجناء السياسيون

وجاءت مطالب العريضة الأساسية، حول ضرورة الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المحتجزين في مصر لمجرد ممارستهم السلمية لحقوقهم الإنسانية، والامتثال لمعايير الإفراج التي سبق واقترحتها المنظمات الحقوقية، وهي العدالة، والشفافية، والشمول، والاستعجال، ورفع الحجب التعسفي عن المواقع الإلكترونية ووضع حد للقيود المفروضة على وسائل الإعلام التقليدية والرقمية في مصر والإفراج عن جميع الصحافيين المحتجزين بسبب عملهم.
كما تضمنت المطالب وقف الملاحقات القضائية بحق النشطاء والمنظمات المستقلة وضمان مساحة عمل للمجتمع المدني، بما في ذلك المدافعين عن حقوق الإنسان، بدون خوف من الترهيب أو المضايقة أو الاعتقال أو الاحتجاز أو أي شكل من أشكال الانتقام. وتمكين منظمات المجتمع المدني والنشطاء المعنيين بحماية البيئة من المشاركة الفعالة في جميع المناقشات والأنشطة المتصلة بتطوير سياسات المناخ وآليات تطبيقها على جميع مستويات صُنع القرار.
وقال محمد عبد السلام، المدير التنفيذي لمؤسسة حرية الفكر والتعبير، إن «الخطوة الأساسية اللازمة للوصول إلى العدالة المناخية تكمن في وقف جميع السياسات القمعية واحترام حقوق الإنسان». وأضاف: المصريون عاجزون عن الوصول للمعلومات والمعرفة المرتبطة بقضايا تغير المناخ وآثارها المحتملة؛ بسبب السياسات القمعية المتمثلة في الرقابة الأمنية على وسائل الإعلام، وتقييد أنشطة المجتمع المدني، وعرقلة إصدار قانون تداول المعلومات، وتراجع استقلال القضاء. وفي المقابل لا تكفل السلطات المصرية لمواطنيها حقوقهم الأساسية التي تضمن حمايتهم من الآثار المحتملة لتغير المناخ.»

تحسين صورة النظام

ياسمين عمر، مدير الآليات الأممية والإقليمية في منظمة كوميتي فور جستس، قالت: «لا يمكن توظيف الأزمات البيئية الراهنة لتحسين سمعة واحدة من أكثر الدول انتهاكًا لحقوق الإنسان في العالم. ولعل التضامن الواسع مع مطالبنا الحقوقية يدفع بحقوق الإنسان إلى عمق المناقشات الحيوية المتعلقة بالمناخ، ويساهم في الضغط على السلطات المصرية لاتخاذ خطوات ملموسة للإفراج عن الحقوقيين وفتح المجال العام.»
أما أنياس كالامارد، الأمينة العامة لمنظمة العفو الدولية، فقالت «نحن نتضامن مع شجاعة المدافعين المصريين عن حقوق الإنسان، الذين يواصلون عملهم المشروع في مواجهة السجن، والمضايقات، والمحاكمات السياسية، وحظر السفر، وغيرها من القيود الشاقة. إن وجود وتمكين مجتمع مدني حيوي وحر هو المفتاح لتأمين العدالة المناخية.»
واعتبرت تسنيم أيسوب، المديرة التنفيذية للشبكة الدولية للعمل المناخي أن: «حقوق الإنسان، بما في ذلك حرية الرأي والتعبير والتظاهر والتجمع السلمي، هي جوهر كفاحنا من أجل العدالة المناخية. وأن العمل المناخي يتطلب أن نرفع أصواتنا عاليًا لتسمع السلطات. وأن ننزل للشوارع للاحتجاج لضمان التزام السلطات المصرية باتخاذ تدابير واضحة لحماية الحق في الصحة والبيئة، والحق في الغذاء، والماء، والحياة لمن يجابهون أزمة المناخ في الصفوف الأمامية. إننا نتضامن بشكل كامل مع جميع سجناء الرأي المحتجزين من دون محاكمة عادلة، ويواجهون أحكامًا مجحفة بالسجن لفترات ممتدة وغير محددة. وندعو السلطات المصرية لإطلاق سراحهم جميعًا، وتهيئة بيئة سياسية تحترم حقوق الإنسان حسبما حددتها الأمم المتحدة».
وأكد نيل هيكس مدير المناصرة الدولية بمركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان أنه «لا حقوق بيئية بمعزل عن حقوق الإنسان. فإذا تجاهل مسؤولو الحكومات عشرات الآلاف من السجناء السياسيين وغلق المجال العام في مصر، فمن غير المتوقع أن يكترثوا لإجراءات بيئية ضرورية وملموسة يفترض أن تصدر عن مؤتمر المناخ.»

أزمات سيناء

الأزمات التي يواجهها أهل سيناء كانت حاضرة في الانتقادات، ويقول أحمد سالم، من مؤسسة سيناء لحقوق الإنسان: «على الدولة المصرية تسهيل عودة النازحين قسرًا من سيناء وتعويضهم، والتوقف عن مصادرة أراضيهم ومنازلهم ومواردهم. وضمان حق سكان سيناء في حرية التنقل والتعبير والتنظيم والتجمع السلمي. كما أدعو جميع المشاركين في قمة المناخ، بما في ذلك المنظمات المستقلة والحقوقيين والنشطاء في مجال البيئة، إلى عدم تجاهل معاناة سكان الأرض المستضيفة للمؤتمر».
وكانت منظمات حقوقية طالبت في بيان، جميع الحضور في مؤتمر المناخ COP27 من نشطاء وحقوقيين ومنظمات في مجال حماية البيئة وحقوق الإنسان؛ الأخذ بعين الاعتبار معاناة سكان الأرض المضيفة للمؤتمر (شبه جزيرة سيناء) وحقهم في الحماية الإنسانية والبيئية، ليس فقط من التغيرات المناخية المرتقبة، ولكن من انتهاكات ممنهجة لحقوقهم من قبل السلطات المصرية.
وقالت المنظمات: المؤتمر، الذي سيعقد في مدينة شرم الشيخ بجنوب سيناء، يبعد عشرات الكيلومترات فقط عن مناطق – خاصة في شمال سيناء- شهدت تهميشًا رسميًا متعمدًا لعقود، وانتهاكات جسيمة لحقوق سكانها. وعلى مدى عقد كامل اشتعلت على أراضيها «الحرب ضد الإرهاب» ونالت ويلاتها من البيئة وحقوق السكان الأصليين والبنية الأساسية وخصوصا في قطاعي التعليم والصحة. ورغم تكرار التصريحات الرسمية مؤخرًا وتصاعد المؤشرات الميدانية بقرب انتهاء العمليات العسكرية في شمال سيناء، تبقى هذه الانتهاكات الجسيمة بلا محاسبة أو علاج. الأمر الذي يفرض على الدول المشاركة في مؤتمر المناخ مسؤولية التطرق لمعاناة سكان الأرض التي تستضيفهم، كجزء من دفاعهم المشروع عن حياة وسلامة كل سكان الأرض وتأمينهم من تغيرات مستقبلية خطيرة.
وتعتبر المنظمات أن المطالبة بإعادة وتعويض المهّجرين قسرًا من سيناء، والتوقف عن نزع ملكيتهم للأراضي والمنازل والموارد والإقرار بحقوقهم في ملكيتها، وضمان حقهم في حرية الحركة والتعبير والتنظيم والتجمع السلمي، ومكافحة سياسات التهميش والتمييز ضد المجتمع المحلي، والاعتراف بمظالم سكان سيناء، والاعتذار عن الانتهاكات البشعة التي ارتكبتها قوات الجيش والحكومة بحقهم، ومحاولة جبرها عبر برنامج عدالة انتقالية متكامل، فضلاً عن السماح للمقرر الأممي الخاص المعني بمكافحة الإرهاب وحقوق الإنسان بزيارة سيناء ودراسة تأثيرات الحرب على سكانها المحليين؛ تعد مطالب أساسية وأولية لا يمكن التغافل عنها أو تجنب التطرق لها في محفل دولي رفيع المستوى تستضيفه منطقة شبه جزيرة سيناء.
وأدانت المنظمات استبعاد الحكومة المصرية لجماعات أو ممثلين عن سكان وقبائل سيناء للمشاركة في مؤتمر المناخ أو في اجتماعات على هامش فعالياته، وكذا أي منظمة مصرية تتخذ من سيناء مقرًا لها، أو مجال رئيسي لنشاطها.
وحسب تقرير لمؤسسة سيناء لحقوق الإنسان، منذ عام 2013 احتدمت المواجهات المسلحة في شمال سيناء بين قوات الحكومة المصرية وجماعة «ولاية سيناء» التابعة لداعش. وتحت ذريعة القضاء على هذا التنظيم الإرهابي هجّرت السلطات المصرية عشرات الآلاف من سكان شمال سيناء، وجرّفت الأراضي الزراعية، وفرضت قيودًا على حركة البشر والبضائع أدت لشلل اقتصادي كامل. كما اعتقلت الآلاف من سكان شمال سيناء وأخفتهم قسرًا، وتعرض الأهالي للخطف، والتعذيب والقتل خارج نطاق القانون. ومنذ ذلك الحين تحولت شمال سيناء إلى منطقة عسكرية مغلقة تحت حصار إعلامي محكم لمنع تدفق المعلومات أو وصول الصحافيين والمراقبين المستقلين.

علاء عبد الفتاح

قضية الناشط المصري والمدون علاء عبدالفتاح المضرب عن الطعام منذ أكثر من 200 يوم الذي قرر تصعيد إضرابه بالتزامن مع انطلاق القمة، كانت حاضرة بقوة في الانتقادات الحقوقية المحلية والدولية.
ووقعت 15 شخصية من الحائزين على جائزة نوبل للأدب، رسالة مفتوحة تدعو الحكومات والمجموعات البيئية والشركات للضغط لمطالبة الحكومة المصرية بالإفراج عن آلاف المعتقلين السياسيين قبل وأثناء مؤتمر المناخ، المقرر انطلاقه في مدينة شرم الشيخ من 6 إلى 18 تشرين الأول/نوفمبر الجاري.
وأشار الموقعون على الرسالة إلى الحالة التي وصفوها بـ«الأكثر إلحاحا» للمدون والناشط المحبوس علاء عبد الفتاح، الذي قضى أغلب العقد الماضي في السجن، وهو يخوص اليوم 217 من إضرابه عن الطعام في محبسه.
وحسب الرسالة، «لا يجب الاهتمام فقط بخفض الانبعاثات ولكن يجب أن يكون هناك اتجاه نحو إنهاء الاستغلال والإكراه» مضيفة: «نطلب من الجميع دعم مطالب جماعات حقوق الإنسان المصرية والدولية بالعفو عن السجناء». وقال الموقعون: «إذا اجتمع قادة العالم في مصر، وغادروا دون حتى كلمة واحدة عن الفئات الأكثر ضعفًا، فما هو الأمل الذي يمكن أن يكون لديهم؟ إذا انتهى مؤتمر المناخ بتجمع صامت، حيث لا يخاطر أحد بالتحدث بصراحة خوفاً من إغضاب رئاسة المؤتمر، فما المستقبل الذي سيتم التفاوض عليه؟».
وزادوا: «نطلب منكم أن تذكروا أسماءهم، وتطالبوا بحريتهم، وتدعوا مصر لأن تفتح صفحة جديدة وتصبح شريكا حقيقيا في بناء مستقبل مختلف».
وبعثت مجموعة الموقعين برسالة مشابهة إلى أكثر من 30 شخصية من رؤساء دول ووزراء مناخ وكبار مبعوثين ومفاوضين، ومن بينهم رؤساء الأمم المتحدة والمفوضية الأوروبية والولايات المتحدة، الذين سيسافرون جميعًا إلى مصر لحضور القمة.
إلى ذلك أعلنت شقيقة الناشط السياسي والمدون المصري علاء عبد الفتاح تعليق اعتصامها الخميس الماضي أمام مقرّ وزارة الخارجية البريطانية، بعد 16 يوماً، وذلك عقب لقاء جمعها مع وزير الخارجية البريطاني.
وقالت سناء سيف، في المؤتمر الصحافي الذي عقدته أمام مقر وزارة الخارجية البريطانية، إنها ستغادر إلى مدينة شرم الشيخ لحضور قمة المناخ بحضور رئيس وزراء بريطانيا.
وأعلنت سيف عن تنظيم وقفة بالشموع، في الرابعة من مساء اليوم الأحد، تضامناً مع علاء، الذي سيبدأ إضرابه عن المياه في ذلك اليوم تزامناً مع انطلاق قمة المناخ.
وأضافت سيف أن وزير الخارجية البريطاني أخبرها أن علاء على قائمة الأولويات.
وزادت: هذا التأكيد يصلنا منذ شهور، لذا لا نراه كافياً، بل نطالب بفعل حقيقي نأمل أن نراه سريعاً حتى نتمكن من إنقاذ علاء، نتمنى أن نرى موقفاً قوياً لوضع الحكومة المصرية أمام مسؤولياتها ليس فقط تجاه علاء، بل وآلاف السجناء الذين لا يتمتعون بجنسية بريطانية، ولا عائلة تجوب العالم للحشد لقضيتهم.
وزادت: خسارة علاء ستكون خسارتنا بالأساس، لكنها أيضاً ستكون خسارة لكل من يعتبر نضال علاء ونضالنا صدى لنضالهم، هم أنفسهم كسجناء، ولعائلاتهم، ونحن في قلق من ألا تبلغنا الحكومة المصرية إذا تدهورت حالته.
وصعّد عبد الفتاح إضرابه الجزئي عن الطعام المستمر منذ أكثر من 200 يوم، إلى إضراب كامل، باستثناء الماء، الذي قرر الامتناع عنه كذلك بدءاً من اليوم الأحد، بالتزامن مع بداية قمة المناخ.
وسُجن عبد الفتاح، الذي يحمل الجنسيتين المصرية والبريطانية، عدة مرات منذ عام 2013 كان آخرها في 2019.

اضف تعليق

شارك

تعليقات الزوار

لا تعليقات