أجج قرار تحالف أوبك+ الذي يضم 13 دولة عضو في منظمة الدول المصدرة للنفط بقيادة السعودية و10 منتجين من خارجها بقيادة روسيا بخفض الإنتاج بنحو مليوني برميل يوميا لدعم الأسعار والحفاظ على استقرار الأسواق، توترات كامنة بين الإدارة الأميركية الديمقراطية والمملكة، حيث تتجه إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن لإعادة تقييم العلاقات مع الرياض كرد فعل على قرار الكارتل النفطي.
ورد الفعل الأميركي كان متوقعا منذ فشل جهود بايدن الذي زار المملكة قبل أشهر وشارك في قمة عربية خليجية في جدة، في إقناع السعودية أكبر منتج للنفط، بخفض الإنتاج.
وقاوم الكارتل النفطي الذي تشكل بعد عامين تقريبا من الصدمة النفطية العنيفة التي هوت فيها أسعار النفط إلى دون العشرين دولار من ذروة 100 دولار للبرميل، ضغوطا غربية لخفض الإنتاج.
وكانت أوبك قد أعلنت من جهتها أنها لن تخوض حربا ليست حربها وان خفض أو رفع سقف الإنتاج يخضع لتقييم السوق وليس للاعتبارات السياسية وذلك ردا على مطالبة واشنطن خفض الإنتاج بعد فترة من بدء روسيا عملية عسكرية في أوكرانيا.
وقال جون كيربي المتحدث باسم مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض اليوم الثلاثاء في مقابلة مع محطة 'سي.إن.إن' إن بايدن يرغب في التعاون مع الكونغرس بخصوص العلاقات المستقبلية مع السعودية بعد مطالبة السناتور الديمقراطي بوب مينينديز بتجميد التعاون مع المملكة خاصة في ما يتعلق بمعظم مبيعات الأسلحة.
وقال "أعتقد أن الرئيس كان واضحا جدا بشأن أن هذه علاقة نحتاج إلى الاستمرار في إعادة تقييمها ونحتاج إلى إعادة النظر فيها وبالطبع في ضوء قرار أوبك، أعتقد أنه سيفعل ذلك".
وطالب السناتور بوب مينينديز، الرئيس الديمقراطي للجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ الأميركي، أمس الاثنين بتجميد التعاون مع السعودية خاصة في ما يتعلق بمعظم مبيعات الأسلحة واتهم المملكة بالمساعدة على دعم الحرب الروسية في أوكرانيا بعدما أعلنت أوبك+ الأسبوع الماضي أنها ستخفض إنتاج النفط.
وكشف السيناتور الأميركي ريتشارد بلومنتال يوم الثلاثاء طرح مشروع قانون على مجلس الشيوخ، ينص على تعليق بيع الأسلحة للسعودية. وينص مشروع القانون على تعليق توريدات الأسلحة والذخيرة للمملكة لمدة عام واحد.
وقال كيربي إن قرار أوبك+ أصاب بايدن بخيبة أمل و"إنه (الرئيس) يعتزم العمل مع الكونغرس على التفكير في الطبيعة التي يجب أن تكون عليها هذه العلاقة".
وتابع "أعتقد أنه سيكون على استعداد لبدء هذه المحادثات فورا. لا أعتقد أن هذا شيء يمكن تأجيله أو يجب تأجليه، بمنتهى الصراحة، لفترة أطول".
وأضاف كيربي أن القضية لا تتعلق فقط بالحرب في أوكرانيا ولكنها تتعلق بمصالح الأمن القومي للولايات المتحدة.
وأي قرار أميركي بتجميد مبيعات الأسلحة للسعودية سيضطر المملكة لتعديل بوصلتها صوب وجهات أخرى من بينها روسيا التي عبرت قبل سنوات عن استعدادها لتزويد الرياض بما تحتاجه من أسلحة دفاعية ومن ضمنها منظومة صواريخ اس 400، فيما بدأت المملكة وكذلك حليفتها دولة الإمارات في تنويع مصادر تسلحهما وتعزيز الصناعات العسكرية الدفاعية المحلية وتوسيع الشراكات الدولية في هذا القطاع.
ومن المتوقع كذلك أن تتخذ السعودية من جانبها قرارات مهمة تتلعق بمراجعة الاستثمارات الضخمة التي ضختها في الولايات المتحدة في حال مضت واشنطن في التصعيد.
وسبق لولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان أن أشار لهذا الأمر في مقابلة صحفية مطولة، تحدث فيها عن التوتر في العلاقات السعودية الأميركية، مشددا على استقلالية قرار المملكة وسيادتها وانها خط أحمر لا تخضع للمساومات.
وحالة الشد والجذب بين الإدارة الديمقراطية الحالية والمملكة لم تكن طارئا في المشهد السياسي المتقلب وتكاد تكون استنساخا لوضع سابق واجهته العلاقات بين الطرفين خلال ولاية الرئيس الديمقراطي الأسبق باراك أوباما الذي أبدى مرونة كبيرة في التعاطي مع أنشطة إيران النووية وبرنامجها للصواريخ الباليستية ودخل في مفاوضات مع طهران أفضت في 2015 لاتفاق نووي وصفه الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب بـ"السيء" وانسحب منه في مايو/ايار 2018 وهو الاتفاق الذي يسعى خلفه بايدن لإنعاشه.
ويأتي الإعلان الأميركي بينما يواجه بايدن وضعا صعبا قبل انتخابات التجديد النصفي لأعضاء الكونغرس مع ارتفاع أسعار البنزين في الولايات المتحدة وتجاوبا ضعيفا من قبل منتجين أميركيين للنفط والغاز دعاهم الرئيس لمضاعفة إنتاج مكلف.
ويؤثر هذا الوضع على حظوظ الديمقراطيين بدرجة أولى وقد يفقدون الأغلبية في مجلس النواب، ما يجعل الرئيس الحالي في مأزق، بينما يراهن الجمهوريون على هذا المأزق لإعادة تموقعهم سياسيا، فانتخابات التجديد النصفي تعتبر محورية واستكشافا للفرص المتاحة في الانتخابات الرئاسية القادمة.
وواجه بايدن في الفترة الأخيرة انتقادات حادة بسبب ما اعتبره خصومه وحتى أنصاره "خضوعا" لإرادة المملكة بعد زيارته الأخيرة لجدة والتي عاد منها بيد فارغة وأخرى لا شيء فيها.
كما أنه اضطر للتعامل مع ولي العهد السعودي بعد أن كان انتقده بشدة وتعهد بجعل "المملكة" دولة منبوذة على خلفية مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي في قنصلية بلاده في اسطنبول في أكتوبر/تشرين الأول 2018. وحاولت الاستخبارات الأميركية الزج باسم الأمير محمد في تلك الجريمة في تقرير اعتبر من الناحية الأمنية فارغا ويستند لتقارير إعلامية وليس لأدلة.
وتنفي الحكومة السعودية وكذلك ولي العهد السعودي أي صلة له بتلك الجريمة، لكنه أكد في المقابل أنه يتحمل المسؤولية باعتبار أن الجريمة حدثت وهي في موقع المسؤولية.
وذكرت وسائل إعلام رسمية سعودية أن مجلس الوزراء نوه في اجتماعه اليوم الثلاثاء على "الدور المحوري" الذي تقوم به مجموعة أوبك+ في تحقيق التوازن والاستقرار في أسواق البترول العالمية.
وأعرب ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان اليوم الثلاثاء، عن أمله في أن تنتج المملكة 50 بالمئة من حاجاتها العسكرية وأن تحقق اكتفاء ذاتيا في هذا المجال.
وأفادت وكالة الأنباء السعودية (واس) بأن "الأمير محمد بن سلمان التقى اليوم (الثلاثاء) في مقر وزارة الدفاع بجدة، بوزير الدفاع الأمير خالد بن سلمان بن عبدالعزيز، وقيادات الوزارة".
وأعرب ولي العهد عن "شكره للجهود المخلصة لرجالات وزارة الدفاع وما وصلت إليه من تقدم كبير مع تنفيذ برنامج تطوير الوزارة، وما تحقق من ارتفاع في الاكتفاء الذاتي الداخلي للصناعات العسكرية من 2 بالمئة إلى 15 بالمئة"، آملا أن "يصل إلى 50 بالمئة تحت قيادة وإشراف سمو وزير الدفاع ومنسوبي الوزارة".
وأكد الأمير خالد بن سلمان أن "ما حققته وزارة الدفاع من إنجازات خلال برامج تطويرها وما ستحققه في مستقبلها من خلال استمرارها في تنفيذ برامجها التطويرية التي رسمها ولي العهد".
تعليقات الزوار
لا تعليقات