أخبار عاجلة

هل تستطيع الجزائر عبر تخفيض أسعار الفنادق إسترجاع سياحها الفارين إلى تونس؟

بدا موسم الاصطياف في الجزائر مطلع شهر جوان الماضي مختلفًا عن سابقيه، فقد عرف مساع حثيثة عبر القائمين على قطاع السياحة، وحتى سكان الولايات الساحلية لاجتذاب السائح المحلي والأجنبي أيضًا إلى الجزائر.

في هذا السياق، وُجهت تعليمات صارمة لمديري المؤسسات الفندقية من طرف وزير السياحة  لكسر الأسعار، وترويج غير مسبوق حظيت به مناطق الغرب الجزائري خلال فعاليات الدورة الثامنة عشر لألعاب البحر الأبيض المتوسط بوهران.

وفي ظرف قياسي، تمكنت طوائف من السياح الليبيين وحتى التونسيين من التوافد يوميًا عبر الحدود الشرقية إلى الجزائر، وسجلت المصالح القنصلية، ارتفاعًا غير مسبوق في نسبة الطلب على التأشيرة الجزائرية بالخارج، كما أحرزت فيديوهات مصورة لسياح عرب وأجانب زاروا الجزائر خلال الفترة الأخيرة مشاهدات مليونية في مختلف وسائط التواصل الاجتماعي.

لكن يبقي السؤال المطروح "هل تستطيع الجزائر عبر هذه الجهود والخطط استعادة سياحها الفارين منذ سنوات نحو الوجهة التونسية"؟.

سياسة كسر الأسعار

وأمر وزير السياحة والصناعة التقليدية ياسين حمادي بتاريخ 12 جويلية 2022، بمراجعة أسعار الفنادق وتخفيضها لتكون في متناول السائح الجزائري وتنافسية بالنسبة للقادمين من الخارج.

وتقول المديرة العامة للديوان الوطني للسياحة والأسفار صليحة ناصر باي، إن قرار وزارة السياحة بتسقيف أسعار الفنادق خطوة هامة تستحق التثمين، ومن شأنها أن تخفض القيمة المالية التي يدفعها السائح لقضاء عطلة، لكن القرار جاء متأخرًا هذه السنة _ تقريبا مطلع أوت في حين أن أغلب السياح الجزائريين في عطلة خلال هذه الفترة، وبالتالي لن يكون له تأثيرا كبيرًا، مضيفة: "كسر الأسعار كخطوة أولى نشجعها، لكن يجب الشروع في تطبيقها فورًا".

و اعتبرت أن عاملين أساسيين يتحكمان في وجهة السياح الجزائريين وهما السعر ونوعية الخدمات، فإذا توفرت هذه العوامل سيختار السائح وجهته بناءً على المغريات المقدمة.

وتظلّ الأسعار في الفنادق الجزائرية باهظة جدًا، ويرجع ذلك إلى الأعباء الجبائية وشبه الجبائية التي تقع على عاتق صاحب الفندق، حيث تصل الأسعار المرتفعة ذروتها في الفنادق والنزل، خلال موسم الاصطياف، بحيث تكون السياحة شبه منعدمة خلال الأشهر الأخرى من السنة، فيسعى صاحب الفندق لتعويض نفسه ما فات خلال 90 يومًا خلال فترة الصيف مع زيادة الطلب.

وتقول مديرة ديوان السياحة والأسفار "يجب فتح حوار حقيقي مع أصحاب الفنادق، وطرح السؤال: لماذا يلجؤون لرفع الأسعار ؟"، وتضيف المتحدثة "لابد أيضًا من استغلال الطاقة المتجددة في الفنادق لتقليص فواتير الكهرباء والماء".

تستطرد ناصر باي أن الجزائر تتمتع بمقومات سياحية جبلية وبحرية وحموية وصحراوية، وتراثية لتكون قطبًا سياحيًا بامتياز، فقط يتوجب مراجعة الأسعار لتصبح أكثر تنافسية، على حدّ قولها.

 لماذا يختار البعض تونس؟

ظلت طيلة السنوات الماضية تونس الخيار الأول للسياح الجزائريين المتجهين نحو الخارج، بفعل تنافسية أسعار الفنادق ونوعية الخدمات الترفيهية المقدمة هناك، والتسهيلات الممنوحة للوافدين إليها، ويرى الخبير السياحي علي مناصرة في إفادة لـ "الترا جزائر" أن غياب الخدمات الكاملة في المرافق السياحية الجزائرية في الماضي تسبب في نفور السائح المحلي، ناهيك عن التكلفة المرتفعة جدًا، على حدّ قوله.

يردف المتحدث ، أن "السياحة الجزائرية تتوفر على المعالم لكن ينقصها الرتوشات التجميلية، فالمناطق الخلابة لوحدها لا تكفي، بل يجب تزيينها بالخدمات على غرار المطاعم وأماكن الترفيه والمرافق الضرورية".

وبإجراء مقارنة بسيطة بين الجزائر وتونس، في السنوات الماضية، فإنه على خلاف هذا العام، كانت الأسعار مرتفعة محليا مقارنة بتلك الموجودة في الحمامات وسوسة وصفقاس وغيرها من مدن الجارة الشرقية.

 كما أن الخدمات لم ترق وقتها بالجزائر لمستوى تلك المقدمة بهذه الدولة، لكن الوضع اختلف اليوم نسبيًا ولصالح الجزائر، يقول الخبير السياحي، مضيفًا "قبل كورونا كان مليون جزائري يتجه سنويًا إلى تونس لقضاء عطلة الصيف بفضل الأسعار المنخفضة، ونوعية الخدمات المقدمة هناك، لكن الملاحظ هذه السنة هو ارتفاع الأسعار في تونس بنسبة 30 بالمائة وتخفيضها بالجزائر،  فضلًا عن التدابير الصحية المتعلقة بكورونا والتي تطلبت دفع مستحقات إضافية تسببت في نفور الجزائري لأول مرة من التوجه نحو تونس وتفضيله السياحة المحلية وسط برامج استثنائية مقترحة بمستغانم ووهران وجيجل وبجاية ومدن ساحلية أخرى".

وحسب الخبير السياحي، يفترض استغلال هذه الفرصة لدعم القطاع السياحي في البلاد والتمكن من استقطاب رقم هام من السياح، وختم حديثه قائلًا "الجزائر اليوم أمام فرصة من ذهب لتتحول إلى عملاق سياحي عالمي يجب ان لا تضيع هذه الفرصة من أيدينا".

حلول ومقترحات

وفي سياق الحلول المقترحة لتحقيق هذا الهدف، يقول عضو المنتدى الوطني الجزائري لوكالات السياحة والأسفار منير مساعدية لـ "الترا جزائر"، إن تشجيع الاستثمار السياحي أصبح اليوم أكثر من ضرورة لبلوغ عدد مقبول من الأسرة  على مستوى الفنادق، بشكل يتجاوب مع ما تفرضه المقاييس العالمية.

ودعا ممثل الوكالات السياحية إلى اعتماد نظام الطاقات المتجددة في التصميم الهندسي لأي مشروع سياحي، بهدف تقليص الأعباء على أصحاب الفنادق، لاسيما فواتير الكهرباء.

وطلب مساعدية تشجيع التظاهرات الرياضية والثقافية والفكرية، مثلما حدث في ألعاب البحر المتوسط، بلؤلؤة الغرب الجزائري وهران، والتي تحولت في ظرف قياسي إلى محج الجزائريين والأجانب.

واعتبر المتحدث إن مثل هذه المبادرات تساهم في تعزيز السياحة الداخلية، من خلال اكتشاف المناطق والمعالم الأثرية والطبيعية الخلابة وتشجيع السياح لاكتشاف الجزائر.

من جهتها تؤكّد المديرة العامة للديوان الوطني للسياحة والأسفار، صليحة ناصر باي أن التظاهرات الرياضية والثقافية التي أقيمت على هامش ألعاب البحر المتوسط للتعريف بالسياحة الجزائرية، أثبتت اهميّة هذه المبادرات فيجلب السياح.

وأكدت قائلة: "الديوان الوطني للسياحة والأسفار، أسس مقرًا داخل القرية الأولمبية التي أقيمت على هامش الألعاب بهدف التعريف بالمناطق السياحية ليس في وهران فحسب، بل عبر كل الولايات، وقمنا بتوزيع أقمصة ورايات وطنية وكتب ومجلات وهدايا تحاكي الطبيعة الجزائرية بهدف جلب السياح، وقد لمسنا رغبة كبيرة من المشاركين للعودة إلى الجزائر بعد انتهاء التظاهرة، ولكن في إطار سياحي المرة المقبلة".

وفي الأخير تبقى الجزائر "عملاقًا سياحيًا نائمًا" وفق توصيف الصحفي البريطاني هنري ويس ماير، في صحيفة واشنطن بوست الأميركية بعد زيارة قادته إلى أربع ولايات جزائرية سنة 2022، هذا العملاق الذي بدأ في الاستفاقة من سباته بعد تظاهرة وهران عاصمة الألعاب المتوسطية، فهل ستسترجع السياحة الجزائرية بريقها، الذي فقدته سنوات التسعينيات؟

اضف تعليق

شارك

تعليقات الزوار

المرابط لحريزي

فكرة ممتاز

لو تستخفض الجزائر اثمنة الاوطيلات إلى سعر بيع الغاز لإيطاليا أي إلى 20% من السعر الحالي سيعود السواح الجزائريون من إيطليا، وبالنسبة للسواح الجزائريون لي في اسبانيا يجب تخفي سعر الاوطيلات في الجزائر إلى سعر الغاز الذي باعه لحمامرة إلى اسبانيا وهو 30% من سعر السوق. صراحة هادي ستكون خطة جديدة ناجحة سنسمها أوطيلات الطبون الرئاسي. ويجيب مراتو تعمل كمستقبل في الاوطيالت الجزئرية. سعطي لكل السواح 50 غرام من الكوكايين الطبوني. ستنجح نجاح منبهر لا مسيل له في العانام. برافو طبون