أصدر القضاء الجزائري حكما غيابيا على وزير الطاقة السابق شكيب خليل بـ 20 سنة سجناً نافذاً، وهو أثقل حكم يواجه به وزير سابق في حكومات الرئيس الراحل عبد العزيز بوتفليقة. وواجه خليل تهما ثقيلة بالفساد، ارتبطت وقائعها بصفقات ضخمة بين مجمع سوناطراك وشركة طاقة إيطالية.
أصبح شكيب خليل، وزير الطاقة السابق، وأحد أكبر نافذي حقبة بوتفليقة، مداناً بحكم نهائي من القضاء الجزائري، بعد أن أيّد مجلس قضاء الجزائر، الذي يمثل درجة التقاضي الثانية، الحكم الابتدائي الصادر عن محكمة سيدي امحمد بالعاصمة، والقاضي بتسليط عقوبة 20 سنة سجنا نافذا وغرامة مالية بـ 2 مليون دينار (14 ألف دولار) على خليل مع تأييد الأمر بالتوقيف الدولي الصادر ضده في أيلول/سبتمبر 2019.
كما حكم في نفس القضية على الرئيس المدير العام السابق لمجمع سوناطراك، محمد مزيان، بالحبس النافذ لمدة 5 سنوات ونائبه عبد الحفيظ فيغولي بـ6 سنوات مع إلزامهما بدفع تعويض للخزينة العمومية بمبلغ مليون دينار (7000 دولار). وأدين أيضا فغولي عبد الحفيظ، نائب الرئيس المدير العام السابق لشركة سونطراك بـ 6 سنوات حبس نافذ ومليون دينار غرامة نافذة بجنحة إبرام صفقة مخالفة للتشريع.
كما قضت المحكمة بالسجن غيابيا لمدة 5 سنوات على الإيطاليين “جيلبرتو بولاطو” و”ماسيمو ستيلا”، الممثّلين عن المجموعة الإيطالية سايبام، مع غرامة مالية بمليون دينار جزائري لكل منهما. وألزمت شركة سايبام باعتبارها شخصا معنويا متهما في القضية بتعويض الخزينة العمومية الجزائرية بمبلغ 19 مليار دينار (135 مليون دولار).
وترتبط وقائع هذه القضية بمشروع إنجاز مصنع للغاز المميع بأرزيو في ولاية وهران غربي البلاد بقيمة مالية تصل إلى 4 مليار دولار، حيث يتهم خليل بخرق قانون الصفقات وتوجيه أوامر ليرسى العقد على الشركة الإيطالية سايبام وهي فرع لشركة إيني، وهو ما اعتبره القضاء الجزائري استغلالا للنفوذ ومخالفة لقانون الصفقات العمومية.
ورغم أن القضية تعود إلى سنة 2009، إلا أن شكيب خليل كان دائما يفلت من العقوبة. وأقصى ما تقرر في حقه سنة 2010 بعد انفجار الفضيحة في الإعلام الإيطالي، هو إقالته من منصب وزير الطاقة.
وبموازاة ذلك، توصلت تحقيقات القضاء الإيطالي، إلى أن مسؤولي الشركتين الإيطاليين، قدموا رشاوى ضخمة تصل قيمتها إلى 197 مليون أورو، إلى مسؤولين جزائريين، وحصلوا على إثرها على عقود متنوعة، بقيمة 11 مليار دولار في قطاع الطاقة بالجزائر.
ورغم أن النيابة العامة الجزائرية تحركت في آب/أغسطس 2013 وقررت متابعة خليل وزوجته الفلسطينية نجاة عرفات، واثنين من أبنائه وإصدار أوامر بالقبض عليهم، إلا أن القضاء لم يساير ذلك، ولم يتخذ إجراءات صريحة لمحاكمة خليل الذي كان قد غادر البلاد باتجاه الولايات المتحدة حيث يملك هناك الإقامة الدائمة.
وكانت المفاجأة كبيرة في آذار/مارس 2016 عندما عاد شكيب خليل إلى الجزائر وتم استقباله بشكل شبه رسمي آنذاك من قبل والي وهران. وسوّق الإعلام المقرب من الرئاسة في ذلك الوقت إلى أن خليل كان ضحية جهاز المخابرات السابق الذي كاد له القضية. وبدا خليل في تلك الفترة وكأنه يتأهب للعودة لمناصب المسؤولية، حيث كان ينشط لقاءات بوصفه خبيرا ويزور الزوايا التي تمثل في الجزائر حاضنة شعبية قوية للسياسيين.
لكن آمال خليل في العودة من الباب الواسع سقطت بعد الحراك الشعبي سنة 2019، الذي أطاح بمشروع العهدة الخامسة للرئيس الراحل عبد العزيز بوتفليقة. وتبين لاحقا من خلال التحقيق مع شقيق الرئيس السابق السعيد بوتفليقة أن الرئيس الراحل شخصياً، اعتباراً من علاقة الصداقة القديمة التي تجمعه بخليل، هو من كان وراء إلغاء الأوامر بالقبض الدولي ضد عائلته، وإسقاط التهم ضدهم، ما مكّنهم من العودة للجزائر دون إشكال.
وبسقوط بوتفليقة، أُعيد فتح الملف القضائي لوزير الطاقة السابق، حيث أصدرت المحكمة العليا نهاية 2019 بياناً يشير إلى إحالة ملّفين للوزير السابق شكيب خليل ومن معه، بسبب أفعال تتعلق بمخالفة القانون الخاص بالصرف وحركة رؤوس الأموال من وإلى الخارج وإبرام سوناطراك لصفقتين بكيفية مخالفة للقانون مع شركتين أجنبيتين.
تعليقات الزوار
لا تعليقات