استنكر سياسيون وحقوقيون تونسيون ما اعتبره «حملة تنكيل» بمعتقلي قضية التآمر على أمن الدولة.
ودونت المحامية إيناس حراث «اتسمت جلسة الدائرة الخامسة اليوم (الثلاثاء) بهدوء نسبي، رغم كثرة القضايا، حتى المناداة على ما سمي بملف التآمر 2 الذي تركه الرئيس لآخر الملفات (..) امتنع كل من الشيخ الغنوشي وكمال البدوي وفتحي البلدي عن الحضور. وحضر عن بعد عبد الكريم العبيدي وريان الحمزاوي وسمير الحناشي ومحرز الزواري والشيخ الحبيب اللوز على كرسي متحرك».
وأكدت أن اللوز (القيادي في حركة النهضة) قاطع سير الجلسة قائلا «إنه كمخلفات لجلطة أصابته في السجن، لم يعد يسمع وبالكاد يرى وانه يريد ان يفسر له احد الحاضرين ما يحصل. وكان واضحا انه لم يفهم اصلا هل حصلت المرافعات ام لا، وتجاهل رئيس الجلسة الامر (…) وسأل الرئيس الشيخ (الحبيب اللوز) هل ينوب عنه الاستاذ فلان، فاجاب الشيخ: من هو؟ هل هو مكلف ام متطوع ام تسخير؟ وكان جليا انه لم يكن يسمع او يفهم ما يحصل».
وأضافت حراث «كنت حتى ذلك الحين في آخر القاعة، فتقدمت وقلت للرئيس اني انوب الشيخ اللوز واريد التخلي عن القضية لان هذه لا تبدو لي ظروف محاكمة معقولة. فالمنوب (الموكل) لا يتابع الجلسة فعليا».
وكتب النائب السابق ماهر المذيوب «إن النائب المؤسس الحبيب اللوز ليس حالة استثنائية، بل هو عنوان حيّ لما يعانيه النواب التونسيون منذ الانقلاب على الدستور في 25 جويلية/يوليو 2021: من تشويه متعمد، واعتقال تعسفي، ومحاكمات لا تتوفر فيها أدنى شروط العدالة. إنها محاولة انتقامية ممنهجة من الثورة، ومن أصوات الشعب، ومن كل من حمل الحلم الديمقراطي». وأضاف «النائب راشد الخياري، نموذج آخر من «نواب السجن الدوّار»، يقبع منذ سنوات خلف القضبان دون محاكمة عادلة، يتنقل بين القضايا العسكرية والمدنية، ويواجه مرضًا عضالًا ينهش جسده وسط صمت رسمي رهيب، وغياب الرعاية الصحية، ولامبالاة تامة من مؤسسات الدولة، رغم كل النداءات الإنسانية».
وتابع «أما النائب نور الدين البحيري، فقد اختُطف بداية عام 2022، واحتُجز قسريًا 67 يومًا، ثم أعيد اختطافه في فيفري/شباط 2023 من منزله بطريقة مهينة، نتج عنها مضاعفات صحية خطيرة لا يزال يعاني منها. واليوم، يواجه هذا النائب المنتخب، والمحامي المعروف، أحكامًا جائرة بلغ مجموعها 53 سنة سجنًا، وهو في عمر الخامسة والستين. وقد غادر النائبان محمد بن سالم وأحمد العماري المعتقل، لكنهما لا يزالان تحت الملاحقة القضائية والمضايقات المستمرة».
واعتبر المذيوب أن «ما يحدث اليوم في تونس هو عملية ممنهجة لإقصاء النواب المنتخبين من الحياة السياسية، بل من الحياة نفسها. إنها جرائم سياسية ذات طابع إنساني فادح، تتنافى مع أحكام الدستور، وخرق سافر للعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، خاصة المواد المتعلقة بحرية الشخص، وضمان المحاكمة العادلة، وحق التمثيل الديمقراطي».
ودعا إلى «تشكيل لجنة برلمانية دولية خاصة بمتابعة أوضاع النواب التونسيين المعتقلين. والضغط العاجل من أجل إطلاق سراحهم فورًا دون قيد أو شرط. والمطالبة بتمكينهم من العلاج في ظروف إنسانية محترمة. ومساءلة كل من تورط في احتجازهم أو التنكيل بهم أمام القانون الدولي».
من جهة أخرى، أكدت جمعية تقاطع للحقوق والحريات أن الناشط خيام التركي، الموقوف في قضية التآمر1، يتعرض داخل زنزانته لـ»ممارسات قد ترقى إلى مستوى المعاملة القاسية أو المهينة، وفي مقدمتها إبقاء الأضواء مشتعلة طوال اليوم دون انقطاع منذ أكثر من عامين ما تسبب بقلق من الأضواء خاصة عند النوم. (…) ومنذ اعتقاله في السجن، يعاني خيام التركي من المعاملة السيئة، والمتمثلة في رداءة الأوضاع السجنية، كانتشار «البق»، علاوة على إمكانية تعرضه لأمراض جلدية أخرى».
وأضافت، في بيان الثلاثاء «وفقًا لشهادات موثقة من محاميه الأستاذ فوزي جاب الله، يُجبر خيام التركي منذ أكثر من عامين على المكوث في غرفة مضاءة على مدار 24 ساعة يوميًا، ما يشكّل انتهاكًا صارخًا للكرامة الإنسانية ويؤثر سلبًا على صحته. وقد عبّر الضحية عن معاناته إلى محاميه بقوله: إنه «اشتاق لرؤية ظلمة الليل لساعة واحدة»، علاوة على أنه «يتمتع بتذكر ظلام الليل عند انقطاع الكهرباء أحيانًا».
واعتبر البيان أن «الممارسات التي تُبقي المعتقلين تحت إضاءة مستمرة تعد أحد الوسائل المعروفة للضغط النفسي والانتهاك المعنوي، وقد سبق أن تم تصنيفها ضمن ضروب المعاملة القاسية أو المهينة في ممارسات دولية مماثلة».
وطالبت الجمعية بـ»الوقف الفوري للممارسات التنكيلية بحق خيام التركي، بما في ذلك الإضاءة الليلية المستمرة، مع تمكينه من رعاية صحية لعلاج إصاباته الجلدية الناتجة عن الإهمال، وضمان تمتعه بالحد الأدنى من حقوق السجناء طبقًا للمعايير الدولية، بما في ذلك قواعد الأمم المتحدة النموذجية لمعاملة السجناء. مع ضرورة فتح تحقيق عاجل ومستقل في ظروف احتجازه والمعاملة التي يتعرض لها».
سياسيون وحقوقيون تونسيون يتحدثون عن «حملة تنكيل»ضد معتقلي قضية التآمر على أمن الدولة

تعليقات الزوار
لا تعليقات