أخبار عاجلة

نتنياهو يناور بين ضغوط سموتريتش والمرحلة الثانية من الصفقة مع “حماس”

قالت مصادر صحافية عبرية، أن رئيس حكومة الاحتلال نتنياهو قد قرر بدء مداولات الجولة الثانية من الصفقة في الأسبوع القادم، بعدما أطاح برئيسي الموساد والشاباك من طاقم المفاوضات الذي أوكل رئاسته لوزير الشؤون الإستراتيجية المقرّب جداً منه رون درمر.

وتأتي هذه الإطاحة لأن الجولة الثانية سياسية في طابعها ومضمونها، كونها تتحدث عن إنهاء الحرب والانسحاب الكامل قبيل الشروع في إعادة الإعمار في المرحلة الثالثة من الصفقة، وهذا يهدد مستقبل حكومة الاحتلال بسبب معارضة المتشددين فيها، خاصة الوزير سموتريتش.

رغم أن الاستطلاعات لا تبتسم له، ويفضل عدم تفكيك الحكومة والذهاب لصحراء المعارضة، فإن رئيس حزب “الصهيونية الدينية” سموتريتش، الذي بات يقوم ويسقط عليه هذا الائتلاف الحاكم بعد انسحاب بن غفير، متأرجح ويتعرّض لضغوط جمهوره وآبائه الروحانيين من الحاخامات المتطرفين الذين يرون بوقف الحرب دون “النصر المطلق” هزيمة لإسرائيل، وهذا ما يقض مضاجع نتنياهو الخائف من السقوط من سدة الحكم ولاحقاً من التاريخ.

نتنياهو، السياسي المجرّب، يرى أن عصفوراً على الشجرة (البقاء رئيس وزراء في فترة حاسمة بالنسبة له ولمستقبله السياسي والشخصي) أفضل من عشرة على الشجرة (استعادة الرهائن، والدخول في مرحلة صفقة سياسية إقليمية عمادها التطبيع مع السعودية برعاية أمريكية) ولذا فهو يتعامل مع المرحلة الثانية من مفاوضات الصفقة مع “حماس” بحذر شديد، ويسعى لكسب الوقت، ريثما يثبّت سموتريتش وحزبه، وعدم المغامرة بما من شأنه دفعهم لمغادرة الائتلاف، وريثما يتجاوز امتحاناً داخلياً حقيقياً يتمثل بمصادقة الكنيست على مشروع قانون الموازنة السنوية العامة، الذي يعني عدم تمريره سقوطاً فورياً للحكومة طبقاً للقانون الإسرائيلي.

وهناك تهديدات من قبل أحزاب “الحريديم” بعدم التصويت مع هذا القانون، في حال لم يتم تشريع قانون آخر يعفيهم من الخدمة العسكرية، وهذا يثير معارضة أوساط في الحزب الحاكم “الليكود”، ما يعقّد المشهد السياسي الداخلي.

ولذا يسعى نتنياهو للمزيد من المماطلة، بعدما تهرّبَ من موعد بدء مداولات الجولة الثانية، التي كان يفترض أن تكون قد انطلقت في اليوم السادس عشر من بدء الجولة الأولى، ليتأكد من عبور خطر الموازنة العامة، ولمنح ضغوط وتهديدات ترامب على العرب والفلسطينيين و”حماس” بالحرب والجحيم فرصة لتنضج وتدفع حركة “حماس” لقبول إملاءات إسرائيلية، خاصة التنحي عن سدّة الحكم، ونزع سلاح قطاع غزة.

ولاحقاً ستُضاعف الضغوط ومساعي استغلال حاجة غزة للترميم والاستشفاء، ومحاولات الابتزاز لرهن الإعمار وإدخال الماء والغذاء بموافقة “حماس” على هذه الأطماع، لأن بقاء المقاومة في القطاع يعني إقراراً إسرائيلياً واضحاً بفشل الحرب في تحقيق أهدافها.

وهذا السيناريو يثير رعب نتنياهو، الخائف على هيبته وصورته، وهو المسكون بجنون العظمة كترامب، وطالما كان ينعت نفسه بتشرتشل الإسرائيلي.

رغم الفجوات الواسعة في مواقف الطرفين، فمن الوارد أن تتوصل الأطراف، في نهاية المطاف، لصيغة ضبابية تعطي كل الجهات التعايش معها بعد تنازل “حماس” عن واجهة الحكم، رغم أن هناك أوساطاً إسرائيلية تحذّر من استنساخ تجربة “حزب الله” في لبنان.

 ضوء أخضر

وأوضحت الإذاعة العبرية العامة أن نتنياهو حصل على ضوء أخضر من الكابينت، في اجتماعه الأخير قبل يومين، للشروع في مداولات الجولة الثانية، شريطة نزع سلاح غزة، وإبعاد فصائل المقاومة عن القطاع بدعم أمريكي، وهذا ما ترفضه “حماس”.

وفيما قال المبعوث الأمريكي للشرق الأوسط ستيف ويتكوف، في حديث لشبكة فوكس نيوز قبل أيام، بأن “مداولات الجولة الثانية ستستمر”، ما يعني أنها، وبخلاف الموقف الإسرائيلي المعلن، قد بدأت بشكل غير رسمي. وبعدما نفى مكتب نتنياهو ذلك طيلة أيام، عاد وأعلن أن بدء هذه المفاوضات بعد مصادقة الكابينت الذي لم تعلن مخرجاته رسمياً.

في محاولة لإنزال نتنياهو وترامب عن شجرة التهديدات العالية، وضمان إنهاء الحرب، استجابت “حماس”، على ما يبدو، لطلب الوسطاء بتقديم أي مبادرة رمزية تتيح الدخول في مداولات الجولة الثانية، فوافقت على دمج النبضتين السابعة والثامنة، يوم السبت القريب، وعلى تحرير أربعة جثامين لمحتجزين إسرائيليين، غداً الخميس، على أن يفرج عن أربعة جثامين أخرى في الأسبوع القادم.

وفي المقابل، تتيح سلطات الاحتلال إدخال معدات ثقيلة وبيوت متنقلة ومساعدات للقطاع، رغم أن هذا منصوص عليه في القسم المتعلق من المرحلة الأولى من الاتفاق. بيد أن المحلل العسكري في صحيفة “هآرتس” العبرية يرجّح اليوم أن هناك وعوداً سرية إسرائيلية بمواصلة مفاوضات الجولة الثانية.

ويتفق هارئيل مع التقدير بأن الضغط الأمريكي على الوسطاء دفع أيضاً لإفراج مبكر عن المخطوفين، والآن يتركّز في تأمين الجولة الثانية.

ويبدو أن الجانبين الأمريكيين متفقان عملياً على دخول مداولات الجولة الثانية. فالرئيس الأمريكي نزق وغير صبور ومتقلب المزاج وكاذب، كما تجلى في اتهام رئيس أوكرانيا أمس بشن الحرب على روسيا، وهو على عجلة من أمره، فعينه على الرياض للتطبيع مع السعودية، والظفر بملياراتها، وعينه الأخرى على أوسلو، طامعاً بدخول نادي الحائزين على جائزة نوبل للسلام.

ويدرك نتنياهو أن أجندة ترامب مبنية على هذه الأولوية، ولذا يدخل في مسار استكمال الصفقة التي طالما كانت بالنسبة له صفعة، بيد أنه سيحاول المماطلة وكسب الوقت كما ذُكر، علاوة على محاولة تحقيق أكبر قدر ممكن من المكاسب برفع سقف المطالب والشروط والتهديد والوعيد بدعم أمريكي.

يجري هذا في ظل توافق بين نتنياهو وترامب على ضرورة السعي لإبعاد “حماس” عن سدة الحكم ونزع سلاح المقاومة، علماً أن “حماس” من تلقاء ذاتها سبق أن قالت إنها مستعدة لأن تكون خارج إدارة القطاع بعد الحرب، بيد أنها ترفض بشكل قاطع نزع سلاحها ومغادرة قيادتها للوطن.

ومع ذلك هناك من يخشى أن طريقة إدارة المفاوضات من قبل إسرائيل فاشلة، مثلما فشلت في إدارة الحرب، وبالتالي تعثر الصفقة وبقاء عدد من الرهائن في قطاع غزة، ليلقوا مصير ملاح الجو الإسرائيلي رون أراد المفقود منذ أربعة عقود، كما يحذر اليوم رامي إغرا، رئيس قسم الأسرى والمفقودين في الموساد سابقاً، ضمن حديث مسهب لصحيفة “معاريف”.

ويضيف: “المخطوفون ما زالوا هناك لأن إسرائيل لم تفعل الأمر الأساسي جداً الذي كان سيقود لانهيار “حماس” واستعادة المخطوفين، وهو ‘اليوم التالي'”.

في المقابل، يقول المحلل العسكري في موقع “واينت” رون بن يشاي، في مقال تحت عنوان “انتظار نتنياهو لترامب جدير”، إن احتمالات تطبيق خطة ترامب ضئيلة جداً، لكنها تثير رعب الدول العربية، وتدفعها لطرح خطة تتضمن تنحية “حماس”.

اضف تعليق

شارك

تعليقات الزوار

لا تعليقات